تتقاطع طموحات الإعلاميين في مصر بحرية تداول المعلومات مع قناعات المسؤولين الحكوميين بأن سياسة التعتيم حق مكتسب لهم، بذريعة الحفاظ على الأمن والاستقرار وعدم استغلال تيارات معادية لنشر الحقائق في تأليب الرأي العام.
هل هي حرية النقد أم توافر المعلومات، بأن ثمة تغيرات مرتقبة في المشهد قريبا، مع توقعات بكسر الجمود الذي يعتري العلاقة بين مثلث الجمهور والإعلام والحكومة.
اختصار الحرية الإعلامية في النقد توصيف خاطئ للمشهد، فهي تبدأ أولا بإتاحة المعلومات الموثقة للعاملين في المهنة عموما، لأن الجمهور يحتاج إليها طوال الوقت، والإعلامي يقوم بالنقد البناء، وفق ما أتيحت له من معلومات.
ويرى منتمون إلى مهنة الإعلام أن حرية الرأي والتعبير في الاختلاف مع وجهات نظر أيّ مؤسسة حكومية، أو حتى السلطة ذاتها، يبدأ من إتاحتها للمعلومات الموثقة التي يمكن من خلالها الوقوف على أبعاد أي قضية أو قرار، وبعدها يمكن للإعلام ممارسة دوره في النقد وتوصيل صوت الناس بناء على ما أتيح له من معلومات.
حرية الرأي والتعبير، بأنه لا مانع من النقد وفق الحدود المتاحة، شريطة أن يتقيد بمعلومات وحقائق وأدلة، لا أن يتحدث الصحافي في المطلق بناء على وجهات نظر شخصية ليست واقعية.
امتعاضه من انتقاد بعض الأصوات الإعلامية لقرارات وسياسات دون معرفة بأبعاد كل ملف، وأكد أنه ليس ضد الاختلاف، لكنه ضد الانتقادات العشوائية.
مشكلة الكثير من الصحافيين أنهم يستسهلون أحيانا نشر البيانات الرسمية دون القيام بجهد في البحث والتوثيق والتحري لانتزاع معلومات هامة حول قضايا تمس صميم حياة الناس، حتى لو كانت المؤسسات الرسمية تمارس التضييق على الحقيقة، ما يترتب عليه غياب النقد والعجز عن تقديم إعلام غني في مضمونه.
ويرى إعلاميون أن النقاش الموضوعي حول أي قضية أو قرار يهم عموم الناس، لا يمكن أن يتحقق مع استمرار التعتيم على المعلومة، والشراكة الحقيقية بين الإعلام والمجتمع والسلطة تبدأ بتقاسم المعلومات دون اجتزاء أو إخفاء، حتى يتسنى للأطراف الثلاثة وضع أياديهم على المشكلة الحقيقية بالنقدالبناء والصياغة الدقيقة.
حرية الرأي والتعبير تحتاج لإرادة سياسية، على أن تكون البداية بإقرار حق الإعلامي في الحصول على المعلومة ليبني عليها موقفه بحيادية، إما النقد وإما الدعم، وصار على الحكومة أن تدرك قيمة المكاشفة في قيام الإعلام بمساعدتها على معرفة مناطق الخلل، بحيث يكون رقيبا على الانحراف والأخطاء وبؤر الفساد.
إذا كانت المعلومة هي الانعكاس الحقيقي للحرية، وفق توصيف رئيس مجلس تنظيم الإعلام كرم جبر، أصبح حتميا التوقف عن شيطنة وسائل الإعلام التي تجاهد للتحرر من البيانات الرسمية، لأنها تجتزئ الحقائق ولا يصدقها الجمهور، ولا تؤسس لوعي متين أو نقد بناء يلبي طموحات الشارع والحكومة معا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق