Apr 3, 2021
انتصارات المصريين في العصر القديم، وتعريف الأجيال الجديدة على قصة انتصار الملك الفرعوني “أحمس” على الهكسوس، عن طريق عمل درامي كبير بإنتاج ضخم ومبهر.
مأخوذ عن رواية “كفاح طيبة” للأديب العالمي نجيب محفوظ.
“الأخطاء التاريخية” الكبيرة في الديكورات والملابس وتسريحات الشعر ومكياج أبطال المسلسل، كما انتقدوا ظهور بطل المسلسل عمرو يوسف وممثلين آخرين ملتحين بما لا يتناسب مع العصر الفرعوني.
وقف تصوير مسلسل الملك أحمس بسبب الكم الهائل من الأخطاء التاريخية وإلزام الجهات المعنية بتحمل تكاليف التصوير.. درس شديد القسوة لكل حد
بيستعجل عشان يلحق موسم رمضان على حساب جودة العمل
*
اللعب بالتاريخ
في مسلسل “إمام الدعاة” هناك مشهد مفاده أن الشيخ الشعراوي كان مبتعثا من الحكومة المصرية إلى الجزائر في فترة الستينات، ولما كان بأحد المساجد اشتكى إليه بعض المصلين من الجفاف الذي كان يضرب بلادهم وطلبوا منه الدعاء إلى الله لينعم عليهم بالمطر، فيما كان رجلان من أهل النفوذ في البلاد يستهزئان من الموقف. وبينما كانت السماء صافية لا سحاب فيها دعا الشيخ ربه، وما إن أتم الدعاء حتى نزل الغيث مدرارا، فيما كان الرجلان يتلوان الشهادتين إعلانا عن دخولهما الإسلام.
لا أحد يعرف كيف نزل المطر دون مقدمات ودون سحاب، ولا السر وراء وجود الرجلين في المسجد وهما غير مؤمنين، ولكن المؤكد أن ذلك المسلسل المصنف ضمن دراما السيرة الذاتية كان من إنتاج القطاع العام في عام 2003، وبثته التلفزيونات المصرية والعربية مئات المرات، وظهر فيه الشيخ الشعراوي كواحد من أصحاب المعجزات، على الأقل من خلال قصة المطر التي رواها بنفسه في مناسبات عدة، ونقلها عنه المؤلف ببعض التصرف، لأن أحد من وردت أسماؤهم فيها كان رئيسا للجزائر في فترة إنتاج المسلسل، وهو الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، كما أن القصة كما رواها الشيخ تذكر أن الرئيس بومدين وعدد من وزرائه كانوا في المسجد عند حصول الحادثة.
هناك الملايين ممن صدقوا تلك الحكاية، لاسيما بعد أن شاهدوها مجسدة على التلفزيون الذي يصل إلى كل البيوت، وله تأثير السحر على العقول، وهو ما جعل دولة مثل تركيا تستعمل الدراما التاريخية في تلميع الخلافة العثمانية عبر تزييف الوقائع والتركيز على صورة البطل سواء كان أرطغرل أو عثمان أو سليم الأول أو عبدالحميد الثاني وغيرهم كثر، ثم تصدر لنا ولغيرنا تلك المواد ليتعامل معها أطفالنا وشبابنا والبسطاء منّا على أنها دروس في التاريخ غير قابلة للتشكيك في صحتها.
ويبدو أن أسرة مسلسل “الملك” قد تأثرت بتلك الأجواء، فسعت إلى تقديم جزء من تاريخ مصر القديمة بروح الفنتازيا التركية، وأوكلت إلى الممثل عمرو يوسف وهو أشقر تجسيد شخصية الملك “أحمس” رغم أن المصريين القدامى كانوا من ذوي الملامح السمراء، فأطلق الممثل لحيته تأثرا بقصص الفاتحين والغزاة بينما لم يظهر أي المومياوات والتماثيل والرسوم القديمة أن إطلاق اللحية كان متداولا بين “الفراعنة”، وجاء بسيف ليقاتل به، من طراز “صنع في تركيا” وتم ترشيح ممثلة شقراء بشعر أصفر وهي ريم مصطفى لتشارك في البطولة.
منذ أول بث لبرومو المسلسل تبين أننا إزاء عمل أقرب ما يكون إلى خداع الدراما التركية التي تعتمد على الإتقان الفني من حيث نصاعة الصورة والإضاءة وجاذبية الألوان والمناظر الطبيعية ووسامة البطل وجمال النساء والاستعراض القتالي لتمرير المضامين المستهدفة إلى المشاهد، وهو ما ابتعد به عن خصوصيات الروح المصرية القديمة، وعن الحقائق التاريخية التي قيل إنها تتعلق بالملك أحمس قاهر الهكسوس والتي كان يفترض أن يتابع تفاصيلها فريق متخصص من المؤرخين والمهتمين بتراث مصر القديمة.
نحن أمة الخرافات والأساطير التي نريد لها أن تترسخ وتبقى على أنها حقيقة مطلقة لا مجال للتشكيك فيها كونها حجر الزاوية لثقافتنا المتوارثة، لكن التاريخ الموثّق والمثبت لا يجب أن يتحول إلى خرافات وأساطير، لاسيما وأننا نتعامل مع الدراما التاريخية كدروس في التاريخ وهناك من يستعيض بها عن الكتاب ويقفز بها عن استنتاجات العقل كما هو الحال في قصة الشيخ الشعراوي وكما كان في الأفلام العربية مثل “الناصر صلاح الدين” و”الرسالة” و”عمر المختار”، ولعل من يصدق ما ترويه مسلسلات تركيا الموجهة في إطار مشروع التتريك والعثمنة الجديدة يمكن أن يصدق أي شيء آخر.
*
Apr 8, 2021
نجد في المسلسل الأميركي “الرجل في القلعة العالية” الذي تم إنتاجه سنة 2015 أن التاريخ كان مرويا بأسلوب عكسي إلى درجة أنه جرى تصوير انتصار قوات المحور في الحرب العالمية الثانية على قوات الحلفاء، وتقسيم الولايات المتحدة إلى ثلاث دول مختلفة. والمسلسل، الذي سجل أعلى مشاهدات في تاريخ أمازون، مستوحى من رواية للكاتب الأميركي فيليب ديك.
نجحت أعمال فنية عربية تناولت أحداثا تاريخية في الوصول إلى الجمهور بعد التحرر تماما من قيود التوثيق التاريخي، وذلك قبل ظهور تيار التاريخ الافتراضي في الأدب والدراما.
يحتوي فيلم “الناصر صلاح الدين” للمخرج المصري يوسف شاهين، الذي تم إنتاجه سنة 1963 على وقائع وأحداث لا علاقة لهما بالتاريخ، على الرغم من أن أدباء وكتّابا كبارا شاركوا في كتابة الفيلم وساهموا في معالجته الفنية مثل نجيب محفوظ ويوسف السباعي وعبدالرحمن الشرقاوي ومحمد عبدالجواد.
وكان الأمر ذاته في فيلم “الرسالة”، الذي صدر عام 1976 للمخرج السوري مصطفى العقاد، حيث تناول جانبا من جوانب البعثة النبوية من خلال شخصية حمزة عم النبي محمد (ص)، وتضمن العمل وقائع درامية لا علاقة لها بالتاريخ الحقيقي مثل إسلام أبوطالب عم النبي، وإظهار المسلمين بلحى خفيفة ورجال قريش بلحى غزيرة، فضلا عن تقديم جوانب إنسانية متخيلة تعبر عن قناعات منتجي الفيلم وتصوراتهم، ومع ذلك حقق الفيلم نجاحا على المستوى الفني.
يرى البعض أن الإبداع قد يُلزم صاحبه بتقديم رؤية اجتهادية نابعة من تصوراته حتى لو تناقض ذلك مع علم التاريخ باعتبار أن العمل الفني ليس تأريخا وتوثيقا وتسجيلا لأحداث ماضية.
ظهر عمرو يوسف في كافة المشاهد بلحية كثة مناقضا تماما لرفض المصريين القدماء لإطلاق اللحى واقتصار ظهورها لدى البعض على اللحية المستعارة خلال الاحتفالات الخاصة.
أحمس نفسه ظهر في الإعلان الترويجي للمسلسل مرتديا تاج ملك شمال مصر وليس جنوبها كما هو معروف في السياق التاريخي الصحيح، إضافة إلى ظهور تماثيل ضمن ديكورات المشاهد لشخصيات لم تكن موجودة في ذلك الزمن وإنما تعود إلى زمن الأسر الأولى وتحديدا عهد الملك منكاورع رغم وجود فارق زمني يصل إلى تسعمئة عام بين العصرين.
هل هناك علاقة بين نجاح حفل المومياوات وإيقاف عرض المسلسل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق