الاثنين، 17 يناير 2022

المستبدون

 

المستبدون العرب يحبون كتابة الدساتير ثم يتجاهلونها .. قيس سعيد والسيسي نموذجا

مجلة “إيكونوميست” الأمريكية في تقرير لها الضوء على حكم من وصفتهم بـ”المستبدين العرب”، ضاربة المثل بما حدث في مصر وتونس على يد قيس سعيد، وعبدالفتاح السيسي

حكام العرب المستبدين يعيشون دور الأوصياء على الدستور


الحكام العرب المستبدين يحبون كتابة الدساتير، لكنهم يتجاهلون ما بداخلهم ويحكمون بلادهم حسب أهوائهم. ويعيشون دور الأوصياء على تلك الدساتير حيث يعدلونها متى شاءوا بما يخدم أهوائهم.

 يعتبر نفسه وصيا على الدستور ومنقذ للدولة قبل وصوله للحكم. لكنه سرعان ما انقلب على الدستور، واتخذ الكثير من الإجراءات التي وصفت بأنها غير دستورية.

تراكم الديون المتصاعدة التي تشكل الآن حوالي 88٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وتهدد بدفع البلاد إلى الإفلاس.

توماس جيفرسون” حيث قال ذات مرة أنه على الدولة أن تعيد صياغة دستورها كل 19 عامًا. الحفاظ عليها لفترة أطول سيكون “عملاً من أعمال القوة”.

فمصر على دستورها الثالث منذ عقد وتونس ستنضم إليها قريبا. ومن المفترض أن تقوم كل من سوريا وليبيا بكتابة مواثيق جديدة”.

دستور جديد في مصر مفصل على مقاس السيسي


قررت مصر مثل تونس، كتابة دستور جديد بعد ثورة 2011، وبدأت لجنة من 100 عضو في صياغته في العام التالي.

على الرغم من أن هذه اللجنة وعدت بالشفافية فقد تم إنجاز الكثير من أعمالها في الخفاء.

استولى عبد الفتاح السيسي وهو جنرال بالجيش، على السلطة في عام 2013 بعد 6 أشهر فقط من اعتماد الدستور. وأشرفت القوات المسلحة بعدها على تعديلات الدستور.

 فترة ولايته الثانية كرئيس واجه السيسي مشكلة، فقد منعه الدستور من السعي لإعادة انتخابه. لكن نظامه وجد حلاً مبدعًا لهذه الأزمة حيث تم تمديد ولاية السيسي التي امتدت لأربع سنوات بأثر رجعي إلى ست سنوات.

وهذه التعديلات كانت استهزاء بالقانون الدستوري. ويمكن للسيسي بموجبها المطالبة بتفويض شعبي للحكم حتى عام 2030.

سوريا

 هو بشار الأسد الديكتاتور السوري. فمنذ عام 2019 تشرف الأمم المتحدة على لجنة معنية بصياغة دستور جديد لبلاده التي خربتها الحرب.

تم اختيار أعضاء هذه اللجنة الـ 150 بالتساوي من قبل النظام والمعارضة والأمم المتحدة. واستغرق الأمر عامين من المشاحنات حتى يتفق الأعضاء على وجوب البدء في الكتابة.

عندما تكرس الدساتير حقوق المواطنين يتم تجاهلها بشكل روتيني. فكما يضمن دستور مصر حرية التعبير، فإن هذا الأمر الذي لم يمنع القضاة من سجن عدد لا يحصى من منتقدي النظام.

 20
 ديسمبر الماضي. حكمت محكمة على اثنين من المدونين ومحامٍ بالسجن لمدة خمس سنوات بتهم لا معنى لها تتمثل في “نشر أخبار كاذبة”.

 تأجيل الانتخابات في اللحظة الأخيرة – ويرجع ذلك جزئيًا إلى صعوبة وجود قانون انتخابي مناسب بدون دستور.

وجود الكثير من المواثيق أمر سيء، ولكن ربما يكون عدم وجود أي مواثيق على الإطلاق أسوأ”.

*

تجرّأ الحكام على اتخاذ قراراتٍ مرفوضة شعبيا، بل وغير مقبولة دوليا، غير آبهين ولا مكترثين إلا بمن يملك قوة الإعلام والمال والسلاح، خصوصا مع الملل والسأم الذي ضرب الشعوب وهي ترى تحوّل الربيع إلى خريفٍ تضرب رياحه العاتية بلدانا قيل إنها كانت آمنة مطمئنة، ولو تحت القهر والطغيان، وقيل للشعوب أن اختاروا بين الفتنة والدمار أو الأمان والطمأنينة،

استطاع النظام العربي، في مجمله، أن يحقق وحدة المصير السياسي بسيادة نموذج حكم الرجل القوي المستبد، باعتباره النموذج الأمثل لبلدانٍ قد تتجزأ أو تتقاتل في ظل حريةٍ غير منظمة، وفي ظل ديمقراطيةٍ غير مؤطّرة، وفي ظل فساد مالي مستشر، وفي ظل تهديد تطرّف ديني قابع، لا ينكره إلا المتطرّفون وأمثالهم.

دارت الأيام، وعاد المواطن العربي إلى حقبة الماضي سياسيا، ورحل الإسلاميون عن الحكم، وذهبوا من دون أخونة الدولة ولا خيانتها، بل كانوا أكبر حلفائها وصمّام أمانها

*

تفشي ظاهرة نهب بعض الحكام لأموال وثروات الشعوب كما أقرت البنوك والمحاكم الغربية في وقت لاحق، وانتشار الفقر والبطالة والفساد والقهر والاستبداد والاحتكارات، وسيطرة رأس المال على مؤسسات الحكم، والتداخل الشديد بين المال والسياسة، في ظاهرة عرفت وقتها بتزاوج السلطة ورأس المال

تبدو الصورة بائسة في 2022، سقوط عملات، انهيار احتياطيات أجنبية، قفزات في أسعار السلع، بما فيها الأغذية، ارتفاعات في أسعار الوقود، زيادات في تكلفة الخدمات، ومنها المواصلات ومياه الشرب

لدينا أنظمة تتبنّى سياسات النيوليبرالية المتوحشة، وتوسع رهيب في الاقتراض الخارجي والداخلي تحت ذرائع مختلفة وواهية، وزيادة مخاطر الديون والتعثر في سدادها

زيادة الدين العام ومخاطر الديون والتعثر في سداد أعباء القروض الخارجية، خاصة مع رفع البنك المركزي الأميركي سعر الفائدة على الدولار، وهو ما يرفع كلفة الاقتراض الخارجي، ويزيد من مخاطر عدم السداد، وصعوبة الحصول على قروض جديدة.

يصاحب ذلك تركز أنشطة الاقتصاد في يد الدولة ومؤسسات سيادية تحصل على مزايا ضريبية وأيدي عاملة شبه مجانية، وتفشي الاحتكارات على نطاق واسع، والتضييق على القطاع الخاص المولد الرئيسي لفرص العمل، وإهدار أموال وموارد الدول المحدودة، وتوسع كبير في الإنفاق على التسلح رغم توسع الأنظمة العربية في التطبيع مع دولة الاحتلال وتراجع المخاطر الجيوسياسية في المنطقة. 

تواكب تلك التطورات الاقتصادية أيضاً تعميق الحكومات سياسات القهر والاستبداد والقبضة الحديدية والتضييق على حرية الرأي والتعبير، ومعايرة شعوبها بالفقر.

*Jan 2, 2022

«فورين بوليسي»: كيف يُهزم الاستبداد وتنتصر الديمقراطية؟


الحكام غير المسؤولين يقدمون مصالحهم الشخصية على مصالح الشعب

الديمقراطية هي أقل أشكال الحكم سوءًا كما قال ونستون تشرشل، لأن الناخبين بإمكانهم التصويت لإقصاء الحكومة، ولكن القادة الديمقراطيين اليوم لا يستجيبون للتحديات التي تواجههم، وسواء كانت أزمة التغير المناخي، أو جائحة كورونا، أو الفقر وعدم المساواة، أو التحيز العنصري، أو التهديدات التي تمثلها شركات التكنولوجيا الكبرى، فهؤلاء القادة غالبًا ما يكونون غارقين في المعارك الحزبية والمشكلات قصيرة المدى.

الديمقراطية الحقيقية لا تتطلب انتخابات دورية فقط، بل نقاشًا عامًّا حرًّا، ومجتمعًا مدنيًّا سليمًا، وأحزابًا سياسية تنافسية، وقضاءً مستقلًا قادرًا على الدفاع عن الحقوق الفردية ومحاسبة المسؤولين، وعادةً ما يهاجم الحكام المستبدون هذه الضوابط على حكمهم من خلال ملاحقة الصحافيين المستقلين والناشطين والقضاة والسياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

خدمة مصالحهم الشخصية ومصالح مؤيديهم، ويزعم المستبدون أنهم يحققون نتائج أفضل من الديمقراطيين ولكنهم يقدمونها لأنفسهم في الحقيقة وليس للشعب.

 قلل الحكام المستبدون من خطورة الجائحة وأداروا ظهورهم للأدلة العلمية ونشروا المعلومات الخاطئة وفشلوا في اتخاذ الخطوات الأساسية لحماية صحة الشعب.

يستخدم المستبدون موارد البلاد لخدمة مصالحهم الذاتية بدلًا من تحقيق مصالح الشعب، وحدث ذلك في المجر عندما أنفق رئيس الوزراء، فيكتور أوربان، إعانات الاتحاد الأوروبي المخصصة لملاعب كرة القدم على دفع رواتب أصدقائه، فيما ترك المستشفيات في حالة يُرثى لها، وفي مصر، ترك الرئيس السيسي المنشآت الصحية في حالة من التدهور بينما ازدهر الجيش ومؤسساته التجارية، وبالرغم من تراجع الاقتصاد الروسي، زاد الكرملين الإنفاق على الجيش والشرطة.

النقاش الحر في الحكم الديمقراطي قد يؤدي إلى إبطاء اتخاذ القرار إلا أنه يضمن الاستماع إلى كل الآراء، ويميل المستبدون إلى قمع الأصوات المعارضة؛ ما يؤدي إلى إصدار قرارات غير مدروسة، وأشار الكاتب في هذا الصدد إلى ما فعله الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عندما خفض سعر الفائدة لمواجهة التضخم المتصاعد.

الحكم بالقمع والتخويف، ويرى بعض المعلِّقين هذا على أنه دليل قوة لهؤلاء المستبدين، إلا أنه على العكس تمامًا من ذلك؛ إذ فقد هؤلاء الحكام أي احتمال لوجود دعم شعبي لهم.

تقدم الحكومة الصينية تنويعة على هذا الموضوع؛ إذ لا تسمح بالانتخابات على أراضيها، ويفرض الدستور ديكتاتورية شيوعية تراها الحكومة على أنها تفوقت على فوضى الديمقراطية، وتبذل الحكومة قصارى جهدها لتجنب المرور بهذا الأمر، حيث تفرض رقابة على النقاد، وغالبًا ما تعتقلهم.

تقسيم السلطة لا بد وأن يؤدي إلى إبطاء ممارساتها، ولكن هذا هو ثمن تجنب الاستبداد

 لم تعالج بعد المشكلة الأكبر والمستمرة المتمثلة في انتشار الفقر وعدم المساواة أو بناء أنظمة حماية اجتماعية مناسبة لتجاوز الاضطراب الاقتصادي المقبل الحتمي.

 المستبدين اليوم في موقف دفاعي مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية، وظهور تحالفات سياسية واسعة مؤيدة للديمقراطية، وفشل الانتخابات المتلاعب بها، بيد أن مصير الديمقراطية معلَّق في جزء كبير منه على تصرفات القادة الديمقراطيين: هل سيتصدون للتحديات التي نواجهها ويرفعون من مستوى النقاش العام والتعامل بموجب مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان التي يدَّعون الدفاع عنها؟

ويختم الكاتب بالقول: كون الديمقراطية أقل الأنظمة سوءًا ربما لا يكون كافيًا إذا أدَّى اليأس العام من فشل القادة الديمقراطيين في مواجهة تحديات اليوم إلى اللامبالاة العامة، إن لم يكن اليأس من الديمقراطية نفسها، وربما يفتح الباب أمام القادة الاستبداديين الذين يتمتعون بشخصيات آسِرة، ففي نهاية المطاف، لا يتطلَّب الدفاع عن حقوق الإنسان كبح القمع الاستبدادي فقط، بل يتطلب أيضًا تحسين القيادة الديمقراطية.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق