الأربعاء، 18 أغسطس 2021

التفكير الخرافي في العالم الإسلامي . لقاح كورونا والوعي الخرافي . الارتياب من اللقاحات قصة طويلة عمرها أكثر من قرنين

Feb 28, 2019

 التفكير السحري العجائبي/ الغرائبي الذي ساد العالم إلى ما قبل خمسة قرون تقريبا.

لا يزال العالم الإسلامي في معظمه يعيش ـ وفق نمط تفكيره السائد/ الأعم ـ مرحلة ما قبل نزع السحر عن العالم، أي يعيش المرحلة السابقة لانتصار الرؤى العقلانية وسيادة المنهج العلمي. فهو "زمنيا" في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، بينما هو "وَعْيا"، في حدود بدايات القرن السادس عشر تقريبا.

ما يعيب حقا، هو استمرار وانتشار وهيمنة هذه "المرحلة الخرافية" على مسافة زمنية طويلة، وعلى مساحة جغرافية واسعة، بحيث ظهر وكأن مخاصمة العقل، وتسفيه المنطق العلمي، والتنكر لمخرجات العلم، هو قدر هذه الأمة التي تطرح نفسها منذ تشكّلت وإلى اليوم بوصفها: خير أمة 
أخرجت للناس!

وطبعا، ثمة مَد هنا وجَزْر هناك؛ لهذا العالم أو لذاك العالم؛ وثمة خُلْجَان داخل هذه القارة أو جُزُر في عُباب ذاك المحيط، ولكن الحدود الفاصلة المتضمنة حتى في مسارات التواصل والتداخل والاختراقات التي تحدث بين هذين العالمين، ليست خافية على عين الفاحص المدقق الذي يرصد تمدّدات العالم الخرافي/ البدائي، بل وآليات هذا التمدد، بقدر ما يرصد تمدّدات العالم العقلاني/ العلمي/ التقدمي الذي يبدو وكأنه هو قدر العالم كله على مستوى المجموع النهائي للحراك الإنساني في هذا العالم.

فثمة خرافيون بدائيون في أكثر المجتمعات الغربية تحضرا، كما أن هناك عقلانيين متحضرين حتى في أكثر المجتمعات الإسلامية تخلفا وبدائية.

وفي النهاية، العبرة بالقوة الروحية/ العقلية السائدة، أي بالوعي العام الذي يحكم المسار، العبرة بالتيار العام الذي يحكم نمط التفكير الكلي، وبالتالي، يحكم مسار الخيارات الكبرى التي تحدد هوية المستقبل الموعود.
إن أخطر ما في التفكير الخرافي في العالم الإسلامي أنه تفكير خرافي مُشَرْعَن، أي تفكير خرافي امتزج بالتفكير الديني/ بالتراث الديني حتى أصبح يستمد منه قوة الثبات/ الديمومة، وفي الوقت نفسه يستمد منه القدرة الفائقة على الانتشار على كل مساحات القناعة الدينية.
 لا بد من حركة نقدية/ تفكيكية تأتي ـ بالنظر إلى مكوناتها وآليات اشتغالها ـ من خارج المسار السائد المُتَطبّع بالخرافة بشكل أو بآخر، ثم لا بد أن تكون حركة جريئة وشاملة، قادرة على مساءلة أنماط التفكير الخرافي في التراث كله، فضلا عن مساءلة اللاإنساني والعنصري والاستبدادي والعنفي...إلخ معوقات تَشكّل حضارة الإنسان/ الفضاء الإنساني.
 حتى نقد الخرافة في تجلياتها الصريحة لا يزال غائما في سياق الفكر العربي/ الإسلامي المعاصر، لا يزال الحراك في هذا المضمار يفتقد إلى الجرأة الكافية لإنجاز بعض ما يجب إنجازه كضرورة للخطوات الأولى.
كتاب "الأساطير والأحلام المُؤسّسة للعقل الإسلامي" لنبال خمّاش،
*
غير واعٍ بطبيعة الوباء؛ من حيث آلية انتشاره بين الناس. فهو لم يفهم معنى "وباء"، بل "الوباء" لديه يُعادِل "المرض"! وبهذا، فَهِمَ أن الكمامة تعنيه خاصة، وأنها لحمايته فقط، ولا شأن للآخرين بها.
 يتصور "الوباءَ" مجرد "مرض"، أي حالة لازمة؛ فقد اعتقد جازما (ودرجة الجزم هنا تُعادل درجة الجهل) أن صحته تعنيه هو فقط، وحينئذٍ؛ فإنني حين أطالبه بلبس الكمامة، فإني أتدخّل ـ ولو بحسن نيّة ـ في شأن خاص به وحده: صحّته، وطبعا، لن أكون أحرص منه على نفسه؛ كما يعتقد، وكما هو واقع الحال.
نموذج لِكَيفيّة اشتغال "الوعي العامي" الذي يفتقد للحد الأدنى من العلم، العلم الذي يُرْفَع به الجهلُ في موضوعٍ عملي هو حديث الساعة، وهو خطر الساعة أيضا. هو تصوّر أن الخطر الناتج عن عدم لبسه للكمامة/ الوباء، يُماثل تماما، خطرَ أكْله لطعام فاسد/ المرض. وهنا، إذا كان ليس من حقي أن أقول له على سبيل الإلزام: لا تأكل هذا الطعام الفاسد المُتسمّم، فكذلك ـ كما يعتقد هو ـ ليس من حقي أن أقول له: لا تدخل علينا المحل بدون كمامة. هو لا يعي الفرق، أي لا يعي أن أكله الطعامَ الفاسد يتسبب في مرضه خاصة، بينما عدم التزامه بلبس الكمامة يتسبب في مرض الآخرين، وقد يودي بحياتهم، وحياة الألوف بعد ذلك.
 الكمامة غير إجبارية، وإجبارية في آن معا؛ وكذلك اللقاح، غير إجباري، وإجباري في آن معا. كيف ؟! لو أنك عزلت نفسك في بيتك فلم تخرج، أو نفيت نفسك في بقعة نائية من الصحراء، أو في واد سحيق، أو في أدغال غابة...إلخ؛ بحيث لا تُضْطر للاقتراب من أحد (انتفاء احتمالية العدوى)، فلن تُلاحِقك عناصر الشرطة لتجبرك على لبس الكمامة أو على تلقي اللقاح. لكنك ستُجبر على مقومات الوقاية الضرورية (الكمامة، التباعد، واللقاح؛ وهو أهمها اليوم)، عندما تريد الاشتراك مع الآخرين في فضاء مكاني خاص. 
لاحظ، أن كل هؤلاء ينسى أو يتناسى أنه لو أصيب، فإنه لن يُمْرض لوحده، بل سيصبح مصدر خطر على الجميع، أي لا يُفرّق بين المرض والوباء. ربما أن الأخير/ الرابع، يعي أن المرض مُعدٍ، ولهذا هو يُطالب الآخرين الخائفين من المرض بأخذ القاح لحماية أنفسهم، كأنه يقول: أنت خائف مني أن أكون مريضا؛ فأنقل إليك المرض، إذن، قم بأخذ اللقاح لتحمي نفسك مني، لتدرأ بحرصك عاقبةَ إهمالي. وهذا الأخير، وإن أدرك طبيعة العدوى، إلا أنه لم يدرك تماما طبيعة عمل اللقاح في مكافحة العدوى، فاللقاح لا يحمي 100 في المئة، بل هو بنسبة 90 في المئة وربما أقل؛ حسب نوعية اللقاح وحسب تطور المتحوّرات وطبيعة الأجسام...إلخ، ما يعني أنني إذا أخذت اللقاح، فلن تكتمل دورة الوقاية إلا بأن يأخذه الآخرون المشاركون في الفضاءات المشتركة أيضا. أنا آخذ اللقاح، فأقلل النسبة، وأنت ـ كطرف ثان ـ تأخذه فتقلل النسبة أيضا, فإضافة تحصيني إلى تحصينك هو ما يُعزّز الوقاية، وليس التحصين من طرف ملتزم مقابل طرف مُهْمل
الوعي الخرافي هو الطبيعي الفطري في حياة الإنسان. يعني، لو تُرِكَ الإنسان لحاله؛ فسيجنح ـ من حيث هو كائن عاطفي غرائزي؛ عقله تبعا لعاطفته؛ وليس العكس ـ للتفكير الخرافي، وسَيُؤسِّس واقعَه على تصورات خرافية، وسيكون سعيدا ومبتهجا بها. بينما الوعي العلمي تطوّر مُفَارِق، إنه خروجٌ واعٍ قائم على تحييد العاطفي والغرائزي الذي يندمج فيه الجميع على هيئة قطيعية تمنحهم فرصة الاقتصاد في التفكير.
الإنسان العامي، هو إنسان بدائي في مستوى وعيه العام. ومن حيث هو كذلك، فهو لديه هواجس التشكك والارتياب والخوف من كل جديد، من كل طارئ، من كل مُخَالف لما اعتاد عليه وألِفَه. وهذا الخوف والارتياب والتشكك يُفسّر الموقف من الوباء نفسه؛ قبل أن يُفَسّر الموقف من اللقاح. فمن الملاحظ أن الذين يُثِير اللقاح مخاوفهم وارتيابهم، ويجعلهم يبحثون عن "كوابيس مُؤَامَراتيّة"، هم أنفسهم الذين يُشَكّل لهم الوباء سِرًّا مغلقا يقاربونه بكثير من الشك والارتياب، بل وبـ"كوابيس المؤامرة" ذاتها.
*
Jul 12, 2021
ليس الارتياب من التلقيح أو حتى الرفض القاطع له من فئة من السكان، وليد وباء «كوفيد - 19» بل «هو بقِدَم اللقاحات بذاتها»، على حدّ قول مؤرّخ الشؤون الصحية باتريك زيلبرمان.
كان الجدري طوال قرون مرضاً فيروسياً قويّاً قبل القضاء عليه سنة 1980 بفضل التطعيم
Aug 7, 2021
انعدام الثقة بين الجمهور والحكومات يتعدى مدينة أو منطقة أو إقليماً. كما أن الحديث عن نظرية المؤامرة قد لا يقتصر على المناطق الحضرية، بل يمتد إلى أخرى لا تتمتع بأي من أشكال التنمية، ولا توفر حتى أية إمكانات لوصول قسم كبير من الناس إلى الإنترنت أو التلفزيون للاستماع إلى مروجي هذه النظريات.
تكتب مالك أن "الناس يثقون تقريباً في أي مصادر معلومات بخلاف تلك الحكومية، لأنهم ينظرون إلى السلطات باعتبارها مجرد أداة تسلط وعقاب". 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق