Nov 24, 2019 Jul 17, 2021
التكنولوجيـــــا، التي كانت تكتفي
بمراقبتنا ونحن نســـــعى داخل هذا العالم، صارت تهيئ لنا عالما حســـــب
ميولنا ورغباتنا
بمراقبتنا ونحن نســـــعى داخل هذا العالم، صارت تهيئ لنا عالما حســـــب
ميولنا ورغباتنا
لقـــد ثبت الآن أن تجاربنا في الحياة
صارت تمر عبـــر منصات رقمية، لا تقدم
خدمـــات فقط، بل تســـتولي علـــى كل ما
نتركـــه من صـــور وتعاليـــق ومدونات،
لكي يتم اســـتعمالها لاحقـــا في توجيه
اختياراتنـــا، وحتـــى ســـلوكنا. وهو ما
حاولـــت الحكومـــات الغربيـــة تفاديـــه،
دون جـــدوى حتـــى الآن، فقـــد أصـــدرت
دول الاتحـــاد الأوربـــي العـــام الماضي
قانونـــا لحماية المعطيات الشـــخصية
ُيخضع المواقع إلى موافقة مســـبقة من
المستخدمين، وصارت كل المواقع تدعو
المستخدمين، عبر تقنية »الكوكيز« )أي
ملفـــات تعريف الارتباط( إلـــى نقر كلمة
»أوافق« بدعوى تحليل استخدام الموقع
الإلكتروني وتحسين خدماته، ولكنها في
الواقع طريقة للالتفاف على ذلك القانون،
كي تســـمح للموقـــع باقتـــراح محتوى
وإعلانـــات تناســـب ميول المســـتخدم
ورغباتـــه، إذ غالبا ما ُيهمل زائر الموقع
ما يعـــرض عليه بأحرف صغيـــرة تكاد
لا تقرأ، لينفذ مباشـــرة إلى المادة التي
يرغب فيها، ما يجعل قبوله ذاك ً نوعا من
ّ الـــرق الإرادي الذي تحدث عنه إتيان دو
لابويســـي منذ القرن السادس عشر عن
الانبهار بالطاغية، فما إقبال الناس على
وسائل تســـتغل معطياتهم لاستثمارها
ّ تجاريا وتسويقها نحوهم إلا ٌ تعبير عن
انبهار بقوة جديدة تســـتقطب الحركات
ّ وتشـــد الأنظار وتســـحر الألباب ّ لتردها
إلـــى الجميع في شـــكل وصفات، وتلغي
فوق ذلـــك الحياة الخاصـــة. ألم ّ يصرح
مارك زوكربرغ، صاحب فيســـبوك، ً علنا
عـــام 2010أن الحيـــاة الخاصـــة لم تعد
معيارا اجتماعيا؟
صارت تمر عبـــر منصات رقمية، لا تقدم
خدمـــات فقط، بل تســـتولي علـــى كل ما
نتركـــه من صـــور وتعاليـــق ومدونات،
لكي يتم اســـتعمالها لاحقـــا في توجيه
اختياراتنـــا، وحتـــى ســـلوكنا. وهو ما
حاولـــت الحكومـــات الغربيـــة تفاديـــه،
دون جـــدوى حتـــى الآن، فقـــد أصـــدرت
دول الاتحـــاد الأوربـــي العـــام الماضي
قانونـــا لحماية المعطيات الشـــخصية
ُيخضع المواقع إلى موافقة مســـبقة من
المستخدمين، وصارت كل المواقع تدعو
المستخدمين، عبر تقنية »الكوكيز« )أي
ملفـــات تعريف الارتباط( إلـــى نقر كلمة
»أوافق« بدعوى تحليل استخدام الموقع
الإلكتروني وتحسين خدماته، ولكنها في
الواقع طريقة للالتفاف على ذلك القانون،
كي تســـمح للموقـــع باقتـــراح محتوى
وإعلانـــات تناســـب ميول المســـتخدم
ورغباتـــه، إذ غالبا ما ُيهمل زائر الموقع
ما يعـــرض عليه بأحرف صغيـــرة تكاد
لا تقرأ، لينفذ مباشـــرة إلى المادة التي
يرغب فيها، ما يجعل قبوله ذاك ً نوعا من
ّ الـــرق الإرادي الذي تحدث عنه إتيان دو
لابويســـي منذ القرن السادس عشر عن
الانبهار بالطاغية، فما إقبال الناس على
وسائل تســـتغل معطياتهم لاستثمارها
ّ تجاريا وتسويقها نحوهم إلا ٌ تعبير عن
انبهار بقوة جديدة تســـتقطب الحركات
ّ وتشـــد الأنظار وتســـحر الألباب ّ لتردها
إلـــى الجميع في شـــكل وصفات، وتلغي
فوق ذلـــك الحياة الخاصـــة. ألم ّ يصرح
مارك زوكربرغ، صاحب فيســـبوك، ً علنا
عـــام 2010أن الحيـــاة الخاصـــة لم تعد
معيارا اجتماعيا؟
كتابها »عصر رأسمالية المراقبة« أن
الرأســـمالية قامت على دينامية تدفعها
إلى تحويـــل ما كان َ خارج الســـوق إلى
بضاعـــة، وأنهـــا عمدت إلى اســـتقطاب
التجربـــة الإنســـانية لتســـتغلها كمادة
أوليـــة وتحولهـــا، بفضـــل لوغاريتمات
الذكاء الاصطناعي، إلى توقعات سلوكية
قابلة للبيع في ســـوق جديدة، على غرار
فيســـبوك الذي جاء في إحـــدى مذكراته
أن »محور الذكاء الاصطناعي عنده قادر
على إنتاج ستة ملايين ّ توقع ّ سلوكي في
الثانية.وتذكـــر زوبـــوف أن المراقبة في
وجهها الحديث ظهرت مع الإشهار، وفي
رأيها أن كل شـــخص يريد أن يؤثر على
سلوك البشر يلجأ لاستعمالها كما حدث
في فضيحة فيسبوك كمبريدج أناليتكيا
التي كشـــفت عن قدرة التكنولوجيا على
تغييـــر رأي المواطـــن، والمعـــروف أن
تســـريب معطيات 87مليون مســـتخدم
لفيســـبوك، كانت كامبريدج أناليتيكا قد
ّ جمعتها بداية من العام ، 2014استعملها
فيســـبوك فـــي التأثيـــر علـــى أصـــوات
الناخبين لفائدة سياسيين محددين في
ســـباق الدورة الأولى لانتخاب مرشـــح
الحزب الجمهوري
تلك التكنولوجيـــات تنفذ إلى
حياته بشـــكل لا يمكن التفطن إليه، وأن
التعليمـــات التي يفتـــرض أنها تلتمس
منـــه موافقة تأتي فـــي لغة لا يجد الوقت
لقراءتها والاطلاع على فحواها
حياته بشـــكل لا يمكن التفطن إليه، وأن
التعليمـــات التي يفتـــرض أنها تلتمس
منـــه موافقة تأتي فـــي لغة لا يجد الوقت
لقراءتها والاطلاع على فحواها
*
مجتمع رقابي يفصح المرء فيه عن كل أسراره بإرادته الحرة
الذكاء الاصطناعي حوَّل البشر إلى بيانات معلَّبة.
إنسان اليوم سجين ذاكرة رقمية شمولية
المجتمع الرقمي مجتمع رقابي من نوع جديد، فيه يفصح المرء عن كل أسراره بإرادته الحرة، ومن ثم يسجن نفسه بشكل افتراضي. وفي هذا السياق، يُعدّ التواصل الشبكي، كما نعرفه اليوم، إحدى ممارسات السياسات النفسية، أو السيكوبوليتيكا التي يعرّفها بأنها فنّ سياسة المشاعر والأفكار. فإذا كانت أقصى إمكانات الرقابة قديما منحصرة في متابعة الأفراد بصريا وسمعيا، فإنّ لدى النيوليبرالية اليومَ إمكانية مراقبة أحلامهم وآمالهم وأرواحهم ذاتها. ويتميّز هذا الطرح بجدلٍ مع بعض أهم مفكّري الحداثة وما بعدها في أوروبا، متضافرٍ مع تسلسل الأفكار بشكل تلقائي، ما يجعله أسلوبا ملائما حتى لغير المتخصص.
بعد منظوري
يرى هان في كتابه “السيكوبوليتيكا.. النيوليبرالية وتقنيات السلطة الجديدة” الذي ترجمه أخيرا كريم الصياد وصدر عن مؤسسة “مؤمنون بلا حدود” أن المراقبة الرقمية تثبت كونها أشد نجاحا؛ نظرا إلى أنّها غير متوقّفة على منظور الرؤية الذي يحققه البانوبتيكون، ولا تعاني من نقاط ضعف النظام المعتمد بالضرورة على البُعد المنظوري. إنّ المراقبة الرقمية تمكن المراقِب من رؤية كل الزوايا وتمحو كل البقع العمياء. وعلى خلاف الإبصار في صورته التمثلية أو المنظورية، فهي قادرة على اختراق الروح الإنسانية نفسها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق