Jan 21, 2021
عمالقة التكنولوجيا وصراع المحتوى الإعلامي
ترامب نجح في ترسيخ منصته المفضلة واستغلالها في الضغط على خصوم الولايات المتحدة ومنافسيها والمراوحة بين التهديد والمهادنة من دون تكبد كلفة سياسية كبيرة
بين اتهام خبراء لمنصات التواصل الاجتماعي بالتدخل ضد حرية التعبير، واتهامات أخرى بالتساهل والسماح لدعاة الفوضى والعنف بنشر آرائهم وتحريضهم، وأخرى بتباطؤ شركات التكنولوجيا في التدخل لوقف لغة التحريض على العنف التي اتبعها ترامب في شحن أنصاره ومؤيديه، تبقى هذه الوقائع خير شاهد على بزوغ مفهوم جديد للسلطة والنفوذ في النظام العالمي القائم، وهي سلطة التكنولوجيا وشركاتها العملاقة، التي بات بإمكانها لعب دور فاعل في صنع السياسات الداخلية بل والعلاقات الدولية في القرن الحادي والعشرين.
الكل يعلم أن السبب الرئيسي لاعتماد ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي يكمن في سوء علاقته بالإعلام التقليدي الأميركي، لاسيما الشبكات الأكثر شهرة مثل “سي.إن.إن” وغيرها، حيث كان يتهم الصحف وشبكات التلفزيون التي يعتبرها معادية له بالتخصص في بث ونشر الأخبار الكاذبة والمتحيزة ضده، ومع ذلك يمكن التأكيد على أن ترامب قد نجح في توظيف “تغريداته” في الوصول مباشرة إلى الرأي العام الأميركي طيلة فترة رئاسته، ناهيك عن فاعلية هذه التغريدات في صياغة أجندة الحوارات اليومية الدائرة عبر وسائل الإعلام الأميركية، حيث كان يصعب على الجميع القفز على محتوى معظم هذه التغريدات وتجاهلها في النقاشات والحوارات السياسية اليومية.
“تغريدات” ترامب قد أزعجت العواصم العالمية خلال فترة رئاسته كون منصة “تويتر” تحولت إلى منصة التعبير عن السياسة الخارجية الأميركية بدلاً من أدوات الدبلوماسية التقليدية المعتادة
ترامب قد لعب دوراً كبيراً في نمو دور موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” وزيادة تأثيره بل وقيمته السوقية بشكل هائل، حتى أن بعض التقديرات كانت تشير إلى أن “تويتر” يمكن أن يخسر 20 في المئة من قيمته السوقية من دون تغريدات ترامب، وقد ثبت ذلك بالفعل حين خسر الموقع نحو 5 مليارات دولارات من قيمته بمجرد الإعلان عن وقف حساب ترامب نهائياً عقب أحداث الكونغرس، وهو ما قد يبرر حرص إدارة الموقع على عدم الاصطدام بترامب إبان فترة رئاسته، حيث يلاحظ أنها لم تحذف من قبل تغريدات وجه فيها إهانات لرؤساء دول وزعماء آخرين.
سيظل منع ترامب من استخدام أشهر منصات التواصل الاجتماعي (تويتر وفيسبوك وإنستغرام وسناب شات ويوتيوب) مثيراً للجدل، حتى أن بعض منتقديه من القادة الأوروبيين لم يكونوا راضين تماماً عن هذه الخطوة، التي وصفتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأنها “إشكالية”، بينما قال مفوض الاتحاد الأوروبي تيري بريتون أن قيام رئيس تنفيذي لمؤسسة بإيقاف صوت الرئيس الأميركي وحظر أنشطته عبر مواقع التواصل الاجتماعي “من دون تدقيق ولا توازنات أمر مربك ومحير”. وقال وزير الصحة البريطاني مات هانكوك، إن شبكات التواصل الاجتماعي “تتخذ الآن قرارات تحريرية”، مضيفاً أن منصاتها باتت “تختار من يجب أن يكون أو لا يكون له صوت”.
مارك زوكربيرغ (مؤسس فيسبوك) أو جاك دورسي (مؤسس تويتر) مهمة الرقابة الجديدة على المحتوى الذي يتلقاه الجمهور،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق