هرب سكان المدن السورية واللبنانية والعراقية واليمنية والأفغانية والإيرانية، مفضلين العيش في الغربة، والتشرد، على العيش تحت حكم طرف يدعي أنه قادم لنشر العدالة والأمن والسلام بينهم وفي المجتمع، مستعيناً في تحقيق ذلك بتفسيراته الدينية، ومتبعاً أقسى قواعد العقاب، ومحرماً كل أنواع التسلية والرفاهية عن الجميع.. فما السبب؟
ترك البشر لمطلق حريتهم لما توقفت الخلافات والمعارك بينهم، ولتصارعوا على كل أمر وكل كلمة وتصرف. لهذا تدخل فريق ووضع قواعد عقد اجتماعي ينظم العلاقة بين البشر، وبينهم وبين الجهات التي اختارت أو تم اختيارها لأن تحكمهم. ثم جاءت الشرائع الدينية وأضافت بعداً آخر لهذه القواعد والقيود والعلاقات، بحيث أصبحت هناك حدود «شرعية» للعلاقات الجنسية والإرث والحدود، أو العقوبات وغيرها من أمور
ومع تطور الأنظمة البشرية وسيادة مبادئ حقوق الإنسان، دخلت البشرية بعداً جديداً مع تعدد معتقدات مكونات المجتمع، واختلاف خلفيات مواطني الدولة، بحيث تطلب الأمر وجود أو صياغة عقد اجتماعي جديد، يتضمن قواعد علاقات وقوانين ونظماً تشمل الجميع بمظلتها، مع ترك الحرية الدينية لكل فئة وتوفير الأمن والحماية لها لكي تعيش في أمن وسلام، وأمامنا عشرات الأمثلة الحية لدول طبقت هذا المبدأ، أصبحت الحروب والخلافات الدينية بين أفراد هذه المجتمعات شيئاً من الماضي، وكانت هذه بداية نشأة الدولة الحديثة، أو ما أصبح يطلق عليه «الدولة العلمانية»، التي توفر النظام الأكثر عدالة لمكونات المجتمع كافة. وبالتالي فإن ما نراه من عداء من بعض «العباقرة» للدولة العلمانية، وتفضيلهم للدولة الدينية نابع من أحد أمرين:
أنهم لا يعرفون ما تعنيه الدولة العلمانية، والكم الكبير من فضائلها.
أنهم من الخاسرين، أو غير المستفيدين، من وجودها!
الدولة الدينية توفر لأمثال هؤلاء قوة هائلة، وتجعلهم فوق غيرهم من مواطنيهم، وخاصة من أتباع المذاهب أو الديانات أو العقائد الأخرى،. فبيدهم تفسير أي نص وتطبيق أي حد، ولو تطلب ذلك قطع الأيدي والأرجل، من خلاف، أو رجم من يعتقدون أنها زانية بالحجارة، بعد وضعها في كيس من الخيش، أو دفنها حتى وسطها في التراب!
لهذا يلوذ الناس بالفرار، بأرواحهم، بمجرد سماعهم بوصول الحكم الديني المتشدد لمناطقهم، فهل من يعتبر ويتعلم ويفهم؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق