Feb 29, 2020 Jan 22, 2022 Mar 20, 2022
في عام 2011، قرر سكوت يونغ مواجهة تحد أربك الكثير من أقرانه، إذ شرع في محاولة دراسة كل المناهج التي تؤهله للحصول على شهادة علوم الكمبيوتر من "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا"، وذلك دون الالتحاق فعليا بهذه الجامعة التكنولوجية رفيعة المستوى، التي تضم طلابا من النخبة بين جنبات مقرها بمدينة بوسطن الأمريكية.
واستفاد يونغ من المواد العلمية التي تبثها الجامعة مجانا على شبكة الإنترنت، وذلك ليكوّن لنفسه منهجا تألف من محاضرات مُسجلة. وبجانب ذلك، عَمِلَ على أن ينجز - بأقصى قدر ممكن - الواجبات والمهام الدراسية، التي يُكلف بها طلاب هذه الجامعة، واجتاز كذلك الاختبارات التي يخضع لها هؤلاء.
فضلا عن ذلك، حدد يونغ التقديرات لنفسه بنفسه، مُستعينا بالقواعد التي تستخدمها جامعة "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا"، ما مَكَنّه في نهاية المطاف، من "إكمال" دراسة المناهج المؤهِلة لنيل الدرجة الجامعية التي يمنحها هذا الصرح التعليمي المرموق، دون الاضطرار لدفع أي رسوم دراسية. فلم تتجاوز التكاليف التي تكبدها في هذا الشأن، قيمة شراء الكتب الدراسية المطلوبة.
وقد أوضح يونغ في إحدى المحاضرات، التي أُلقيت في إطار مؤتمرات "تيد" العالمية عام 2012، أنه خاض هذه التجربة، وهو يحمل في الأصل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، وأن إقدامه عليها كان يعود لرغبته في دراسة علوم الكمبيوتر، بعد سنوات من العمل في مجال تخصصه الأصلي.
لكنه سعى في الوقت نفسه، إلى ألا يُضطر للدراسة أربع سنوات لنيل مؤهل جامعي في المجال الذي يحبه. وهكذا مضى يونغ على هذا الدرب بدافع الفضول، لا كجزء من دورة تدريبية - مثلا - تؤهله للعمل في مجال البرمجة، وهو في النهاية - على كل حال - لم يحصل على شهادة "رسمية" من "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا"، لكنه نال ما يمكن تسميته بـ "مؤهلات بديلة" لا تحظى بالاعتراف الرسمي أو التوثيق من جانب أي جهة علمية.
ومع أن النهج الذي اتبعه هذا الرجل لتحصيل العلم يبدو غريبا من نوعه، فإن الارتفاع المستمر في تكاليف التعليم الجامعي، دفع الكثيرين للتساؤل، عما إذا كان العائد من استثمار كل هذه الأموال فيه، يستحق ذاك العناء أم لا، وما إذا كانت هناك طرق بديلة عنه تكفل تحقيق النجاح في الحياة المهنية.
يتم الحصول على "المؤهلات البديلة" غير المعترف بها، عبر تحصيل قدر محدود - ولكنه كاف - من العلم للعمل في مجال معين، وذلك من خلال الإنترنت أو عبر دورات توفرها معاهد تعليمية
وقد يكون هذا القدر من العلم والمعرفة في صورة دورة تعليمية متاحة على الإنترنت، أو فترة تدريب على العمل في مهنة ما تمنحها إحدى الجامعات، أو منهج تعليمي توفره منصة للتعلم عبر الشبكة العنكبوتية، مثل يوداسيتي أو كورسيرا، أو إيدييكس.
وفي الوقت الراهن، يستفيد الكثيرون من هذا النوع غير المألوف من "المؤهلات" لتعزيز مهاراتهم. لكن هناك من يرون أنها قد تشكل في المستقبل بديلا عن الشهادة الجامعية التقليدية، بالنسبة لمن يرغب في التقدم بأوراقه للمنافسة على شغل وظيفة ما. وبنظر هؤلاء، تتميز "المؤهلات البديلة" بأنها أسهل في الحصول عليها، وأكثر ملائمة للظروف المادية للراغبين في نيلها، كما أنها قد ترتبط بشكل أكبر، بالمهنة التي يريدون العمل فيها مستقبلا.
وبهذا المعني يمكن أن تكون هذه "المؤهلات" بديلا عن الشهادات الجامعية في مجالات بعينها، ومُكملا لها في قطاعات أخرى. ويؤكد غالاغر أننا لا نزال في مرحلة مبكرة للغاية على هذا الصعيد، ما يعني أنه لا ينبغي علينا، إنفاق أموال على تحصيل العلم بشكل غير نظامي أملا في أن ذلك قد يمثل بديلا لنيل شهادة جامعية؛ قبل أن تتوافر بيانات تثبت أن الموظفين الذين يمضون على هذا الدرب، يؤدون عملهم على نحو أكثر كفاءة من أقرانهم الجامعيين، أو أنهم يعملون بكفاءتهم نفسها على الأقل. ويقول غالاغر إن هذه البيانات غير متوافرة حتى الآن.
ويؤكد غالاغر أنه من المهم أن يتم وضع سياسات ومعايير تخص "المؤهلات البديلة"، وهو ما نفتقر إليه حاليا، بحسب قوله. ويرى أنه يتوجب على الجهات التي توفر الدورات التعليمية الخاصة بذلك، أن توضح تفاصيل ما توفره من معارف ومناهج، وما تتمتع به هي نفسها من شهادات خبرة أو تصاريح عمل.
بجانب ذلك، لم يعد يونغ يرى أن زيادة الإقبال على نيل "المؤهلات البديلة" أمر حتمي، بل توصل إلى استنتاج مفاده، بأن جانبا كبيرا من عملية التعليم النظامية، يلعب دور "المصفاة" لانتقاء الأشخاص الذين يتحلون بقدر من الذكاء والالتزام والجدية، يكفي لجعلهم قادرين على الانخراط في العملية التعليمية.
ويرى يونغ أن التعليم العالي بشكله التقليدي سيحتفظ بأهميته في المستقبل على الأرجح، لكنه يؤكد أن التحلي بالمهارات المختلفة سيبقى مهما بقدر ما كذلك.
ويضيف: "أعتقد أن قيامك بأي شيء يُكسبك مهارات قيمة سيزيد فرصك في سوق العمل. أتمنى أن يكون المستقبل زاخرا بالكثير من الخيارات المختلفة، التي يمكن للمرء من خلال كل منها اكتساب هذه المهارات، وإظهارها لأرباب الأعمال".
*
المهارات أهم من الشهادات، ولكن يمكن القول: إن الشهادات ليست كافية لوحدها لضمان النجاح.
ارتفاع شأن المهارات هو وجود فجوة بين مخرجات التعليم الجامعي واحتياجات سوق العمل.
أهمية برامج التدريب المهني في مسيرتهم، وبدأت بعض الشركات فعلياً في التركيز على المهارات المطلوبة في سوق العمل، وتقوم مراكز التدريب بسد الفجوة بين المؤهلات العلمية واحتياجات سوق العمل، المهارات تزداد أهميتها في متطلبات التوظيف، وهذا لا يعني أن التعليم الجامعي سيفقد أهميته وتأثيره، ولكن هذا يعني أن المسار الجامعي ليس المسار الوحيد الذي يجب أن يسلكه كل الطلاب.
من الأسئلة التي تنتج مما سبق، هل تتحول الجامعات إلى مراكز تدريب؟ وهل استطاعت مراكز التدريب فعلاً أن تسد الفجوة بين التعليم الجامعي وبين سوق العمل؟ وهل يفترض أن يكون التعليم الجامعي هو الطريق الوحيد للتوظيف أو للنجاح؟ وما تأثير الثورة التقنية والمعلوماتية في هذا الموضوع؟
*
المهارات أم الشهادات الجامعية؟
للحاصلين على الشهادة، هم في الغالب لديهم ثقة كبيرة في أنفسهم ويسيرون وفق منهج ورؤية محددة، الأمر الذي يساعدهم على التطور المهني، كما قد تمنح الشهادة الأكاديمية سمعة ومكانة اجتماعية للشخص باعتبارها انعكاساً لمستوى التفكير والطموح والتخطيط، وبالتالي يرى المعسكر المؤيد للشهادة الأكاديمية أنه كلما كانت تخصصية وتقع ضمن نطاق محدد ودقيق، كان لحاملها فرص أقوى في الحصول على وظيفة بعائد مالي أكبر.
وليس الشهادة وخاصة أن المهارات لا يمكن تقييمها من خلال الشهادة، بل من خلال الاختبارات العملية.
مهارات شخصية محددة مثل الكهرباء والإلكترونيات والميكانيكا وبرمجة الحاسوب وغيرها، والتي تستوجب تمتع الشخص بمهارات عملية قلما يتم تدريسها في التعليم العالي بتركيز وكثافة كافيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق