الخميس، 25 مارس 2021

الربيع العربي والثورات المضادّة والتطبيع

 شعار القومية العربية وتحرير فلسطين ومقاومة الكيان الصهيوني، قامت أنظمة عسكرية في العواصم التاريخية العربية. قادت الانقلابات العسكرية هذه الأنظمة إلى مواقع السلطة المطلقة، فتحولت المملكات إلى جمهوريات استبدادية يتولى أمرها العسكر، يقتلون، يرفعون. فما كانت النتيجة بعد عقود وعقود من حكم العسكر في دمشق وبغداد والقاهرة؟

لم تتحرر فلسطين، وازداد الكيان الصهيوني قوة ونفوذا وجبروتا، وأخذ يتوسع في عمق الدول العربية، ويتغلغل إلى صميمها عبر اتفاقيات التطبيع، التي جاءت لتكرس استسلام العرب وتخليهم عن القضية الفلسطينية، أقدس قضاياهم وأحقها وأكثرها رمزية وثورية.

والجيوش العربية قاطبة أصبح سلاحها مشهورا في وجه شعوبها في الداخل العربي. وقوتها على المواطن العربي المسحوق وليست له. وشغلها الشاغل التوطيد لأنظمة الاستبداد العسكرية واستتباب الأمر لها. وفجأة صار طي النسيان شعار تحرير فلسطين ومقاومة العدو الصهيوني، ولم يعد ضباط الجيوش العربية يخجلون من الهزائم المتوالية أمام العدو الصهيوني الألد.

اليساريون والقوميون العرب


جاء الربيع العربي ليعري النخب اليسارية والقومية العربية، التي تحالف جزء كبير منها مع الأنظمة الاستبدادية، مشكلا جبهة الثورة المضادة، التي عملت على إجهاض ثورات الربيع العربي، بما هي حركات مشروعة ومحقة تهدف إلى رفع نيران الاستبداد عن كواهل الشعوب العربية، وإلى إنشاء أنظمة ديمقراطية عادلة تصان فيها كرامة المواطن، وتحفظ فيها حقوقه، وتضمن له الوسائل الضرورية لتحصيل رزقه بشرف، بدون منة أو فضل من أحد.

 اليساريين ومن القوميين العرب (من التيارات الناصرية بشكل رئيس) عن التحالف مع أنظمة الطغيان الطائفية، التي تقتل شعوبها في سوريا والعراق ولبنان. وبلغت المهزلة مبلغا صار فيه من الممكن لنا أن نرى تحالف أحزاب علمانية يسارية، مثل الحزب الشيوعي اللبناني، مع أحزاب طائفية محض، مثل حزب الله المؤتمر بأمر الولي الفقيه في إيران.

لم يتورع الكثير من العلمانيين، من يساريين وقوميين عرب وقوميين سوريين وبعثيين، من الانضواء تحت رايات الأنظمة المستبدة التي تقتل شعوبها، وتسفك دماءهم وتجوعهم وتذلهم وتضطهدهم وتسجنهم وتعذبهم. تحت شعارات واهية أوهن من بيت العنكبوت سارت أفواج من مثقفي اليسار والناصرية في ركاب ما اصطلح على تسميته "محور الممانعة"، الذي يشمل نظام الولي الفقيه في إيران، ومليشيات الشيعة في العراق، والنظام الأسدي في سورية، وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن. إنهم علمانيون صاروا على درجة من الجنون والهذيان سمحت لهم بنقض العلمانية من أسسها عبر تأييدهم أنظمة وأحزاب طائفية متطرفة تحترف الإجرام واللصوصية والإفساد في الأرض.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق