معلوم أن الغاية الأولى للمنتج، المستثمر هي استرجاع أمواله من بيع المسلسل الذي أنفق عليه الكثير، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال سيناريو مكتوب بعناية خاصة وبمواصفات تجمع ما بين النمط التجاري وبين الشكل الذي يعتني بالميلودراما والأكشن والشجن النفسي ومحاكاة الحياة اليومية فضلا عن مورد الإعلانات والرعاية.
في مقابل ذلك لا يوجد موسم ذهبي للأفلام كما هو الموسم الذهبي للمسلسلات ولن يقدم أغلب المنتجين على ضخ مالهم على فيلم مدته لا تزيد على ساعة ونصف الساعة في مقابل ثلاثون ساعة تلفزيونية تقريبا تعرض بشكل يومي على الجمهور المتعطش لذلك النوع من المسلسلات (الممطوطة) لكي تغطي أيام وليالي الشهر الفضيل.
والحاصل أننا أمام ظاهرة عربية بامتياز، يتفاعل خلالها المنتجون ومبرمجو الفضائيات مع جمهور متعطش ينتظر بشغف ركاما من المسلسلات لا يربطها رابط فهنالك باقات متنافرة الألوان والأشكال والمعالجات الدرامية من المحتوى التاريخي إلى السياسي إلى الكوميدي إلى الاجتماعي إلى غير ذلك لتقدم للجمهور كل ما يبحث عنه من متعة المشاهدة.
لعل السؤال الذي يطرح هنا كيف يمكن لذلك الجمهور الواسع أن يلبي كل تلك الفرص للمشاهدة، ومتى سوف يتاح له أن يشاهد العشرات من الساعات التلفزيونية يوميا؟
ما هو سياق التفضيلات، إن وجد، لكي تتاح لذلك الجمهور فرصة الاختيار والتفضيل في المشاهدة في مقابل العملية العشوائية في المشاهدة والانتقال المتواصل من قناة إلى أخرى ومن مسلسل إلى آخر.
انتقائية المشاهدة ما بين كل ذلك الركام وأضف إلى ذلك ما تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي من عمليات إقناع بترشيح مسلسلات في حد ذاتها بأنها هي الأفضل وهي الجديرة بالمشاهدة.
فلا تكترث الفضائيات كثيرا للإنتاج السينمائي وربما تخصص برنامجا أسبوعيا لتتبع أحدث إنتاجات السينما الهوليوودية مما تحفل به منصة نيتفليكس المكتظة على الدوام بالأفلام.
دفع المشاهد للبحث عن أفلام مقرصنة فيما هي قادرة على استقطاب المشاهد إلى أفلامها الخاصة، أن تنتج بضعة أفلام في العام يكون عرضها خلال شهر السينما كما هو شهر المسلسلات التي يتم عرضها خلال الشهر الفضيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق