الخميس، 8 أبريل 2021

البذخ في رمضان.. تمويل مسلسلات وإعلانات بدلاً من الفقراء

2018

تمويل المسلسلات

تتصدر الأعمال الدرامية الرمضانية مجالات الحديث فى معظم الجلسات العامة والخاصة، فما بين مؤيد ومعارض،
يهتم البعض بالجوانب الدرامية وحبكتها، فيما يهتم بعضا آخر بنجوم تلك الأعمال سواء أعمارهم أو مظهرهم أو حتى أخبارهم الشخصية، فى حين أن ما يشغلنا فى هذا الموضوع هو الجانب المالى والتمويلى لتلك الأعمال.
نلتقط بعض الأرقام من هنا وهناك حول تكلفة مسلسل ما، أو أجر نجم أو نجمة، ومن دون الحاجة للخوض فى الإشاعات، فإن ما يؤكد ارتفاع تلك التكلفة بشكل كبير هو إتفاق رؤساء إدارات القنوات الفضائية على وضع حدٍ أقصى لشراء المسلسل بلغ 70 مليون جم.
مع تجاوز عدد المسلسلات التى تم إنتاجها هذا العام الـ 25 مسلسلاً، يمكن تخيل حجم الإستثمارات التى تم ضخها فى الأعمال الدرامية التى تستهدف العرض خلال شهر رمضان المبارك، نتحدث عن المسلسلات فقط، ناهيك عن البرامج الحوارية والترفيهية.
ملياران من الجنيهات ليس بالرقم المبالغ فيه إذا ما حاولنا رصد حجم الأموال التى تم إنفاقها لإنتاج الأعمال التليفزيونية المسماة بالرمضانية.

ولكن السؤال: من الذى تحمل كل تلك الكلفة الباهظة؟ والإجابة ببساطة: المشاهد.

نعم، المشاهد يدفع لشراء المنتجات التى تتحمل أسعارها بكلفة إعلاناتها، والمعلن يدفع للقنوات التلفزيونية مبالغ طائلة للعرض عبر شاشاتها، وتلك القنوات تدفع بدورها لشراء أو إنتاج محتوى "الأعمال الدرامية والبرامج" يجذب المشاهد، ذلك المشاهد الذى يستطيع "نظريا" توجيه تمويله لقناة دون غيرها بمجرد مشاهدته له، حيث يتم رصد عدد المتابعين بدقة لتحديد أسعار الإعلانات عبر القنوات المختلفة، التى ترتفع أسعار الأعلانات لديها بارتفاع عدد المتابعين، والعكس بالعكس.

لكن الواقع أن تحكم المشاهد الفرد فى ذلك يبدو مستبعداً، فباستحضار نظرية القطيع، نصطدم بصعوبة إفلات المشاهد من الأفخاخ المنصوبة له بواسطة قوى العقل الجمعى الذى يفقد المشاهد بسببه نسبة كبيرة من تحكمه فى قراراته، سواء قرار المشاهدة إبتداء أو قرار الإنجذاب للسلع المعلن عنها عبر القنوات المشاهَدة، وإن استطاع الإفلات جزئياً أو كلياً، فإن محاولته التأثير على غيره هو بمثابة معركة غير متكافئة إطلاقاً مع قوى الجذب الإحترافية التى تنفق الوقت والجهد والمال ببذخ لسلسلة المشاهد لأطول فترة ممكنة أمام شاشاتها، فهو المموِل المستهدف والكنز الإستراتيجى.

لا شك أن توجيه مثل تلك المبالغ إلى صناعة كهذه، هو مثار اعتراض الكثيرين من أخصائيى الإقتصاد فضلاً عن غيرهم، فهل تساوى القيمة المضافة للأعمال المنتُجة تلك المبالغ المدفوعة فيها، وكيف يمكن قياس منفعتها الكلية أو الحدية لكل عمل على حدة؟

*

البذخ في رمضان.. تمويل مسلسلات وإعلانات بدلاً من الفقراء

2016

على الرغم من أن أعمال الخير ومظاهر التكافل الاجتماعي هما العنوانان الرئيسيان لشهر رمضان المبارك، فإن عناوين أخرى تتصدر هذا الشهر الكريم، وبقوة، حيث يتم الإنفاق على الدعاية والبرامج والمسلسلات أضعاف ما ينفق على المساكين وذوي الحاجة، في تناقض صارخ بين دعوات التكافل ودعم الفقراء التي تملأ الشاشات طيلة الشهر، وبين ما يتقاضاه مدمنو الإعلانات وأبطال المسلسلات من أموال.

وفي الوقت الذي ينتظر فيه الفقراء والمحتاجون كرتونة طعام أو مبلغاً من المال يلبي بعض احتياجاتهم في الشهر الفضيل، يجد آخرون من يدفع لهم ملايين الجنيهات لقاء عمل مسلسل أو إعلان مدته ثوان معدودة.

ففي مصر مثلاً، بلغت قيمة الإنفاق على الدراما الرمضانية هذا العام 3 مليارات جنيه، أي نحو 300 مليون دولار، ويستحوذ الممثلون على 70% من ميزانية أي عمل درامي بدعوى أن نجوميتهم هي التي تؤدي إلى نجاح المسلسل، في حين لا تكف الشاشة عن مطالبة المواطنين بالتبرع لمستشفيات الأورام والكبد والقلب، إضافة لدعوات إفطار 3 ملايين مصري وإطلاق سراح عدد من الغارمات.

ووفق تقارير صحفية فقد تقاضى الفنان عادل إمام 40 مليون جنيه، يليه كل من النجمين يحيى الفخراني ومحمود عبد العزيز بأجور راوحت بين الـ27 و28 مليون جنيه، ووصل أجر محمد رمضان إلى 24 مليون جنيه، ثم يأتي بعده الفنان محمد منير متساوياً مع الممثلة غادة عادل بأجر يساوي 22 مليون جنيه، في حين يناشد مركز الدكتور مجدي يعقوب الناس التبرع بـ5 جنيهات لعلاج مرضى القلب من الأطفال.

شركة فودافون أنفقت 50 مليون جنيه على إعلانها هذا العام "بيت العيلة"، الذي شارك فيه نخبة من الفنانين، بينهم نجوم لم يسبق لهم تقديم دعاية إعلانية، وهو ما دفع مواطنين للقول إن "فودافون" لو أنفقت هذه الملايين على تنظيف وترميم حي شعبي لكان أفضل لها وللحي، فيما يرى آخرون أن تخفيض قيمة المكالمة ربما كان أفيد للعملاء من إنفاق الملايين على إعلان سينسى بعد أسبوع.

وبزيادة مليون جنيه عن العام الماضي، تقاضى الفنان رامز جلال 10 ملايين جنيه عن برنامجه "رامز بيلعب بالنار".
وسخر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي من الداعية عمرو خالد والداعية مصطفى حسني، بسبب مطالبتهم الناس بالصبر على الابتلاء وتحمل الشدائد، في برنامج تجاوزت تكلفة إنتاجه الـ 30 مليون جنيه، وتقاضى كل واحد منهما 5 ملايين جنيه لقاء تقديمه.
وخليجياً، كان فنانو الكويت هم الأعلى أجراً، حيث وصلت أجورهم إلى سقف الـ 500 ألف دينار، أي نحو مليون و650 ألف دولار، في حين لا توجد حتى الآن قائمة واضحة لأجور النجوم السعوديين الذين لا تتجاوز أجورهم الـ 200 ألف ريال، أي قرابة 60 ألف دولار.
وتقل ميزانية المسلسلات الرمضانية السورية هذا العام عن نظيرتها المصرية، كما تقل أجور الممثلين بكثير عن الممثلين المصريين، حيث تراوح أجور نجوم الصف الأول في سوريا بين 150 ألف إلى 200 ألف دولار، وهم من قلة من القلائل، من بينهم سلاف فواخرجي وكاريس بشار وعباس النوري.
ويأتي هذا البذخ في الإنفاق في حين يعاني مئات الآلاف من اللاجئين ظروفاً قاسية في المخيمات، إضافة إلى معاناة ملايين المواطنين في مختلف الأقطار من ضيق ذات اليد، ونقص في الخدمات الصحية والتعليمية، وإن كان هؤلاء يجدون ما يبل ريقهم، ولو قليلاً، في شهر رمضان، فإن هذا لا يمنع أن توجه هذه الملايين من الدولارات إلى البنى التحتية والمدارس والمستشفيات وبنوك الطعام، وهو ما كان سيمنحهم مزيداً من الرضا.
*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق