الثلاثاء، 3 أغسطس 2021

المكارثية . فصل الموظفيين الاخوان

 نحن نعيش عصر المكارثية في أبشع وأحدث صورها، عصر تُنكل فيه الأنظمة الحاكمة بمعارضيها السياسيين والمخالفين لها في الرأي، حتى ولو وصل الأمر إلى حد قطع أرزاقهم وفصلهم من وظائفهم واغتيالهم معنوياً عبر اتهامات بالجملة تطعن في شرفهم ووطنيتهم، ثم التنكيل بهم وإقصائهم عن المجتمع والوظائف العامة، وربما قطع أعناقهم والحكم بإعدامهم كما حدث مؤخرا، وكله بالقانون. 

يوجه الاتهامات لمعارضيه بالتآمر والخيانة ومحاولة قلب نظام الحكم دون الاهتمام بتقديم أدلة أو جمعها.

فآخر ما يهم هؤلاء هو إثبات الحقيقة، فقط المطلوب إزالة المعارض والمخالف لها في الرأي من الوجود ومن على وجه الأرض وبأي ثمن، وقبلها إذلاله اقتصادياً ومادياً وتضييق سبل العيش عليه، وترهيب من يقبل بتشغيل هؤلاء. 

حدث ذلك إبان حكم الاتحاد السوفييتي الذي تناوب على حكمه أشهر الطغاة في العصر الحديث مثل جوزيف ستالين، وحدث في أنظمة ديكتاتورية ومستبدة وقمعية أخرى كما هو الحال أيام حكم أدولف هتلر وموسيليني وماو تسي تونغ وسلوبودان ميلوشيفيتش ونيكولاي تشاوشيسكو.

كما حدث في الولايات المتحدة في خمسينيات القرن الماضي، وتحديا الفترة ما بين عام 1947 وعام 1957، عندما اتهم جوزيف مكارثي عضو مجلس الشيوخ ورئيس إحدى اللجان الفرعية بالمجلس عدداً كبيرا من موظفي الحكومة بأنهم شيوعيون يعملون لمصلحة الاتحاد السوفييتي.

ليس مطلوبا من هذا الفاشل إثبات أن زميله مهمل في عمله ومقصر في أداء وظيفته، أو أنه يستفيد من موقعه ويتقاضى رشى وعمولات وأموالا غير قانونية، فقط مطلوب إبلاغ السلطات صاحبة القرار بأن هذا الموظف من "الإخوان"، وينتمي إلى تلك "الجماعة المحظورة" قانونا منذ سنوات، أو أنه متزوج من عائلة إخوانية، أو أن أحد أقاربه من الإخوان، أو أنه جلس في يوم ما مع شخص ينتمي للجماعة.

ليس مطلوبا من هذا الموظف الكسول الحاقد تقديم دليل على زعمه، فقط إطلاق تلك التهم على المشاع وإلصاقها بأي شخص لا يروق له ولا يرتاح له نفسيا، أو أنه شخص صالح وهو فاسد ومنحط أخلاقيا.

القانون يخالف أحكام الدستور الذي نص على "عدم التمييز بين المواطنين أمام القانون بسبب الانتماء السياسي أو لأي سبب آخر"

* Jul 12, 2021

الفاشية الإيطالية والمكارثية الأميركية والنازية الألمانية

في العام 2017 كان عبد  الفتاح السيسي يتحدّث في ندوة تثقيفية من ندوات القوات المسلحة، وكأنه ينقل من تراث هيرتزل، فقال "أي شخصٍ ينتمي لأي تيار سياسي أو ديني أو طائفي معلش يستريح شوية، ولو اكتشفنا شخص بالنوع ده هنبعده، ليس فقط من الجيش والشرطة بل من الدولة المصرية ككل".

صار يتمدّد ويتسع ليأخذ في طريقه كل من لا يؤيد المسار الجنوني الذي تمضي فيه البلاد، سواء كان مسلمًا أم مسيحيًا، يمينيًا أم يساريًا، ليبراليًا أو اشتراكيًا، محافظًا أو تقدميًا، إذ إن كل هذه الفروق تنمحي وتنتفي، حين تدخل في السراديب القانونية المظلمة التي توفرها العبارة المطاطية العجيبة "مشاركة جماعة إرهابية تحقيق أهدافها" والجماعة الإرهابية،

بإمكان أي مواطن مصري الآن أن يفتك بزميله وظيفيًا، ويرسله إلى السجن، بقصاصة ورق صغيرة، تتضمّن بلاغًا للسلطات بأنه إخواني، أو متعاطف مع الإخوان، أو لا يؤيد إبادتهم بالقدر الكافي، وهو الأمر الذي يجعل مصر، مع بدء تطبيق هذا القانون، مقبلة على فضٍّ جديد، يستهدف اقتلاع كل من لا يرضى عنهم النظام من مرافق الدولة ومؤسساتها، بوصفهم أعداء للوطن، مثلهم مثل الذين حرّضت عليهم بعض أصوات "الليبرالية المتوحشة" أيام اعتصام رابعة 2013 عندما لم يستشعر أصحابها وخزا لضمائرهم وهم يوفرون الغطاء السياسي والأخلاقي لقرار حكومة الانقلاب بمحو المعتصمين في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر من الوجود، بل إن بعضهم ذهب إلى أبعد من ذلك، حين اتهم الأجهزة الأمنية بالتراخي، لأنها تصبر على هؤلاء الأوغاد المعتصمين بأطفالهم وبناتهم، ضد انقلابٍ أوصل البلاد إلى ما هي عليه الآن: وطن يسفك الدماء، ولا يحافظ على قطرة الماء.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق