في الغرب وتنامي الشعبوية
Sep 26, 2020
شهد العام الحالي ارتفاعا غير مسبوق في نسبة من انتقلوا من الطبقة الوسطى إلى طبقة الفقراء، في وقت تحذر فيه دراسات صادرة في الآونة الأخيرة، من تداعيات “اختفاء الطبقة الوسطى”، في ظل استمرار التداعيات الكارثية لفايروس كورونا حيث تم “تفريغ الوسط” إلى حد كبير والذي يشكل العمود الفقري للمجتمعات، ما يؤذن باندلاع اضطرابات اجتماعية تقود إلى المجهول.
أن التآكل الواضح للطبقة الوسطى لا يمكن أن يحصل دون عواقب سلبية على الأقتصاد والسياسة بل والمجتمع.وفضلا عن دور الطبقة الوسطى في تحريك الأقتصاد وعجلة النمو والأبداع،فأن للطبقة الوسطى دوراً أساسياً في تحقيق الإستقرار والأمن المجتمعي. فهي بحق صمام أمان المجتمع والضامن للحراك والانتقال السلس بين الطبقات. من هنا نفهم الدور الذي لعبه تآكل الطبقة الوسطى في الغرب في صعود الحركات الشعبوية المتطرفة.
فالشعبوية تقوم على مبدأ أساس هو الخوف من الآخر وتقسيم المجتمع الى مجموعات متنافسة وليست متعاونة.أن الخوف الذي يعد واحداً من أهم محركات السلوك الأجتماعي والسياسي يغيب السلوك العقلاني. وبما أن المزيد من أفراد الطبقة الوسطى في الغرب صاروا ينظرون بخوف لمستقبلهم الوظيفي بسبب أنحياز عوائد العولمة نحو الطبقة الوسطى في الشرق كما تظهره الإحصاءات،فقد باتوا أكثر تأييداً للقادة الشعبويين الذين يخاطبون غريزة الخوف هذه ويعدونهم بالحماية من خلال الانكفاء للداخل وإغلاق الحدود بوجه المهاجرين الذين باتوا لا يهددون وظائفهم فحسب بل يهددون أنماطهم الثقافية التي طالما ألفوها.
ولعل البريكست كان مثالاً واضحاً على هذا الشعور المتنامي بين البريطانيين وبخاصة بين الطبقات الأفقر وبين الطبقة الوسطى-الدنيا والمهددة بالسقوط في براثن الطبقة الفقيرة نتيجة فقدانهم لوظائفهم.نفس الحال حصل في الولايات المتحدة وأدى لصعود ترامب غير المتوقع من الكثيرين.
أن أخطر ما في الموضوع ،هو أن الشعبويين قد يحققون نتائج أقتصادية أفضل على المدى القصير نتيجة إنسحابهم من العولمة أو محاولة إغلاق الحدود بوجه رياحها(وهذا ما حصل إقتصادياً في الولايات المتحدة خلال السنوات الثلاث السابقة)، وهم في نفس الوقت قد يزيدون من وهم الشعور الزائف بالأمان الإجتماعي والثقافي بين فئة المحافظين في تلك الدول،لكن نتائج السياسات الشعبوية هذه قد تكون كارثية على المدى المتوسط أو البعيد.
فالسياسات الشعبوية تقلل من عوائد الاقتصاد العالمي وبالتالي تقلل مستوى الدخل الكلي مما سينعكس سلباً على مستويات الفقر من جهة والمزيد من تآكل الطبقة الوسطى من جهة أخرى. كما أن الشعبوية تزيد من التوترات الاقتصادية والسياسية بين الدول مما يجعل إحتمالات الحرب أكثر من أي وقت مضى. أما على صعيد السياسات البيئية والصحية فأن آثار السياسات الوطنية الشعبوية تبدو كارثية.
ولعل إنسحاب الولايات المتحدة من إتفاقية المناخ هو دليل واحد فقط على هذا التهديد الجدي للسياسات الشعبوية على المناخ الدولي. كما أن التنافس وعدم التعاون في مكافحة الأوبئة مثل كورونا هو دليل واضح آخر على المشكلات التي يمكن ان تسببها السياسات الشعبوية في التعامل مع الأحداث والكوارث الدولية.
*
بصفة عامة هناك فهم مشترك لدى السواد الأعظم من الناس - باستثناء جماعة الليبراليون الجدد - يقسم الخارطة الاجتماعية إلى ثلاثة فضاءات رئيسة هي «الطبقة الغنية» و «الطبقة الوسطى» و «الطبقة الدنيا» وذلك وفقًا لدخل الطبقة السنوي وحسب مستواها التعليمي. ولكل طبقة من الطبقات وظيفتها التي تختص بها في الحفاظ على حيوية المجتمع وتماسكه.
ولكون «الطبقة الوسطى» هي الطبقة الواقعة بين الطبقتين «العليا – الغنية» و»الدنيا – الفقيرة» فإنها بذلك تشكل وسادة الأمان للمجتمع، لكونها المحرك القوي للقطاع الاقتصادي والاجتماعي في كل بلد، من حيث القدرة على ممارسة الأعمال، وملكية المال اللازم لشراء السلع والخدمات، وبالتالي المقدرة على التطوير والإبداع. وكل هذه أمور بالغة الأثر على الاقتصاد الوطني. فإنني سأركز على هذه الطبقة الهامة التي تنقسم - هي الأخرى - إلى ثلاث طبقات فرعية هي «الطبقة الوسطى المتنفذة» التي تضم الفئات الحاصلة على تعليم عالٍ، ويمارس المنتمون لهذه الطبقة مهنًا تتطلب قدرات ذهنية متميزة، ويتولون وظائف قيادية مرموقة، كما تضم هذه الطبقة في عباءتها أصحاب الأعمال المتوسطة. و»الطبقة الوسطى المستقرة» تلك الطبقة التي تغطي في خيمتها الفئات الحاصلة على تعليم أساسي، وتمارس وظائف ومهنًا تتطلب مهارات ذهنية وإدارية خاصة. والطبقة الوسطى الثالثة هي «الطبقة» الوسطى التحتية» التي تحتضن في جلبابها فئات متعلمة تمارس مهنًا إدارية أو فنية غير معقدة أو أعمالًا اقتصادية صغيرة, والخط الفاصل بين أبناء هذه الطبقة، وأبناء «الطبقة الدنيا - الفقيرة « هو خط الفقر.
هناك خصائص وميزات وعوامل تجمع بين أبناء هذه الطبقة، يأتي في مقدمتها الشعور بقيم الأغلبية.
«الطبقة الوسطى» هي المحرك الرئيس لتفاعلات المجتمع وحيويته وعنفوانه، مشَيدةً أحد الأعمدة الأساسية في استقراره السياسي والاقتصادي والاجتماعي. خالقةً التوازن الطبيعي فيه بحكم طلبها الكبير على السلع والخدمات المحلية، لذا فإن اتساع هذه «الطبقة» يعتبر مؤشرًا صادقًا ودقيقًا على نجاح السياسات الاقتصادية والاجتماعية في كل بلد. إن «الطبقة الوسطى» هي الترسانة البشرية القوية في عطائها، حيث أظهرت دراسة أعدتها «مؤسسة كوفمان» الأمريكية حول التركيبة الديموغرافية لرجال الأعمال - هناك - أن نسبة (1%) منهم - فقط - ينسلون من أسر غنية جدًا أو فقيرة جدًا، مقابل نسبة (99%) ينحدرون من الطبقة الوسطى.
ما أود قوله بعد كل ما تم ذكره آنفًا أن «الطبقة الوسطى» هي الدعامة الأساسية لاستقرار المجتمعات، كما أنها ليست بمعزل عن التحولات الاقتصادية إن سلبًا أو إيجابا.
* Jun 18, 2021
الطبقة الوسطى
“فناء” الطبقة الوسطى، وانصهارها في الطبقة الأقل، أي الفقيرة، سيُصيب الاقتصاد الوطني في مقتل، والذي يؤدي إلى ازدياد أعداد الفئات الفقيرة، وارتفاع نسب البطالة، إلى معدلات، ستخلف أمورا لا تحمد عقباها، خاصة بأن هناك ارتفاعا دائما للأسعار، وبالتحديد السلع الأساسية، وكذلك الضريبة المفروضة على المواطنين، والتي تُعتبر مرتفعة جدًا، عند مقارنتها بدول أخرى، تؤمن حياة كريمة لشعوبها، وخصوصًا لأولئك الذين يبلغون سن الشيخوخة أو ذوي الاحتياجات الخاصة أو أصحاب الأمراض.
يُوجب على الحكومة ضرورة العمل، بلا “بروباغندا”، لا تُسمن ولا تُغني من جوع، على إقرار سياسات وإجراءات جديدة، من شأنها حماية الحقوق الأساسية للمواطن، والتي تتمثل في الغذاء والعمل والدواء والنقل، فالقرارات الحكومية، نستطيع أن نُطلق عليها، غير حكيمة، أو ليست في وقتها المناسب، والتي كان آخرها رفع أسعار المشتقات النفطية، بشكل غير عادل، وللمرة السادسة على التوالي، خلال العام الحالي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق