Aug 20, 2021
تعمدت طبقة الموالاة للنظام المصري الرثاء لحال الجيش الأفغاني الذي أنفقت الولايات المتحدة نحو 88 مليار دولار لتسليحه على مدار عقدين عندما فر من أمام ميليشيات تملك أسلحة بدائية، كشفت عدم وجود قيم وطنية ترغم الجيش للدفاع عن الدولة وهياكلها، وهو ما بذلت المؤسسة العسكرية المصرية جهودا على مدار عقود طويلة لترسيخها وصهر الفوارق بين الطبقات الاجتماعية فيه، والعمل وفقا لتراتبية صارمة تتبعها الجيوش النظامية التي يتم تشكيلها بموجب عقيدة وطنية محددة.
يعتبر داعمو هذا الاتجاه أن انتصار طالبان عزز مكانة الجيش المصري ومنحه ميزة نسبية جديدة حاول بعض معارضيه طمسها بشتى الطرق من خلال التشكيك في عقيدته العسكرية أو تغييرها بما يجرفها إلى ناحية غير وطنية.
العقيدة الوطنية، حيث جسدت المعارك التي دارت بين عناصر من الجيش المصري وقوى إرهابية في سيناء وحصيلتها البالغة من الضحايا، ضباط وجنود، أن الدفاع عن الأرض لا يختلف عن العرض.
الفريق الثاني (المعارضون) فقد جاء احتفاء القوى الإسلامية في مصر بانتصار طالبان من وازع ديني حمل رسالة تشبه رد الاعتبار لفكرة الجهاد الشائعة في أدبيات المتطرفين، والتقليل من قيمة استخدام الديمقراطية كوسيلة للوصول إلى الحكم، والتي تبنتها جماعة الإخوان في مصر بغرض التسلل إلى السلطة والسيطرة على مفاصلها.
يقود تثمين نصر طالبان لدى المعارضين أيضا إلى المزيد من المغالاة في التوجه نحو التطرف واللجوء إلى توظيف القوة بكل معانيها الباطشة في مواجهة الأنظمة الحاكمة كسبيل مضمون يمكن أن يصعد بالإسلاميين إلى قلب السلطة.
تفشيل طالبان لمخططات الولايات المتحدة في أفغانستان نموذجا يدغدغ عواطف المتشددين دون اعتبار للفوارق السياسية والبيئة الاجتماعية والجاهزية العسكرية والقوى الأمنية المهيمنة والتوازنات التي تنطلق منها، ما يدعم الخطاب الذي يتبنى العنف كأداة للوصول إلى الحكم ويزيد من احتمالات اتساع نطاق الإرهاب.
أدى غياب أو تغييب المجتمع المدني عن الحياة السياسية إلى نمو تيار المؤيدين للتوسع في دور المؤسسة العسكرية بمصر وطرقها مجالات مختلفة بعيدة عن الأدوار التقليدية للجيوش، لاسيما أن المهام التي توكل إليها تحقق نجاحا لافتا.
تزايد دور القوى المتشددة التي قد يحدوها الأمل في الحصول على دعم جديد من الخارج لمقاومة أجهزة السلطة الحاكمة بعد أن تكبدت خسائر كبيرة في العامين الأخيرين على يد الجيش المصري، ومن هنا يمكن فهم القسمات الواضحة لحالة السعادة الطاغية بحركة طالبان بين الموالاة والمعارضة في مصر.
*
ليس نصراً إلهياً.
منذ سقوط ما يسمى دولة الخلافة (العثمانية)، خاصة مع ترويج تلك التيارات أنها الوريث الشرعي لها.
يشبه إلى حد كبير «العنف الثوري» في النظرية الشيوعية،
ما يجري في أفغانستان جزء من مشروع غربي ضخم لحشد «المسجد والكنيسة» مرة أخرى (المرة السابقة في المكان نفسه) في مواجهة الصين، والعمل على تحضير ساحة الشرق الأوسط لتلك المواجهة الكبرى بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، فالمعركة باتت معركة وجود، ولم يعد من الممكن تأجيلها، وما يجري ليس كما يقول القائمون على التيارات الإسلامية بأنه نصر إلهي.
حركة طالبان نسجت على يد استخباراتية، وليست معظم التيارات الإسلامية استثناء، كما أنها جزء من صراع باكستاني-هندي محلي على أفغانستان كممثلين لامتدادات دولية، حتى وإن بدت غير ذلك واكتسبت صبغة مقاومة، استناداً إلى أسس داخلية باكستانية تجاه الولايات المتحدة، لكنها تبقى في النطاق «الوظيفي» نفسه، الذي تدور خلاله دول المنطقة بشكل عام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق