الجمعة، 19 مارس 2021

السيسي يضع شروطا للمعارضة تتناسب مع رؤيته لدورها في الشارع ****

 السيسي: من حق الناس أن يعبروا عن رأيهم ويعترضوا

يتناسب مع المقاييس العامة التي يعتقد في جدواها حاليا، وهو ما يجعل الإصلاحات السياسية مرهونة بحسابات السلطة التي باتت تقبل تقديم تنازلات لفائدة المعارضة الشعبية “التلقائية” وترفض أي تنازل للمعارضة السياسية حتى لا تبدو في موقف ضعف.

السيسي

 من حق الناس أن يعبروا عن رأيهم ويعترضوا، وتكون لدينا معارضة صحيحة، لكن الهدف في النهاية -سواء التعبير عن الرأي أو المعارضة- هو تحسين أحوال الناس وحياتهم. الهدف كده مش المعارضة للمعارضة ومش التعبير عن الرأي علشان الناس تتكلم (الهدف بهذا المعنى ليس المعارضة لمجرد المعارضة وليس التعبير عن الرأي لمجرد أن يتكلم الناس)”.

وجهت وسائل إعلام دولية انتقادات لمجال الحريات في مصر خلال الأيام الماضية، تزامنا مع الرسائل التي بعثت بها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، والخاصة بالاهتمام بملف حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية في دول كثيرة، بينها مصر.

مرت الحكومة المصرية بالكثير من المواقف الشعبية التي أجبرتها على التراجع عن قرارات مست مصالح المواطنين بشكل مباشر، بينما رفضت الاستجابة لمطالب سياسية هادئة رفعتها أحزاب عديدة بشأن القيام بإصلاحات تمكنها من ممارسة دورها المباشر، وبدت الحكومة تفضّل صخب الشعب على هدوء الأحزاب.

استحسان الصخب غير المنظم إلى زيادة الضغوط على الحكومة، وربما يجعلها تدفع ثمنا باهظا لاحقا، فكل قرار تتخذه ولا يلقى ترحيبا يجد طريقه إلى المعارضة الشعبية، وهي سلاح خطير يستخدمه الكثيرون في الوصول إلى أهدافهم، ذلك أنهم عرفوا أن الحكومة تنحني أمام هذا النوع من العواصف خوفا من اشتدادها وعدم السيطرة عليها.

أصدر أهالي المنطقة بيانات على مواقع التواصل الاجتماعي رفضوا فيها إنشاء جسر الإسماعيلية بحي مصر الجديدة، بطول 2 كيلومتر ويمر بمحاذاة كنيسة السيدة العذراء -وهي كنيسة تراثية أنشئت منذ 110 أعوام- وصولاً إلى قصر الاتحادية الرئاسي ونادي هيليوبوليس الرياضي.

تضامن مع الأهالي مسؤولو الكنيسة، ورفضوا المشروع لأسباب أمنية وروحية، حيث يمكن لأي إرهابي اعتلاء الجسر وتهديد من يؤدون الصلوات داخل الكنيسة، فضلا عما يسببه صوت السيارات فوقه من إزعاج للمصلين.

ولم يكن المشروع المحاذي لـ”البازيليك” الوحيد الذي تنحني له الحكومة، فقد أوقفت تطبيق الكثير من بنود ملف التصالح في مخالفات البناء، واضطرت إلى التنازل عن الصيغة الإلزامية والسرعة في تنفيذه.

بعد احتدام الرفض الشعبي وعدت بدراسة فكرة التراجع عن إنشاء مشروع “عين القاهرة” في حديقة المسلة القريبة من نهر النيل عند مدخل جزيرة حي الزمالك الراقي في القاهرة،

تبدو الحكومة المصرية كأنها تمارس ديمقراطية من نوع جديد، تريد من خلالها كسب رضا الشعب، ولا تريد كسب ود أحزاب المعارضة التي فُرضت عليها قيود لم تمكنها من ممارسة دورها السياسي.

تتجاوب الحكومة مع صيحات المواطنين لأن تصرفاتهم لا تتضمن أهدافا سياسية محددة، وتريد الإيحاء بأنها قريبة من نبض الشارع، ما يدحض اتهامها بأنها متعنتة أو متغطرسة في التعامل مع الفضاء العام.

تريد فرض منطقها السياسي في الكثير من المجالات؛ فلها توصيف معين لحقوق الإنسان يحصرها في المأكل والمشرب والملبس، ولا تندرج ضمنها مسألة الحريات. ولها رؤية في دور المعارضة تفرض عليها التوافق مع الخطوط العامة وحصر الخلاف في الهوامش، وغالبا تأتي من رحم جيوب أو شخصيات تدور في فلكها أصلا.

ترفض الحكومة أن تمارس المعارضة دورها بشكل مفتوح، بحجة تخوّفها من تسرب عناصر جماعة الإخوان إلى المشهد السياسي مرة أخرى، وخلقت لنفسها مفهوما يمكن أن يجبرها على المزيد من التنازلات ويؤدي إلى تعطيل مشروعات التنمية التي تقوم بها، خاصة التي تتعارض مع مصالح فئة عريضة من السكان.

المحلل السياسي جمال أسعد عبدالملاك إن “ارتفاع أصوات المعارضة الشعبية أمر تشهده العديد من دول العالم، ويتماشى مع تنامي مفهوم ‘الشعبوية’، وهي نقيض ‘الديمقراطية النيابية’، وفي ظل خفوت تأثير الأحزاب على الجماهير وإهدار أدوار المجالس المحلية في التعبير عنها أُفسح المجال لتوالي الحملات الشعبية”.

“اهتمام الرأي العام المصري بقضيتي كوبري مصر الجديدة ومشروع عين القاهرة له ارتباطات تتعلق بالنطاق الجغرافي داخل العاصمة، والذي يضم أماكن تتواجد فيها النخبة من سياسيين وصحافيين وكتاب ونجوم مجتمع، نقلوا ما يدور في الشارع إلى وسائل الإعلام، واستطاعت المعارضة الشعبية أن تفرض نفسها مصحوبة بدعم معنوي قد يغيب في قضايا أخرى كثيرة”.

غياب الحوار المجتمعي بشأن المشروعات الراهنة من الأسباب التي دفعت إلى ظهور معارضة شعبية، ما يشكل تهديدا لفاعلية مفهوم التنمية التي تبذل الحكومة جهودا كبيرة فيها، وقد لا تحظى برضا شعبي واسع.

*

Feb 17, 2021

السيسي يبدي قبولاً «مشروطاً» للمعارضة السياسية في مصر

ربط تحسن الأحوال المعيشية بانخفاض معدل نمو السكان

*

التحقّق من هدف النقد ينطوي على ادّعاء ضمنيّ بالحق في التفتيش في ضمائر من يعارضون، وبالتالي احتمال "تخوينهم". وأصل الداء هو الرفض غير المعلن لـ "السياسة"، والإصرار على أن من حق الناس فقط تقييم بعض تفاصيل حياتهم اليومية كـ "شكاوى فردية"، من دون أي تجريد أو تعميم، ومع إنكار تام للحق في تغيير أيٍّ من قواعد "اللعبة السياسية"، أو موازين القوى التي تجعل الحاكم "أعلى من التقييم"، والمحكوم "أدنى من المواطن". وللمصطلحين، الحاكم والمحكوم، في السياسة، دلالات واضحة وضوح الشمس، والالتفاف عليها، صراحة أو ضمنًا، تَنكُّرٌ للسياسة. وغنيٌّ عن البيان أن "السياسة" لا تقبل إعادة التعريف، بالشكل الذي يجعل أدوار كل المؤسسات السياسية في دولةٍ لا يتجاوز دور "خدمة العملاء" في شركة. والتذرّع بمبرّرات مثل: "بناء الدولة" أو "حروب الجيل الرابع" أو الاستهداف الدائم، أو ما شابه، مؤدّاه أن على جميع المحكومين قبول مكانهم، الذي هو "قدر مقدور"، في بنية سلطة هرمية، قانونها الثبات ثم الثبات ثم الثبات، وإلا كان المعارض كـ "العبد الآبق"، أي العبد المتمرّد على عبوديته، وعقابه الموت!

المقبول، المشروط، الوارد في الخطاب الرئاسي المصري أخيرا، ليس سوى الحق في الكلام عما يساعد على تحسين حياة الناس، وليس تغيير أفكارهم مثلًا، أو دعوتهم إلى الوحدة، تحت مظلة مطالبة متصلة بالمصالح أو القناعات. وهو ما لا يمكن أن يتجاوز الانتقاد من دون الدعوة إلى التغيير، ومناشدة أصحاب السلطة (المستمرين فيها من دون منافسة حقيقية) بتحسين أدائهم في تنفيذ سياسات قرّروا، منفردين، أن ينفذوها. وهذا إلغاء تام للسياسة، وتقزيم للحقوق والحريات، وتسويفٌ يبدو أنه بلا نهاية لاستكمال معالم دولة القانون. وبتعبيرٍ أكثر وضوحًا، يعزز هذا الخطاب الإصرار على أن "الاستقرار" يعني التسليم بكل ما تقرّر السلطة أنه ضرورة أو "مصلحة وطنية عليا".

المعارضة المشروطة والمواطنة المنقوصة، وفضلًا عن وصم السياسة وتخويف الناس منها، ستؤدّي، على الأرجح، إلى تآكل حيوية المجتمع وشحوب الشعور بالانتماء الوطني، وتتعارض هذه العواقب تعارضًا تامًا، مع مساعي الحفاظ على "وحدة الصف الوطني"، والحفاظ على "الاستقرار"، وتلك أهدافٌ تتحق بالتراضي وقبول المفاوضة والمواءمة والحل الوسط، ولا تتحقق بالاحتكام الصارم إلى مبدأ: "الإدارة بالأمر" من أعلى إلى أسفل، كاتجاه واحدٍ ووحيد للتأثير.

لا مبرّر أبدًا للاستمرار في "التَنكُّر" للسياسة، وفي إعادة تعريف: المعارضة، والحرية، وحقوق الإنسان، و... ولا شيء يمكن أن يجعل العالم العربي في منأىً عن موجة جديدة من الثورات (وهو أكثر ما يقلق دعاة الاستقرار) سوى "إعادة الاعتبار للسياسة".

*

الهدف من التعبير عن الرأى أو المعارضة السياسية تحسين أحوال الناس وتحسين حياتهم، وأنه يجب ألا تكون المعارضة بهدف المعارضة، وألا يكون التعبير عن الرأى كى يتكلم الناس، فيجب أن يتكلموا ويقولوا انتبهوا إلى هذا الأمر، لدينا مشكلة هنا، وما تفعلونه خاطئ.. وهذا أمر نقبله، ولكن يجب أن يكون المتكلم على دراية بما يقول، وأن الدولة المصرية جادة جدًا فى مواجهة تحدياتها، وأمينة جدًا عند مواجهتها، ومخلصة جدًا، وذلك سيخفف العبء على الرأى والمعارضة، وأنا لا أقول لا تتكلم، لكن قبل أن تتكلم انظر واستمع!!».


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق