*
إن السعادة أقرب ما تكون إلى فراشة، ما إن تبدأ بملاحقتها حتى تفلت منك، لكنك إن جلست ساكنا، لربّما حطّت على كتفك"،
الأديان والفلسفة والفنون تعتبر السعادة موضوعا ملائما للدراسة والفحص، في حين بدأ العلم باللحاق بالركب مؤخرا فقط
مكعبات بناء السعادة؛ ألا وهي العائلة، السيرة المهنية، الصداقات، الإيمان، وغيرها، ومن ثمَّ منحك الأدوات اللازمة لبناء حياة متوازنة تزخر بالمعنى تخدم قيمك الشخصية.
نحن لا ندرس السعادة لأن العديد من الباحثين يعتبرون السعادة مصطلحا ضبابيّا وذاتيا جدا، وأنه يحتوي على العديد من الأفكار المتناقضة
سر الرضا هو التركيز على مقام المعادلة الثالثة. لا تُفكِّر بما لديك، ولكن تحكّم بما تريده بدلا من ذلك. لا تُحصِ ما تملك (من مال، أو نفوذ، أو مكانة، أو عشاق، أو شهرة) أو تحاول معرفة الطريق لزيادته، وإنما قم بإجراء جرد لرغباتك الدنيوية وحاول تقليصها. قم بإعداد قائمة، ولكن ليس بالرحلات المثيرة والأشياء المكلفة، وإنّما بالأشياء التي تتعلق بها في حياتك وأنهِ تعلُّقك بها، ثم خطّة لكيفية إعداد الأمر. كلّما قلّت الأشياء التي تريدها وانخفضت نبرة الصراخ داخلك وانحسرت مشتتات الانتباه، زاد السلام والرضا بما تملكه سلفا.
*
التاريخ والفلسفة
الإشباع لا يلبي غير حاجات فرديّة ضيّقة تحوّل الإنسان إلى وسيلة في آلة الاستهلاك الكبرى للعالم الرأسمالي المتوحّش.
أما القيم الكونية التي تسود العالم الآن؛ فهي كونيّة المال والتجارة العالميّة وأجندات الحروب والنفط والمنافسة والتسابق والتباري في المظاهر والموضة. وحده المال هو القيمة العالمية الوحيدة. فعالمنا عالم يخلو من الرغبة في المغامرة. فكلّ شيء فيه قائم على الحساب والأمان. إنّه عالم لا يصلح لأيّة مراهنة ولا لأيّة مجازفة؛ لأنّه لا أحد فيه مستعدّ أن يترك وجوده رهين الصدف واللقاءات العابرة والفجائيّة.
استعادة السعادة الحقيقية من كلّ ضروب ابتذال مفهوم السعادة في عالم ارتدّ فيه البشر إلى أرقام استهلاكيّة في آلة الرأسماليّة المتوحّشة. في عالم البضائع المثيرة للغثيان، عالم المسوخ التي تعبر هذه السوق الكبيرة، يستعيد الفيلسوف صحّته ويأخذ الكلمة مرّة أخرى كي يقول لنا: ما هي السعادة؟ وهل ثمّة سعادة حقيقية وسعادة مغلوطة؟ وكيف يمكن للفلسفة أن تقودنا ثانية إلى تحصيل السعادة؟!
فالسعادة بنظر أفلاطون "يجب أن تقوم على نوع معين من التناغم والانسجام بين الرغبات والأهداف في حالة تعددها" ويعد أفلاطون السعادة هي الخير الأسمى
يختلف تعريف أرسطو عن أفلاطون للسعادة فيرى -أرسطو- بأنها "اللذة" والتي يعتبرها غياب الألم والإزعاج
يحصر الفضيلة "بالتفكير الفلسفي أو التأمل. ويصل إلى نتيجة مؤداها أن الحياة الأكثر سعادة هي الحياة المكرسة لهذا النشاط العقلي
يخالف التعريف الأفلاطونيّ للسعادة؛ حيث لا ينبغي البحث عنها في عالم مفارق، إنّما يمكن للبشر أن يدركوا مقام السعادة بأعمالهم. وذلك إنّما يتمّ إدراكه بالفضيلة التي تقودنا إلى السعادة عبر اللذّة والخير. وتكمن الفضيلة فيما يسمّيه أرسطو بالاعتدال في الأفعال
أبيقور والرواقيون فغالبا ما اختلفوا، ونادرا ما اتفق هؤلاء وأولئك. وفي نظر أبيقور فإن الخير هو اللذة واللذة بدورها يتم تفسيرها باعتبارها غيابا واعيا للألم والإزعاج، وهو -أيضا- يؤكد أن هذا هو ما تسعى من أجله الموجودات البشرية منذ مرحلة الطفولة فصاعدا، وأن الناس جميعا يكافحون من أجل هذه اللذة ومن أجلها وحدها ولا يوجد هناك شخص يرفض ويكره أو يتجنب اللذة لذاتها؛ وإنما بالأحرى؛ لأن هناك نتائج مؤلمة تصيب أولئك الذين لا يعرفون كيف يسعون إلى اللذة بطريقة عقلانية.
الرواقيين "يؤكدون أن الخير الوحيد للمرء هو الفضيلة بما في ذلك العدالة". كذلك فقد اعتقدوا بأن غاية الوجود البشري هي التوافق مع الطبيعة، ويرى أبيقور أن شكلاً من أشكال اللذة يكمن في غياب الألم والقلق، أما الرواقية فقد نظرت إلى السكينة باعتبارها تنطوي على الرؤية القائلة بأن أحداث الحياة العارضة لا ينبغي أن تشغلنا وأنها أجزاء محتومة وضرورية من نظام الكون، كما يؤكد أبيقور أن الخير هو نوع من التجربة، وتعني اللذة التي يعرّفها بالتحرر من الانزعاج وهو يعتقد "بأن الحياة المعاشة ينبغي أن تنطوي على أقل قدر ممكن من الإزعاج"
نيتشه -وخلافا لأفلاطون وأرسطو وغيرهما من الفلاسفة- إلى أن "تصادم الرغبات وليس انسجامها" يمكن أن يكون أمرا مرغوبا فيه؛ فالرغبات تكون -كذلك- حينما تكون مصدرا لنوع معين من الابتهاج، وحافزا لذلك النوع من الإنجاز الذي يراه نيتشه "والذي يعده هائلا ومؤثرا وهو يذهب إلى أن تضارب الأهداف يمنع الحياة أن تستتب في حالة من الروتين الممل، وأن تقاوم ذلك النوع من السعادة الذي يريده أغلب الناس
في العصور الوسطى فقد ظهر توما الأكويني، وهذا الفيلسوف وقبله أوغسطين يكادان يعدان أبرز فلاسفة العصور الوسطى، ويعدان الممثلين الحقيقيين للديانة المسيحية واللاهوت المسيحي على امتداد العصور الوسطى، وبخصوص السعادة البشرية يقول توما الأكويني "إن السعادة البشرية التامة تكمن في رؤية الجوهر الإلهي، ويقول أوغسطين أن جزاء الفضيلة سيكون هو الله نفسه الذي يهب الفضيلة، والذي نذر نفسه لنا، وليس هناك من هو أفضل أو أعظم منه؛ فالله سيكون غاية رغبتنا وسوف نرى أنه بلا نهاية، نحبه بلا حدود ونمجده بلا كلل".
كتاب الأخلاق لسبينوزا (1632-1677) فنجد أنّ السعادة "هي الغبطة التي ندركها حينما نتحرّر من عبوديّة الأهواء ومن الخرافات والأحكام المسبقة". وينطلق سبينوزا من تعريف للإنسان بوصفه "رغبة في ماهيته" لذلك فإنّ قدره الوحيد هو الفرحة بالوجود، وأنّ الإنسان عنده قادر على أن يكون سيّدا على رغباته عبر التفكير، ولذلك يمكنه إدراك البهجة التي -دونما تضحية بالرغبة- بوسعها أن تؤول إلى غبطة؛ أي إلى فرح تامّ ودائم.
جيرمي بنثام وستيوارت مل فيزعمان أنه من خلال تعريف السعادة بوصفها لذة -وإن كان بأساليب مختلفة- فإنهما بذلك يساعدان على تزويدنا بمعيار لاتخاذ السلوك الصحيح. وقد كان مشروع بنثام الاجتماعي أكثر تفصيلا إلى حد كبير مما هو عليه مشروع أبيقور"فقد كان يتم تصوير هذا المشروع للوهلة الأولى بوصفه مشروعا قانونيا؛ كي يبين أن نظام القوانين ينبغي أن ينتج أكبر قدر ممكن من اللذة وهو يبدأ بمساواة السعادة باللذة" وقد ذهب بنثام في تعلقه بالقوانين أكثر من غيره؛ فهو يربط سعادة الأفراد بسعادة المجموع حين يقول "إن سعادة الأفراد التي تتألف منها سعادة المجموع هي الغاية والغاية الوحيدة التي ينبغي أن يضعها المشرع في الاعتبار."
بنثام ومل يقولان بأن السلوك الصحيح هو السلوك الذي يحدث أكبر سعادة لأكبر عدد ممكن من الناس، وبنثام "يرى أن الخير هو تجربة اللذة بالمعنى الأكثر تداولاً لمفهوم اللذة، وهو المعنى الذي ضمنه كثيرا في إطار التحرر من الإزعاج؛ فهو يرى أن المرء يمكن أن يكون سعيدا بالتناسب مع قدر اللذة التي يمكن أن يحصل عليها".
ظل السؤال الفلسفي عن السعادة يعاني من نقيصة عميقة اكتشفها كانط في كتاب نقد العقل العمليّ بين الذين يعتقدون بأنّ السعادة تكمن في اللذّات كما يذهب إلى ذلك أبيقور، والذين يعتقدون بأنّ السعادة تكمن في الفضيلة؛ أي الفضيلة العقليّة -تحديدا- فالتقليد الأفلاطوني الأرسطي الذي يجعل من الفيلسوف أكثر الناس قدرة على تحصيل السعادة وهو تقليد استأنفه عن اليونان الفارابي وابن سينا لكن بأشكال مغايرة وفي أفق ثقافة مختلفة.
الغزالي فيقول "إن اللذة والسعادة عند بني آدم هي معرفة الله عز وجل" ويكمل "اِعلم أن سعادة كل شيء ولذته وراحته تكون بمقتضى طبعه، كل شيء خلق له، فلذة العين الصور الحسنة، ولذة الأذن في الأصوات الطيبة، وكذلك سائر الجوارح بهذه الصفة، ولذة القلب خاصة بمعرفة الله سبحانه وتعالى؛ لأن القلب مخلوق لها".
تمييز السعادة الحقيقيّة عن سعادة الإشباع
ثورة الفكر ضدّ التصورات السائدة حول السعادة الحقيقية وسعادة إشباع الرغبات.
فالوصول إلى السعادة يبدأ حينما يكون الإنسان صادقا مع نفسه.
فالإنسان الذي يحيا وسط النفاق والكذب؛ حتى الوصول لدرجة الكذب على نفسه؛ لن يشعر أبدا بالسعادة،
كسر هذه السلسلة اللامتناهية لمجتمع تبادل السلع. لا شيء بوسعه إيقاف هذا البريق اللامتناهي لتدفّق السلع ودوّامة الرغبات الاستهلاكيّة غير مطلب جذريّ أو فكرة استراتيجية مناقضة تماما لمنطق العالم الاستهلاكيّ القائم على الإشباع والبضائع الأنانيّة والجاهلة معا".
"إنّنا في حاجة ماسّة إلى فكرة ما أو قيمة ما نسمّيها الحقيقة، بها يمكن أن نخاطر من أجل إيقاف هذه السرعة المجنونة لحضارة البضاعة المطلقة. وهذا يعني أنّه علينا التمسّك بفكرة جديدة عن الحقيقة وعن الكونيّة معا، وذلك من أجل المراهنة على شكل جديد من الكونيّة ضدّ كونيّة الرعب التي لم تنتج غير الفاشيّات"
"كونوا واقعيّين.. اطلبوا المستحيل" مع جملة عجيبة لجاك لاكان "إنّ الواقع هو المستحيل". أن نغيّر العالم هو -إذن- أن نطلب المستحيل بما هو الواقع عينه، الواقع الحقيقيّ كي نواجه الواقع الزائف. هكذا إذن يكون تعريف السعادة الحقيقيّة كما يتصوّرها باديو "إنّ السعادة إنّما هي دوما متعة المستحيل"
السعادة -إذن- هي شعور ممكن دائما؛ فهي لا تكمن في سعادة المترفين وذوي البطون المشبعة؛ بل تكمن في بهجة الحياة حينما نحبّ، وحينما نبدع فنّا، وحينما نسعد بولادة حقيقة ما. نحن نسعد بكلّ تغيير بهيج لما يحدث لنا. حيث أنه لا ينبغي أن نتأمّل الوجود وأن ننعم بدفء أحضان مساحة الراحة والروتين؛ إنّما علينا الذهاب دوما لملاقاة الحدث وتعلم الجديد. حدث ما؛ هو ذاك الذي يغيّر نظام العالم.
تبقى السعادة -كما أخبرنا الإمام الغزالي- في معرفة الإنسان لنفسه وقلبه؛ ومن ثم معرفته لخالقه، فالقلب مخلوق ليسعد بالاقتراب من خالقه، ومفطور على لذة المعرفة الروحانية الخالصة؛ لكن يخبرنا الفيلسوف زيغمونت باومان أن السعادة كفاح وليست مكافأة، مكابدة وليست فرحا دائما، وهذا هو سر الحياة. لكن ما الذي يخبرنا به العلم الحديث عن كيفية فهم الإنسان لشعور السعادة؟
*
20 مارس/ آذار باليوم العالمي للسعادة. وهو اليوم الذي اعتمدته الأمم المتحدة عام 2012 اعترافا منها بأهمية السعادة
والرفاه.
تعرّفه الأمم المتحدة مرتبط بـ"مدى رضا الشخص عن حياته".
ستة معايير لقياس السعادة، منها نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ومتوسط عمر الفرد، وحرية اتخاذ القرارات، بالإضافة إلى جودة الخدمات الصحية والتعليمية، وانعدام الفساد، وانتشار العدل.
لغة الجسد لا تنتظر السعادة لتبتسم ولكن ابتسم وستكون سعيداً، ابتسم وكن على يقين أن اليوم أجمل.
ومنهم من يحصرها في مفاهيم تقليدية كتحقيق الثراء أو توفير لقمة العيش والشعور بالطمأنينة، والتصالح مع القدر والرضا.
البعض الآخر يجدها في قرب الحبيب والعائلة بينما يربطها آخرون بالتفوق الدراسي أو بمساعدة محتاج.
سقراط: "سر السعادة ليس في البحث عن المزيد منها ولكن في تعويد النفس على الاستمتاع بالقليل منها"
السعادة في معناها الوحيد الممكن: هي الصلح بين الظاهر والباطن، هي الصلح بين الإنسان ونفسه.
_مصطفى محمود
المال لا يشتري السعادة!
للتوضيح: يوفّر فرص معطيات السعادة
*
المال يشتري السعادة أحيانا
إنفاق الأموال على التجارب مثل السفر، قد يمنحك السعادة أكثر من شراء عناصر مادية، كما أن التجارب والذكريات تجعل الناس أكثر سعادة لأنها تعزز العلاقات الاجتماعية وتشكل جزءا أكبر من هوية الفرد.
قد يصبح حضور حفل موسيقي أفضل من شراء تلفاز جديد، أو يكون شراء هدية مختارة بعناية لشخص نحبه أعظم من الانغماس في هوس الشراء بلا هدف.
بين المال والسعادة
يمكن القول إن الأشياء التي تجلب السعادة لها قيمة جوهرية، فهي ذات قيمة للشخص نفسه، ولكنها لا تمثل بالضرورة قيمة قياسية للسعادة بشكل عام.
على سبيل المثال قد يجد شخص ما متعة في رائحة اللافندر، وقد يجدها شخص آخر أقل جاذبية، ومن ثم لا يمكن شراء السعادة فعليا من المتجر، لكن عندما يستخدم المال بطرق معينة مثل شراء الأشياء التي تجلب السعادة، تصبح للمال قيمة جوهرية في الحياة.
عندما ننفق المال لتوفير الوقت فإننا نشعر بالسعادة، لأن الوقت مورد محدود بمجرد أن يذهب لا يعود. ويرغب الكثيرون في الراحة أو قضاء وقت مع العائلة والأصدقاء، أو حتى لمجرد الاسترخاء والاستمتاع بعدم فعل أي شيء على الإطلاق.
فعلى سبيل المثال بدلا من شراء ملابس جديدة يمكن استئجار شخص للمساعدة في تنظيف المنزل أو تنظيم الحديقة وتقليم الأشجار، وطلب المنتجات التي يمكن توصيلها بدلا من الذهاب للتسوق من المتاجر "السوبر ماركت".
شراء الخبرات وليس الأشياء
على مدى العقد الماضي أظهرت الدراسات النفسية أن التجارب تجلب للناس سعادة أكثر ديمومة مما تجلبه ممتلكاتهم. وقد نظر خبراء علم النفس على وجه التحديد إلى الترقب كمحرك للسعادة، وما إذا كانت فائدة إنفاق الأموال على تجربة ما تتراكم قبل إتمام الشراء، بالإضافة إلى ما بعد ذلك.
فعندما لا يمكننا العيش في لحظة فمن الأفضل أن نعيش في انتظار تجربة ما، وهو ما تقوم به التجارب مثل السفر والحفلات الموسيقية والأفلام وما إلى ذلك، لأن فائدة شراء أي شيء تبدأ بالفعل في التراكم قبل شرائه، بعكس انتظار تجربة وهو ما يثير المزيد من السعادة والإثارة أكثر من انتظار سلعة مادية. ويمكننا معرفة مقدار السعادة التي نشعر بها عند مقارنة مقدار الإثارة عند انتظار وجبة لذيذة في مطعم، مع انتظار رحلة برفقة الأصدقاء.
التجارب تجعل الناس أكثر سعادة لأنهم أقل عرضة لقياس قيمة تجاربهم من خلال مقارنتها بتجارب الآخرين، فالعديد من الناس غير متأكدين من رغباتهم المادية تماما، بقدر تأكدهم من رغبتهم في الاستمتاع بالتجربة، بالرغم من التناقض الذي يبدو في المنطق القائل إننا إذا دفعنا مقابل إجازة ستنتهي، بعكس شراء شيء ملموس مثل أريكة أو هاتف يبقى لوقت طويل.
يقول علماء النفس إننا كبشر نتمتع بقدرة على التكيف، حيث نتوقف عن تقدير الأشياء التي نراها باستمرار، خاصة بعد أن تتدهور ويمر عليها الزمن، بعكس التجارب والذكريات التي تزداد جمالا مع الوقت.
وحتى التجربة السيئة تصبح قصة جيدة بمرور الزمن، كما يؤكد علماء النفس أن ما يميز التجربة أنها أكثر إثارة للاهتمام، فنحن يمكننا تخيل احتمالات لا نهائية لما يمكن أن تكون عليه التجربة، أما مع المشتريات المادية فنحن نعرف تماما ما سنحصل عليه.
التخلص من الأشياء التي لا نحتاجها في حياتنا والاحتفاظ بالأساسيات فقط شعار لقي استحسانًا
*
Apr 4, 2021
الفرح غير سعادة
من البديهي أن كل البشر خلقوا متساوين، وأن خالقهم وهبهم حقوقا معينة، غير قابلة للانتزاع، منها الحرية والحياة والحق في السعي لتحقيق السعادة”، لتصبح عبارة “الحياة والحرية والسعي لتحقيق السعادة” إحدى أكثر العبارات التي اعتمد عليها، ليس فقط الدستور الأميركي في ما بعد، بل مواثيق حقوق الإنسان في العالم، إذ أصبحت تلك العبارة جزءا من “الضمير الحقوقي العالمي”، حتى لو لم ينص عليها دستور بعينه.
تبدو وزارة السعادة في الإمارات المثال الوحيد عربيا، وسبقت الوزارة الإماراتية وزارة السعادة في بوتان عام 1972، حيث أنشأت المملكة في جبال الهيمالايا وزارة للسعادة الوطنية واعتبرتها مؤشرا للسعادة، أما الهند فأنشأت وزارة اليوغا عام 2014 لتعزيز الطب الهندي التقليدي واليوغا كمحاولة لإيجاد السعادة.
تجربة أخرى عالمية جديرة بالاهتمام وهي إنشاء الحكومة الإسبانية وزارة فريدة من نوعها هي وزارة الجنس، لتتولى رعاية الحياة الجنسية للمواطنين على اعتبار أن الجنس مقدمة للسعادة.
مطاردات لا تنتهي ما إن يخيل إلى أحدنا أنه أمسك السعادة بيديه حتى يفقدها لتبدأ المطاردة من جديد. انتهى بعضنا إلى حكمة مفادها أن السعادة شعور زائل، الشعور بالفرح هو ما يدوم.
شبه السعادة مبنى مكونا من 100 طابق وفي كل مستوى تزيد قيمة السعادة. ويمثل الفرح المصعد في ذلك المبنى الذي يأخذك كل يوم إلى مستوى أعلى من السعادة.
الفرح يدوم. إنها حالة من القناعة والسلام لا تتركنا حتى عندما تصبح الأمور صعبة. ببساطة الفرح اختيار. نختبر الفرح عندما نقرر أن نثق بقدرتنا على تجاوز جميع الظروف.
*
هل السعادة كذبة؟
هناك ماكنة هي التي تصنع السعادة. تلك الماكنة تعمل بشكل سليم في فنلندا. إنها تعمل بشكل أكثر كفاءة مما هي عليه في الدول الأخرى.
سعادة أن تحب امرأة. سعادة أن تلتقي بصديق وتضحكان. سعادة أن تمشي في دروب طفولتك.
سعادة أن تتذكر اللحظات السعيدة في حياتك. ولكن سعادة بلد هي غير سعادة أفراده. لا أحد يفكر بمصائر الأفراد الوجودية.
البرد الفنلندي لا ينحصر في المناخ، بل هو يشمل علاقات الأفراد في ما بينهم. يقابلك الفنلندي ببرود بغض النظر عن مستوى ونوع علاقتك به. غير أن ذلك البرود لا يدخل ضمن مقاييس السعادة العالمية.
ذلك الشخص البارد الذي تتوقع أنه سينتحر من شدة ما يبدو عليه من اليأس هو أكثر الناس سعادة. وهو الشخص المثالي الذي تقترحه الأمم المتحدة لكي يكون سعيدا. فنلندا هي الدولة الأكثر سعادة في العالم للسنة الرابعة. ما هذا؟ هل السعادة كذبة؟
*
May 23, 2021
Apr 17, 2021
مسح شمل أكثر من 150 دولة تم فيه تصنيف دول العالم حسب سعادة أبنائها إعتمادا على عدة إعتبارات منها متوسط دخل الفرد وحجم الرعاية الإجتماعية وتوفّر البيئة الآمنة وحرية الإنسان وتنوع الخيارات المتاحة أمامه، ودرجة المساواة بين الأفراد، والحالة الصحية العامة ومتوسط العمر، وتدنّي مستوى الفساد كأحد المؤشرات على الحالة الأخلاقية للمجتمع، والتوازن بين الحياة الإجتماعية والعاطفية للفرد وضغوط الحياة العملية، والتنوع البيئي الذي يلعب دورا في السعادة، وكذلك إنتشار القراءة التي تنمي العقل وتطور المفاهيم وتوسع الأفق.
ك ترتبط السعادة بالإنجاز والرضى النفسي والعطاء، فقد تبين أن أكثر الناس سعادة هم الذين يعملون في سبيل غيرهم، وبالتالي فإن سعادة الفرد ستنعكس عليه وعلى كامل محيطه ومجتمعه.
الدليل على ذلك غياب السعادة عن دول عربية لا تشهد صراعات مثل مصر، ففي مؤشر هانك السنوي للتعاسة الذي تضمّن 95 دولة حلّت مصر في المرتبة التاسعة كأتعس بلد في العالم والأردن في المرتبة 12 والسعودية في المرتبة 18 والجزائر 22، رغم أن دولا غير ثرية مثل كوستاريكا في أميركا الوسطى كانت متقدمة على أميركا وبريطانيا وألمانيا في مؤشر السعادة مع أن متوسط دخل الفرد فيها مساوي لمتوسط دخل الفرد في الأردن.
*
المتعة وقتيّة نتحصل عليها بوسائل مادية ملموسة، أما السعادة فتأتي من الذات، ومن الإنجاز.
المتعة تتحقق بأشياء وسلوكيات أما السعادة فنعيشها من خلال علاقاتنا الشخصية
نبحث عن السعادة حتى ونحن لا ندرك أننا نبحث عنها، أو نبحث عنها في وجبة لذيذة أو ثمينة، أو في فيلم مضحك أو مشوق، أو في رحلة ممتعة. لكننا لا نجدها وذلك لأننا نبحث عن الشيء الخاطئ في المكان الخاطئ، فبينما نبحث عن السعادة نجري وراء المتعة التي تؤدي لعكس ما نريد: للتعاسة.
إطلاق لفظ السعادة على المتع كان مقبولًا في الماضي الذي كانت فيه المتع محدودة ومقيدة، أمّا الآن -ومع سهولة الحصول عليها- صارت التفرقة بينهما بمثابة تفرقة بين نجاح وفشل، وبين حياة ممتلئة وأخرى سطحية.
مع مكائد الشركات لجنيّ الربح باستخدام الإعلام والإعلان، صار الخلط بين المتعة والسعادة هو الطبيعي، إذ لا يمكن للشركات أن تبيع السعادة، ولكن بيع المتع ممكن.
نرى أثرياء ومشاهير يعانون من التعاسة. أما السعادة فتأتي من الذات، ومن الإنجاز.
علينا أن نعيد التفكير فيما نأكل ونشرب وكيف نعيش وماذا نلعب، وما الذي يثير اهتماماتنا، وأن يقودنا هذا التفكير إلى تقييم علاقاتنا بأصدقائنا وعائلاتنا ومجتمعاتنا.
*
Jul 11, 2021
السعادة هي شعور كالغضب والخوف والحزن، شعور إيجابي وممتع يأتي من تجربتك على مر
الوقت، وبعبارة أخرى، ليست
السعادة سمة تصف شيئا أساسيا بل هي حالة من الوجود في لحظة معينة. لذا، ليس من المعقول أن نتوقع الشعور بالسعادة كل الوقت! وعلاوة على ذلك، فإن ما يجعلك سعيدا هو شخصي للغاية. سعادتك في أي وقت كانت ستتأثر بمجموعة من الأشياء، مثل ما تستمتع بفعله، صحبتك، كيف يشعر جسمك، مزاجك، وماذا تثمن في الحياة.
السعادة هي حالة عاطفية، فمن الأفضل أن تسعى لأن تكون مكتفيا وراضيا بحياتك بدل أن تكون “سعيدا”. فكلما كان شعورك أفضل تجاه حياتك بالعموم، ازداد احتمال أن تمر بمشاعر السعادة طوال يومك.
هناك العديد من الأشياء التي يمكنك القيام بها لتزيد رضاك العام عن الحياة، والتي ستؤدي إلى المزيد من لحظات السعادة. يتطلب ذلك مراقبة عقلك بشكل يومي، لأن مدى شعورك بالرضا هو فعليا إدراكك لحياتك فضلا عن أي واقع موضوعي. تاليا بعض المهارات التي يمكنك أن تبدأ التدريب عليها اليوم.
كن ممتنا: حول أفكارك وسلوكياتك للتركيز على ما تحب في حياتك وما يمكنك تغييره حول ما لا يسير على ما يرام. ابذل جهدا لوقف التفكير في ما لا تحب وما لا تملك وما لا يمكن تغييره.
تواصلت مع الآخرين الذين تعجب بهم، تحبهم، تستمتع بوجودهم، وتشعر بالقرب منهم، كلما كان شعورك أفضل.
ابحث عن المعنى: لديك معتقدات أساسية حول ما يهمك، الأشياء الأساسية التي تعطي حياتك معنى وهدف. كلما كنت تعرف قيمك الأساسية وتتخذ الخيارات التي تعكس تلك القيم، ستشعر بأن حياتك مرضية بقدر أكبر.
*
ليس هناك اتفاق قط حول طبيعة هذه السعادة، ذلك فإن تفسيرات الحكماء والجمهور على طرفي نقيض، فالبعض يقر بكون السعادة هي خير بديهي ومرئي، مثل اللذة والثروة، وبالنسبة للبعض الآخر فالجواب مختلف؛ بل إنه يختلف في الغالب بالنسبة للفرد الواحد، فإذا كان مريضاً فإنه يعطي الأفضلية للصحة، وإذا كان فقيراً يعطي الأولوية للغنى، كما أن أولئك الذين يشعرون بجهلهم يسمعون بإعجاب للخطباء الجيدين».
*
الدوبامين السيروتونين الأوكسيتوسين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق