الثلاثاء، 30 يونيو 2020

زمن الوباء ينعش ثقافة التأمين على الحياة

 غيّر وباء كورونا أولويات إنفاق الأسر المصرية، وأضاف أعباء جديدة لم تكن على خارطة هذه الأولويات، وطرحت مخاطر الخوف من الإصابة بنودا على ميزانية الأسر باتت ضرورية على حساب جودة الحياة، وهو ما يمثل تحديا كبيرا، يستوجب البحث عن حلول خلاقة لتحاشي تكرار الأزمات في المستقبل.



واضطر عادل السيد، وهو باحث ومحاضر حر في القضايا الاجتماعية، إلى استقطاع جزء كبير من أوجه إنفاق أسرته الشهرية، نظير الاشتراك في وثيقة التأمين على الحياة، خشية وفاته في أي لحظة، وتشرد الزوجة والأبناء لغياب دخل شهري مستمر يعينهم على توفير الحد الأدنى من احتياجاتهم.



ازدادت مخاوف عادل بعدما توفي مؤخرا أحد أقاربه متأثرا بإصابته بفايروس كورونا، والذي كان يعمل في مجال الأعمال الحرة ولم يترك لأبنائه مصدر دخل يؤمن مستقبلهم أو يعينهم على مواجهة الواقع بكل ما يحمله من تحديات قد تكون مواجهتها عملية قاسية في غياب المال.



 ثقافة بدت غائبة في معظم الدول العربية باستثناء عدد قليل منها، نتيجة الفاقة والفقر ما أجبر الأسر على توجيه أولويات إنفاقها إلى الطعام وبعضا منها إلى العلاج والتعليم.



وأصبحت الشركات تخاطب أبناء الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة والأغنياء، لكن الإقبال على التأمين الحياتي تضاعف لدى الفئتين الأولى والثانية، أما الفئة الثالثة فثقافة التأمين لديها مرتفعة لأنه لا ترهقها أقساط التأمين، فضلا عن أنها تقتني دائما الأشياء الثمينة من سيارات ومساكن وغيرها وتغطيها دائما بوثائق تأمين ضد الأخطار المحتملة.



ورغم أنها تضمن تعويض أسرة المتوفى بنحو 3200 دولار لكل وثيقة تأمين قيمتها 31 دولاا، إلا أن الإقبال عليها لم يكن على المستوى المستهدف منه، ودفع هذا التباطؤ الحكومة إلى إتاحتها لجميع شرائح الشعب، وحصدت ثمارها الشركات الكبرى التي قامت بشرائها لموظفيها.



 عدم الاقبال على وثيقة “أمان” يعكس ضعف ثقافة التأمين، ومع ذلك فان وباء كورونا نجح في إعادة نشر الوعي المجتمعي تجاه التأمين على الحياة، خاصة مع اتساع نطاق دائرة الوباء، وارتفاع حالات الإصابة والوفاة.



ميزة وثيقة التأمين أن العائلة المؤمن على أحد أفرادها، لاسيما الأب أو الأم، تحصل على تعويض بمجرد إصابته بالعجز أو توفي، حتى لو قام بالتأمين على حياته قبل أشهر قليلة من تعرض حياته لمكروه، ويعكس الإقبال على هذه الخطوة الوعي المجتمعي بأن الخطر يحيط بالناس في كل مكان وزمان وعليه فإن التأمين ضرورة حتمية.



ا حسمت دار الإفتاء المصرية هذا الملف الشائك مع بداية انتشار كورونا في مصر، وقالت إنه لا يخالف الشريعة، ويندرج تحت التكافل الاجتماعي والتخفيف من تداعيات المصائب والكوارث.



وكان بعض رجال الدين المتشددين قد نجحوا على مدى سنوات مضت، في إقناع شريحة كبيرة من المصريين بأن التأمين على النفس ضد المخاطر، اعتراض على إرادة الله وقضائه، ومنهم من أفتى بأن رب العائلة الذي يفعل ذلك يترك لأبنائه أموالا محرمة وسوف يكبرون ويتعلمون ويتزوجون من الربا.



أصاب الصراع بين الحلال والحرام، أغلب الطبقات الاجتماعية بحالة شتات وتردد، إذ لم يكن بمقدور رب عائلة أن يسمع شيخا يقول إن التأمين على الحياة يترتب عليه ذرية فاسدة ومتصارعة مع نفسها، ويقدم على هذه الخطوة، ويرحل على الدنيا تاركا الأبناء يتقاتلون على المال الذي حصلوا عليه من التأمين.



 أرباب العائلات أصبحت لديهم هواجس يومية من إمكانية ترك أولادهم دون تأمين حياتهم، على مستوى التعليم والزواج وتوفير السكن المناسب.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق