السبت، 26 فبراير 2022

تكنولوجيا العالم الافتراضي.. أنا أشارك إذا أنا موجود ********ميتافيرس******

Oct 31, 2021

كيف نتفاعل مع التكنولوجيا الحديثة وكيف يؤثر ذلك على علاقاتنا الإنسانية؟
الاثنين 2020/04/27

بينما نحن مفتونون بالواقع الافتراضي، أخفقنا في التعامل مع الواقع الفعلي الذي نحيا فيه، وأصبحنا بأمس الحاجة إلى إعادة التوازن بين عالمنا الافتراضي وعالمنا الحقيقي الذي نحياه. بعد أن سلبت منا التكنولوجيا لحظات نخلو فيها إلى أنفسنا، لم ينج من سطوتها حتى الأطفال.

 عزلتنا بدأت قبل كوفيد وتعمقت بسببه. لو نحن تعمقنا في دراسة الموضوع سنكتشف أن الإنسان، على عكس ما هو متداول اليوم، فقد العزلة وفقد معها لحظات من أحلام اليقظة ومن التأمل الذاتي مع وصول الهاتف الذكي ومواقع التواصل الاجتماعي، التي استبدلت عالمه الواقعي بعالم افتراضي وجد نفسه بمرور الوقت غارقا فيه.

لنراقب تحركاتنا خلال 24 ساعة؛ ما أن نقوم من الفراش حتى تمتد يدنا تبحث عن الهاتف الذكي، نلقي عليه نظرات قد تكون خاطفة، ويستمر ذلك معنا ونحن نعد الإفطار ونتناوله، وإن كنا ممن يتنقلون إلى عملهم بالسيارة، سنجد أكثر من وسيلة لمتابعة استخدام الهاتف الذكي، وغالبا ما تكون السيارة تعمل بتقنية “بلوتوث”، ليتحول الهاتف الذكي، ونحن معه، إلى جزء من السيارة.

عالم افتراضي

إن كنا من مستخدمي النقل العام في التنقل، واعتدنا الانتظار في محطات القطارات وحافلات النقل، سنكتشف أن أي شخص يشاركنا الانتظار يستغل أي ثانية من الفراغ ليمسك بهاتفه يعبث به. في طريق عودتنا إلى المنزل لن يختلف المشهد، بل سيضاف إليه مشهد التسوّق داخل السوبرماركت، حيث متعة التسوّق تفشل أيضا في إبعادنا ولو لدقائق عن العبث بالهاتف.
يتفق علماء الاجتماع على أن قدرة الأفراد على تحمل البقاء بمفردهم تتلاشى، فنحن لم نفقد فقط القدرة على التركيز بما هو حولنا، بل أيضا فقدنا تلك اللحظات التي طالما استمتعنا خلالها بالاستغراق في أحلام اليقظة، ولحظات التأمل الذاتي.
هل تعرفون أشخاصا قريبين منكم يحملون معهم الهاتف الذكي إلى غرفة النوم يقلبون فيه، وقد يستيقظون في منتصف الليل للردّ على رسالة أو كتابة تعليق؟ بالتأكيد أنتم تعرفون عدة أشخاص، ينطبق عليهم ذلك، بل قد تكونون أنتم من بين هؤلاء الأشخاص.
غالبا، أنت تمتلك هاتفا ذكيّا، تستعمله الآن لتقرأ هذا النص، ولديك حساب على فيسبوك أو تويتر أو إنستغرام، ولا بد أنك تتذكر مرات عديدة وجدت فيها نفسك تتجاهل صديقا أو فردا من أفراد عائلتك، يجلس معك في نفس الغرفة، لأنك منهمك تماما في عالمك الافتراضي الخاص. كل شيء بات افتراضيا في عالمنا، متاحف افتراضية، وعيادات افتراضية، وأصدقاء افتراضيون وسياحة افتراضية، ساهم جميعها في فصلنا عن الواقع.
إلا أن تكنولوجيا الواقع الافتراضي، مثلها مثل باقي فروع التكنولوجيا، تحمل الوجه الإيجابي والوجه السلبي؛ فهي من جهة تخلصنا من مشاعر الوحدة وتنقذنا من الملل، ومن جهة أخرى تجعلنا أقل انتباها لأقرب الأشخاص إلينا، وربما تجعل من الصعب علينا الاختلاء بأنفسنا قليلا، والكثير منا يخشى الاعتراف بذلك.
في حوار مع مجلة “ساينتفك أميركان” تقول شيري توركل “لا نزال نعيش علاقة رومانسية مع هذه التكنولوجيا، إننا مثل الشباب العاشق الذي يخشى إفساد علاقاته العاطفية بالتحدث عنها”.
وقد أجرت توركل، وهي عالمة اجتماع أميركية تعمل في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، مقابلات شخصية مع المئات من الأشخاص من مختلِف الأعمار، وسألتهم عن استخداماتهم للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية ومواقع التواصل الاجتماعي والشخصيات الافتراضية والروبوتات، وتوصلت إلى استنتاجات بعضها إيجابي، ولكنّ معظمها سلبي.
وعلى عكس الاختراعات السابقة التي أحدثت طفرة، كآلة الطباعة أو التلفزيون، ترى توركل أن هذه التكنولوجيا “دائمة الاتصال، ودائمة التمحور حول الذات” وهي تهدد بتقويض بعض نقاط القوة الأساسية التي يمتلكها البشر والتي يحتاجون إليها للازدهار.
متاحف افتراضية وعيادات افتراضية وأصدقاء افتراضيون وسياحة افتراضية ساهم جميعها في فصلنا عن الواقع
أكثر ما يقلق توركل بشأن تفاعل الناس الدائم مع تكنولوجيا التواصل الاجتماعي، هو التغيرات التي أحدثتها عليهم، ليصبحوا غير قادرين على تحمل البقاء بمفردهم. وهي تغيرات طالت جميع الفئات العمرية.
وتزداد الخطورة على الأطفال، فالطفل يحتاج إلى الانفراد بنفسه، والعزلة بالنسبة له مطلب أساسي لإقامة حوار مع النفس. مع العلم أن القدرة على البقاء مع نفسك واكتشافها هي أحد العناصر المهمة للنمو.
اليوم، غزت وسائل التكنولوجيا عالم الأطفال، ولم يسلم منها من كان في عامه الثاني أو الثالث أو الرابع، وهي غالبا ما تحرمهم من الاختلاء إلى أنفسهم، وتجعل من الصعب عليهم إقامة علاقات إنسانية حقيقية.
يجادل بعضنا، أن الناس يلجأون إلى تكنولوجيا الواقع الافتراضي هربا من الملل، بينما يشتكي بعض آخر من فقدان الهدوء والسكينة؛ وبمجرد أن يتاح لهم ذلك، ينظرون إلى هواتفهم ويعودون إلى حالة التوتر.
وتحذر توركل من أن الناس بدأوا ينظرون إلى الآخرين باعتبارهم أشياء، الأمر الذي يرتد سلبيا على العلاقات الأسرية ويمزقها. وتقدم توركل مثلا على ذلك، عندما تبدأ العمة حديثها على مائدة الطعام، التي تضم أفراد العائلة، تجذب ابنة أخيها الصغيرة الهاتف وتتصفح موقع فيسبوك، ليمتلئ عالمها فجأة بالأحداث والأخبار المختلفة، مما يؤدي إلى إفساد التواصل خلال العشاء العائلي.
علاقات أسرية في مهب الريح
وتقول توركل، التي قابلت عددا من طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية، إنها توجهت إليهم بسؤال هو “هل تردون على الرسائل المرسلة إليكم في منتصف الليل”؟ وكان ردهم “نعم، بالطبع”. وهذا ما أطلقت عليه إثبات الذات وإثبات الوجود من خلال مبدأ “أنا أشارك، إذا أنا موجود”.
إن كنت تشارك ما ينشره أصدقاؤك، وترد على رسائلهم في منتصف الليل، فأنت تضع نفسك في دائرة مختلفة، دائرة الذين يشعرون بواجب الرد، ويتوقعون التواصل بشكل مستمر؛ الجميع مستعدون لطلب النصح من أقرانهم والأخذ بآرائهم، أو على الأقل التظاهر بذلك.
وتتحدث توركل عن حالة امرأة شابة لديها ألفا متابع على موقع إنستغرام؛ اعتادت أن تنشر على حسابها سؤالا حول مشكلة ما في التاسعة مساء، وفي الثانية صباحا كانت تتلقى الردود، وتظل مستيقظة لقراءتها. هذا ما يفعله العديد من الأطفال الساعة الثانية صباحا.
وتحذر توركل من أن مدمني التواصل الافتراضي لن يتطور لديهم إحساس بالاستقلالية الذاتية، ولن يستطيعوا إقامة علاقات شخصية أو مهنية؛ فهم لا يشعرون أنهم قادرون على التعامل مع الأمور المهمة وحدهم. ولا شك أنهم سيواجهون الكثير من المشكلات في حياتهم، فهم اعتادوا على طلب التصويت على كل شيء يثير حيرتهم. إنهم بهذا يسندون اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتهم إلى غرباء افتراضيين.
 نحن لا نملك اليوم خيار الخروج من العالم الذي تهيمن عليه التكنولوجيا. والسؤال كيف يمكننا أن نحيا حياة ذات معنى في ظل الاتصال الدائم والذي يتمحور حول الأشخاص، بل ماذا سيحدث عندما تصبح هذه التكنولوجيا داخل عقولنا، أو جزءا من ملابسنا، وجزءا من النظارات التي نستخدمها؟
 تعتقد أن شركات التكنولوجيا ستُسهم في هذا، بعد أن أدركت أنه ليس من الجيد أن يظل الناس متصلين بالإنترنت بشكل دائم.
يجب أن تكون هناك أماكن مقدسة لا يجوز فيها التواصل عبر الإنترنت، مثل مائدة العشاء التي تضم الأسرة، وداخل السيارة، فلنجعل هذه الأماكن لتجاذُب أطراف الحديث؛ لأن النقاش هو ترياق للمشاكل التي نتحدث عنها. إن كنت تتحدث إلى أطفالك وإلى عائلتك وإلى دائرة معارفك وأصدقائك باستمرار سيتم التحكم بالآثار السلبية لهذه التكنولوجيا
تقول توركل “رسالتي ليست مناهضة للتكنولوجيا، وإنما هي تشجيع على التحاور ورفع الروح المعنوية للإنسان؛ علينا إجراء تقييم شامل لثقافتنا السائدة، التي تطالب بكل ما هو أكثر وأفضل وأسرع؛ نحتاج إلى تأكيد ما هو ضروري من أجل إثراء قدراتنا الفكرية وتحسين علاقاتنا بأطفالنا ومجتمعاتنا وشركاء حياتنا”
الجانب الأكثر إشراقا بالنسبة لتوركل هم الشباب الذين كبروا في ظل هذه التكنولوجيا، ولكنهم لم يفتنوا بها، ويستطيعون أن يطلبوا من محادثيهم عبر الإنترنت الانتظار قليلا؛ لأنهم خبروا تأثيرها في تقويض الحياة في المدرسة والحياة مع والديهم. هذا هو الجانب الذي يدعو إلى التفاؤل، ولكنه تفاؤل يشوبه الحذر. بالتأكيد لن يكون بالإمكان التخلي عن هذه التكنولوجيا، ولكن ربما يمكننا استخدامها مستقبلا بطريقة أكثر ذكاء.
*Apr 27, 2020

فايف فوكس 3».. مستقبل الواقع الافتراضي

نظّارة مصممة بمجال رؤية واسع وعرض عالي الدقّة وتؤمن راحة الاستخدام
Jul 13, 2021

عالم "ميتافيرس"


يستطيع الإنسان العيش دون مغادرة المنزل، إذ بإمكانه العمل والسفر واللعب والتواصل دون أن يبرَح مكانه، ما اعتبر قفزة في عالم الإنترنت.
 تخيلوا عالما رقميا يمكنكم أن تعيشوا فيه حياة موازية من دون مغادرة المنزل، أهلا بكم في الـ”ميتافيرس” التي تعتبرها فيسبوك وشركات ألعاب الفيديو والإنترنت الأخرى العملاقة، بمثابة القفزة الكبيرة التالية في تطور الشبكة العنكبوتية.

*
Jul 30, 2021

بينيديكت إيفنز: الواقع الافتراضي مهدّد بالركود وباقتصاره على قلة قلية من هواة ألعاب الفيديو
مجدي الجلاد يكتب: ميتافيرس.. الديكتاتور الجديد..!
مجدي الجلاد

منذ مطلع الألفية الثالثة.. بدأ الإنسان يتآكل داخل الإنسان.. كأن البشر توافقوا قسراً على التنازل عن أجزاء من آدميتهم لصالح عالم افتراضي.. هذا العالم الذي يُنذر بالإعلان النهائي عن وفاة علاقة الإنسان بالواقع..!

في العام 2004.. لم يتوقع أحد أن إطلاق «فيسبوك» سوف يغيّر العالم خلال سنوات قليلة.. حتى مؤسسه مارك زوكربيرج نفسه، لم يحلم بهذا التأثير المتصاعد إلى حد الجنون.. غير أنه لم يفوّت الفرصة، وحلّق مع «اختراعه» إلى فضاءات بلا نهاية.. والآن يُعلن عن مرحلة جديدة، ستلد حتماً أجيالاً من الدمى، يُحركها الذكاء الاصطناعي، في عالم لا يعرف ملامحه إلا الله..!

الوقت والضوء والاشراق السهروردي 

 الإنسان والمكان والزمان

نزع الإنسان من مكانه وزمانه، وغرسه في مكان وزمان لا وجود له في الحقيقة.. ولتحقيق هذا الهدف، يستغل نزعة متأصلة داخل الإنسان، نحو الخيال، فلماذا لا ينتقل الخيال من صور ذهنية رحبة، ترتقي بالمرء، إلى عالم افتراضي، يفصمه إلى حد كبير عن الحياة التي يعيشها؟!

 تغيير العالم.. أو «موت الواقع» ومعه إنسانية الإنسان..!

مرحلة «ميتافيرس»، أي العالم الافتراضي أو الموازي.. وهو ما يراه زوكربيرج مستقبلاً حتمياً لشعوب العالم.. ولكي نفهمه أكثر، علينا التوقف قليلاً أمام ما قالته «انجيلا تشانج»، مديرة أجهزة الواقع الافتراضي في شركة «ميتا»: هدفنا إعادة تشكيل الواقع الحسي..!!!!!.. أما رئيسها زوكربيرج فقالها واضحة وصريحة: إن عالم ميتافيرس سيفرض نفسه خلال السنوات العشر المقبلة، وسيحتل قمة أولوياتنا، وليس الفيسبوك.. بل إنكم لن تكونوا بحاجة إلى فيسبوك للدخول إلى منتجاتنا الجديدة..!

كلمات قليلة، تعني أن «فيسبوك» بكل ما يحمله من مخاطر، وآفات، سيصبح ملاكاً مُجنحاً، مقارنة بالقادم في الـ«ميتافيرس».. رغم أن «فيسبوك» يحمل تاريخاً رديئاً من عدم الثقة، والمتاجرة بخصوصية المستخدمين وبياناتهم الشخصية.. فما بالنا بالكائن الجديد، الذي يتهيأ لاقتحام حياتنا دون استئذان..؟!

عالم جديد يتشكل في معامل الذكاء الاصطناعي.. هذا العالم سيكون متعدد الأبعاد، باستخدام أقنعة وتطبيقات ونظارات وتقنيات ذكية، إلى حد القدرة الفائقة على «سلخ» الإنسان عن العالم الواقعي المُحيط به.. إنها عولمة الخيال، والسفر في مساحات شاسعة من الواقع الوهمي.. وعلى جانبي الطريق تُمطر السماء مليارات الدولارات، والأهم آلاف الرسائل والأفكار والقيم التي ستشكل الوعي العالمي، عبر المتعة الحسية، والإثارة وجنون اللحظات..!

عالم يسعون إلى تشكيله الآن؟!.. عالم تنسحب فيه الهوية الوطنية أمام «هوية عالمية افتراضية».. عالم سيأخذ الأطفال والصبية والشباب «أسرى»، دون حروب ودماء، ليصبح ابنك ضيفاً على البيت بجسده، بينما عقله ووجدانه وانتماؤه في هذا العالم الجديد.. لن تكون الشجرة شجرة في عينيه، ولا الجبل جبلاً، ولا السماء سماءً.. ستموت الجغرافيا الحقيقية، لتسود جغرافيا يرسمها المطوّر التقني، فتتحول تدريجياً وبإلحاح إلى حدود وتضاريس جديدة.. أما التاريخ فليس أسهل من تزييفه، لأن المُعلم لن يكون في المدرسة..!

سوف تتوارى الديكتاتورية السياسية، وتسيطر على العالم «ديكتاتورية الذكاء الاصطناعي».. ديكتاتورية ناعمة، لن تخرج ضدها مظاهرات أو ثورات، لأنها ببساطة شديدة، هي التي ستحرك قطعان الجماهير مُستلبة الإرادة ضد الكيانات والأفكار والقيم التي تريد القضاء عليها في العالم الواقعي..!

في هذا العالم الافتراضي.. أتحداك أن تقول لي إنك تعرف ابنك كما كان أبوك يعرفك، وجدك يعرف أباك.. سيكون ابنك اسماً فقط.. لأن أباه الحقيقي سيكون زوكربيرج، أو إيلون ماسك، أو جاك دورسي..!

أقل التأثيرات السلبية على المستخدمين للنظارات والأقنعة الافتراضية: العزلة والانفصام التام عن الواقع المُحيط، الاكتئاب الناتج عن تعدد العوالم الوهمية، خلل فيزيائي جسدي، والانسلاخ التدريجي عن المجتمعات التقليدية، بدءاً بالأسرة، مروراً بالأصدقاء الحقيقيين، وانتهاءً بالوطن، الذي سيتآكل ويتقلص لا شعورياً داخل الشاب، ليحل محله هذا العالم الافتراضي الواسع، بمتعته ومغامراته اللانهائية..!

الطوفان.. وفي مواجهته، لن يكون أمامنا، سوى أن نبحث عن إجابة لسؤال مصيري: أنا وأنت وهو ماذا نحن فاعلون لإنقاذ أبنائنا وأحفادنا، رغم أننا لا نمتلك سفينة نوح، ولا نوح بيننا أصلاً..!​

*Nov 1, 2021

الفيلسوف الأسترالي ديفيد تشالمرز يرفض تشبيه العالم الافتراضي بألعاب الفيديو وبأنه مجرد هروب من المشاكل في العالم الحقيقي، ويدافع عن بناء حياة ذات معنى في عالم افتراضي.

يمكن تفهّم دفاع أصحاب الإمبراطوريات التكنولوجية ومدراء شركات الذكاء الاصطناعي عن العالم الافتراضي الذي يغيّر حياتنا رأسا على عقب. لكن من العصيّ تفهّم الفلاسفة الذين يقفون في صفهم!

فإذا كان سؤال أفلاطون قد تكرر منذ القدم بين الفلاسفة بشأن كيف نعرف أن عالمنا حقيقي، فإن السؤال نفسه يأخذ منحى أكثر أهمية اليوم بينما البشرية تمضي خلف الشركات التكنولوجية إلى العالم الافتراضي من دون تردد. وبدلا من الظلال على جدران الكهوف عند الإنسان البدائي، تضعنا اليوم العدسات والشاشات والقطع التي نربطها على معاصمنا في العالم الافتراضي.

 هذا التحول من العالم المادي إلى الافتراضي فجأة، بل سيكون تدريجيا

وراءه حياة ذات معنى، أم مجرد عوالم زائفة، مثل الصداقات الافتراضية التي نعيشها اليوم التي طالما وصفت بالفكرة البغيضة التي لا يمكن أن تصمد أمام الصداقات الحقيقية، ويزداد عدد الرافضين لأن يكونوا جزءا منها.

يرفض تشالمرز المتخصص في فلسفة الإدراك اللغوي تشبيه العالم الافتراضي بألعاب الفيديو وبأنه مجرد هروب من المشكلات الموجودة في العالم الحقيقي، ويدافع عن بناء حياة ذات معنى في عالم افتراضي عبر الدخول في مناقشات واتخاذ قرارات اجتماعية وسياسية عميقة بشأن المجتمع الافتراضي، بدلاً من اعتباره مجرد لعبة فيديو.

 البشرية ستدخل إلى ما يمكن تصوره بقارة جديدة غير مأهولة لتأسيس مجتمع سيهتم بقضايا مختلفة عن القضايا التي يعيشها الانسان في المجتمع الحقيقي القائم اليوم!

لا يرى ذلك هروبا أو تخليا عن الواقع المادي تماما، وإنما يدفع باتجاه اعتبار الواقع الافتراضي مكملا للواقع المادي وليس بديلا عنه على الأقل في المدى القصير.

أفكار فيلسوف الإدراك الأسترالي ستكون بلا شك موضوع ترحيب للإمبراطوريات التكنولوجية التي تفتح خزائنها من اليوم للأموال التي ستجنيها من خدمات العالم الافتراضي، عندما يعتبر أن هناك حياة ذات معنى تنتظرنا فيها من الأهداف المهمة ما يجعلنا نعمل للوصول إليها. ثمة علاقات إيجابية مع أشخاص آخرين في ذلك العالم ستثمر عن تجارب ذاتية ملهمة. ويطالبنا بأن نكون مستعدين للانتقال إلى ذلك العالم وإن كان يحمّلنا خسائر في عملية الانتقال، ومن دون أن يعني ذلك أنه سيكون على قدم المساواة مع العوالم المادية من جميع النواحي.

يشير إلى أن هناك عددا كبيرا من الأشخاص سيجدون معنى مختلفا في العوالم الافتراضية لم تكن متاحة لهم في العالم المادي لأسباب متعلقة بإعاقات جسدية أو اضطهاد مجتمعي أو سياسي.

فنحن لم نصلح بعد مشاكلنا مع العصر الرقمي الذي لم تتراجع فيه اللامساواة، قبل الانتقال إلى العصر الافتراضي. صحيح أن العوالم الافتراضية لديها ما تقدمه مثل التجربة الحية للبشرية التي مثلتها الرقمية. لكن تلك العوالم لا يمكن أن تكون حلا سحريا وقارة مثالية كما يصفها مؤلف كتاب “الواقع+”

مع أن تشالمرز بحكم تجربته المعرفية العميقة يتفهم ارتباط الناس بمعتقدات الواقع المادي، لكنه يرى أيضا أن هذه المعتقدات يمكن أن تتدفق من عالم افتراضي.

هل يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي واعيا في يوم ما، يجيب ديفيد تشالمرز بسؤال مقابل عن ماهية الوعي أصلا، الذي مازال لغزا، لذلك لا نعرف بعد كيف يمكن أن ينشأ الوعي في نظام رقمي، لأننا لا نعرف أصلا كيف ينشأ الوعي في أنظمتنا البيولوجية.

*
ميتافيرس مشروع يحول الإنسان إلى لعبة لدى الشركات العملاقة.

استوحاه من عوالم “السوبربونك” ليدفع بالتجربة التفاعلية إلى أقصاها، وبشر رواد ذلك الفضاء الافتراضي بأن في استطاعتهم مستقبلا أن يجتمعوا ويتلاقوا ويعملوا وحتى يستهلكوا وهم جالسون أمام شاشاتهم.

فيلم ستيفن سبيلبرغ “ريدي بلاير وان” (اللاعب رقم واحد جاهز) الذي يصور مجتمعا غائصا في واقع افتراضي فيما تزداد البيئة اختلالا والشعوب فقرا.

هذا المشروع، حسب أهل الاختصاص، يمثل التقاء رغبتين قويتين: رغبة الهيمنة لدى الشركات التكنولوجية العملاقة، ورغبة الفرد المعاصر التي تكاد تنحصر في عيش تجارب ترفيه وترويح عن النفس حسب الطلب. ما يوحي في الظاهر بأننا إزاء عالم سوف تصبح فيه كل مشكلة قابلة للحل،
دون الأخذ بعين الاعتبار الأعمال الديستوبية التي حذرت من مثل تلك المشاريع التي ترهن مصير الإنسان وحتى مصير الأرض التي يعيش عليها، فزوكربيرغ لا يعد بتطوير تقنيات موقعه الطاغي، بل صار يبشر بعالم جديد، حيث الحياة أطول والعيش أطيب، مؤكدا أن “البشر يمكن أن يغيروا هذا العالم الذي نعيش فيه إلى عالم آخر، مختلف تماما، عالم سوف يخلقونه بأنفسهم”.

فأغلب ما يبث عبر سائر الشاشات، وفق جماليات هوليوودية، كأن الغرض منه جعل المشاهد في وضع شكّ دائم حول مصيره، ومصير البشرية قاطبة، تمهيدا لإلغاء حكمه الشخصي. ففي عصر الخطاب المتواصل، لم يعد ثمة مجال للشك، إذ لا بد أن تلبّى رغبة الفرد بفضل حشد الصور والمرجعيات المشتركة المأخوذة من الأفلام أو من ألعاب الفيديو، بوصفها علامات تعارف واعتراف متبادل وتلاق.

 الواقع عكس ذلك، فالناس عاجزون عن مسايرة سباق المعلومة، حائرون أمام تكاثر الصور عن العالم والذات، ولا مجال عندئذ كي يكونوا مبتكرين أو منتصرين في وجودهم الذي لا ينفك يشهد التفقير والاستلاب، ولا عزاء لهم إلا بالقناعة بموقع المتفرج والرضا بأنهم يشاركون في الفرجة بواسطة رد الفعل، أو التفاعل، أو الاحتفاء بالذات في إخراج نرجسي يوهم بالنجاح، فيما هو تعبير عن شعور بالعجز وفقدان الحس.

موقعنا صار موقع متفرجين منشدّين إلى الشاشات بأنواعها حتى الإعياء حيث يمر العالم أمامنا بأزماته وكأنها قدر

الشركات العملاقة تعرف أن مشاريعها لا يمكن أن تحقق الرفاه لكامل البشر، وأن منتوجاتها وبرامجها ستكون حكرا على مجتمعات دون أخرى، ما يعني أنها ستعزز التفاوت وتعمق الهجرة، وتفتح أبواب نزاعات لا تنتهي، بين من يملك ومن لا يملك بُسُط الريح التي تقود إلى الجنة الموعودة.

*Dec 24, 2021

ما نفع ميتافيرس من دون الشعور بأحاسيس الألم واللذة؟

سترة مبطّنة بأجهزة استشعار، تسمح لمرتديها بأن يشعروا بالعناق وحتى باللكمات في الواقع الافتراضي. وتساءل رئيسها خوسيه فويرتيس قائلا “ما نفع الميتافيرس من دون الشعور بأحاسيس؟ سيكون مجرد شخصيات رقمية رمزية (أفاتار)”.

إيدو سيغال: لا شيء يمكن أن يوقف ميتافيرس إنه عالم المستقبل

*Jan 14, 2022

العالم ليس قرية


لم يضع ذلك البعض في حسابه أن الوضع البشري سيزداد كآبة بسبب الحروب وسياسات الإقصاء
 والعنصرية والفقر والحرمان والتمييز وأن البشرية كلّما ردمت فجوة انفتحت أمامها عشرات الفجوات وأن الأمل سيظل سلاحا مترددا في مواجهة قوى الشر التي تكتشف في كل يوم سببا لحروبها التي أقصت أمما كانت ذات يوم صاحبة حضارة.

ومثلما بشّرت التقنيات الحديثة بالعالم القرية فإنها في الوقت نفسه أحالت شعوبا كثيرة إلى الهامش بحيث لم يعد لها دور في بناء الحضارة الإنسانية. هي شعوب فائضة وهو تعبير واقعي فيه الكثير من القسوة.

هناك اليوم أقليّة تتمتع بالثراء هي التي في إمكانها أن ترى العالم قرية أما الأكثرية فإنها أُحيلت إلى قراها التي أصبحت عوالم شاسعة مغلقة.

صار قرية فعلا لمَن يتناول فطوره في هونغ كونغ وغداءه في دبي وعشاءه في نيويورك. ولكن ما عدد أولئك الذين يستطيعون أن يفعلوا ذلك مقابل الملايين التي تضيع إذا ما وضعت أقدامها خارج حدود قراها؟

أما وسائل الاتصال الاجتماعي فإن العالم الافتراضي الذي فتحت أبوابه للبشر كان نوعا من الفضاء الأسطوري الذي عاد بالبشر إلى عصر ما قبل العلم لما يكتنفه من حكايات زائفة ووشايات مفبركة وأخبار ليس لها نصيب من الصدق.

إذا أردت أن تضلّل أحدا وتشوّش قدرته العقلية فادعه إلى زيارة سريعة في العالم الافتراضي.

القرية ملغومة بالنوايا السيئة التي تهبها عصابات الغش والاحتيال والنّصب والسرقة إطارا عابرا للقارات بحيث يشعر المرء الذي يقع في شباكها كما لو أنه يسافر في الزمن. وهو ما يعني أن ذلك المرء لا بد أن ينقطع عن عالمه الواقعي ويصدق أن كل شيء صار في متناول يديه من غير أن يقدر عمليا على مغادرة قريته التي هي عالمه.

وهنا يكمن مفهوم الإنسان المزدوج. ذلك الإنسان الذي يعبّر في حالة عجزه عن خيال سوبرمان الذي هو عبارة عن أسطورة على الورق. وهو ما يعيدنا إلى خيال القصص المصورة. يومها لم يكن الحديث عن العالم الذي سيكون قرية إلا نوعا من الخيال العلمي. ولكنه الخيال الذي تمتّعت بثماره الأقلية في ما بعد وحُرمت منه الأكثرية.

*



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق