Mar 26, 2021
والانطلاق من الأسئلة المُلحة التي يفرضها الواقع الراهن.
من أسباب ضعف أثر المشروعات الفكرية العربية ضعف علاقة المثقف بالجمهور في الدول العربية، إذا ما قورن الحال بالغرب، فالمثقف العربي شبه منعزل، ومندمج في مونولوج طويل؛ العلماني مع العلماني والإسلامي مع الإسلامي، وتفضي المحادثة الثنائية بين طرفين مختلفين عادةً إلى تكفير أو تجهيل أو تخوين، وكثيرا ما يُستعمَل الجمهور فيها كسلاح ديماغوجي لمواجهة الخصم، هذا كله يرجع إلى انخفاض مستوى التعليم وأن الجمهور لا يفهم في الحقيقة هذا ولا ذاك، لكنه ينحاز مسبقًا إلى أحدهما، عادة ما يكون طرفًا دينيًا”.
“مع انخفاض مستوى التعليم انخفضت فاعلية العلم والموضوعية، وسادت الأطروحة الدينية التقليدية والذاتية. كيف يمكن في هذا الوضع خلق حوار يسمح بإدماج الجمهور ولو جزئيًا في قضايا فلسفية على هذا القدر من العمق والتركيب؟ لهذا تحدثتُ عن الفكر العربي اللانهائي، أي الذي يشخص المشكلة الواقعية بسبب مثالي، ثم يحاول حل هذه العلة المثالية بعلاج مثالي، وهذا غير ممكن؛ ليس باستطاعة المفكر العربي أن يُحدِّث التعليم، فهذا دور المؤسسة. لهذا يجب عليه أن يعترف بحدوده، ويطالب بتغيير اجتماعي”.
ويوضح الصياد في كتابه أنه ثمة إشكاليات مثارة في المرحلة الراهنة، مثل سؤال الهوية والإصلاح الديني والإرهاب والتخلف، وهي إشكاليات حضرت في المشاريع الفكرية العربية على مدار القرنين بدرجة ما فيما توارت إشكاليات أخرى كانت مثارة في المشاريع الفكرية العربية.
إشكاليات الفكر العربي المعاصر منذ قرنين مازالت حية إلى اليوم، وبعضها لم يعد بالأهمية نفسها كسؤال الاستعمار والتحرير مثلاً، كما استجدت بعض الإشكاليات مثل ثقافة الواقع الافتراضي ومجتمع المعلومات المفتوح الذي سيكون له أثر بالغ بما لا يكاد يقاس على المدى المتوسط.
فلسفة الواقع الافتراضي في العالم كله لا تزال في مرحلة الطفولة، فالمجتمع لم يستوعب بعد كل آثارها وهي آخذة في التبلور حاليًا.
“الفكرة إذا أردنا إنجاز فلسفة عربية معاصرة أصيلة علينا أن نستوعب المتغيرات الثقافية والاجتماعية بالسرعة المناسبة، ونضيف إلى التراث المعرفي البشري وليس المحلي فحسب؛ أي أن إنجاز فلسفة عربية لا يبدأ من الهوية بل من متابعة الظواهر الثقافية والاجتماعية المستجدة، ومعاصرتها”.
ويشدد على ضرورة الانتباه إلى الأسئلة المعاصرة، مع إعادة النظر في المناهج المستخدمة، مبينا أن المناهج لا تزال هي نفسها منذ أدونيس إلى نصر حامد أبوزيد، وأهمها منهج الحفر الأيديولوجي الذي حاول تحديد خطواته، وضرب أمثلة عديدة من أعمال أصحاب المشروعات البحثية في قراءة التراث في السنوات الخمسين الأخيرة، وأنه آن الأوان لتجاوزها فقد أدت ما عليها، على حد قوله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق