فمنذ أن أصدر كتابه الأثير "البيان الإسلامي" استلم دفة الشهرة والعمق الفكري،
ترك الرجل تاريخا عاطرا من البيان الإسلامي والتنظير الفكري والحضاري لعودة الإسلام إلى استلام قمرة قيادة العالم، وكانت كتبه "البيان الإسلامي" و"عوائق النهضة الإسلامية" و"الإسلام بين الشرق والغرب" بمثابة درجات عالية في سلم صعوده إلى قمم الفكر الإسلامي، باعتباره أحد الأقلام النادرة التي أنجبها التعاطي الثقافي بين الإسلام والغرب، وقد كان -وفق المفكر عبد الوهاب المسيري- ذا ثقافة واطلاع غير معتاد على الفلسفات والمذاهب الفكرية الغربية.
قد كان كتاب بيغوفتيش "الإسلام بين الشرق والغرب" رؤية ناقدة بقلم حاد وجارح للجسد الفكري الغربي والأوروبي بشكل عام في تكامله بين قيم الليبرالية أو الماركسية الوحشية، وبين قيم العنصرية الكنسية التي جمعت بين قداسة الوهم وعنفوان الاضطهاد.
ويرى المفكر المصري الراحل عبد الوهاب المسيري حينها أن بيغوفيتش كان "المجاهد المجتهد الوحيد في العالم الآن، فقد كان يحلل الحضارة الغربية ويبيّن النموذج المعرفي المادي العدمي الكامن في علومها وفي نموذجها المهيمن، ثم يتصدى لها ويقاوم محاولتها إبادة شعبه" وفق ما يرى المسيري، وهو من أبرز الذين خبروا فكر بيغوفيتش وفقهه وثقافته، وقدم لترجمة بعض مؤلفاته المعربة.
أدرك بيغوفيتش -كما يرى المسيري- أن العالم لا ينقسم إلى ليبرالية واشتراكية في فكره وحضارته السياسية المعاصرة، بل إن المدرستين تصدران عن منبع فكري واحد، وأن هنالك رؤية موحدة يصدر عنها المذهبان حتى وإن ادعيا الصراع أو تصنّعا الحرب الباردة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق