Dec 3, 2021Jul 11, 2018
إذ يشـــير بورديـــو إلـــى ّ أن المؤسســـات
الإعلامية بشـــكل ّ عـــام والصحافيين بشـــكل
ّ خـــاص، يـــؤدون دور ”النظـــارات“ مـــن حيث
ّ أنهم يحددون زوايا النظر للأحداث ويؤطرون
ســـياقاتها ويضخمون المواضيع ّ ويحجمون
أخـــرى، وبشـــكل من الأشـــكال هـــم يفرضون
مبادئ عامة لرؤية العالم
ّ خـــاص، يـــؤدون دور ”النظـــارات“ مـــن حيث
ّ أنهم يحددون زوايا النظر للأحداث ويؤطرون
ســـياقاتها ويضخمون المواضيع ّ ويحجمون
أخـــرى، وبشـــكل من الأشـــكال هـــم يفرضون
مبادئ عامة لرؤية العالم
تطبع أولويـــات واهتمامات الجمهور
عبـــر ترتيبها هـــي للأخبـــار والمواضيع من
الأهم إلى المهم إلى الأقل أهمية
عبـــر ترتيبها هـــي للأخبـــار والمواضيع من
الأهم إلى المهم إلى الأقل أهمية
تســـاؤلا عميقا حول
الأســـباب التي تجعـــل من مؤسســـة إعلامية
تلفزيونيـــة تعتبـــر فـــي ذات الوقـــت ”الزمن
الصحافـــي“ قيمة جـــد ثمينة، فـــي حين أنها
تنفقه فـــي قضايا ّ جد تافهة، ليجيب، حســـب
رأيه، ّ بأن هذا الأمر يعود إلى ّ أن هذه الأشـــياء
التافهـــة هي فـــي الواقع ّ هامـــة للغاية بالقدر
التي تخفي فيه أشياء ثمينة بالفعل
حيث ُيمنح حيز
زمني ّ ضيق لقصة صحافية مهمة ومؤثرة، في
حين تعطـــى هوامش كبرى لقضايـــا ّ ثانوية،
كمـــا يعمد التلفزيـــون في أحيـــان أخرى إلى
تحويل ”الخبر“ إلى ”حـــدث“ ّ بعلة التضخيم
أو تصيير الحدث خبـــرا بمقدمات التحجيم.
وفي كل الحالات، فـــإن بورديو ينتهي إلى ّ أن
التلفزيون ليس وســـيطا ولا ناقلا ولا مسجلا
للأحداث، بل هو صانعها ومجترحها
زمني ّ ضيق لقصة صحافية مهمة ومؤثرة، في
حين تعطـــى هوامش كبرى لقضايـــا ّ ثانوية،
كمـــا يعمد التلفزيـــون في أحيـــان أخرى إلى
تحويل ”الخبر“ إلى ”حـــدث“ ّ بعلة التضخيم
أو تصيير الحدث خبـــرا بمقدمات التحجيم.
وفي كل الحالات، فـــإن بورديو ينتهي إلى ّ أن
التلفزيون ليس وســـيطا ولا ناقلا ولا مسجلا
للأحداث، بل هو صانعها ومجترحها
يربـــط الكاتـــب بشـــكل تلازمـــي بيـــن
التهافت الحاصـــل في القنـــوات التلفزيونية
ومنظومـــات قيـــاس المشـــاهدة التـــي باتت
اليوم المحددة الرئيســـية في مســـتوى سوق
الإشـــهار والمعلنين، مؤكـــدا ّ أن هذه الحتمية
الموضوعيـــة أفضت إلى ظهور 3مثالب كبرى
في التلفزيون وهي على التوالي.
أما المثلب ّ الأول فهو كامن في من يسميهم
بورديـــو بـ“المفكرين الســـريعين“، وهم نخبة
من المعلقين علـــى الأحداث والذين يتعاقدون
مـــع المؤسســـات الإعلاميـــة أو يؤتـــى بهـــم
على عجـــل لتقديم ”رأي ســـريع“ حول قضية
ّ مستجدة طاغية على مشهد الآنيات
التهافت الحاصـــل في القنـــوات التلفزيونية
ومنظومـــات قيـــاس المشـــاهدة التـــي باتت
اليوم المحددة الرئيســـية في مســـتوى سوق
الإشـــهار والمعلنين، مؤكـــدا ّ أن هذه الحتمية
الموضوعيـــة أفضت إلى ظهور 3مثالب كبرى
في التلفزيون وهي على التوالي.
أما المثلب ّ الأول فهو كامن في من يسميهم
بورديـــو بـ“المفكرين الســـريعين“، وهم نخبة
من المعلقين علـــى الأحداث والذين يتعاقدون
مـــع المؤسســـات الإعلاميـــة أو يؤتـــى بهـــم
على عجـــل لتقديم ”رأي ســـريع“ حول قضية
ّ مستجدة طاغية على مشهد الآنيات
بشـــكل ســـاخر عن
الطريقـــة التي بمقتضاها بالإمـــكان أن يكون
الإنسان ”مفكرا وسريعا“ في نفس الوقت، أي
بأية طريقة يستطيع التفكير العميق في قضية
معقدة تســـتأهل التبصر والقـــراءة والتروي،
وأن يكـــون في نفس الوقت ســـريعا في طرحه
وقراءته للأحداث واستشرافه لتداعياتها.
الطريقـــة التي بمقتضاها بالإمـــكان أن يكون
الإنسان ”مفكرا وسريعا“ في نفس الوقت، أي
بأية طريقة يستطيع التفكير العميق في قضية
معقدة تســـتأهل التبصر والقـــراءة والتروي،
وأن يكـــون في نفس الوقت ســـريعا في طرحه
وقراءته للأحداث واستشرافه لتداعياتها.
ولأن التفكير المنطقي مســـتعص في مثل
هذه الظروف وعلى غير الشروط التي تنتجه،
ّ فإن ”المفكرين السريعين“ سينتهجون بسرعة
منهـــاج اســـتدرار الأفـــكار الســـائدة والرؤى
ّ المســـلمة وسيجترون على المشاهد ما يعرفه
مســـبقا، أو فـــي أحســـن الحالات ســـيكررون
عليه ما اعتاد ســـماعه وبالتالي ما ّ تعود على
قبوله من قبـــل الفاعلين الإعلاميين. من مثلبة”المفكرين السريعين“ تولد مثلبة ثانية، وهي”حصان طـــروادة“ بمعنى إضفـــاء المرجعية
على أشخاص لا يستأهلونها ولا يستحقونها
هذه الظروف وعلى غير الشروط التي تنتجه،
ّ فإن ”المفكرين السريعين“ سينتهجون بسرعة
منهـــاج اســـتدرار الأفـــكار الســـائدة والرؤى
ّ المســـلمة وسيجترون على المشاهد ما يعرفه
مســـبقا، أو فـــي أحســـن الحالات ســـيكررون
عليه ما اعتاد ســـماعه وبالتالي ما ّ تعود على
قبوله من قبـــل الفاعلين الإعلاميين. من مثلبة”المفكرين السريعين“ تولد مثلبة ثانية، وهي”حصان طـــروادة“ بمعنى إضفـــاء المرجعية
على أشخاص لا يستأهلونها ولا يستحقونها
فالكثير مـــن التســـميات والأوصاف التي
ّ يتوشـــح بها الضيـــوف لا تتناســـق وحقيقة
المؤهلات الموضوعيـــة والذاتية للمتكلم في
التلفزيـــون، بل إن التلفزيـــون وفي الكثير من
الحالات يخلق مرجعيات جديدة لا تستحق أن
تذكر أو في أسوأ الحالات يرفع من شأن من لا
يستأهل. وهنا يرصد بورديو ندوة تلفزيونية
جمعـــت الفيلســـوف كلـــود لوفـــي ســـتروس
والصحافـــي المتفلســـف برنار هنـــري ليفي،
مشـــيرا إلى ّ أن الجلســـة ُأريد منهـــا أن تمنح
لهنري ليفي مكانة علمية لا يســـتحقها، وذلك
بتوازيه الإعلامي مع لوفي ستروس
ّ يتوشـــح بها الضيـــوف لا تتناســـق وحقيقة
المؤهلات الموضوعيـــة والذاتية للمتكلم في
التلفزيـــون، بل إن التلفزيـــون وفي الكثير من
الحالات يخلق مرجعيات جديدة لا تستحق أن
تذكر أو في أسوأ الحالات يرفع من شأن من لا
يستأهل. وهنا يرصد بورديو ندوة تلفزيونية
جمعـــت الفيلســـوف كلـــود لوفـــي ســـتروس
والصحافـــي المتفلســـف برنار هنـــري ليفي،
مشـــيرا إلى ّ أن الجلســـة ُأريد منهـــا أن تمنح
لهنري ليفي مكانة علمية لا يســـتحقها، وذلك
بتوازيه الإعلامي مع لوفي ستروس
أما المثلبة الثالثة، فهي ”التنافس العقيم“
بين القنوات التلفزيونية، إذ ّ أن المزاحمة بين
القنوات لا تكون حول مواضيع شـــتى وأفكار
متنوعة ّ تقدم الإضافة للمشـــاهد، وإنما يكون
التنافس حول مفهوم الســـبق وفكرة ”البوز“
المتمحورة حول قضية واحدة.
إذ يشير بورديو إلى أن التنافس القائم بين
القنوات العمومية والخاصة على حد السواء
هـــو تنافس حول نفـــس المواضيع الإخبارية
والأحداث الآنيـــة، وأن التمايـــز بين القنوات
لا يكون فـــي المنظومة والمضمون الإخباري،
وإنما في الزوايا الصغيرة والهامشـــية حيث
تســـعى كل تغطيـــة إخباريـــة إلـــى أن ترصد
لنفسها السبق والتميز من خلال التركيز على
زاوية أو نقطة لم تتطرق إليها القناة الأخرى
ولأن القنـــوات التلفزيونية، مثل الصحف
والإذاعـــات، تتأثـــر تغطيتهـــا لحـــدث معين
بتغطيـــة المؤسســـات المنافســـة، ّ فـــإن لعبة”المرايـــا العاكســـة“ لـــن تفضـــي ســـوى إلى
مضامين إخبارية متشابهة إلا في الهوامش.
وطالما ّ أن معظم القنوات تعيش على ذات
المعلنين والمستشـــهرين وتعتاش على نفس
مؤسسات قياس المشاهدة وتتمعش من نفس
السياق السياســـي والاقتصادي الراهن، ّ فإنه
''
والإذاعـــات، تتأثـــر تغطيتهـــا لحـــدث معين
بتغطيـــة المؤسســـات المنافســـة، ّ فـــإن لعبة”المرايـــا العاكســـة“ لـــن تفضـــي ســـوى إلى
مضامين إخبارية متشابهة إلا في الهوامش.
وطالما ّ أن معظم القنوات تعيش على ذات
المعلنين والمستشـــهرين وتعتاش على نفس
مؤسسات قياس المشاهدة وتتمعش من نفس
السياق السياســـي والاقتصادي الراهن، ّ فإنه
''
من الطبيعي أن يكـــون التنافس خاليا من أي
رهـــان في المضامين، وبعيدا عن أي ّ تنوع في
الأفكار يريده المتابع ويصبو إليه المشاهد
رهـــان في المضامين، وبعيدا عن أي ّ تنوع في
الأفكار يريده المتابع ويصبو إليه المشاهد
وبمقتضى الزمان والصيرورة، يســـتحيل
التلفزيـــون واحدا مـــن أخطـــر أدوات العنف
الرمزي ّ ضد الجمهور، ذلك ّ أن ارتباطه بسوق
الإعلانات وبمؤسسات سبر الآراء، يجعل منه
مســـتبعدا للمواضيـــع ذات الأهميـــة الفكرية
ذات المردوديـــة الضعيفـــة ماليـــا )الفنـــون،
الفلســـفة، القانـــون(..، ّ ومركـــزا علـــى قضايا
الإثارة والصراع والجنس، ومنفتحا على كافة
الشـــرائح الاجتماعية والعمرية والاقتصادية،
فعموميـــة المداخـــل لا توازيهـــا عمومية في
المخـــارج، والانفتاح على ّ الـــكل يخفي صهر
هـــذا ّ الكل في منظومة الســـوق الإعلامي وفي
رضوخ الإعلام لمتطلبات السوق.
لا يقف بورديو عند حافة انتقاده للمنظومة
التلفزيونيـــة، بـــل ّ يؤكـــد ّ أن أثـــره يهدف إلى
إعـــادة ”أداة الديمقراطية الرائعة“ إلى أصلها
الديمقراطـــي ومنبتها المواطنـــي، مؤكدا أنه”إذا كانـــت الآليات البنيوية التـــي ّ تولد فقدان
الأخلاق من الممكن أن تصبح واعية، فإن عملا
واعيا يسعى إلى التحكم فيها يصبح ممكنا“.
وعلى شاكلة نشـــاطه الدؤوب ومشاركاته
الفاعلـــة ضمـــن التحـــركات الاحتجاجيـــة
وتجســـيده لمفهـــوم المثقف العضـــوي، ّ فإن
بورديو يدعو إلى إنشـــاء تعاونيات صحافية
متملكـــة لأخلاقيـــات المهنـــة وللمســـؤولية
الإعلاميـــة المنوطـــة بعهـــدة الصحافييـــن
والمؤسسات الإعلامية لتقديم منتوج صحافي
يســـتحقه المشـــاهد، وينـــأى عن ضـــرورات
السوق وضرر مؤسسات قياس المشاهدة
التلفزيـــون واحدا مـــن أخطـــر أدوات العنف
الرمزي ّ ضد الجمهور، ذلك ّ أن ارتباطه بسوق
الإعلانات وبمؤسسات سبر الآراء، يجعل منه
مســـتبعدا للمواضيـــع ذات الأهميـــة الفكرية
ذات المردوديـــة الضعيفـــة ماليـــا )الفنـــون،
الفلســـفة، القانـــون(..، ّ ومركـــزا علـــى قضايا
الإثارة والصراع والجنس، ومنفتحا على كافة
الشـــرائح الاجتماعية والعمرية والاقتصادية،
فعموميـــة المداخـــل لا توازيهـــا عمومية في
المخـــارج، والانفتاح على ّ الـــكل يخفي صهر
هـــذا ّ الكل في منظومة الســـوق الإعلامي وفي
رضوخ الإعلام لمتطلبات السوق.
لا يقف بورديو عند حافة انتقاده للمنظومة
التلفزيونيـــة، بـــل ّ يؤكـــد ّ أن أثـــره يهدف إلى
إعـــادة ”أداة الديمقراطية الرائعة“ إلى أصلها
الديمقراطـــي ومنبتها المواطنـــي، مؤكدا أنه”إذا كانـــت الآليات البنيوية التـــي ّ تولد فقدان
الأخلاق من الممكن أن تصبح واعية، فإن عملا
واعيا يسعى إلى التحكم فيها يصبح ممكنا“.
وعلى شاكلة نشـــاطه الدؤوب ومشاركاته
الفاعلـــة ضمـــن التحـــركات الاحتجاجيـــة
وتجســـيده لمفهـــوم المثقف العضـــوي، ّ فإن
بورديو يدعو إلى إنشـــاء تعاونيات صحافية
متملكـــة لأخلاقيـــات المهنـــة وللمســـؤولية
الإعلاميـــة المنوطـــة بعهـــدة الصحافييـــن
والمؤسسات الإعلامية لتقديم منتوج صحافي
يســـتحقه المشـــاهد، وينـــأى عن ضـــرورات
السوق وضرر مؤسسات قياس المشاهدة
*
اهتمامهم لظاهرة العنف المنزلي؛ بيج سويت الأستاذة المساعدة في علم الاجتماع بجامعة ميشيغان، والتي ترى أن "التلاعب بالعقول" أمر متجذر بقوة في البنية المجتمعية، ومرتبط بشدة بعدم المساواة السائدة في المجتمع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق