الخميس، 27 يناير 2022

أرنولد توينبي

 الحضارة تموت بالانتحار، لا بالقتل».. لا شك أن هذه الخلاصة استغرقت قائلها تاريخاً من البحث والاستقراء في حركة البشرية، ولا غرابة، فهو صاحب «دراسة في التاريخ»، و«تاريخ البشرية».

 توينبي نظريته الخاصة لقراءة التاريخ، وهي نظرية «التحدي والاستجابة»، وجعلها أساساً لتفسير نشوء الحضارات الأولى، التي أسماها «الحضارات المنقطعة».

 أخذ هذه النظرية بشكل أساسي، أو استلهمها، عن العالم السويسري «كارل جوستاف يونج»، مؤسس علم النفس التحليلي.

.
تضع هذه النظرية النفسية تفسيرين لسلوك الفرد عند تعرضه لصدمة ما، من خلال استجابتين إيجابية وسلبية لهذه الصدمة، فإن لجأ الفرد إلى ماضيه هروباً من واقعه وتمسكاً بالماضي لتعويض صدمته بالحاضر، فهذه استجابة سلبية لا شك، تورث الانطوائية، أما إذا ما تمكن الفرد من مواجهة صدمته بدءاً بتقبلها والاعتراف بها ثم الاجتهاد من أجل التغلب عليها، فإن هذه استجابة إيجابية، ويوصف الفرد هنا بأنه «انبساطي».

 تفسيره لسقوط الحضارات، فيقرر أن من أسباب هذا السقوط ضعف القوة الخلاقة في هذه الفئة القائدة أو تحولها إلى سلطة تعسفية، أما السبب الثاني فهو ألا توالي الأكثرية تلك الأقلية الخلاقة ولا تحاكي إبداعها.

يترك توينبي السبب الثالث والأخير في سقوط الحضارات إلى الخلل في الوحدة والانشقاق في الكيان المجتمعي.

من تطبيق نظرية التحدي والاستجابة على حركة المجتمعات ونشوء الحضارات أو أفولها، هي في جوهرها منبثقة مما قاله المفكر والمؤرخ ابن خلدون، رائد علم الاجتماع الذي عاش قبل توينبي بستة قرون.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق