Aug 11, 2020
رؤية 2030 التي ينال عرابها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التركيز بسبب أنه منذ الظهور الأول سمّى الأشياء بأسمائها ووسع نطاق الحرب على الإرهاب لتشمل الحرب على الفساد وشبكات التمويل ومحاسبة المسؤولين والنزاهة الحكومية
سعي إردوغان قديم حتى قبل انتقال تركيا إلى اعتماد نظام رئاسي، إلى تحويل أنقرة إلى قوة إقليمية مُهيمنة ذات امتداد عالمي.
اختطاف مفهوم الإسلام وتكريس آيديولوجيا الإسلام السياسي في محاولة للاستفادة من مقارعة السعودية وانتزاع ريادتها. هذا الاستبدال من خلال اللعب بورقة الهويّات الإسلامية والعبث بالتاريخ في محاولة لاستعادة الخلافة كان انقلاباً على الفلسفة الأوراسية التي كان الأتراك عادة يميلون فيها إلى ممارسة القوة وإنشاء القواعد العسكرية وتعزيز الحقوق البحرية أو ما كانت تعرف بحسب أوزيل «عقيدة الوطن الأزرق» التي طورها ضباط قوميون علمانيون أتراك، لكن نظام إردوغان أضاف عليها بناء مشروع آيديولوجي إسلاموي استفاد من هزائم «الإخوان» وأحلافهم في الربيع العربي كما استثمر في خروج الجماعة الأم من المشهد العربي في محاولة الاستفادة من أنقاض تجربتهم السياسية وتحويلها إلى وقود لبناء معارضات وشبكات داخل أوطانهم، ومن هنا جاء التركيز على دول الخليج ومصر في سعي للتنافس الجيوسياسي والآيديولوجي على قيادة العالم السنّي كمشروع يتسق مع محاولات ملالي طهران على ذات الأهداف ولكن بقدرة أقل بحكم المسألة الطائفية وتداعياتها.
ومع إخفاقات إردوغان المتكررة في تدخلاته العسكرية في سوريا واليقظة لتداعيات تهوره الخطير في ليبيا وإن بشكل براغماتي من الدول الأوروبية، عاد إلى ممارسة اللعب بورقة الهويّة الدينية مجدداً بعد أن أخفق الإعلام الموازي لمشروعه في الدوحة و«الجزيرة» التي تخصص كل مواردها وطاقاتها في محاولات استهداف السعودية على نحو بات يزعج حتى من كان من أنصار «الرأي الآخر» في استهداف موسم الحج الذي اتخذت فيه السعودية قرارات شجاعة ما بعد جائحة «كورونا»، فكان القرار الإردوغاني هو تحويل آيا صوفيا إلى مسجد والذي وصفه أوزيل الباحث التركي بأنه يأتي في سعي إردوغان لقيادة العالم السني وفي إشارة ذكية إلى اللعب على الشعارات والعاطفة الدينية لم يفوت الإشارة إلى فروقات الإعلان عن خطوة آيا صوفيا الاستعراضية بالنسبة العربية والتي فيها إشارة إلى تحرير المسجد الأقصى، وهو الأمر الذي حاول أنصار إردوغان وشبكات الولاء له وللإسلام السياسي العابرة للقارات أن تكرّس كل مواردها على شبكة الإنترنت لتسويق المشروع الاستفزازي على نحو مقارب لداعيات التنظيمات الإرهابية في منشوراتها الترويجية عن عودة الخلافة والأمجاد التليدة.
استقرار النظام السعودي الداخلي كان من المفترض أن ينعكس بدوره على المكانة المركزية للمملكة كلاعب رئيسي محافظ يكرس طاقاته وإمكانياته للحفاظ على قانون توازن القوى المحكوم آنذاك بالقطبية الرباعية، المسيطرة على بنية المنظومة الإقليمية العربية (السعودية، مصر، العراق، سوريا). بيد أنه في طليعة التسعينات بدأت أولى تجليات خلخلة توازن القوى خارجياً بتهميش القوة العراقية، وداخلياً بتعبئة حركات التمرد التي قادتها رموز جماعة الإخوان المسلمين، وتيار الصحوة عند استدعاء الحكومة السعودية للقوات العسكرية الأميركية والغربية.
وبإهدار مقدرات القوة العراقية وفشل الدولة السورية، وتوظيف الموارد القومية لكلتا الدولتين في خدمة المصالح الإيرانية، وحالة الشلل العام التي ضربت مؤسسات الدولة المصرية فيما بعد «الربيع العربي»، أضحت الحكومة السعودية تعيش هاجس إعادة إنتاج توازن القوى في صيغته المحافظة، خشية انهيار المنظومة الإقليمية بكل مكوناتها ومواردها المادية ورأسمالها البشري. وفي ضوء هذه التناقضات البنيوية لعب الإخوان دوراً دراماتيكياً في خلخلة توازن القوى وتغيير قواعد اللعبة السياسية التي تدار بمنطق الدولة إلى بيئة استراتيجية غير فاعلة قوامها اللادولة التي تحكم بالميليشيات والفصائل العسكرية، وبتعدد قوى ما دون الدولة. وقبل تدخلات النظام الإردوغاني بالمنظومة الإقليمية في وقت لاحق، كانت الدوحة قد سبقتها في تعظيم أرباحها وتكديس مصادر قوتها، والتي ستعمل بواسطتها على خلخلة توازن القوى.
*
Mar 31, 2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق