Jul 19, 2021
ما أقدمت عليه الولايات المتحدة، التي قامت بطباعة نقود خلال فترة شهرين فقط بأكثر مما تم في مائتي عام مضت، وهي إحصائية أقل ما يقال عنها إنها مذهلة ومرعبة في آنٍ واحد، الغاية الأساسية منها كانت التحكم في التضخم والسيولة (وذلك بعد الانحسار الشديد جداً في كم الأوراق النقدية المتداولة بين الناس، وبالمقابل زيادة الاعتماد على وسائل السداد الإلكتروني).
لم ترتفع الديون الحكومية فحسب، ولكن طال ذلك أيضاً الديون الشخصية التي هي نتاج انخفاض الأجور والمداخيل والتي شهدت ارتفاعاً مهولاً لمحاولة سد فجوات العجز الناتج.
انخفضت أسعار النفط بسبب قلة الطلب وفي ظل انخفاض فرص عوائد الاستثمار وتدهور معدلات الفائدة واضطراب العملات العالمية، فلجأ الناس إلى الأسلوب القديم الآمن في الاستثمار، وذلك بالاعتماد على الذهب. ولأن الذهب حول العالم كميته محصورة في المناجم تحت الأرض أو في المخازن والمصانع فهو يظل ذا كمية محددة، ولذلك كان صعوده بسبب المضاربة على سعره و«نفسياً» بسبب فقدان الناس للثقة بالقدرات الطبية في التعامل مع تداعيات الأزمة في ظل غياب اللقاح والدواء وضبابية موعد خروج أول لقاح جاد ومحترم وموثوق به يمكن الاعتماد عليه.
وفور إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تمكن بلاده من إنتاج أول لقاح لمكافحة «كوفيد - 19» انعكس ذلك على سعر الذهب الذي هبط نتاج إحساس الناس بطمأنينة أن نفق اللقاح المظلم اقترب من نهايته، وأن هناك ضوءاً خافتاً قد بدأ في الظهور في نهايته.
ثم بدأ التشكيك في جدية المنهجية التي تم اعتمادها من قبول الروس لضمان نجاح وفعالية اللقاح وكيف أن التجربة لم تمر بالمرحلة الثالثة المهمة في اختبارات اللقاح والمعتمدة على تجارب أعداد كبيرة من الناس وتقييم النتيجة.
هناك دول قررت المغامرة وتجربة اللقاح الروسي، ودول ستجرب مغامرة أخرى بتجربة لقاح صيني أعلن قبله، ولكن أكثر العالم يحبس أنفاسه بانتظار النتائج النهائية من لقاح جامعة أكسفورد البريطانية العريقة مع مجموعة دوائية مرموقة، ونتائج لقاء شركة «موديرنا» الدوائية الأميركية، والأخيرة قد تستخدم كورقة سياسية وتكون مفاجأة أكتوبر (تشرين الأول) بالنسبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي يواجه خصماً شرساً في هذا السباق الرئاسي، والمقصود هنا فيروس «كوفيد - 19» وليس المرشح الديمقراطي ومنافسه جو بايدن.
سباق اللقاحات قد بدأ وفيه أبعاد ومنافع صحية واضحة، ولكنه لا يخلو من أعراض التنافس السياسي والحرب التجارية، ورغم الفوائد المتوقعة في المستشفيات جراء نجاح اللقاح المنتظر فإن الأثر الاقتصادي له لن يكون بأقل أهمية. سألني صديقي وأنا أتحاور معه عن اللقاح الروسي فابتسم ساخراً وقال لي: هل من الممكن أن تسمي أي منتج روسي غير مدفع الرشاش الكلاشنيكوف؟ إن الفرق يا عزيزي بين اللقاح الروسي واللقاح الغربي هو كمن يقارن السيارة الروسية اللادا بسيارة بنتلي. وصل المعنى؟ قلت له: وصل وابتسمت.
حسين الشبسكي
* Aug 13, 2020
إدخال السباق العلمي لإنتاج اللقاح في الصراعات الجيوسياسية
Aug 12, 2020
واللقاح الروسي الذي كثر الحديث عنه مؤخراً، ليس مدرجاً بعد على قائمة اللقاحات الستة التي تعدها منظمة الصحة العالمية بلغت المرحلة الثالثة من التطوير التي تقتضي إخضاع اللقاح لاختبارات سريرية واسعة النطاق على البشر للتأكد من فاعليته ومعرفة العوارض الجانبية التي تنجم عنه.
اللقاح الروسي ... اعتماد سريع وانتقادات علمية
اللقاح في الشرق الأوسط .. ورقة سياسية ذات بعد إقليمي!
Dec 11, 2020
الصداقة بديل عن الدين والعقيدة
المواطنة قبل الايمان والوطن قبل الدين
*
فالإنسان يصارع الطبيعة لتحقيق حياة أفضل، والأجسام تصارع المرض لصحة أفضل وهكذا. كما أن الصراع هو من سنن الحياة على الأرض، وغالبا ما يكون من أجل تحسين الأوضاع والوصول لأفضل النتائج. هذا هو الحال الآن مع صراع اللقاحات لفيروس كورونا (كوفيد-19) بين الدول والشركات.
من ينتج لقاحه أولا، بل أيضا على الأسعار وسهولة التخزين والنقل والتوزيع والتطعيم. وفي كل هذا الصراع خير للبشرية جمعاء.
صراع الحضارات” وصراع الاقتصادات وغيرها.**
السعي إلى الربح
فشل أخلاقي كارثي بسبب سياسات توزيع اللقاحات
اعوجاجاً في مبدأ العدالة الذي طالما تغنَّت به الدول الغربية المتحكِّمة في عملية إنتاج اللقاحات ضدّ كورونا التي تخضع بدورها لحتمية "الغرب أوّلاً ومن بعده الطوفان"، ولن يستقيم ذلك الاعوجاج حتى يتَّحد قادة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى بشكل مُكثَّف لمعالجة عدم المساواة في اللقاحات المشحونة للخارج وفقاً لمعيار الأهمية "الجيوسياسية" أو "الجيوبوليتيكية".
الرغم من وجود عرض قليل نسبياً من اللقاحات الغربية، إلا أنّ الدول الغربية ما زالت متخوِّفة من لجوء الدول الأخرى إلى الصين وروسيا والهند للحصول على اللقاحات خوفاً على تراجع هيمنتها وتفوُّقها مع أنّه بإمكانها منح تراخيص لإنتاج تلك اللقاحات في كل القارات، ولكنّها تفضِّل احتكار إنتاج تلك اللقاحات والتحكُّم في أسعارها.
هكذا تجد الدول النامية ولا سيَّما الفقيرة منها نفسها في طابور انتظار طويل ومضطرّة لدفع مبالغ تفوق بكثير السعر الحقيقي لجرعات اللقاحات خاصّة بعد تأكيد إليزابيث شرايبين، المتحدثة باسم شركة فايزر الأميركية لإنتاج الأدوية، على بند السرية الذي يفرض على المشترين عدم التصريح بأسعار اللقاحات، الأمر الذي ينمّ على عدم وجود تسعيرة موحَّدة لكل من يرغب بالحصول على اللقاحات.
والأدهى والأمرّ أن ينتهي المطاف بالدول ذات الموارد المالية المحدودة والفقيرة إلى دفع أسعار تفوق بكثير تلك التي تدفعها حالياً نظيراتها الغنية مقابل جرعات اللقاحات، وسيزداد الطين بلّة إذا ما انتهجت تلك الأسعار منحى تصاعدياً وتضاعفت عدّة مرّات بسبب طمع وجشع الأغنياء الذين يستغلِّون بؤس الفقراء.
لقد ضخَّت الولايات المتحدة وأوروبا موارد مالية هائلة في مجال البحث عن اللقاحات وتطويرها، فعلى سبيل المثال، حصلت شركة موديرنا الأميركية والمعاهد الوطنية الأميركية للصحة على دعم حكومي بقيمة 2.5 مليار دولار.
كما قدَّم الاتحاد الأوروبي قرضاً بقيمة 122 مليون دولار لشركة BioNTech التي حصلت أيضاً على دعم مالي من الحكومة الألمانية بقيمة 458 مليون دولار بهدف تطوير لقاح Pfizer-BioNTech، هذا علاوة على مبلغ وصل إلى 30 مليار دولار قامت 20 شركة لتصنيع الأدوية مجتمعة باستثماره في تطوير لقاحات فعّالة ضدّ الجائحة وفقاً لتقرير BioWorld الصادر في 3 مارس/ آذار 2021.
يمكن للولايات المتحدة وأوروبا أن تربحا من خلال مشاركة تقنيات إنتاج تلك اللقاحات المتطوِّرة مع كافة الدول النامية أكثر بكثير من اكتناز اللقاحات واحتكار كيفية إنتاجها وتطويرها
ومع احتدام السباق الغربي لإنتاج اللقاحات، تطالب الدول ذات الدخل المتوسِّط والمنخفض في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، تلك الشركات الغربية بمنحها تراخيص لإنتاج اللقاحات ولكن بصوت يكاد لا يُسمع، ووحدها روسيا وافقت على إنتاج لقاح Sputnik V في البرازيل والهند وتركيا وكوريا الجنوبية والصين.
إذا كان قادة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لا يزالون متمسِّكين بقيّم الديمقراطية والمساواة والعدل، فعليهم فعل الشيء نفسه بغية تلبية الطلب العالمي على تلك اللقاحات وتمكين العالم من الخروج من النفق الكوروني المظلم بأقلّ الأضرار.
يمكن للولايات المتحدة وأوروبا أن تربحا من خلال مشاركة تقنيات إنتاج تلك اللقاحات المتطوِّرة مع كافة الدول النامية أكثر بكثير من اكتناز اللقاحات واحتكار كيفية إنتاجها وتطويرها، حيث تتراوح المزايا من وضع حدِّ لدورة لا تنتهي من المصائب التي تقذفها كورونا على الاقتصاد العالمي إلى ترميم التجارة العالمية واكتساب نفوذ القوّة الناعمة
حتى ادعاءات الشركات الغربية بارتفاع تكاليف هذه الخطوة البنَّاءة تسقط أمام التجربة الناجحة لتقاسم تكنولوجيا وبراءات اختراع أدوية نقص المناعة التي يعتمد عليها حالياً الملايين حول العالم.
وجدير بالذكر أنّ توسيع إنتاج اللقاحات في غضون ستة أشهر لا يتطلَّب تقاسم براءات الاختراع فحسب، بل يتطلب أيضاً مشاركة المعرفة والتكنولوجيا مع الشركات المتخصصة في تصنيع الأدوية في الدول النامية.
بهذه الطريقة لن تساهم الشركات الأميركية والأوروبية في تكثيف إمدادات اللقاحات المضادّة لفيروس كورونا فحسب، بل ستجعلها أقلّ تكلفة أيضاً.
يمكن لهذه العملية أن تتجسَّد بنجاح على أرض الواقع نتيجة وجود موارد مالية هامة قدَّمتها المؤسسات الدولية في هذا المضمار، فقد وافق البنك الدولي على خطّة مساعدة بقيمة 12 مليار دولار لضمان حصول الدول النامية على لقاحات للوقاية من فيروس كورونا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق