الأربعاء، 24 يونيو 2020

علمانية جديدة ولكن بنكهة عربية إسلامية

 ظلّ الحكومات العربية والإسلامية التي بقيت «أمينة» على التراث الاستعماري في معظم الأحيان؛ أدّت إلى ما نحن عليه اليوم من آثار يندى لها الجبين ويشيب معها الجنين، في مختلف حقول الحياة الفكرية والتربوية والاجتماعية والإعلامية والسياسية والقانونية وسواها، والأمر يبدو واضحاً لتلك الآثار للقاصي والداني ولكل راصد.

كل أصول الثقافة الدينية ومنطلقاتها تستمدّ قوتها من القرآن والسُّنّة النبوية المطهّرة؛ فإذا اقتصرنا في فهم الإسلام على أنه صلة روحية أو أن دائرته كدين لا تتعدّى البعُد الفردي للإنسان أو حياة الإنسان الشخصية والمتمثّلة في علاقته مع ربه سبحانه كما يريد الغرب أو (العلمانية المسيحية)، فمعنى ذلك ومؤدّاه هو تفريغ الشخصية الإسلامية من محتواها الثقافي والتربوي والسلوكي، وهذا ما يتحقّق بالفعل في القرن الحادي والعشرين، وما أصبحت عليه الأمور في العالمين العربي والإسلامي، وهو نهوض الفكر العلماني بلسان عربي وإسلامي، 

استنساخ للثقافة الأوروبية بفروعها المختلفة، من اقتصاد وإعلام وتربية وقانون... إلخ، حتى وإن سلّمنا بعالمية الحضارة الغربية، بمعنى سيادتها على مسرح التاريخ المعاصر، فإنه لا يعني تسلمينا بعالمية هذه الثقافة أو بعبارة أدق «بإنسانية» هذه الثقافة.
لقد فُرضت علينا العلمانية الغربية في زمن الاستعمار، ورغم المحاولات على مرّ العصور في التخلّص من هذه العلمانية الخبيثة، فإن من ترعرعوا تحت عباءة الاستعمار السابق وتمّ زرعهم بيننا يعيدونها اليوم وبشكل سافر وبطريقة أقل ما يُقال عنها أنها أسلوب سافل، ولا زلنا ونحن في عصر الاستقلال من الاستعمار نعيش هذا المناخ، الذي يتم فيه الإصرار على النموذج الثقافي الغربي، بل يتم الإصرار على طلب هذا النموذج المسخ، الأمر الذي يمثّل أشد صور الخيانة للأمة والدين والثقافة الإسلامية العريقة، ولا أجد وصفاً آخر مناسباً لمن «يجاهد» لتطبيق العلمانية الغربية في شتى مناحي الحياة.

إذا كانت العلمانية في المجتمع الأوروبي تمثّل موقف حياد أو موقف «تحييد» لرجال الكنيسة وإقصاء نظري لهم عن شؤون المجتمع والدولة، بزعم أنهم تجاوزا، فإنها في المجتمع الإسلامي لن تكون إلا موقف عدوان على الإسلام والمسلمين؛ فردُّ التجاوز والعدوان في مجتمع يقابله التجاوز والعدوان في مجتمع آخر.
أهم عناصر قوة الأمة جودة تعليمها، ونزاهة قضائها، وحسن اختيار قادتها، ومحاربة فساد الأخلاق على كل مستوى.

من جريدة العرب القطرية

العلمانية المتطرفة

 لا يعرفون من العلمانية أو الليبرالية سوى التحلل الأخلاقي، ويتجاهلون ما تبقى من قيم ديمقراطية، لأنها ببساطة تدين انحيازهم لسوط السلطة.

 لا وجود لحرية فردية مطلقة، وإن أجيزت تشريعات كثيرة تصطدم مع وعي مجتمعاتنا، كما تلك المتعلقة بالشذوذ والإباحية.

فرق بالطبع بين الفعل المخفي، وبين المجاهرة وتحدي قيم المجتمع

الغالبية الساحقة من البشر لا زالت ترفضها، وتعداد سكان الدول التي أقرّتها تمثل أقلية في العالم، كما أن الغرب ذاته لم يتوافق بشأنها، ومؤخرا قال رئيس الوزراء البولندي إن "المثلية" تمثل "أيديولوجيا خطيرة مثل الشيوعية".

 الحرية نسبية، ومن حق كل مجتمع أن يحددها بناءً على عقيدته وثقافته.

هؤلاء يريدون حرق المراحل، ويريدون نقلنا إلى منظومة الغرب الأخلاقية، حتى دون المرور بمرحلة التدرج التي مرّت بها هناك، قبل أن تمرر ما يخالف ثقافتها المسيحية؛ والتي هي في أصلها محافظة؛ إن كان على صعيد اللباس أم القضايا الاجتماعية والأخلاقية الأخرى.

في عام 1886، ثارت ضجة كبرى بسبب قبلة في فيلم إيطالي حمل اسم "القبلة"، ثم تدرّج الأمر إلى ما نعرفه حتى الآن، من دون أن يتطور مثلا للمشاهد الجنسية الساخنة (دعك من أفلام البورنو)، ولا السماح بالعري الكامل، فضلا عن الممارسات الجنسية الكاملة في الأماكن العامة، ولا زنا المحارم، والأمثلة كثيرة.

ولك أن تتخيل كم استغرق الأمر من زمن حتى وصل الحال إلى ما هو عليه، مع بقاء قيود لا تحصى على الحرية الفردية، لكن القوم الذين نتحدث عنهم يريدون أن ينقلوا مجتمعاتنا إلى ما يريدون على جناح السرعة، وبقرار من الأعلى!!

نحن نثق بانحياز الغالبية الساحقة من شعوبنا إلى القيم الإسلامية التي تحافظ على الأسرة كلبنة للمجتمع، وعموم المنظومة الأخلاقية التي تحافظ على تماسك المجتمع، لكن أولئك لا يريدون ذلك، وهم يعتقدون؛ كما بعض السياسيين، أنه من دون تغريب المجتمع لن يتخلصوا مما يسمى "الإسلام السياسي"، وعليهم تبعا لذلك أن يركزوا على هذا البعد ما داموا عاجزين عن المنافسة الشريفة في ميدان الديمقراطية، وأي ميدان يقول الناس فيه رأيهم ويحددوا مواقفهم بحرية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق