الخميس، 20 يناير 2022

البساطة العميقة . البساطة التي تبتعد عن السطحية، والعمق الذي يبتعد عن التعقيد .

  أصبح التنافس على الظهور بأحسن المظاهر شرطاً عرفياً واجباً ممزوجاً بنكهة (البرسيتيج والإتيكيت) فعلى سبيل المثال؛ ترى صاحب وليمة فرح أو حزن مثلاً يستدين ويتكلف فوق طاقته حتى يبدو بمظهر الكريم حتى لو كان كارهاً لفعله، ولعلّ سبب ذلك هو حكم العادة وليس العبادة.

*

غدا ينسب إلى الإبداع كل من نطق بكلام غير مفهوم،

نعم، هناك مفكّرون كبار معروفون، ذاعت كتبهم وانتشرت، وأثّرت تأثيرًا عظيمًا في الفكر العربي – كمحمد عابد الجابري – رحمه الله؛ فلم يكن أسلوبه مظلمًا، ولا تعبيراته مستهجنة مستنكرة، وسواء أعجبك فكره أم لم يعجبك؛ وسواء اتفقت معه أو اختلفت؛ فإن أسلوبه في الكتابة واضح، وبيّن، وسلس، ومفهوم، وقد بلّغ ما يريد من دون الحاجة إلى التقعّر. ولا أظن قارئًا للجابري لا يدرك هذه الميزة التي اتسمت بها كتابته، بخلاف أبي يعرب المرزوقي على سبيل المثال.

وهل يجد قارئ أبي حامد الغزالي وهو مفكّر كبير هذه الصعوبة التي يجدها في كتابات بعض (المتفذلكين) من المعاصرين على الرغم من مضيّ تسعة قرون على وفاته؟ وهل يستطيع أحد أن يزعم أن وضوح فكر الغزالي سطحيّة؟ وتعقيد أسلوب فلان وفلان وفلان من المعاصرين عمق وعبقرية؟

وهذا كتاب الرد على المنطقيين، وكتاب درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية، وبيننا وبينه سبعمئة سنة، وهما كتابان فلسفيان بامتياز، مملوءان بمصطلحات القوم، وبأدلتهم وأقيستهم، فهل يستطيع مختص أن يزعم أنهما مستغلقان غير مفهومين؟

 تبسّط أسلوبك فيفهمه من يمتلك الحدّ الأدنى من القدرة على الفهم ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، هذا إذا كنت حقًا تكتب للإفهام، وإذا كنت حقًا تريد أن تبلغ رسالةً ما. أما إذا كان غرضك فقط أن يقال: ما أعمق فلانًا! إنه عميق إلى الدرجة التي أقرأ فيها كتاباته ثم لا أفهم شيئًا! فحينئذ؛ لا يملك مثلي إلا أن يحوقل، وأن يستعيذ بمولاه تعالى من عذاب السعير!

*


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق