الأربعاء، 10 يونيو 2020

ممالك النار

لا أعتبر (ممالك النار) رد فعل على الدراما التركية التي تعمدت تشويه التاريخ، ولكنه محاولة لاستثمار الفن في تفتيح وعي المتلقي واتساع مداركه، وعلينا أن ندرك أننا في معركة وعي مستمر وتحاول تركيا حسمها لصالحها بتقديم أعمال زائفة ولا ترصد الحقائق بصورة محايدة، لأن التاريخ العثماني مليء بالسرقة ومشاهد الدم".

مسلسل "ممالك النار" يتناول الصراع العثماني المملوكي، واحتلال مصر والشام على يد السلطان العثماني سليم الأول، وشنق "طومان باي" آخر سلاطين المماليك على باب زويلة

 تكلفة المسلسل 40 مليون دولار وتم تصوير كل أحداثه في تونس.

+++++++++++++

حرب الدراما بين المماليك والعثمانيين: أردوغان والسيسي!

2019

 الدراما التركية متربعة الآن على عرش الدراما في العالم العربي وعلى مدى العشر سنوات الأخيرة، وهي عندما زحفت إلى عالمنا، لم تكن تواجه الدراما المصرية، التي كانت قد استسلمت لتفوق الدراما السورية، وكان الأمر يبشر بربيع سوري في مصر، التي تُعرف تاريخياً بالاكتفاء الذاتي في كثير من الملفات، ومنها الدراما والصحافة، وقبل مرحلة الانترنت فقلما تجد مثلاً مصريين لديهم شغف بكاتب غير مصري، أو أن صحيفة مصرية تحتفي بكتاب غير مصريين، إلا في حالات استثنائية، عندما صنعت «الأهرام» زاوية يومية كان يتناوب عليها لسنوات عدد من الكتاب العرب بعدد أيام الأسبوع، وهذا حالنا في الدراما، لكن المصريين قبلوا سريعاً الممثل السوري جمال سليمان، لكن ليس بلهجته السورية، فقد نافس الفنان ممدوح عبد العليم في دور «الصعيدي» الشامخ، الذي هو سيد في قومه.

لكن الدراما التركية دخلت على الخط، وكانت البداية في مسلسل «نور» الذي عُرض في مصر في سنة 2008 بعد عرضه في تركيا قبل ذلك بثلاث سنوات، ولفت الانتباه إلى هذه الدراما التي قررت أن تتمدد في العالم العربي،

لقد انتشرت الدراما التركية، بفضل الدبلجة، وعرف المصريون قناة «الحياة» في بدايتها بفضلها، فعند عرضها لمسلسل تركي، ذهبت إليها الشريحة الأكبر من الإعلانات، وتصدرت هذه القناة الوليدة المرتبة الأولى من حيث المشاهدة في مصر، ولم تكن تقدم جديداً، يجذب المشاهد إلا المسلسل التركي!

كانت المسلسلات المدبلجة تقوم في معظمها على قصص الحب والعشق، كما تقول العناوين: «الحب الأبدي»، «عطر الأمس»، «بنات الشمس»، «العشق المر»، «غموض الحب»، حتى اعتقد المرء أنه مجتمع لا يعرف إلا الحب والهيام،
والمزرعة السعيدة ++++++جرائم صغيرة +++++

وكان مسلسل «حريم السلطان» خطوة في اتجاه الدراما التاريخية، ويروى أن أردوغان انتبه إلى أهمية الدراما في هذه المسلسل، وإذ مثل هذا العمل تشويها لتاريخ الشخصية التاريخية سليمان القانوني، فكان مسلسل «قيامة أرطغرل»، الذي يتحدث عن الخلافة العثمانية ودواعي تأسيسها وانتشارها، وانزعج خصوم أردوغان، وهم منزعجون منه بالفطرة، ولهذا فهو هدف للأبواق الإعلامية، التي تدار من قبل الأجهزة الأمنية السيادية، فكان لا بد من رد حاسم يدين الحقبة العثمانية في مصر، فكان مسلسل «ممالك من نار» الذين يدين السلطان العثماني سليم الأول، باعتباره جاء محتلا للتراب المصري، كما أن الخلافة العثمانية هي استعمار ينبغي مقاومته، وإذا كان «المصري الأصيل» خالد الذكر «طومان باي»، والذي يُكتب اسمه في بعض كتب التاريخ «طومانباي»، هُزم فيكفي أنه قاوم المحتل، ومن حسن الحظ أن حفيده عبد الفتاح السيسي قد جاء على قدر ليهزم «سليم الأول» ممثلاً في حفيده «أردوغان»!

عندما اكتسحت الدراما التاريخية المجال الجوي العربي، لم تهزم الدراما المصرية، فقد كانت مهزومة بالفعل، لكنها جاءت لتهزم الوافد الجديد وهو الدراما السورية، والتي ساهمت في طوي صفحتها سريعاً عملية التدمير التي تعرضت لها سوريا، وتحويلها إلى «خرابة» بواسطة بشار الأسد وحلفائه، فهذا كائن استعان بالقوات الأجنبية لتدمير بلاده وتهجير شعبه، فما يهمه أن يستمر حاكماً ولو على «دورة مياه»!

مسلسل «ممالك النار» حصل على «ختم النسر»، والاعتماد العسكري، بغض النظر عن الجهة التي أنتجته، فقد قيل إنه انتاج سعودي – مصري مشترك، قبل الإعلان عن أنه انتاج إماراتي خالص، وقد تكلف 40 مليون دولار، ولم يجدوا مخرجاً مصرياً أو عربيا يستطيع إخراجه في المستوى الذي يريدون فتمت الاستعانة بمخرج من بلاد الاكسلانسات، بحسب خالد الذكر الرئيس مبارك!

فضلا عن أن المال الإماراتي يستخدم في المجال الإعلامي في مصر، وقد دفعت مليار جنيه لصالح شبكة «دي أم سي» مبدئياً مع أنها قناة مملوكة للمخابرات في مصر، وكان السيسي قد قرر أن تكون شبكته الرسمية على حساب التلفزيون المصري، قبل أن تفسد التجربة!

المشكلة هنا في أن القوم في القاهرة وأبو ظبي لم ينتبهوا إلى أنهم، وإن كانوا في محاولتهم المستميتة تشويه تركيا بالاستعانة بالتاريخ،


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق