لأستاذ حسن أبو هنية الباحث الأردني في شؤون الجماعات الإسلامية. وحسن أبو هنيّة من مواليد عام 1963 في حيّ رأس العين في عمّان الشرقية لأصول فلسطينية. بدأ حياته يسارياً ثم تحوّل إلى التجربة الإسلامية بالانخراط في السلفية بتنويعاتها المختلفة من التقليدية، إلى الحركيّة وهو يعدّ أحد مؤسّسيها في الثمانينيات، قبل أن ينتقل إلى السلفية الجهادية، ويكون من ضمن المساهمين في التأسيس الفكري والنظري للتيار، ثم الخروج تماماً من السلفية إلى الأفق الإسلامي العام، ليكون أقرب إلى الإسلام الديمقراطي اليساري. كتاب الامريكي****
المودودي خاصة في كتبه "المصطلحات الأربعة في القرآن"، و"منهاج الانقلاب الإسلامي" ثم سيد قطب وكتابه "معالم في الطريق" وكذلك الأمر في كتابات "أبي محمد المقدسي". كيف تقرأ مركزية التوحيد في وعي هؤلاء المنظِّرين؟
أود أن أشير إلى ما يتمتع به مصطلح "التوحيد" من أهمية مركزية لدى منظري حركات الإسلام الجهادي التي تتبنى نهجا انقلابيا عنيفا على خلاف حركات الإسلام السياسي؛ وذلك أن حركات الإسلام الجهادي تطورت من رحم إيديولوجية الإسلام السياسي الذي واجه مشكلة مختلفة تتعلق بالحفاظ على الهوية الإسلامية في مواجهة الاستعمار الكولينيالي الذي قوض الخلافة كهوية سياسية إسلامية للدولة مع بقاء هوية المجتمع كما كانت إبان الدولة العثمانية. أما الإسلام الجهادي، فسوف يظهر داخل إشكالية الصراع على هوية الدولة والمجتمع داخل حدود الدولة الوطنية الما بعد كولينيالية؛ فمن جهة كان الإسلام الجهادي استمرارا للإسلام السياسي، ومن جهة أخرى شكّل قطيعة معه. أهمية "التوحيد" تبرز في سياق تحديد هوية الفرد والمجتمع والدولة كمحدد للانتماء إلى الإسلام كدين وحضارة، فمنظرو الإسلام الجهادي منذ سيد قطب أولوا التوحيد أهمية فائقة في جانبه العملي المتعلق بالدولة والمجتمع من خلال مفهوم "الحاكمية الإلهية"، وفي الوقت الذي كانت "الإلهيات النظرية" التي تتعلق ببحث "الذات والصفات" تهيمن على نهج المتكلمين في سياق دولة تعرف هويتها بالإسلام منذ الدولة الأموية إلى الدولة العثمانية مرورا بالعباسية وغيرها من الدول والممالك التاريخية الإسلامية في إطار "دار الإسلام"، فإن تحدي الحداثة السياسية الذي جاء عن طريق الكولينيالية الغربية وفرض العلمانية كإيديولوجية سياسية بالقوة العسكرية خلق حالة غير مسبوقة بالفصل بين المجالين الديني والسياسي، وقد شكلت إيديولوجية الدولة الوطنية المابعد كولينيالية استمرارا وقطيعة في ذات الوقت بين التراث والحداثة، حيث تبنت الدولة الوطنية إيديولوجية هجينة بين الإسلام والحداثة، وخلقت حالة جديدة بمؤسسات دستورية وسياسية وتشريعية وعسكرية على النمط الحداثي الغربي، وفي ذات الوقت حافظت على الإسلام كمصدر للتشريع وفي مجال الأحوال الشخصية.
الاهتمام الكبير بمفهوم التوحيد في شقه العملي السياسي عند الجماعات الجهادية مسألة منطقية وضرورية؛ فالتوحيد يحدد انتماء الدولة والمجتمع الهوياتي، وهو مفهوم أولي في الحكم على الدول والأفراد والمجتمعات بالإسلام أو الكفر وتعريف دار الإسلام والكفر، وهي مسائل ضرورية بالنسبة إلى الجماعات الجهادية لشرعنة العنف واستخدام القوة المسلحة
محمد عبد السلام فرج، في كتابه "الجهاد: الفريضة الغائبة" الذي كتبه بداية 1981 تحت تأثيرات توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 وأحد أهم أطروحات فرج في كتابه لخصه عنوانه المثير الذي يعتبر الجهاد من الفروض العينية الغائبة وليس الكفائية،
وإذا كانت الحركات الجهادية في بدايتها قد تأثرت بالسلفية الإخوانية بترسيمتها القطبية ومصطلح "الحاكمية"، فسوف يقوم الجيل اللاحق من المنظرين الجهاديين باستدخال السلفية بنسختها الوهابية التي تستند إلى مصطلح "الولاء والبراء"، حيث يعتبر أبو محمد المقدسي الأشد تأثيرا والأوسع انتشارا؛ فقد بدأ مشروعه برسالة لافتة بعنوان "ملة إبراهيم" وعلى الرغم من اعتماده على تراث السلفية الوهابية النجدية، ثم أطروحات جهيمان العتيبي إلا أنه أسس لمدرسة جهادية تنافس القطبية، وتمنح مفهوم التوحيد بعدا أكثر راديكالية في تعريف هوية الدولة والمجتمع.
مصطلح السديس في خطبته 2020
أما الجماعات الإسلامية السياسية والدعوية، فقد ركزت على التوحيد الإلهي النظري حيث نظرت إلى الدولة والمجتمع، باعتبارهما لا يخرجان عن دائرة الإسلام ولذلك تضمن برنامجهما خطا إصلاحيا يرتكز على إحياء الهوية وإصلاح المعتقدات والسلوكيات دون تكفيرهما، إما من خلال المشاركة السياسية دون المغالبة والتموضع داخل إطار الدولة الوطنية وإصلاحها تدريجيا وتفعيل المواد الدستورية المتعلقة بمرجعية الشريعة الإسلامية كما هو حال حركات الإسلام السياسي، أو من خلال إصلاح المجتمع كما هو حال الإسلام الدعوي الذي يعتبر الحكم مسألة تحصيلية.
التنظيمات الجهادية المعاصرة على اختلاف تسمياتها تتوافر على سلطتين مرجعيتين الأولى تنتمي إلى سلفية قطبية والثانية إلى سلفية وهابية وتتداخل المرجعيتان في حالات عديدة، ويمكن القول إن تنظيم القاعدة يستند أساسا إلى مرجعية قطبية. أما تنظيم الدولة الإسلامية، فيستند أساسا إلى مرجية وهابية، وإذا رجعنا إلى أدبيات القاعدة فهي تستند إلى المودودي وقطب وصولا إلى أبي مصعب السوري. أما تنظيم الدولة الإسلامية، فيعتمد في مناهجه التي تدرس في مناطق سيطرته على كتب محمد بن عبد الوهاب وأئمة الدعوة النجدية وصولا إلى أبي عبدالله المهاجر.
منهاج التربية العقدية عندهم على ترسيخ فهمهم الجهادي هذا للتوحيد في أذهان الرافضين للدولة الوطنية أو للكولونيالية الغربية أو لحياة العلمنة المعاصرة، وهو ترسيخ تستغل فيه وسائط معاصرة، ولا سيما الوسائط الشبكيّة والرقمية التي صارت تخترق الحدود المغلقة والمحصنة للفرد كالأسرة. ولهذا صارت تنافس الوسائط الأخرى للتربية، بل تفتك منها هذا الدور في أحيان كثيرة. وهذا من أسباب خطورتها الكبيرة.
لسه مقال هوية سائل *******
قراءة لمقرر "السياسة الشرعية" في جامعة خليجية" يشير "ساري حنفي" إلى المأزق الفكري العميق في مناهج بعض كليات الشريعة التي لم تعد تطلع لا على الفكر الإنساني ولا على التراث الإسلامي المتسامح، ويضرب مثلا بخليفة داعش الحاصل على الدكتوراه في الشريعة، مما يشير إلى أزمة حقيقية في التعليم الديني في البلدان العربية كيف ترى هذه الأزمة وسبل الخروج منها وتطوير التعليم الديني؟
تطوير أطروحات دينية إسلامية تجمع بين الإسلام والحداثة وتقديم تصورات اجتهادية مهمة حول الدولة والمجتمع،
المناهج التي تدرس في مناطق تنظيم الدولة الإسلامية لا نجد اختلافات جوهرية عما يدرس في كليات الشريعة في معظم الدول العربية. هذه المناهج في حاجة كبيرة إلى عملية تجديد أكيدة، حتى نتفادى الفراغ الدينيّ الذي يجعل المتدين يلجأ إلى الأفكار المتطرّفة، وحتى نتمكّن من نشر وعي دينيّ يتغذّى من روح التسامح الموجودة في الإسلام. هذا البعد من الإسلام هو الذي يجب أن يحظى بكلّ عنايتنا،
على الرغم من تكاثر مباحث المقاصد الشرعية، إلا أنّ معظم الدراسات اتخذت طابعًا شكليًّا وصفيًّا تكراريًّا ومسارات متباينة، كيف يمكن تجاوز هذا الخلل والدفع نحو الاجتهاد والتجديد من أجل تأسيس حداثة إسلامية وعربية ثانية؟
البحوث الحديثة الخاصة بعلم أصول الفقه ومبحث المقاصد إلى منع الطابع الوصفي الظاهر لسائر أنواع الكتابات الأصولية بحسب وائل حلاق،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق