عولمة الشرق الأوسط في القرن الـ21″، في هذا الكتاب الذي صدر هذه الأيام ويبلغ 561 صفحة؛
صياغة قضية "نحن والغرب"؛ إحدى الثنائيات التي هيمنت على تفكيرنا على مدار القرن الـ20، في أن "العالمية كانت جزءًا من وعي الناس، وقد تأثرت المنطقة بشكل كبير بقوى عالمية مختلفة. كما أثرت بشكل عميق في التطورات في أجزاء أخرى من العالم، بما في ذلك ما يسمى عمومًا (بالغرب)".
الغرب كما الشرق الأوسط، في وعي المؤلفين، اختراع أيديولوجي وليس تسمية جغرافية. هذه المصطلحات لها تأثير عميق وعنيف؛ فهي تشوه الاستمرارية التاريخية والتعقيدات المتنوعة للعوالم المتجانسة لإثبات وهم "الغرب" في مقابل الشرق، وكما يرى حميد الدباشي في فصله المعنون بـ"أمم بلا حدود" فإن تصنيع الجغرافيا الخيالية لـ"الشرق والغرب" ليس من صنع المستعمرين وأيديولوجياتهم الاستشراقية بالكامل؛ فالعرب والإيرانيون والهنود والأتراك وغيرهم مسؤولون بشكل متساوٍ إن لم يكن أكثر عن توثيق مثل هذه التخيلات المزيفة. لأنهم قد تخلوا بسهولة عن التعقيدات الدائمة والقرب من مناطقهم الجغرافية إلى التضاريس المهيمنة لغزوات الغرب الاستعمارية.
سؤال "نحن والغرب" اختزل العالم، في إدراكنا، إلى الغرب فقط، فالعرب يعرفون عن أوروبا أكثر مما يعرفونه عن إيران أو الهند أو أفريقيا أو تركيا، كما يعرف الإيرانيون والهنود والأتراك المزيد عن أوروبا أكثر مما يهتمون بمعرفته عن جيرانهم والمناطق الجغرافية البديلة التي شكلوها تاريخيًا.
لحظة الانتفاضات العربية 2020-2011 باعتبارها لحظة "لم يسبق للعالم العربي في تاريخه الحديث أن تمتع بمثل هذا التعريف العالمي"، فقد ربطت روح التحرير الحركات الاجتماعية في جميع أنحاء العالم لتتحد في مطالباتها المشتركة ضد عواقب الاقتصاد النيوليبرالي، وتزايد عدم المساواة، وعدم استجابة السياسات الحزبية.
العدالة الاجتماعية. فقد أصبح ميدان التحرير شعارًا عالميًا أو على حد تعبيره "ميما عالميا"
ضرورة تفكيك ثنائية المركز والأطراف والتغلب عليها؛ نحن والغرب، الإسلام والحداثة، الإسلام والعلمانية…. إلخ، ثنائيات القرن الـ20، ومن ثمّ فتح آفاقنا لعوالم بديلة ممكّنة من قبل ذلك المجال العام العابر للحدود.
إن المهمة الحالية هي استعادة العوالم المتعددة التي فرضتها الجغرافيا الاستعمارية لـ"الغرب والباقي" على ذاكرتنا العالمية، وإذا كانت القوى والعمليات العالمية -مثل الاستعمار أو أسواق النفط أو مبيعات الأسلحة- قد أثّرت بعمق في سياسات واقتصادات البلدان في الشرق الأوسط، فإن الأفكار والمنتجات الثقافية من المنطقة قد شكلت بالتساوي المشهد الاجتماعي والثقافي خارج المنطقة
وأدّى الانتشار العالمي الملحوظ لأنظمة المعتقدات والتقنيات والموسيقى والأطعمة التي نشأت في الشرق الأوسط -واستعرضها الكتاب بالتفصيل- إلى تغيير جذري في مسار التاريخ البشري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق