نظرة على الفضاء الرقمي، ووسائل الاتصال الاجتماعي فيه، تدفع للاعتقاد أننا ربما أمام حالة ربيع عربي جديدة بنسختها الرقمية. حرب هاشتاغات، مئات الحسابات الوهمية التحريضية، وسيل من المعلومات المضللة غير الدقيقة، ومحاولات حثيثة لاستمالات سياسية خبيثة… حتى احتفالاتنا برايتنا لم تسلم من محاولات جلد الذات والتحريض.
ما يحدث في الفضاء الرقمي لا يعكس بالضرورة الحقيقة، وهو عادة ما يكون مبالغا فيه أضعافا مضاعفة عن الحجم الحقيقي للواقع،
غالب ما نراه من نقاش يكون من ناشطين سياسيين أو فوضويون بصفتهم الفردية الذاتية، يحاولون الاستمالة باتجاه ما، أما الغالبية العظمى فهي تسير وسط هذه المعمعة دون إلمام بها، لتفرغ ما عندها من آراء قد لا تكون ناضجة أو اكتملت، تميل حيث تزداد أعداد المتابعين والمعجبين. بالمحصلة، النقاش في جله يفتقد للرأي السياسي السديد أو البناء، الذي يؤسس لطرح أفكار قد تفيد المجتمع وتطوره وتقدمه.
فلا يجب التقليل من أهمية ما يحدث على السوشال ميديا، وقد بات ميدانا للتقاذف السياسي، ولنا عبرة في ما حدث من اقتحام للكونغرس في إحدى أعرق الديمقراطيات؛ حيث كان لخطاب التحريض والكراهية في العالم الافتراضي دور أساسي فيه.
*
ما يتنبأ به يوسف بن علوي وزير الشؤون الخارجية لسلطنة عمان من بوادر ربيع عربي جديد، مبني على اختلالات عقلية، فالمنطقة لن تكون على موعد مع ربيع عربي جديد بعد أن دفع فاتورة باهظة الثمن بسبب الربيع العربي الفوضوي الأول الذي كانت فاتورته الإنسانية والأمنية باهظة الثمن.
المعزول وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي يتنبأ بـ”ربيع عربي ثان”، يبدو أن بن علوي يحاول أن يسير على خطى حمد بن جاسم بالتنظير المبني على الاختلال العقلي.
“التغيير قادم من طهران”. هذا تكتل آخر مختلف عن تكتل الإخونجية والعثمانيين. هدفه تقديم دول مثل البحرين لنظام الملالي. والهدف الأكبر استهداف وإضعاف السعودية مقابل إيران.
“أوضاع العالم العربي من المحيط إلى الخليج لا تبشر بخير”.
برغم إثارة تصريحات وزير خارجية عُمان السابق يوسف بن علوي أن الظروف التي أدت لاندلاع ربيع عربي مهيأة لاندلاع “ربيع عربي ثان” ضجة، لكن سطحية تعليقات البعض واستخفافهم بتحذيره، وبحالة الاحتقان، والسقوط الحر، وفشل عدد من الجمهوريات، وترويج مؤامرة الإخوان، تفضح رغائبية وعقم تنظيرهم.
أتفق مع بن علوي، أخشى من موجة ثانية للربيع العربي، وأعتقد أن الأسباب التي أدت للثورات مازالت قائمة مثل البطالة والفقر والظلم وغياب المحاسبة وضعف المشاركة السياسية. إذا لم تتجه الدول العربية إلى “الإصلاح الاستباقي” فهي لن تكون بمنأى عن ذلك، ومراكز الشرطة والسجون لن تمنع الانفجار!
ويذكر أن الوزير المولود عام 1945 والذي ترأس هرم الخارجية العمانية منذ 1997 وحتى أغسطس 2020، تطرق إلى الكثير من القضايا الداخلية والخارجية في المقابلة، بما في ذلك توصيات السلطان الراحل قابوس بن سعيد بشأن التعامل مع الاحتجاجات العمانية في 2011. وقال إن السلطان الراحل طلب من الجيش الابتعاد عن مناطق التجمعات والمظاهرات وعدم اللجوء لاستخدام القوة مع المتظاهرين الذين كانت لديهم مطالب اجتماعية حينها.
الحديث عن “ربيع عربي” كثيرا ما يستفز المغردين العرب على مواقع التواصل الاجتماعي بعد حجم الخراب الذي أحدثته الاحتجاجات بعدة دول عربية لا تزال تعاني الويلات.
منذ انتخاب الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة كثر الحديث الإلكتروني عن قرب “هبوب رياح ربيع عربي جديد”.
"منطقتنا العربية بشكل عام ربما ربيع واحد لا يكفيها، يعني في مسألة التشبيه كيف كان الربيع الأول وكيف كان قبل الربيع الأول والأسباب التي دعت إلى الربيع وهل الآن تغير الأمر ولا محتاج إلى ربيع ثاني، لابد أن نضعها في (التوافق) هذا، هناك تشابه في كيفية تلبيق النار إشعال شيء وهناك إشارات.."
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، الدكتور عبدالخالق عبدالله، أن قراءة وزير خارجية عمان السابق "مشوشة" و"لا يعتد بها"، مبررا ذلك لأسباب ثلاثة.
الجماهير العربية استفادت كثيرا من دروس الربيع العربي السابق ووجدت أن الثورات جلبت معاناة لا يمكن تحملها سواء في ليبيا أو سوريا واليمن وتونس وحتى مصر".
وبالتالي الجماهير كسبت معرفة لم تكن موجودة في 2010 عند اندلاع تلك الثورات"
فقا لعبدالله، فإن الاعتبار الثاني يتمثل في أن "الأنظمة التي استمرت 30 و40 عاما في دول الربيع العربي ليست موجودة الآن. كانت تلك الأنظمة فردية غالت في قهرها وقمعها للإنسان العربي حتى الإطاحة بها منعها لتوريثها السلطة".
أما الاعتبار الثالث الذي يقوله الأكاديمي الإماراتي فهو "بروز جماعات إرهابية مثل داعش ومليشيات مسلحة أخرى في لبنان والعراق واليمن. وأن هذه التنظيمات لديها أجندات غارقة في المذهبية (...) وليس ضمن أجنداتها القضاء على الدولة الوطنية في الوطن العربي".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق