الإسلاميون يهاجمون "انقلاب" قيس سعيد، والسيسي يدعو لمواجهة "الإرهاب بكل جوانبه".
ارتبطت بشكل مباشر بموقف الرئيس المصري عبدالفتاح السياسي من الإسلاميين ونجاحه في إسقاط حكم الإخوان في يونيو 2013.
تقول شخصيات تونسية ومصرية إن الزيارة بمثابة نصر مصري على الإخوان و”الربيع العربي” من داخل تونس، حيث نجحت القاهرة في بناء علاقة جيدة مع الرئيس سعيد، وجلبته إلى صفها في موقفها من الإسلاميين.
قال متابعون للزيارة إن إشارات الرئيس المصري واضحة بشأن “الإرهاب بكل جوانبه”، وإن المقصود بذلك هو جماعة الإخوان المسلمين وفروعها المختلفة، لافتين إلى أن مصر تشعر بأنها حققت اختراقا كبيرا في صراعها مع الجماعة من خلال هزيمتها ولو جزئيا في تونس باستقطاب الرئيس التونسي المحسوب على الثورة والذي يمتلك شعبية كبيرة.
أكد هؤلاء المتابعون أن الإشارات المصرية بشأن الاختراق تتجاوز حركة النهضة التونسية وجماعة الإخوان إلى الدول التي تقف وراء تيار الإخوان وعملت على دعم “الربيع العربي” لخدمة أجنداتها القومية، والمقصود تركيا وقطر.
“النصر المصري” يكمن في محاصرة الإخوان في آخر معاقل “الربيع العربي”، خاصة حركة النهضة الإسلامية في تونس ورغم وجودها في الحكومة، إذ أنها تعيش توترا في علاقتها بالرئاسة التونسية، وعزلة واسعة داخل المجتمع المدني. كما أن التحالف الحكومي الذي تقوده من وراء الستار هش ويمكن أن ينفجر في أيّ لحظة.
الإسلاميين وأنصارهم اعتبروا الزيارة “انقلابا” على الثورة وعلى الديمقراطية، وأن الرئيس سعيد يتحرك بدافع البحث عن مجد شخصي وأنه لا يعبّر عن الثورة.
وهاجم نشطاء إسلاميون على مواقع التواصل الرئيس سعيد واتهموه بجرّ تونس إلى سياسة المحاور، في إشارة إلى محور عربي وقف خلال السنوات الماضية ضد تيار الإسلام السياسي، ومثلت مصر واجهته الرئيسية.
ظل “السيناريو المصري” (ثورة يونيو ضد الإخوان) سيفا مسلطا على حركة النهضة وقادها إلى تقديم تنازلات منها التنازل عن قيادة الحكومة في 2013، والدخول في تحالف حكومي مع نداء تونس في 2014 بحصة محدودة جدا قياسا بحصة شريكها.
خلال زيارته إلى مصر لم يرسل قيس سعيد أيّ إشارة إلى حركة النهضة من قريب أو بعيد، في موقف قال مراقبون إن قيس سعيد يريد أن يبدو من خلاله أنه يتسامى على الخلافات الداخلية حين يكون خارج البلاد، وأنه يسوّق لنفسه كرئيس مؤثر خارجيا بعد الانتقادات الواسعة التي طالته بسبب قلة الزيارات الخارجية وتركيزه المبالغ فيه على الأزمة الدستورية وصراع الصلاحيات مع رئيسي البرلمان والحكومة.
وأعلنت الرئاسة التونسية الخميس أن زيارة مصر “تندرج في إطار ربط جسور التواصل وترسيخ سنّة التشاور والتنسيق بين قيادتي البلدين، فضلا عن إرساء رؤى وتصورات جديدة تعزز مسار التعاون المتميز القائم بين تونس ومصر”.
هذه الزيارة تندرج ضمن سعي الرئيس التونسي، منذ وصوله إلى الرئاسة، لبناء التوازن في العلاقات بين المحاور؛ حيث ظهر ذلك أثناء زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تونس أواخر 2019، وزيارة سعيد إلى الدوحة في نوفمبر 2020”.
“سعيد يحتاج إلى هذه الزيارة لإثبات أنه ليس خاضعا لمحور سياسي بعينه”.
مكافحة الإرهاب والمتطرفين وعدم الوثوق في نوايا تيارات الإسلام السياسي ومن يمثلونهم على صعيد الإخوان في مصر وحركة النهضة في تونس.
شدت التجربة الديمقراطية في تونس انتباه شريحة كبيرة من المجتمع المدني في مصر واعتبرتها نموذجا ناضجا كانت تتمنى حدوثه بعد ثورة 25 يناير 2011، وعندما بدأ التصعيد يرتفع في تونس تأكدت هذه الشريحة أن الإخوان والتعددية لا يجتمعان، ما جعل النموذج التونسي يواجه مطبات قد تكون أشد صعوبة من مصر.
الصعوبة تأتي من هيمنة النهضة على البرلمان التونسي الذي منحه الدستور صلاحيات واسعة، وتفشيل محاولات إسقاط رئيسه وزعيم الحركة الغنوشي، والتوغل في مؤسسات الدولة على مدار السنوات الماضية، والنجاح في استقطاب قوى مدنية، ومحدودية القبضة الأمنية في الدولة التونسية مقارنة بمصر.
ففي تونس مجتمع مدني ناضج، لكنها تأتي من تأثيرات النهضة على دول الجوار والإصرار على مد أذرعها فيها، حيث يوجد في كل من المغرب والجزائر تيار إسلامي ليس هينا.
ليبيا لا تزال مرشحة للانضمام إلى الحزام الإسلامي في المنطقة، ما يفرض على القاهرة القبول بالأمر الواقع المغاربي وتحمل تكاليفه الباهظة وارتداداته السياسية والأمنية المزعجة، يضاف ذلك إلى نفوذ حركة حماس الإخوانية في قطاع غزة.
وقد تنفست القاهرة الصعداء مع سقوط نظام الرئيس السوداني عمر البشير منذ عامين بعد أن كانت تعوم في محيط إسلامي قريب منها، وأكثر ما يشغلها في ليبيا الآن منع تمترس الإخوان في طرابلس، لذلك تراهن على الانتخابات الليبية المتوقعة في ديسمبر المقبل لتغيير تصورات سابقة بشأن إحكام التيار الإسلامي نفوذه على السلطة.
فتجربة تونس باتت مقياسا لتطورات التيار الإسلامي في المنطقة واستمرارها يوفر فرصة لمؤيديه بمواصلة دعمه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق