لماذا نجح دعاة الدين الكبار منهم والشباب في توظيف وسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا الاتصال في حين أن المفكرين الحداثيين ودعاة العقلانية والحرية وحقوق الإنسان والمبدعين الشعراء والروائيين لم ينتبهوا إلا قليلاً لأهمية وسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا الاتصال في نشر أفكارهم التقدمية وطروحاتهم الحديثة وإبداعاتهم؟
النخب العلمانيون والحداثيون، لا يعيرون أهمية لتكنولوجيا الاتصال الحديثة التي هي من نتاج المضامين التي يروجون لها. وفي المقابل نجد أن دعاة الهوية والمدافعين عن مفاهيمهم للدين يقبلون على تكنولوجيا الاتصال إقبال العارف الذكي فإذا بهم يهاجمون قيم الحداثة جهراً وسراً ويوظفون منتجاتها التقنية في مجال التواصل مع مريديهم وجماهيرهم.
دعاة الدين ونجاحهم في فرض مساحة مهمة لهم في الفضاء السمعي البصري حيث نجد دعاة نجوماً في القنوات الدينية وفي وسائل التواصل الاجتماعي ولهم قنوات على «يوتيوب» ومواقع على الإنترنت وهم ينشطون أيضاً على «إنستغرام» و«فيسبوك» و«تويتر» ويقومون بوظيفة التنشئة الدينية ويلبّون حاجة الناس لفهم الدين وتطبيقه، إضافة إلى جذب أكبر عدد ممكن إلى الذين يوجهون لهم الدعوة إلى الدين الإسلامي.
محمد آركون «الصحوة الدينية» وما نراه من مظاهر تدين بدأت تهيمن على الفضاء العمومي في شتى البلدان العربية وحتى الأوروبية حيث تقيم جاليات عربية وإسلامية كبيرة العدد، إنما قد أسهم فيها بشكل خاص الدعاة الذين أصبحوا من الفاعلين الأساسيين في الإعلام السمعي البصري وتحديداً الخاص منه وأيضاً في وسائل التواصل الاجتماعي.
الدعاة الشباب يركزون على القيم والمعاني الربانية الدينية، أي إنهم يغوصون في لُبّ الدين من أخلاق وقيم ويمارسون نوعاً من التفكر والتعمق ويجعلون الإنسان هو المحور، والدين يعالج حالات الإنسان من قلق وخوف وندم وفشل وحزن وتعثر وخيبات وابتلاءات. دعاة شباب يمتلكون حضوراً وأداءً هادئاً متمكناً يقوم على المنطق والتعقل في الدين ويخاطبون القلوب من بوابة الترغيب واليسر مع استبعاد الترهيب. لِنَقُل إن البعد الروحي عند الشباب من الدعاة الجدد أكثر قوة، إضافةً إلى حضور المستقبل والطاقة والدفع إلى الطموح والنجاح وعدم اليأس مع محاولة بناء الإنسان المسلم من الداخل وليس بالاقتصار على جانب العبادات وما هو محرم.
بالهيمنة المطلقة للدعاة من مصر وبشكل أقل من سوريا، في حين المغرب العربي لم يدخل سباق الدعاة فلا نجد داعية من تونس أو الجزائر أو المغرب يتهافت عليه المتابعون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق