Jul 13, 2018
قاسم عبده قاسم
أغلب المورخين يعتقدون أن
تاريخنـا زاهر ومجيـد وينبغي
اسـتعادته.. ما رأيك؟
- التاريخ لا يدخل بيت الطاعة، لأن
التاريـخ يحتل مكانـه في محطاته
الزمنيـة ولا يمكـن اسـتعادته مر ًة
أخـرى، وكذلـك، فـإن مـا نخـرج
ّ به مـن قـراءة التاريخ هـو تلمس
الكيفيـة للخـروج مـن أزمـة مـا
باسـتلهام الأمثلـة التاريخيـة.
ًوهنـاك قانـون يـكاد يكـون ثابتا
الحركـة التاريخية مـؤداه أن
ّ الأمـم لا تتقدم إلا بالعمل ولا يصلح
حالهـا إلا بالعـدل، وأن الأمم دائماً
أقوى من الحكومـات، وأن الحكام
لا يبدعـون، وإنمـا الأمـم هي التي
تبـدع إذا مـا توافـرت لهـا الإدارة
ّ السـليمة وتـم توظيـف إمكاناتها
فـي خدمتها.. هـذا القانون يصدق
على الحضـارة العربيّة الإسـلامية
والتاريـخ الإسـلامي، كمـا يصدق
علـى أي حضـارة أخـرى فـي
التاريـخ: العـدل مـع العمـل هما
سـبيل البناء، والفسـاد مـع الظلم
يمهـدان الطريق للسـقوط
أغلب المورخين يعتقدون أن
تاريخنـا زاهر ومجيـد وينبغي
اسـتعادته.. ما رأيك؟
- التاريخ لا يدخل بيت الطاعة، لأن
التاريـخ يحتل مكانـه في محطاته
الزمنيـة ولا يمكـن اسـتعادته مر ًة
أخـرى، وكذلـك، فـإن مـا نخـرج
ّ به مـن قـراءة التاريخ هـو تلمس
الكيفيـة للخـروج مـن أزمـة مـا
باسـتلهام الأمثلـة التاريخيـة.
ًوهنـاك قانـون يـكاد يكـون ثابتا
الحركـة التاريخية مـؤداه أن
ّ الأمـم لا تتقدم إلا بالعمل ولا يصلح
حالهـا إلا بالعـدل، وأن الأمم دائماً
أقوى من الحكومـات، وأن الحكام
لا يبدعـون، وإنمـا الأمـم هي التي
تبـدع إذا مـا توافـرت لهـا الإدارة
ّ السـليمة وتـم توظيـف إمكاناتها
فـي خدمتها.. هـذا القانون يصدق
على الحضـارة العربيّة الإسـلامية
والتاريـخ الإسـلامي، كمـا يصدق
علـى أي حضـارة أخـرى فـي
التاريـخ: العـدل مـع العمـل هما
سـبيل البناء، والفسـاد مـع الظلم
يمهـدان الطريق للسـقوط
قصـص الأنبياء
ّ سـتجد أنهـا تحركـت فـي المثلـث مـا بيـن شـبه الجزيرة
العربيّة وبلاد الشـام ومصر. وهو مـا يعني أن هذه المنطقة
كانـت مطروقـة من الأقـوام المهاجـرة داخل هـذه المنطقة
مما دشـن لهـا وحـدة ثقافيّة وعرقية تكشـف عنهـا أصول
اللّغـات الموجودة فـي هذه المنطقة منـذ الأزل،
ّ سـتجد أنهـا تحركـت فـي المثلـث مـا بيـن شـبه الجزيرة
العربيّة وبلاد الشـام ومصر. وهو مـا يعني أن هذه المنطقة
كانـت مطروقـة من الأقـوام المهاجـرة داخل هـذه المنطقة
مما دشـن لهـا وحـدة ثقافيّة وعرقية تكشـف عنهـا أصول
اللّغـات الموجودة فـي هذه المنطقة منـذ الأزل،
فرق التاريخ والموروث
- التاريـخ جزء مـن المـوروث، والموروث هو الجـزء الحي
الباقـي مـن التاريـخ، والتاريـخ ليـس مـا نظنّـه مدوناً في
صفحـات الكتـب أو الوثائـق، وإنمـا مـا يرثـه النـاس من
العـادات والتقاليـد والنظـام الأخلاقـي والقيمـي والنظـرة
إلـى الكـون والآخر. وهـي أمور كلّهـا تاريخية أبقـت عليها
المجتمعـات واحتفظـت بهـا لأنهـا تحتاجها فـي حاضرها
ومسـتقبلها.. فالتاريخ لا ينتمي للماضي سوى في موضوعه
فقـط، ولكنه علـم يتعلّق أساسـاً بالحاضر والمسـتقبل، لأن
ّ النـاس تقـرأ التاريـخ فـي كل زمـن قـراءة مختلفـة بحثـاً
عـن عنصـر المصلحـة للمجتمع في هـذا التاريـخ وطريقة
تفسير
الباقـي مـن التاريـخ، والتاريـخ ليـس مـا نظنّـه مدوناً في
صفحـات الكتـب أو الوثائـق، وإنمـا مـا يرثـه النـاس من
العـادات والتقاليـد والنظـام الأخلاقـي والقيمـي والنظـرة
إلـى الكـون والآخر. وهـي أمور كلّهـا تاريخية أبقـت عليها
المجتمعـات واحتفظـت بهـا لأنهـا تحتاجها فـي حاضرها
ومسـتقبلها.. فالتاريخ لا ينتمي للماضي سوى في موضوعه
فقـط، ولكنه علـم يتعلّق أساسـاً بالحاضر والمسـتقبل، لأن
ّ النـاس تقـرأ التاريـخ فـي كل زمـن قـراءة مختلفـة بحثـاً
عـن عنصـر المصلحـة للمجتمع في هـذا التاريـخ وطريقة
تفسير
- التاريـخ لا يعيـد نفسـه، فالتاريـخ كلمـة ثلاثيـة الأبعاد:
الأول: الإنسـان، سـواء كان واعياً بدوره أم لا، الثاني: المكان،
وهـو المسـرح الـذي تجـري على خشـبته مجريـات الفعل
التاريخـي، الثالـث: الزمـان، وهـو الإطـار الـذي تقـع فيه
ُ الحادثة التاريخية. فالإنسـان متغيّر، فالإنسـان في العصور
الوسـطى يختلـف عن الإنسـان في العصر الحديـث، وكذلك
ّ كل ّ جيـل يختلف عمـا قبله وعما بعده. والإنسـان هو الفاعل
الوحيـد الـذي يعي مـرور الزمن ويسـتفيد منه وهذا سـبب
اختـلاف الأجيـال، لكـن الكائنـات الأخـرى تتسـم طبيعتها
ّ بالثبـات وعـدم التغير، فأسـراب البـط تظل كمـا هي، ولا
تختلـف في صفاتها إلا ّ إذا تدخل الإنسـان في تغيير صفاتها
الوراثيـة من خلال علـم الجينات والهندسـة الوراثية، كذلك
الحيـوان حينمـا يتـم تدريبـه لا يسـتطيع نقـل خبرته إلى
بني جنسـه. لكن الإنسـان يسـتفيد من التراث الموجود بين
يديـه. بينمـا الزمـن عمليـة يغلب عليهـا صيـرورة التغيير،
والعنصـر الثابت نسـبياً فـي العملية التاريخية هـو المكان
رغـم حدوث بعـض التغييـرات عليه فـلا يسـتطيع أحد أن
ينقـل مصـر إلى قلـب أوروبا أو شـمال أميركا مث ً ـلا. ولكي
تعيـد التاريخ لابد من إعـادة العناصر الثلاثة السـابقة وهذا
اختـلاف الأجيـال، لكـن الكائنـات الأخـرى تتسـم طبيعتها
ّ بالثبـات وعـدم التغير، فأسـراب البـط تظل كمـا هي، ولا
تختلـف في صفاتها إلا ّ إذا تدخل الإنسـان في تغيير صفاتها
الوراثيـة من خلال علـم الجينات والهندسـة الوراثية، كذلك
الحيـوان حينمـا يتـم تدريبـه لا يسـتطيع نقـل خبرته إلى
بني جنسـه. لكن الإنسـان يسـتفيد من التراث الموجود بين
يديـه. بينمـا الزمـن عمليـة يغلب عليهـا صيـرورة التغيير،
والعنصـر الثابت نسـبياً فـي العملية التاريخية هـو المكان
رغـم حدوث بعـض التغييـرات عليه فـلا يسـتطيع أحد أن
ينقـل مصـر إلى قلـب أوروبا أو شـمال أميركا مث ً ـلا. ولكي
تعيـد التاريخ لابد من إعـادة العناصر الثلاثة السـابقة وهذا
غيـر ممكن.
برأيك.. كيف يمكن قراءة التاريخ قراءة نقدية؟
- يوجـد مبدأ عنـد المشـتغلين بالتاريخ مفاده أنـه لا يوجد
ِ مصـدر موثـوق بـه، وبالتالـي لابد من قـراءة عـدة مصادر
ً تاريخيـة قراءة نقدية ومقارنتهـا بالمصادر الأخرى والبحث
عـن المصادر المشـتركة في المصادر والآثـار على اختلاف
أنواعهـا وليـس الاعتماد علـى الوثائـق المكتوبـة فقط مثل
الملابـس والتـراث الشـفاهي وأدوات الزينـة، فمثلا عندما
ّ تتجـول فـي القاهـرة القديمـة، سـوف تعتقد أن سـلاطين
المماليـك الذيـن شـيّدوا مجموعـة ضخمـة مـن المسـاجد
والأسـبلة كانـوا أتقياء ومتدينيـن، وهذا خطأ كبيـر، وعندما
تقـرأ مصـادر التاريخ في الفتـرة المملوكية سـتجد أن هذه
المنشـآت الدينيـة عمليـة مظهريـة بحتـة، وأحـد المصادر
التاريخيـة يصـف المماليـك بأنهم (ليـس فيهـم إلا من هو
أزنـى مـن قـرد، و ألـص مـن فـأرة، وأخبـث مـن ذئـب،)
ُ والحـوادث المتنوعـة عنهـم تؤكـد صحـة هـذه المقولة إلى
َ حـد كبيـر. وقياسـاً ُ على ذلك سـتجد أحـد المورخين عندما
يصـف حركة المرور في مصر خلال الفترة الحالية سـيقول
ّ كانـت حركة المرور في الشـوارع جيدة، ولكـن إذا تصفحنا
مصـدراً تاريخياً آخر كمحاضر أقسـام الشـرطة وصفحات.
الحوادث بالصحف والمجلا ُ ت سـنجد الحقيقة مغايرة تماماً
هـذا معناه فـي النهايـة ألا ّ نصدق مصـدراً دون أن نفحصه
فـي ضوء المصـادر الأخرى
ِ مصـدر موثـوق بـه، وبالتالـي لابد من قـراءة عـدة مصادر
ً تاريخيـة قراءة نقدية ومقارنتهـا بالمصادر الأخرى والبحث
عـن المصادر المشـتركة في المصادر والآثـار على اختلاف
أنواعهـا وليـس الاعتماد علـى الوثائـق المكتوبـة فقط مثل
الملابـس والتـراث الشـفاهي وأدوات الزينـة، فمثلا عندما
ّ تتجـول فـي القاهـرة القديمـة، سـوف تعتقد أن سـلاطين
المماليـك الذيـن شـيّدوا مجموعـة ضخمـة مـن المسـاجد
والأسـبلة كانـوا أتقياء ومتدينيـن، وهذا خطأ كبيـر، وعندما
تقـرأ مصـادر التاريخ في الفتـرة المملوكية سـتجد أن هذه
المنشـآت الدينيـة عمليـة مظهريـة بحتـة، وأحـد المصادر
التاريخيـة يصـف المماليـك بأنهم (ليـس فيهـم إلا من هو
أزنـى مـن قـرد، و ألـص مـن فـأرة، وأخبـث مـن ذئـب،)
ُ والحـوادث المتنوعـة عنهـم تؤكـد صحـة هـذه المقولة إلى
َ حـد كبيـر. وقياسـاً ُ على ذلك سـتجد أحـد المورخين عندما
يصـف حركة المرور في مصر خلال الفترة الحالية سـيقول
ّ كانـت حركة المرور في الشـوارع جيدة، ولكـن إذا تصفحنا
مصـدراً تاريخياً آخر كمحاضر أقسـام الشـرطة وصفحات.
الحوادث بالصحف والمجلا ُ ت سـنجد الحقيقة مغايرة تماماً
هـذا معناه فـي النهايـة ألا ّ نصدق مصـدراً دون أن نفحصه
فـي ضوء المصـادر الأخرى
ففـي معظـم البلـدان
التـي فتحهـا المسـلمون قامـوا
ّ ببنـاء مـدن جديدة خاصـة بهم،
ُ لكـي يقيمـوا بها، وتركـوا أهالي
البـلاد المفتوحة فـي مدنهم، ولم
يفرضـوا دينهـم الجديـد علـى
النـاس،
التـي فتحهـا المسـلمون قامـوا
ّ ببنـاء مـدن جديدة خاصـة بهم،
ُ لكـي يقيمـوا بها، وتركـوا أهالي
البـلاد المفتوحة فـي مدنهم، ولم
يفرضـوا دينهـم الجديـد علـى
النـاس،
صافورية زوجة سيدنا موسي والسيدة في التاريخ
المفكـــر الفرنســـي فولتير
) 1694ـ (1778إن التاريـــخ ليس إلا محاولة
لـ“تحايل الأحياء على الموتى“، كان يقصد
غيـــاب بعض الموضوعية أو الأمانة، إن لم
يكن كلها، فـــي كتابة هـــذا التاريخ. ولكن
بعد قرن مـــن الزمان لخص عالم الاجتماع
والفيلســـوف الألماني فالتر بنيامين )1892
ـ (1940الأمـــر كلـــه عندمـــا اعتـــرف بـــأن”المنتصريـــن يكتبون التاريخ.. ولا يتركون
للمهزومين سوى صياغة ذاكرة الهزيمة“!
ومـــا بين تحايل الأحيـــاء على الموتى،
وبـــين ما يخطـــه المنتصـــرون، ليس هناك
على الطرف الآخر إذا سوى ذاكرة الهزيمة
التي يتجرعونها ويحاولون تبريرها عبر
اختراع تاريخ مستنســـخ، يستدعون فيه
كل تصـــورات ”النعجة دوللي“ للترويج لما
تم انتقاؤه بعناية أو عبر وسطاء يتولون
مهمة ”التغييب“.
فـــي كتابـــه الشـــهير ”الحلـــم النبيل“أرجع المؤرخ الأميركي تشـــارلز بيرد، هذا
التغييـــب أو ”الغيبة“ إلـــى عوامل كثيرة،
ربما يكون أهمها أن التاريخ ليس معلوما
بشكل مباشر بل من خلال ”وسيط“ يصنعه
بـ“المقـــاس أو ”تحـــت الطلـــب“ بالتعبير
الدارج الذي نراه كثيرا منقوشـــا بالأحمر
على عربات نقل الموتى، فهل ثمة علاقة بين
تاريخ يكتبه وسيط ما ابن عصره وثقافته
و“مصلحته“ أيضا، وبين تشييع ”جثمان“بشكل أو بآخر إلى مقبرة
المفكـــر الفرنســـي فولتير
) 1694ـ (1778إن التاريـــخ ليس إلا محاولة
لـ“تحايل الأحياء على الموتى“، كان يقصد
غيـــاب بعض الموضوعية أو الأمانة، إن لم
يكن كلها، فـــي كتابة هـــذا التاريخ. ولكن
بعد قرن مـــن الزمان لخص عالم الاجتماع
والفيلســـوف الألماني فالتر بنيامين )1892
ـ (1940الأمـــر كلـــه عندمـــا اعتـــرف بـــأن”المنتصريـــن يكتبون التاريخ.. ولا يتركون
للمهزومين سوى صياغة ذاكرة الهزيمة“!
ومـــا بين تحايل الأحيـــاء على الموتى،
وبـــين ما يخطـــه المنتصـــرون، ليس هناك
على الطرف الآخر إذا سوى ذاكرة الهزيمة
التي يتجرعونها ويحاولون تبريرها عبر
اختراع تاريخ مستنســـخ، يستدعون فيه
كل تصـــورات ”النعجة دوللي“ للترويج لما
تم انتقاؤه بعناية أو عبر وسطاء يتولون
مهمة ”التغييب“.
فـــي كتابـــه الشـــهير ”الحلـــم النبيل“أرجع المؤرخ الأميركي تشـــارلز بيرد، هذا
التغييـــب أو ”الغيبة“ إلـــى عوامل كثيرة،
ربما يكون أهمها أن التاريخ ليس معلوما
بشكل مباشر بل من خلال ”وسيط“ يصنعه
بـ“المقـــاس أو ”تحـــت الطلـــب“ بالتعبير
الدارج الذي نراه كثيرا منقوشـــا بالأحمر
على عربات نقل الموتى، فهل ثمة علاقة بين
تاريخ يكتبه وسيط ما ابن عصره وثقافته
و“مصلحته“ أيضا، وبين تشييع ”جثمان“بشكل أو بآخر إلى مقبرة
*Nov 8, 2021
مقاله يقول: «كنا صيادين وجامعي طعام نعيش في حالة من البراءة الطفولية والمساواة». يمكن أن تكون مجموعات الباحثين عن الطعام متساوية لأنهم معزولون عن بعضهم البعض، وكانت احتياجاتهم المادية بسيطة. ووفقاً لروسو، فقد انتهى هذا الوضع السعيد فقط بعد الثورة الزراعية وظهور المدن. كانت الحياة الحضرية تعني ظهور الأدب المكتوب والعلوم والفلسفة، ولكن في الوقت نفسه، كان كل شيء سيئاً في حياة الإنسان تقريباً؛ فالنظام الكنسي، والجيوش الدائمة، والإعدامات الجماعية، والبيروقراطيون المزعجون الذين يطالبوننا بقضاء كثير من حياتنا في ملء النماذج.
خسر روسو مسابقة المقال، لكن القصة التي رواها باتت سرداً مهيمناً للتاريخ البشري، وأرست الأسس التي قام عليها كتّاب «التاريخ الكبير» المعاصر، مثل جاريد دايموند، وفرانسيس فوكوياما، ويوفال نوح هراري، ببناء أحداث رواياتهم عن كيفية تطور مجتمعاتنا. غالباً ما يتحدث هؤلاء الكتّاب عن عدم المساواة كنتيجة طبيعية للعيش في مجموعات أكبر مع وجود فائض من الموارد. على سبيل المثال، كتب السيد هراري في كتابه «العاقل: تاريخ موجز للبشرية» أنه بعد ظهور الزراعة، نشأ الحكام والنخب «في كل مكان... يعيشون على فائض طعام الفلاحين، ويتركون لهم عيشاً بسيطاً».
وضعت عدداً كافياً من الأشخاص في مكان واحد، تبدأ الأدلة في الظهور، وسيبدأون في تقسيم أنفسهم إلى طبقات اجتماعية. يمكنك ملاحظة عدم المساواة تظهر في السجل الأثري مع ظهور المعابد والإقطاعيات التي يملكها الحكام وأقاربهم من النخبة، والمخازن والورش التي يديرها إداريون ومراقبون. بدت الحضارة وكأنها رزمة واحدة: كانت تعني البؤس والمعاناة لأولئك الذين سيتحولون حتماً إلى عبيد أو مدينين، لكنها سمحت أيضاً بإمكانية ظهور الفن والتكنولوجيا والعلوم.
إذا كنت تريد أن تعيش في مدينة مثل نيويورك أو لندن أو شنغهاي (إذا كنتَ تريد كل الأشياء الحميدة التي تأتي مع تجمعات من الأشخاص والموارد) فعليك أن تتقبل الأشياء السيئة أيضاً
قد نعتقد في الغالب أن عدم المساواة هو مجرد نتيجة لا مفر منها للعيش في مجتمعات كبيرة ومعقدة وحضرية ومتطورة تقنياً.
سرداً مختلفاً تماماً للتاريخ البشري،
في بعض المناطق حكم سكان المدن أنفسهم لقرون من دون أي إشارة إلى المعابد والقصور التي ستظهر لاحقاً؛ وفي حالات أخرى، لم تظهر المعابد والقصور على الإطلاق، ولا يوجد دليل على وجود فئة من الإداريين أو أي نوع آخر من الطبقة الحاكمة. يبدو أن مجرد حقيقة الحياة الحضرية لا تعني بالضرورة أي شكل معين من أشكال التنظيم السياسي. وبعيداً عن الاستسلام لعدم المساواة، فإن الصورة الجديدة التي تظهر الآن لماضي الإنسانية العميق قد تفتح أعيننا على احتمالات المساواة التي لم نكن لولاها لنأخذها في الاعتبار.
ظهرت المدن، كانت تتحدد مرحلة جديدة من تاريخ العالم؛
الإنسان العاقل، موجود منذ ما لا يقل عن 200 ألف سنة
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق