الأحد، 25 أبريل 2021

عياض بن عاشور الأرثوذكسية السُّنّية *******

 تشتغل على مؤسّسات الإسلام الرسمي، ومن أبرز مؤلّفاتها: "مفتي الجمهورية في تونس" (2001)، و"الرد على الوهابية" (2008) بالاشتراك مع حمادي الرديسي

 يَعتبر المذهب السنّي منظومةً رمزية بشرية أنتجها التاريخ

 التنوير العربي و الاصالة والحداثة 

أهم مؤلّفاته في العشرية الأخيرة: "أيُّ إسلامٍ لأوروبا؟" (2017)، و"تونس: ثورة في بلاد الإسلام" (2016)، و"الفاتحة الثانية: الإسلام وفكر حقوق الإنسان" (2011)، و"الإغراء الديمقراطي: السياسة والدين والقانون في العالم العربي" (2010)، و"القانون الإداري" (2010)، وغيرها.

هذه "المحاولة"، ومن الفَلسفة التحليلية مَعينُها، اختار صاحب "الفاتحة الثانية" التركيز، لا على نظرية الأخلاق لدى الصوفية أو الفلاسفة الذين خَصّصوا خطاباتِهم للتعالي بمَصادر القيم ومنشأ القواعد المقدّسة، ولا على كُتب العقيدة والفقه الطافحة بالجدل والخلافيات، وإنما على النظرية السياسية، ويَعني بها ابن عاشور "نقطة الالتقاء بين طبقةٍ من المفكّرين والجمهور والمؤسّسة الأرثوذكسية".

المجهود النظري الذي وَضعَ المنظومة الفكرية لأهل السنة وبيان ما اعتمدوه من مبادئ ومفاهيمَ لإقامة "منظومة الإيمان" التي صارت غالبةً بفعل التواطؤ مع السلطة والمثقّفين. وخَصّص الثاني لتحليل العناصر الجوهرية لأسس المذهب، ولا سيما المبادئ الخمسة لدستورية الإسلام السنّي، الذي يعتمد على زمنٍ أولي - تأسيسي، كما على نصٍّ مرجعي وقواعد متعالية، ثم تناول طبيعة السلطة وتداخل الزمني والروحي فيها عبر قضية الخلافة والملكية وسلطة الاضطرار، ومنها تعرَّضَ إلى مسألة الأقليات المنشقّة، التي كان يُطلَق عليها اسم "الفِرق الضالّة" أو "المِلَل والنحل"، ويختمه بتحليل مناقب الأمير والرعية أو الحاكم والمحكومين.

معضلة الإرهاب وعلاقته بالإسلام، كما إلى قضية الردّة وحرية الضمير ووضع المغيّر لدينه، (المرتد)، وهي من أعقد المسائل في ظل عولمة القيم القانونية وكونية مبادئ حقوق الإنسان، ولو على المستوى النظري. وأخيرا تَناول ابن عاشور رؤية السنّة للقانون في مجمل الأحداث والاضطرابات التي تهز العالَم الإسلامي بعد أن انطوى في الشبكة العالمية من القيم وأبنية الإنتاج.

اعتبارَ المذهب السنّي منظومةً رمزية- بشريّة، تأسست تدريجيّاً في سياق تحوّلات واحتمالاتٍ تاريخية، كان من الممكن ألا تنجحَ، إن أخذت الأحداث مساراً مغايراً. ثمّ استحالت هذه المنظومة إلى مجموعة من المبادئ والأفكار التي استَبْطنَها الجمهور، أو العامّة، بعد أن نظَّرتْ لها الفئات العالمة من فقهاءَ وكَتَبَة. وكلهم كان واقعاً، بحكم طبيعته الدنيوية، تحت إكراه التاريخ وقيوده.

وينزع هذا التصوّر التفكيكي كلَّ قداسةٍ سماوية عن "المذهب"، إذ ينظر إليه كتيّارٍ معقدٍ، تبنته ثقافاتٌ محلية متنوّعة، وخَضعت به، كما أخضعته ضمن جدلٍ دائري، إلى مَنطق التاريخ وقانون التحوّل. وقد كان نجاح هذه المنظومة وليد التعاون الضمني والصريح بين "أهل السيف وأهل القلم وأهل الخبز اليومي"، وهو تعاونٌ أفضى إلى تهميش رسميٍّ لكل المخالفين، واعتبارهم من فئة المنحرفين عن جادة السبيل، أو "الأقليات" بلغتنا المعاصرة. وتَجدر الإشارة إلى أنَّ مفهوم "orthodoxie"، الذي انبنى عليه الكتاب بأسره، يَعني: الصراط المستقيم، ويقتضي ضرورَةَ التطابق معه. وهو مشتق من اللفظة الإغريقية: Doxa الدالة على: الرأي السديد. وقد خَصَّص لها عالم الاجتماع الأميركي ميلتون روكيش سلسلةً من الأبحاث رابطاً إياها بالدغمائية والانغلاق. كما سَبَق للمفكّر الإسلامي محمد أركون في كتابه "الإسلام: قراءة علمية" أن وظَّف هذا المفهوم في تحليله للظواهر الإسلامية.

التركيز على "الخصوصية السنّية"، ولا سيما في ما يتعلق بالتشريع أو العنف، أو العلاقة بالدولة والسلطة، غير مبرَّر كفايةً، فثمّة نفس الآليات التي تحكم الشيعة في بلادهم وشتاتهم، وكذا الإباضية، بل وسائر المذاهب والديانات والأيديولوجيات، بمعنى أن هذه التحالفات التي أجاد في وصفها تكاد تكون ثوابت أنثروبولوجية كونية تميّز كل الجماعات الإيمانية، مهما اختلف مضمونها الروحي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق