الأربعاء، 25 مايو 2022

الطبقات الاجتماعية وأولوياتها والتفاوت الاجتماعي

Nov 28, 2019 Aug 16, 2021

الطبقات الاجتماعية وأولوياتها
2018 يوليو

يؤثر العامل الاقتصادي المادي ومستوياته في تصنيف المجتمع وفق طبقات ثلاث رئيسة، هي: العليا، الوسطى والدنيا. وبعضهم يقسمها إلى خمس؛ فيضيف طبقتين أخريين: الوسطى العليا [العليا الدنيا]، والوسطى الدنيا [الدنيا العليا

أولويات الطبقة العليا [رأس المال]: التمويل المصرفي، استقرار قيمة العملة، برامج تحفيز رأس المال، حرية انتقال البضائع والأموال، تبسيط الإجراءات وسرعة الإنجاز البيروقراطي، فتح الأسواق الدولية بالقوة الدبلوماسية الناعمة والمعلومات والحد من الفساد.

فكرني باصلاح الراسمالي لسادات وفتح الاسواق

أما أولويات الطبقة الوسطى: جودة التعليم، السكن، تكافؤ الفرص الوظيفية، دعم البرامج الحكومية لتمويل المبادرات والابتكار الاجتماعي، الترفيه [الحدائق العامة، الفنون والآداب]، القضاء المستقل، خدمات البنية التحتية، الحد من ظاهرة الطلاق والموت بحوادث السيارات.

أما أولويات الطبقة الدنيا فتتمثل في: الإعانات الحكومية، الصحة، التعليم العام، الوظائف الحكومية وما في حكمها، النقل، الرياضة، المساواة [عدم التمييز] والحد من ظاهرة المخدرات.

 تغيرات المجتمع المصري بداية الهجرة للخليج
 كل طبقة ذات ملامح واضحة، ويمكن رصد سلوكها الاجتماعى والثقافى وموقفها السياسى، كان المستويان الإجتماعي والاقتصادي وأثرهما على النواحي التعليمية هى العامل الأساسي للتصنيفات التي تنعكس على المناطق الجغرافية التي تجمعهم، وكانت المناطق الأرستقراطية تحدد وبشكل مباشر طبيعة سكانها ومنها يمكن تحديد أين تفضل هذه الطبقات السفر وأين تقضى مصايفها ومشتاها، وأين أماكن تنزهها.
وكذلك الحال حين نذكر المناطق الشعبية حيث يغلب على قاطنيها نوعية معينة من التعليم والأعمال مثل طبقة العمال والحرفيين، 
إلى أن بدأ تبدل حال المجتمع المصري أواخر الخمسينيات من القرن الماضي وصولا إلى منتصف السبيعنيات من  القرن ذاته وما شهده من سياسات الانفتاح التي أحدثت تغييرا في التركيبة المجتمعية في مصر وما تبعها من سفر المصريين لمنطقة الخليج وبداية ظهور الجماعات المتطرفة بشكل واضح.

*

معاناة الطبقة الوسطى

د. أحمد عمر

27 يناير 2019

أنا ابن الطبقة الوسطى المصرية بامتياز، بكل قيمها ومخاوفها، والتي أبرزها هاجسها المستمر للمحافظ على الاحترام والستر.

وقد شاءت الظروف في مراحل معينة من حياتي أن اقترب من الطبقتين العليا والدنيا، ولكني لم أشعر بالراحة والرضا إلا في منطقتي وطبقتي الوسط، التي يمكن أن أعيش فيها محتفظاً بـ"رأس مال رمزي" محترم، وفي وضع اقتصادي مستور يمكّنني من توفير ضروريات الحياة دون رفاهية. كما يمكّنني- أيضاً ونتيجة لطبيعة عملي واهتمامي بالشأن العام المصري- من أن أرصد وأحلل دراما المجتمع المصري بكل طبقاته ومشكلاته.

وقد تأكد لي من قراءة تاريخنا الاجتماعي والسياسي أن الطبقة الوسطى المصرية، كانت، وستظل المُنتجة لقوة مصر الناعمة، وخير حافظ للهوية الوطنية، والشعور الوطني، والكبرياء الوطني، وأنها أفضل من يصون ويحمي ثوابت الأمن القومي المصري، وتلك حقيقة تتضح لنا باستقراء دورها منذ فجر النهضة الحديثة في مصر إلى اليوم؛ فكلما أراد أحدهما أخذ مصر في الاتجاه الخطأ، ومسخ ثقافتها وهويتها، وخيانة تاريخها ودورها وثوابتها، نجد أبناء هذه الطبقة ينتفضون لإصلاح الخطأ، وتقويم الاعوجاج في الرؤية والأهداف والمسار، وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، وهذا ما حدث في ثورة 19، وثورة يوليو 1952، وثورة 25 يناير، وثورة 30 يونيو.

وهذا الأمر لا يخص المجتمع المصري فقط، ولكنه يُجسد حقيقة اجتماعية عن دور الطبقة الوسطى الإيجابي في المجتمعات الإنسانية، وقد عبر عنها قديمًا الكاتب التراجيدي اليوناني الكبير "يوربيديس" في تراجيديا "المستجيرات"، عندما كتب يقول: "هناك ثلاث طبقات من الموطنين: الأغنياء وهم طبقة لا نفع منها؛ إذ يطمحون دوما للمزيد. والفقراء والمعوزون، وهم قوم مجترئون يتملكهم الحسد أكثر مما يحق لهم، وتُضللهم فصاحة قادتهم الفاسقين، فيطلقون سموم حقدهم ضد من يمتلكون أي شيء.
بينما الطبقة الوسطى من الطبقات الثلاث هي التي تحفظ المدن وتحترم النظم التي تسنها الدولة"
وبالعودة للمجتمع المصري نجد أن فترة الستينيات كانت هي زمن الطبقة الوسطى الجميل، وفردوسها المفقود الذي قادت فيه المجتمع، وعبرت عن ثقافتها وفنها وقيمها في كل مجالات الحياة
وبدخولنا في سبعينيات القرن الماضي، ونتيجة خيارات الرئيس السادات الاقتصادية في زمن الانفتاح السداح مداح، بتعبير الكاتب الراحل الكبير أحمد بهاء الدين، تآكلت لاحقاً الطبقة الوسطى، وضعف دورها، وتصدعت قيمها، ومقومات سترها، وسيطرت على المجتمع 

المصري- إلى حد كبير- قيم وثقافة الارستقراطية الطفيلية المالية الجديدة، وقيم وثقافة الطبقة الدنيا.

وأظن أن المنُجز الأكيد للسياسات الاقتصادية للحكومات المصرية المتعاقبة في العقود الأخيرة هو نجاحها في زيادة معاناة أبناء الطبقة الوسطى، ودمجها في الطبقة الدنيا بإزالة الفوارق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الواضحة بينهما.

وهذا ما يجعلني أقول: إن كفاح الطبقة الوسطى المصرية وسعي أبناؤها البطولي لتدبير حياتهم في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، دون التفريط في كرامتهم وقيمهم، يستحق جائزة نوبل في الاقتصاد، وأننا نعيش اليوم أكبر تحدٍ يواجه الطبقة الوسطى المصرية في تاريخها، وهو تحدٍ يهدد وجودها وقيمها ودورها.

ومصر بدون الطبقة الوسطى ستذهب للمجهول، ولن تكون مصر التي عرفناها أو التي نريدها.

*

جسور لا بد أن تُبنى
د. أحمد عمر

 أغسطس 2018

لا يخفى عن أحدِ في مصر- الآن- وجود اختلاف بين طريقة تفكير وأولويات السلطة الحاكمة، ونظيرهما لدى أبناء الطبقة الوسطى وحزب الكنبة؛ فالسلطة الحاكمة ترى منذ 30 يونيو أن مكافحة الإرهاب، وتثبيت دعائم الأمن القومي، وإعادة بناء مؤسسات الدولة واقتصادها وبنيتها التحتية على أسس سليمة- الأولوية القصوى.
وأن الشعب المصري لا بد أن يدفع ثمن التغيير والإصلاح الذي خرج في يناير 2011 للمطالبة به، عن طريق ربط الأحزمة وتغيير نمط وثقافة حياته واستهلاكه، والصبر بكل ما أوتي من قوة لتجاوز الوضع الراهن، وحالة "العوز" التي وضعتنا فيها الأخطاء الاقتصادية لنظم الحاكمة السابقة.

والسلطة ترى أيضًا أن الدولة نجحت في السنوات الأربع الماضية في تحقيق طفرة نوعية في مجال الأمن والبنية التحتية، وتثبيت دعائم الدولة، وهي تطمح لجعل فترة الحكم الثانية للرئيس السيسي فترة لإصلاح منظومة التعليم بكل مستوياته، بما يلبي احتياجات المستقبل ويواجه تحدياته، وفترة، أيضًا، لإعادة بناء الإنسان والثقافة والهوية المصرية، من أجل الارتقاء بصحة ومناعة وثقافة المواطن المصري، وتحصينه ضد الأمراض الاجتماعية والفكرية والدينية التي شوهت شخصية وثقافة وسلوك المصريين

فإن الكثير من أبناء الطبقة الوسطى وحزب الكنبة، الذين خرجوا على حكم الإخوان في 30 يونيو، ودعموا بعد ذلك الرئيس السيسي، لثقتهم بنزاهته ووطنيته قد صاروا يملكون اليوم طريقة في التفكير وأولويات مغايرة إلى جانب طريقة تفكير وأولويات السلطة؛ فهم يرون أن قدرتهم على الصبر على أعباء الإصلاح وإعادة بناء الدولة قد ضعفت تمامًا، وأنهم يتحملون بمفردهم تلك الأعباء، وأن السلطة لم تعد تستمع 
إليهم أو تضع على نحو عملي معاناتهم وآرائهم في اعتبارها.
كما يرون أن بناء الإنسان المصري الجديد واقتصاد الدولة على أسس صحيحة- كهدف لكل وطني غيور- لا يجب أن يكون بالكامل على حساب حياة الإنسان المصري الحالي، ولهذا فهم يريدون هدنه تمكنهم من تنظيم حياتهم بلا ضغوط اقتصادية جديدة. هدنة يستطيعون فيها جني الثمار الإيجابية لتضحياتهم وصبرهم في السنوات السابقة، وتقوم فيها الدولة بمحاولة ضبط الأسواق، وإحداث توازن فيها يقضي على جشع التجار.

وهو بالطبع منطق مقبول له ما يبرره من منظور إنساني واجتماعي، ولا بد أن تجعله السلطة في اعتبارها حتى لا تفقد دعم وتأييد هذا القطاع العريض من الشعب، وهم أبناء الطبقة الوسطى، وأعضاء حزب الكنبة.

وبناء عليه، فما دام منطق تفكير السلطة وأولوياتها لهما أهميتهما وما يبررهما، لأنها تملك فهما واقعيا وشاملا للوضع الراهن ومشكلاته. وكذلك منطق تفكير وأولويات أبناء الطبقة الوسطى وحزب الكنبة لهما أهميتهما وما يبررهما، لأنهم الذين يعانون في الواقع، فإن هذا يجعل المواءمة بينهما- اليوم- ضرورة إنسانية وسياسية؛ لأنها سوف تُعيد بناء جسور التواصل والفهم المتبادل والثقة بين السلطة وهذا القطاع المهم من الشعب، بما يؤدي بدوره لتدعيم الشرعية الأخلاقية للنظام الحاكم، ويعطيه قوة معنوية وسياسية لمواجهة خصومه ومعارضيه في الخارج والداخل، وقوة دافعة لاستمرار وجوده وتنفيذ مخططاته ومشاريعه التي سوف يكون فيها- بإذن الله- خير البلاد والعباد.
++++++++++++++++

الخطاب العربي" تناول مشاكل الفقراء.. ونعيش في أكذوبة الطبقة الوسطى"
2016

ندوة بعنوان " في نقد الخطاب العربي "، بمشاركة الدكتور رائد سلامة، والدكتور زكريا الحداد.
وتناولت الندوة شرح أهم جوانب كتاب "في نقد الخطاب العربي" للكاتب سمير أمين.
وقال الدكتور رائد سلامة، إن الكاتب أشار لمجموعة من المفاهيم التي لابد من الاتفاق عليها في المجتمع مثل "الإحسان والإنفاق والأمولة " والتي تعنى سوء استخدام أموال المجتمع، مشيرًا إلى أن الكتاب تناول شرح الدين السياسي والإسلام السياسي، وأنه قادر على تحقيق الهدف ولكن بمقارنة تطبيقه.

وأكد رائد سلامة، أننا نعيش في أكذوبة "الطبقة الوسطى"؛ حيث لا يوجد طبقة وسطى بالمجتمع وذلك ﻷن مفهوهما يرتبط بملكية امكانية وسائل الانتاج والأعمال، فكل فرد من الممكن أن يكون غني بإمكانياته وقدراته، مشيرًا إلى أن هناك طبقتين فقط بالمجتمع الطبقة العاملة والرأسمالية، فلابد من ربط العدالة الاجتماعية بالرأسمالية كي يتحقق مفعوم العدالة بالمجتمع.

ومن جانبه قال الدكتور زكريا الحداد، إن أخطر ما أنتجه المجتمع الرأسمالي الذي نعيشه الأن هو ضياع الأخلاق والقيم والمبادئ ودمارها.

وأشار "الحداد"، ـفي كلمته هو الأخر إلى ان الرأسماليين العرب يديونون للمجتمع، ﻷنهم دائمًا ما يتواجدوا مع الرأسمالين الغرب أكثر من تواجدهم في بلدهم.

+++++++++++++++++++++++

خطر تآكل الطبقة المتوسطة

تُعد الطبقة المتوسطة هى الأكثر طموحًا والأوسع تأثيرًا فى المجتمع، وبحسب اصطلاح عالم الاجتماع الألمانى ماكس فيبر؛ فإن الطبقة المتوسطة هى الطبقة التى تأتى اقتصاديًا واجتماعيًا بين الطبقة الفقيرة والطبقة الموسرة، فهى ليست من الثراء لامتلاك أصول إنتاجية تولد أرباحا منتظمة، ولا هى من الفقر لدرجة أنها تعانى العوز للدخل الدائم والمستقر، لقد كتب الباحثون ملفات عدة عن دور الطبقة الوسطى فى تنمية وتحديث وتقدم الأمم، فغالبية العلماء والتقنيين والباحثين والمخترعين والمهنيين والأدباء والمثقفين، وصولًا إلى المناصب القيادية والسيادية هم من أبناء تلك الطبقة الفاعلة.

• تمثل الطبقة المتوسطة نبض المجتمع وتُعد الأقوى تأثيرًا والأكثر تفاعلًا فى المجتمع، مما يمنحها ثبات المواقف واستقلالية القرار، ولذا تعتبر الشريك الأول فى صيانة مؤسسات الدولة ومحاسبة الحكومات، فغالبية أعضاء المجالس النيابية على مدى تاريخها الطويل من عموم تلك الطبقة. 

الطبقة الوسطى هى طاقة المجتمع الاقتصادية المتجددة؛ حيث تمثل المصدر الأول لتمويل النفقات العامة من الضرائب والرسوم، فهى صاحبة الدخل المتجدد والإنفاق المرتفع، كما أنها لا تمثل عبئا على موازنة الدولة فى تحمل تكلفة الخدمات العامة، التعليمية والصحية، وكذلك برامج الرعاية الاجتماعية فكل ذلك تقوم بتمويله من مصادرها الذاتية. 

• الطبقة المتوسطة هى الشريك الرئيسى فى بناء الدولة وصناعة التنمية، فهى تمثل القطاع الأكبر لسوق الاستثمارات المحلية «قطاع البورصة - القطاع العقارى - سوق الذهب»، كما أنها تمثل الركيزة الأساسية والممول الأول للمشروعات القومية «السد العالى - قناة السويس»، وذلك بما لديها من وفورات ومدخرات مالية.

• تتحمل الطبقة المتوسطة عبء المسئولية الاجتماعية عن كاهل الدولة فى دعم المؤسسات الخيرية والجمعيات الأهلية فيما تقيمه من مشروعات خيرية وما تقدمه من مساعدات مادية وعينية للطبقات الفقيرة والمعدمة. 

وبنظرة متفحصة ومن خلال الأرقام، يشير خبراء الاقتصاد إلى أن دخول الأسر المصرية تراجعت بعد تحرير سعر صرف العملة فى نوفمبر من عام ٢٠١٦، وبسبب موجة التضخم التى أعقبت قرارات التعويم، إضافة إلى قرارات إعادة توجيه الدعم، وتفعيل تحصيل الضريبة العقارية وفرض الضريبة على القيمة المضافة.. كل ذلك أدى إلى زيادة الضغوط على كافة الطبقات، وبخاصة الطبقة المتوسطة، وهو ما لم يصاحبه تحريك الأجور بنفس نسب زيادة معدل التضخم، ووفقا لأحدث تقارير البنك الدولى عن مصر، فإنه رغم ارتفاع متوسط دخل الفرد السنوى فى مصر من ١٣٠٠ دولار عام ٢٠٠٠، إلى ٣٤٠٠ دولار فى عام ٢٠١٨، إلا أن معدل الفقر ارتفع أيضًا من ١٦.٧ ٪ إلى ٢٧.٨ ٪ خلال الفترة نفسها، لذا فإن الطبقة المتوسطة باتت على مشارف أحزمة الفقر، فعدم قدرة الطبقة المتوسطة الحفاظ على المستوى المعيشي ذاته، وعدم كفاية الدخل لتلبية الحاجات ذاتها عن ذى قبل ومنها المتطلبات الأساسية.

نتيجة الآثار المترتبة على برنامج الإصلاح الاقتصادى وما واكبه من تحرير سعر الصرف، ورفع الدعم عن الطاقة، بالإضافة إلى زيادة العبء الضريبى أدى فى مجمله إلى تراجع القوة الشرائية للطبقة المتوسطة باعتبارها أكثر الفئات استهلاكا، وصاحبة الوفورات الموجهة للادخار والاستثمار، مما كان له تأثيرات سلبية شديدة على معدل النمو الاقتصادى بسبب انخفاض الطلب وتخفيض حجم الإنتاج الكلى، وهو ما يؤدى إلى الدخول إلى متلازمة التضخم والانكماش والدخول فى حالة من الركود الاقتصادي.

• تراجع الإنفاق الاجتماعي، حيث لا يرتبط تراجع القوة الشرائية للطبقة المتوسطة على الطلب على السلع الاستهلاكية فحسب، وإنما الأخطر هو امتداد التأثيرات السلبية لتدهور الدخول الحقيقية لهذه الطبقة إلى قدرتها فى الإنفاق على الخدمات الاجتماعية الأساسية، مثل التعليم والصحة، والتى تعطى لها أولوية كبيرة والتى الجانب الأكبر من إنفاقها. 

تغير النمط الاستهلاكى والسلوك الشرائى فى المأكل والمشرب والملبس ووسائل الانتقال، كاللجوء إلى شراء منتجات بخامات أقل جودة، أو اللجوء إلى أسواق الاستخدام الثاني، أو الانتظار لفترات التخفيضات السنوية علها تحظى بسعر أقل بعد أن اعتادت عل مدى عقود من عمرها، أن تتجول بين المحال والمتاجر الكبرى لانتقاء أجود ما تعرضه من ماركات، تتماشى مع ذوقها، وبما يناسب مكانتها الوظيفية والاجتماعية.

 الحلول المقترحة للإسهام فى تقليل معاناة وهموم الطبقة المتوسطة. 

- إعادة التوازن الاقتصادى من خلال سياسات التشغيل الكفء لعوامل الإنتاج «التوزيع والاستخدام الأمثل للموارد»، والدفع نحو سياسات النمو المرتفع مع خفض معدل البطالة «النمو التشغيلي»، بحيث يتسم سوق العمل بالعدالة «من حيث تكافؤ الفرص»، والموضوعية «من حيث متطلبات الحصول على العمل»، وأن يجنى ثمار النمو عموم طبقات المجتمع ومنها الطبقة المتوسطة.

- التوسع فى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة «وهو ما بدأته الدولة بالفعل» مع تذليل كافة المعوقات المالية والإدارية لإعادة تشغيل المصانع المتعطلة والمشروعات المتعثرة من خلال برامج التمويل ذات التكلفة الملائمة وبرامج الدعم الفنى واللوجيستى. 

- تركيز الجهود فى سرعة تطوير المنظومة الصحية، كذلك العمل على تطوير المنظومة التربوية والتعليمية والحد من التوسع فى مؤسسات التعليم الخاص ورقابة القائم منها فيما تطلبه من مصروفات تفوق الخدمات المقدمة منها، وذلك مما يخفف العبء على الطبقة المتوسطة فيما تنفقه على التعليم والرعاية الصحية.

ومع الاعتراف الكامل بأهمية وضرورة تبنى الدولة لسياسات اقتصادية جادة لمعالجة العجز فى الموازنة، والسيطرة على تضخم الدين العام، تظل الحاجة ماسةً إلى أن يكون ذلك مصحوبًا بحزمة متكاملة من السياسات التى تتعامل مع التداعيات التى تنجم عن تنفيذ تلك السياسات، ويمكن الاستفادة من التجارب الدولية للدول التى مرت بمراحل وتجارب اقتصادية شبيهة، مثل دول أمريكا اللاتينية التى تُشير تجربتها إلى أن السيطرة على العجز أمر لا يمكن إنجازه خلال الأمد القصير، مما يتسبب فى زيادة الفجوة بين طبقات المجتمع المختلفة، وإنما ارتبطت بالأساس بتحقيق نموٍّ متوازن، وخلق فرص عمل جديدة، والاستثمار فى رأس المال البشرى «التعليم والصحة»، وإنجاز إصلاح ضريبى يحقق زيادة الموارد، ويضمن توزيع الأعباء الضريبية بشكل أكثر إنصافًا.

++++++++++++++++++++++

الثقافة وتقليص فجوة التفاوت الطبقي

يُقصَد بالتفاوت الطبقي، تلك الفوارق الاقتصادية التي وضعها بعض المختصين للتفريق بين طبقة اجتماعية وأخرى، وقد ينسحب ذلك على نمط العيش والرفاهية، وحتى نوعية المأكل والملبس، مما يعطي لطريقة الحياة ميزة أو خصوصية معينة، ومن المعروف أن نظام الطبقات هو عبارة عن مجموعة من المفاهيم في العلوم الاجتماعية التي تركّز على نماذج من التراتب الاجتماعي، والذي يتم من خلاله تصنيف الناس إلى مجموعة من الفئات الاجتماعية الهرمية. وأكثر الطبقات شيوعاً هي: الطبقة الغنية والطبقة المتوسطة والطبقة العاملة.

ـ "طبقة اجتماعية اقتصادية" والذي يمكن تعريفه بأنه "مجموعة أشخاص يمتلكون نفس الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي أو التعليمي). وما نريد التوصّل إليه إجابة مقنعة أو مقبولة عن التساؤل حول مدى تدخّل وتأثير الثقافة في تقليل أو زيادة الفجوة الطبقية؟

+++++++++++++++++

«المصري للدراسات الاقتصادية»: 66 مواطنًا مصريًا يملكون أكثر من 500 مليون دولار

19 نوفمبر 2019،

قال المركز المصري للدراسات الاقتصادية، في تقرير الثروة العالمية لعام 2019، إن تحليل أرقام التقرير يشير إلى أن 71.4% من المصريين تقل ثروتهم عن 10 آلاف دولار.

+++++++++++++++
السعادة البعيدة

أسامة غريب    ١٣/ ١/ ٢٠٢٠

تُرى هل يستطيع أى شخص فى مجتمعنا، إذا أُزيلت العوائق المادية، أن يعمل بالمهنة أو الحرفة التى يريدها؟. أعتقد أن الرد بالإيجاب لن يكون هو الإجابة الصحيحة، ذلك أن معوقات مجتمعية كثيرة تقف دون تحقيق الناس لأحلامها. الكثير من الشباب لهم أحلام غير مُكلِّفة ماديًا فيما يخص العمل الذى يودون مزاولته، لكن المشكلة تكمن فى أين هو الأب الذى يوافق على أن يكتفى ابنه من الدراسة بقدر معين، وليكن الثانوية العامة، ليعمل بورشة نجارة كما يحب؟ إذا كان الأب غنيًا ميسور الحال فسوف ينظر لولده على أنه مجنون يريد أن يهبط اجتماعيًا بمستوى الأسرة، وإذا كان من أسرة فقيرة فسيعتبره أبوه مجنوناً أيضًا لأنه يرفض الصعود الاجتماعى وشد الأسرة معه لأعلى بأن يصبح مهندسًا أو طبيبًا. الأنكى لو جرؤت فتاة من أسرة غنية على الإعراب عن حبها لمهنة التمريض ورغبتها فى أن تصير ممرضة مثلًا، وهى حاصلة على مجموع كبير بالثانوية، هنا ستقف الدنيا كلها فى وجهها، ولن تسمح لها الأسرة بأن تفعل ما يعتبرونه خللًا فى التفكير!. وليست الطبقات الموسرة وحدها هى مَن تتبنى هذه الأفكار، لكن الطبقة الوسطى ستكون أشد تمسكًا بالرغبة فى الصعود والاستعلاء على الحرف والمهن اليدوية وتصنيف الأشغال التى يمتهنها الناس إلى راقٍ ووضيع. لهذا فليست هينة أبدًا قدرة المجتمع على وأد أحلام الشباب فى اختيار المهنة من خلال التلويح بأن الميكانيكى مثلًا لن 
يستطيع الزواج من ابنة إحدى الأسر الكبيرة.

وفى واقع الأمر فإن الأهل وهم يفعلون هذا إنما يستندون إلى واقع مجتمعى أفرزه الاستبداد، الذى يكرس الطبقية ويقصر الحقوق على أبناء الطبقة العليا دون غيرهم، وفى هذا الشأن يمكن أن نلحظ أن السلطة فى البلاد التعيسة يمكن أن تعصف بالصنايعية وأصحاب الحرف وأن تمارس فى حقهم الانتهاكات بأكثر من إتيان الأمر نفسه مع أصحاب المراكز العليا والمهن اللامعة.. وهذا أمرٌ يجعل مَن يود العمل بمقهى أو محل بقالة أو «كوافير» من بين المتعلمين يتردد ألف مرة فى اتخاذ القرار خوفًا على كرامته من أن تتبعثر لسبب أو لآخر!. والواقع أن الناس فى البلدان الديمقراطية التى تحترم البشر وترعى حقوق الإنسان بصرف النظر عن جنسه ودينه ومهنته هم أكثر حرية فى الاختيار، ويمكن للواحد منهم أن يكون ما يشاء دون أن يفقد حقه فى الاحترام والكسب والحب والزواج، ولا أنسى أحد أصدقائى الكنديين، وكان جارًا لى بمونتريال.. هذا الرجل عرفته كموزع بريد على دراجة، وقد أذهلنى عندما حكى لى عَرَضًا أنه كان طيارًا بشركة «إير كندا»، لكنه تركها بسبب حبه للانطلاق بالدراجة 
وتوزيع البريد!.


ما أبأس الحياة التى يقضى التكلف والتظاهر فيها على إمكانات السعادة الحقيقية.

*

مناهضة التفاوت الاجتماعي قضية حقوقية

الجزء الأول
واصل معدل النمو في المغرب انخفاضه، حيث لم يتعدّ 2.7 في المائة خلال هذه السنة؛ وهو ما يثير قلقا شديدا في أوساط المواطنات والمواطنين، خاصة أولئك الذين لا يملكون شيئا سوى ما يكسبونه ويصرفونه يوما بعد يوم، وغير القادرين على الادخار والتملك. وفي المقابل، نجد العائلات المالكة للثروة القومية؛ كعائلة عثمان بن جلون، وعائلة عزيز أخنوش، وعائلة الميلودي الشعبي، وعائلة الصفريوي، وعائلة زنيبر، وعائلة بن صالح، وعائلة مولاي احفيظ العلوي، وعائلة علي واكريم، وعائلة سعيد لعلج، وعائلة الشعبي، وبعض العائلات المصنفة القريبة من هؤلاء المكتنزين، تتحكم بالشركات الكبرى وتنسج مع الدول الأجنبية علاقات تجارية ربحية لها وزنها في السوق العالمية المالية، على حساب الانتفاع من الأزمة الاقتصادية الوطنية الخانقة وهوة التفاوت الاجتماعي الجارح بين المغاربة "المدينيين" ومغاربة المغرب القروي وسكان الجبل والواحات والسهوب؛ هذه العائلات، التي أصبحت تشكل اليوم جماعة من الأعيان والوجهاء، باتت تتحكم كذلك في دواليب صناعة السياسة والسياسيين، وتضمن لهم النفوذ والمال.
ولعل ما يلفت النظر اليوم في المغرب، في ظل مشكلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، هو طبيعة ومنابع ثروة هذه العائلات التي يختلط فيها اقتصاد الريع الاجتماعي باقتصاد العتمة، واقتصاد الرأسمالية اللقيطة والمتعفنة بحصة قليلة من اقتصاد الرأسمالية الصاعدة؛ وهو ما يجعل التفاوت الطبقي والاجتماعي والمجالي ليس مسألة تفاوت في المداخيل والثروات وحسب، بل "ماكينة" لتثبيته واحتمال بقائه، على الرغم من وفرة الموارد المنجمية والطبيعية والبشرية التي تزخر بها البلاد.
وإذا كان هذا الوضع لم يعد من الممكن السكوت عنه، وأن مصلحة الوطن فوق أي اعتبار، فهذا يعني أن النضال الحقوقي يقتضي كذلك النضال من أجل مناهضة التفاوت الاجتماعي باعتباره قضية حقوقية من قضايا حقوق الانسان الشائكة، نظرا لما يسببه هذا الأخير من عنف داخل المجتمع من جهة، ونظرا لما ينتج عنه من عوائق سياسية واجتماعية واختلالات اقتصادية ووظيفية وأمنية من جهة أخرى.
ولكون العنف الناجم عن التفاوت الاجتماعي بات مصدرا حقيقيا للقلق، ومطية للتشكيك في المؤسسات، وآلية لتكريس التخلف الثقافي والبؤس والحرمان والحقد، ومظهرا من مظاهر الاحتجاج على السياسة الحكومية وعلى تخمة الأغنياء من أرباب الشركات ومن ملاكين للأراضي وملاكي العقار؛ فإنه أصبح كذلك كابحا حقيقيا يدفع ثمنه المغاربة غاليا كلما تعلق الأمر في الحق في الأنشطة السياسية والثقافية والفنية والرياضية.

*أستاذ باحث في علم الاجتماع، فاعل مدني وحقوقي.


+++++++++++++++

هل الفجوة بين الأغنياء والفقراء مشكلة؟

لماذا يعتبر التفاوت الاقتصادي داخل المجتمع مشكلة؟
من الناحية النظرية، يمكن تصور وجود مجتمع متفاوت اجتماعيا ولكنه خال من الفقر المطلق، عندئذ يتجه الحديث إلى مصطلح "الفقر النسبي"رابط خارجي حيث يتجاوز مفهوم الفقر الحرمان المادي لأن يصبح باعتبار متوسط الرفاه والرخاء الاقتصادي للبلد.

إذا كنت تشعر بأن ما تؤديه للمجتمع أكثر مما تحصل عليه، عندئذ يكون الوضع سيئا"، بمعنى أنه قد يؤدي إلى توترات اجتماعية.

التفاوت المادي قد يهدّد السلم الاجتماعيرابط خارجي: "إذا بقيت الأمور تسير في هذا الاتجاه، فربما تفضي إلى قلاقل"، وفق تعبيره.

عدم المساواة الاجتماعية يُعيق النمو الاقتصادي

 إن فرط الهوّة الاجتماعية يؤثر على إرادة الأفراد واستعدادهم للمخاطرة، ومن كان يعاني من الفقر قياسا لغيره فلن تكون له إمكانات مالية ولن يملك الشجاعة للشروع في مشروع تجاري.

عندما تتركز السلع المادية بأيدي عدد قليل من الناس، يقل أيضا ​​الاستهلاك الكلي، وكما يقول فلودر يمكن ملاحظة ذلك في الميراث، والذي غالبا ما يكون من نصيب كبار السن الأغنياء بينما: "الأفضل من جهة الاستهلاك، لو أن الأموال تذهب إلى جيوب العائلات الشابة التي هي بحاجة إليها فعلا"، وهذا واضح، باعتبار أنه من الأولى اقتصاديا أن تدخل تلك الأموال مباشرة دائرة التداول بدلاً من أن تبقى مركونة في حساب ثري متقاعد.

وبعد كل ما سبق، نقول أليس في التفاوت الاقتصادي من إيجابيات؟ بالتأكيد: يرى بعض الاقتصاديينرابط خارجي أن عدم المساواة الاقتصادية تحفز الإنتاجية طالما أن هناك فرص عمل، حيث يمكن لثروة البعض أن تحفز الفقير أو الأقل غنى على الاجتهاد أملا في تحقيق عائد أكبر أو زيادة غناه، أو بمعنى آخر: إذا كان الجميع بنفس المستوى من الرفاه، بغض النظر عن الأداء والعمل، فإن حوافز الإنتاجية ستتضاءلرابط خارجي، وبالتالي يخفت النمو.

+++++++++++++++++++

التفاوت الاجتماعي والعودة للبدايات

2020/03/12

بوادر المجتمع المدني - كما يقول جون جاك روسو في كتاب "أصل التفاوت بين الناس" - تعود بالدرجة الأولى إلى الملكية الخاصة وسياسة التحايل والاندفاع الجسدي في السطو على ممتلكات الغير، بدافع القوة والحرية المطلقة دون ردع القوانين الوضعية والمؤسسات، ودون تحكيم العقل في النافع والمفيد للتعايش والسلم. 

شرارة العنف تتفاقم في واقع الاندفاع واستفحال النزاعات، والنزوع نحو القوة، ولا سبيل للتخلص من أسباب الحروب والصراعات إلا بالتأسيس للكيانات المدنية، والدخول في السلم وإرساء قواعد المجتمع المدني السليم. القوة لا تؤسس للحق كما قال روسو، وما يؤسسه تلك القوى المشروعة الناتجة من الإرادة العامة في استبدال مجتمع القوة بالمجتمع المدني السليم البناء. والتفاوت الاجتماعي بين الناس يعني غياب سياسة متوازنة في درء الصراعات، وتجنب الوقوع في الحرب الشاملة وإعادة الاعتبار للإنسان في كرامته وحقوقه دون تهديد أو سيطرة على الممتلكات. 

نزعة الإنسان في التملك قوية حتى أصبح العالم منقسما إلى طبقات اجتماعية، بين قلة الأغنياء وكثرة الفقراء، هذه الهوة التي تتسع وتزداد بين أصحاب النفوذ والسلطة وبين أصحاب الخبرة والكفاءة والقدرة، تحالف متين بين السياسة والاقتصاد والثقافة، وتكريس الهيمنة بواسطة القوة الإعلامية المسخرة في خدمة الطبقة المهيمنة، وبذلك فالملكية الخاصة أصل المشكلة، والصراعات المغلفة بالعوامل الأخلاقية والقيمية ليست في الأصل إلا قشور الأزمة في العالم، باعتبار الاقتصادي المحدد للأفعال والمواقف والصراعات، فعندما صاح ذلك الإنسان في وجه من سيج الأرض، ومن أراد زرع الشقاق بين الجماعة والسطو على الخيرات بدافع المكر والدسائس وبدافع القوة والعنف، خرج من الناس شخص يمتلك وعيا طبقيا، فصاح يحذر الآخرين من هذا المحتال لإثارة الناس بعدم الإنصات لهذا المخادع والدفاع عن حقوقهم، المحتال استعمل كل الآليات الممكنة في التملك وضرب جوهر الاجتماع البشري على أساس المشاع والمشترك بين الناس.      

الماركسية - في شخص الفيلسوف كارل ماركس - تعزز هذا الطرح بالتشخيص والتحليل العلمي للملكية الخاصة، وأسس النظام الرأسمالي، ويطرح البديل في النظام الاشتراكي وفي الصراع الطبقي لإعادة توزيع الثروة واقتسام الخيرات مناصفة بين كل الناس، قناعة الفيلسوف آتية من استقراء التاريخ اعتمادا على المادية التاريخية والمنهج الجدلي في تعرية العلاقة بين السياسة والاقتصاد، والصراع بين الطبقات يفرز نتائج خاصة بأنماط الإنتاج وقوى الإنتاج والعلاقات الإنتاجية، هذا التحالف يعني ممارسة العنف والقوة من قبل الفئات المهيمنة على الفئات الأخرى، فكل الأشياء التي تغذي النظام الرأسمالي وتعمل على تقويته وتعميمه موجودة في الأسباب المادية وثقافة الاستهلاك، ومنطق الحكم في الحفاظ على امتيازات الطبقة البورجوازية، والإبقاء على الاستغلال والاستلاب للطبقة العمالية، هذا النوع من الهيمنة يعاد قراءتها في الفكر الفلسفي المعاصر، وفي القراءة السوسيولوجية عن نهاية الغرب في نموذجه اللبرالي سواء بالمعنى الايجابي أو السلبي، في نهاية النماذج الممكنة في جدارة الليبرالية أو في أفول النموذج الغربي وإتاحة المجال للتحولات الاجتماعية والاقتصادية، حتى يتبلور نظام جديد يرقى إلى تطلعات البشرية في المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية، ومن الناحية السوسيولوجية هناك آراء ومواقف تنطلق من نهاية المجتمعات، ونهاية الدولة البورجوازية، وكل ما هو مؤسس على الفكر الليبرالي، نهاية الدولة القومية ودخول العالم في الاختلال والغرق كما أمين معلوف، والسبب كذلك في رأي جون بودريار اختلال العلاقة بين الشر والخير، واعتبار العولمة لا إنسانية ولا أخلاقية، عندها يصبح الشر ظاهرة عالمية وتصبح القرارات الأممية والمجالس الدولية بدون فعالية، وتعلن كل دولة عن سياسة الاحتراز، وتتعالى المصلحة الذاتية على مصالح الشعوب الأخرى، ويتحول الخطاب عن حقوق الإنسان والديمقراطية والعولمة لمجرد ألاعيب في دغدغة العواطف والمشاعر، دون إصلاح أعطاب السياسة العالمية، ومراعاة مصالح الشعوب المستضعفة. 

ترويض النفوس وإنتاج وعي سطحي في إطار نظام التفاهة، وينتج عقولا استهلاكية، وصعود التيارات الشعبوية والحركات المتطرفة، والانجرار نحو الحروب بأنواعها، وانتشار أسلحة الدمار الشامل والأوبئة والأمراض. 

العالم لا يتجه نحو الانسجام والتعايش أكثر كما يبدو، بل هناك بوادر في عودة حالة الطبيعة والمجتمعات السابقة على الدولة المدنية، حالة من القوة التي تعني عودة الإمبراطوريات السابقة، والمكبوت الثقافي والسياسي والديني في حروب الإبادة والتصفية العرقية، ومن يدري أشكال ومظاهر القوة المقبلة في عالم يشهد تصاعد التوتر والاندفاع نحو المصالح القومية للدول الكبرى على حساب الضعفاء، يمكن أن نشهد في العالم صراعات طبقية على طريقة تحليل ماركس وميلاد القوى العمالية بفكر جديد في حالة الزيادة في درجات بؤس الطبقة العمالية، وانحصار الملكية الخاصة بأيدي قلة قليلة من اصحاب رؤوس الأموال والشركات العملاقة، ونشهد تراجع وظيفة الدولة لصالح أصحاب الامتيازات، وصعود قوى أخرى من المنتفعين الوصوليين، وأصحاب الامتيازات من أولئك الذين يسخرون الدولة لأغراض ذاتية، ونشهد تحالفات القوى المهيمنة في مجال الاقتصاد والسياسة، وتعميم الفكر الوحيد ضد كل الحركات المناهضة للاستغلال والهيمنة.          

أقلام قليلة من المثقفين الذين يعتبرون عودة الصراع الطبقي مسألة حتمية، وأقلام جديدة تحذر من انهيار العالم والدخول في حالة من الاستقطاب والمنافسة الشرسة على الأسواق العالمية، والتحذير أكثر من الحروب بأنواعها. فالرأسمالية تجدد هياكلها وتبعث في روحها نسيما، تتنفس على الإصلاح وحل الأزمات المالية والسياسية بتعميم نماذجها أو بمحاولة استنزاف طاقات وموارد الشعوب الأخرى، والإبقاء ما أمكن على تقسيم العمل العالمي، بين الإنتاج الصناعي والتكنولوجيا المفيدة للغرب، وبين تسويق المنتوجات خارج حدودها، وتوزيع حصص الأرباح من التجارة العالمية على الأقوياء، وتسخير السياسة في خدمة المصالح الحيوية والإستراتيجية، واستخراج الموارد الأولية للشعوب الأخرى، فالحروب القادمة ستكون على الأرض والفضاء، حروب بالوكالة أو اتفاقات مسبقة في إشعال نيرانها والزيادة في مبيعات الأسلحة دون السماح للدول الصاعدة بامتلاك تقنية صناعة السلاح، ناهيك عن تطبيق السياسة الميكيافلية للربط بين الوسائل والغايات، وتجسيد الفكر البرغماتي في حدوده الضيقة من خلال المنفعة الأحادية، حتى أصبحت السياسة في عالم اليوم تنهل من المصلحة والتنازل، وتحالفات القوى في السر والعلن، وينقل الإعلام المرئي وشبكات التواصل الاجتماعي تصريحات وآراء لا تعبر عن الحقائق في  إستراتيجية الدول، ما وراء الخطاب مفاوضات لا تنكشف إلا للذي ينغمس قي غمار السياسة وصناعة القرار. 

*

تراكمات سلبية نتيجة تفاوت الحالة المادية بين الأطفال


 علاقات الأطفال الاجتماعية ودورها في تشكيل عملية الترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع بشكل عام، ولقد أكدت مصادر هذا التحقيق تفاوت لغة الترابط الاجتماعي بين الأطفال من طلاب المدارس تحديدا، الأمر الذي تسبب في اتساع الفجوة بين أفراد المجتمع في علاقاتهم الاجتماعية، كما أن اختلاف الحالة الاقتصادية بين الطلاب في نفس الفصل أو المدرسة يؤثر بشكل كبير على علاقاتهم الاجتماعية، وبالتالي قد يمتد هذا التأثير ليحدث شرخا جديدا في منظومة الترابط الاجتماعي للمجتمع بصفة عامة .. مزيدا من التفاصيل .. هنا 
 تفاوتا على مستوى الترابط الاجتماعي، بدأت بالظهور وكان من مظاهرها التباعد بين الأحياء ذات الدخل المحدود عن الأحياء ذات الدخل الأعلى، مما أفقد الترابط الاجتماعي على مستوى الطلاب وأفراد المجتمع بشكل عام، الأمر الذي جعل الترابط الاجتماعي منخفضا بين الطبقات حتى امتد ذلك إلى أمور الصداقة والزواج وغيرها من العلاقات الاجتماعية
لا أرى أن هناك فرقا بين الطالب الغني والطالب الفقير في الفصل، فالذي يحكمنا في الفصل هو الدراسة، إلا إنني أرى أن السبب الرئيس في فقدان الترابط الاجتماعي بين الطلاب هو اقتصار الاجتماع بينهم على المدرسة فقط

*

الطبقة المتوسطة الجديدة

خذ عندك مثلًا مَن عاشوا فى دول أوروبية أو فى أمريكا سنوات طويلة، هم أيضًا يتغيرون بشكل أو بآخر، إن لم يكن فى المظهر ففى طريقة التفكير وأساليب المعيشة. وربما يكمن الفارق الكبير بين الهجرة إلى الغرب والهجرة إلى الشرق فى أن الأخيرة تتطابق مع المصرى فى خانة الديانة. ونضيف إلى ذلك موجة الترويج لشكل بعينه من أشكال التدين وتسويقه على مدار سنوات باعتباره الحق والأصل والصحيح، ولا صحيح سواه. هذه الملايين التى هاجرت هجرات اقتصادية عادت ومعها أفكار ثقافية مغايرة للمصرية. ونسبة كبيرة من هذه الملايين يمكن تصنيفها تحت بند الطبقة المتوسطة التى عادت ومعها «تحويشة العمر». منهم مَن فتح مدرسة وزرع فيها الثقافة الجديدة التى انتهجها، ومنهم مَن بدأ مشروعًا تجاريًا حرص فيه على تطبيق النموذج الذى رآه فى مكان إقامته، ومنهم مَن اعتبر نفسه واعتبره الأهل والأصدقاء نموذجًا يُحتذى من حيث الأفكار التى تغيرت، والملابس التى تبدلت، والأولويات التى تحولت. ولم لا، وهو نموذج للنجاح؟! وأمام هذا التغير الكبير فى مكونات الطبقة المتوسطة، ظلت هناك بقايا للطبقة المتوسطة القديمة، لكنها اضمحلت بحكم الكثرة العددية. ويمكن القول إنها أصبحت أقلية مقارنة بقرينتها العائدة إلى أرض الوطن. تعريف الطبقة المتوسطة ليس مهمة الاقتصاديين فقط، بل علماء السياسة والأنثروبولوجيا والاجتماع والنفس، كما أنه مهمة المتخصصين فى دراسة تأثير الدين وأشكال التدين على المجتمعات. المطلوب ليس الحصول على فتوى تبين ما إذا كانت الطبقة المتوسطة حرامًا أم حلالًا، أو رأى فقهى فى التحولات الاجتماعية، أو تنقيب شرعى لتحريم ملابس المصريين فى التاريخ الحديث. خلاصة القول أن الطبقة المتوسطة فى مصر موجودة، لكنها تغيرت، وبشدة. لذلك لزم التنويه إلى أن النوستالجيا فى هذا الصدد تتعلق بفئة معينة من الطبقة المتوسطة المختبئة فى جحورها لأن شكلها مختلف وتفكيرها مختلف، وينتميان إلى مصر أيام زمان

*


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق