الأحد، 23 يناير 2022

تكدس في البنوك: مصريون يسحبون أموالهم خوفاً من "تعويم مرتقب"

May 26, 2020

البنوك المصرية الأكبر ليس الأفضل دائما 

فإذا كان البنك الأهلي هو الأكبر بين المصارف المصرية، في حجم الأصول والودائع والقروض ورأس المال وحقوق الملكية وقيمة الأرباح، فإن الأمر يختلف بمعايير الربحية، فمن بين 23 مصرفا أعلنت نتائجها عن العام الماضي، وحسب معيار العائد على حقوق المساهمين، جاء البنك الأهلي في المركز الخامس عشر بين تلك البنوك، حيث حقق معدل 18 في المئة، من خلال قسمة ربحه البالغ 20 مليار جنيه على حقوق المساهين البالغة 110 مليار جنيه، بينما نجد هذا المعدل يصل إلى 37 في المئة لدى مصرف "إتش إس بي سي مصر"، والذي حقق ربحا بلغ 5.7 مليار جنيه من خلال حقوق مساهمين لديه بلغت 15.3 مليار جنيه.

 مصرف كريدى أجريكول و"إتش إس بي سي مصر" أربعة أضعاف ما حققه البنك الأهلي من معدل للعائد.

الأضخم حجما حتى بالأشخاص ليس شرطا أن يكون هو الأسرع سيرا، وهو أمر تكرر في الحالة المصرية مع شركات التأمين الحكومية، حيث تفوقت شركات تأمين خاصة بمعايير الربحية على شركات التأمين الحكومية الأكبر حجما والأكثر نصيبا من السوق، وتكرر ذلك مع شركات المقاولات الحكومية والمؤسسات الصحفية الحكومية والقنوات الفضائية الحكومية.

وهكذا نجد أن مصرفي الأهلي ومصر قد استحوذا على نسبة 47 في المئة من أصول المصارف في مصر، و48 في المئة من الودائع المصرفية، و43 في المئة من القروض، إلا أن معدلات النمو التي حققها المصرفان في العام المالي الأخير لهما، كانت أقل من مصارف أخرى أصغر حجما. فقد بلغ معدل نمو الأصول لمجموع المصارف حوالي 9 في المئة، بينما كان المعدل في البنك الأهلي أقل من 5 في المئة، في حين بلغ المعدل 26 في المئة في البنك الأهلي الكويتي.

فارق رئيسي آخر يتعلق بالشفافية، حيث تلتزم المصارف الخاصة بالنشر الفصلي لقوائمها المالية، وبما يفيد المؤسسات وصناديق الاستثمار والأفراد المتعاملين معها، بينما لا يفصح كل من البنك الأهلي وبنك مصر سوى عن البيانات السنوية فقط.

لزام البنوك العامة بمساندة البورصة

ومن هنا فقد استفادت الحكومة من الودائع الضخمة في المصرفين لدفعهما لشراء أذون الخزانة التي تطرحها الحكومية لسداد عجز الموازنة، حتى بلغت قيمة مشتريات المصرفين منها حوالي 394 مليار جنيه، وهو ما يمثل نسبة 57 في المئة من مشتريات مجموع المصارف المصرية من أذون الخزانة، ويتكرر ذلك مع سندات الخزانة الحكومية التي يتم طرحها دوريا لسد عجز الموازنة.

ورغم أن ذلك يأتي على حساب اقتراض الشركات الخاصة من المصارف، إلا أن الحكومة لم تكتف بذلك، بل إنها تدفع المصرفين لتمويل الهيئات الحكومية، وأبرزها هيئة البترول وهيئة الكهرباء والمشروعات القومية، وهو ما يأتى على حساب نصيب الشركات الخاصة من القروض، وكذلك على حساب التجزئة المصرفية للأفراد والتي تساهم في تنشيط السوق التي تعانى من ركود منذ عدة شهور، حيث تضمن التوزيع النسبي لقروض البنك الأهلي توجه نسبة 87 في المئة منها للشركات ونسبة 13 في المئة للأفراد. وتوزع نصيب الأفراد ما بين 10 في المئة للقروض الشخصية، وأقل من 2 في المئة للقروض العقارية، وأقل من 1 في المئة لبطاقات الائتمان، ونسبة 2 في الألف لقروض السيارات.

وتستغل الحكومة قيامها بتعيين رؤساء البنوك العامة في توجيه مسار توظيف أصولها، حتى أنها وجهتها مؤخرا لتخصيص مبالغ كبيرة لمساندة البورصة بعد تراجعها بسبب تداعيات فيروس كورونا، رغم تحذير الخبراء من أن تلك الأموال ستدفع المتعاملين الأجانب للحصول عليها للخروج من السوق بخسائر أقل.

*

تكدس في البنوك: مصريون يسحبون أموالهم خوفاً من "تعويم مرتقب"


 البنك الأهلي المصري (أكبر البنوك الحكومية)
بنك التجاري الدولي (أكبر البنوك الخاصة في السوق)،

رغبة منهم في تحويل أموالهم الجارية لدى البنك إلى ودائع بفائدة 11% سنوياً، أو سحبها تدريجياً من حساباتهم المصرفية، واستبدالها بالدولار أو الذهب في وقت لاحق للحفاظ على قيمتها؛ خصوصاً مع نشر العديد من المواقع الإخبارية المحسوبة على النظام المصري أخباراً وتقارير من شأنها التمهيد لقرار خفض الجنيه.

وعلى إثر رصد حالة الزحام المستمرة في البنوك منذ الأسبوع الماضي؛ تلقت المواقع الإخبارية المصرية تعليمات من "أجهزة سيادية" بوقف نشر أي أخبار تتعلق بمسألة "تعويم الجنيه"، وطمأنة المودعين، في المقابل، بنشر تقارير تروج إلى استقرار الوضع المصرفي في مصر، والتقليل من شأن تداعيات مواجهة القطاع المصرفي نقصاً في السيولة الدولارية، حسب حديث مسؤول عن أحد هذه المواقع مع "العربي الجديد".

وتتخوف الحكومة من تزايد وتيرة سحب المودعين لأموالهم، خصوصاً مع التراجعات الأخيرة التي شهدتها عملات الأسواق الناشئة، وتحذيرات بنوك استثمار عالمية من تعرض الجنيه لضغوط ومخاطر تتعلق بتقلبات في التدفقات الأجنبية في الأشهر المقبلة؛ علاوة على انعكاس أي أزمات اقتصادية عالمية بالسلب على الاقتصاد المصري، والذي يعاني في الأصل من تراجع كبير في حجم استثمارات الأجانب في أدوات الدين مؤخراً.

وكان البنك المركزي المصري قد قرر منح البنوك العاملة في السوق المحلية "سيولة طارئة" بسعر فائدة لا يقل عن 5%، حال عدم قدرتها على توفير السيولة من سوق الإنتربنك (شبكة داخلية تربط بين الأنظمة البنكية).

مع التزام البنك الحاصل على السيولة الطارئة بموافاته بتقرير شهري موضح به عدة معايير؛ بينها الملاءة المالية مع تضمين كافة الأصول التي يمكن للبنك المركزي استخدامها كضمانات، وكافة التطورات والإجراءات المُتخذة من قبل البنك لإعادة موقف السيولة لديه لوضع مستقر.

ويواجه السوق المصري أزمة دولارية شبيهة بالتي حدثت قبل تعويم الجنيه أواخر عام 2016، ارتباطاً باحتلال مصر المركز الثاني، بعد الأرجنتين، بين أعلى الدول اقتراضاً من صندوق النقد الدولي، والتحذيرات التي أطلقها الأخير في كتابه الدوري، بشأن مواجهة الاقتصادات الناشئة فترات من الاضطراب مع رفع البنك المركزي الأميركي معدلات الفائدة الأساسية، وتباطؤ النمو العالمي بسبب متحور "أوميكرون" الجديد من فيروس كورونا.

دعمت الحكومة المصرية الجنيه في مواجهة الدولار خلال السنوات الخمس الماضية، من خلال الإبقاء على سعر فائدة مرتفع لجذب المزيد من الأموال الساخنة

 الإبقاء على أسعار فائدة مرتفعة لجذب المزيد من المستثمرين الأجانب في أذون الخزانة المحلية، فضلاً عن التوسع في أسواق السندات الدولية باللجوء إلى أنواع جديدة في الآونة الأخيرة، ومنها السندات الخضراء، والصكوك السيادية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق