الهوية الوطنية اليوم لم تعد حصراً على عرق أو دين معين في بقعة جغرافية محدّدة. ولم تعد أيضاً مرتبطة بإغلاق حدود العقل قبل الحدود الجغرافية لكي لا ينازعنا أحد شرف الانتماء لتلك الأرض. وكيف نصور أنفسنا بأننا فقط مواطنو هذه الأرض، ونحن اليوم في مجتمعات مفتوحة بها تجنيس وهجرة عقول ورأس مال، واستثمار سواء كان معرفياً أو مادياً أو معنوياً، وحرية انتقال البشر بين الدول واختيار الاستقرار فيها، بعد أن يستوفوا الشروط الموضوعة من قبل تلك الدول، والالتزام والتقيّد بالقوانين والنظم، ليصبحوا إضافةً نوعيةً تضاف للمجتمع الذي يعيشون فيه والمجتمع الإنساني ككل.
وهنا يبرز سؤال: في أي بلد في العالم، ما أهمية أن تكون مواطناً غير منتج، بل وتضع العراقيل لتطوّر بلدك وتضرّ بسمعتها، مقابل شخص آخر حصل على جنسية بلدك أو على حق الإقامة الدائمة فيها، وهو شخص له مساهمات لا حصر لها في المجتمع، ويشعر هو وأسرته بأن هذا البلد هو موطنه؟ فهل لمثل هؤلاء الأشخاص مكان ضمن مفهوم الهوية الوطنية الضيق والإقصائي الحالي في معظم دول العالم؟ والحديث هنا يعود بنا مجدداً إلى مفهوم المواطنة وتعريفها الذي يجب أن يقنّن ويكون مادة ضمن كل دستور في العالم، ومفهوم الهوية الوطنية كذلك والأطر التشريعية لهذا المفهوم وما يترتب عليها من فعل وردة فعل وواجبات وحقوق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق