يولد الإنسان بلا ألقاب، ثم يبدأ بالدراسة والتعلم كي يحصل على لقب: مهندس، دكتور، كابتن، محامي، ملازم الخ. ثم ينخرط في مجال العمل ويجدّ ويجتهد كي يرتقي مهنياً فيحصل على لقب: سعادة، معالي، فضيلة الخ. ومن لم تُتح له فرصة الحصول على لقب تعليمي يمكنه تدارك ذلك بالحصول على لقب وظيفي.
في النصف الأول من حياة الإنسان يكون مؤشر نجاحه في المجتمع قدرته على جمع أكبر قدر ممكن من الألقاب.
في النصف الثاني من الحياة يكون مؤشر النجاح هو في قدرة الإنسان على التخلي عن ألقابه، بعد أن يكون قد بنى له اسماً قادراً على الحضور والتداول، حتى بلا ألقاب.
هذا المقال لا يتحدث عن آداب استخدام الألقاب، بل عما هو أكبر من ذلك؛ عن القدرة على الاستغناء عنها.
هل يتداول الناس في هذا العالم اسم آينشتاين هكذا مجرّداً أم يحتاجون لوصفه بالدكتور آينشتاين؟! وبالمثل هل يحتاج: (معالي) (الدكتور) كورت فالدهايم، و(الأستاذ الدكتور) نعوم تشومسكي لألقاب تسبق أسماءهم عند الحديث عنهم!
وهل يشعر العرب عند ذكرهم اسم طه حسين بالحاجة إلى قول: (الدكتور) طه حسين، أو (الدكتور) ادوارد سعيد. وهل تحتاج قبل أن تتحدث عن التصاميم العالمية الأخاذة من زها حديد أن تقول (المهندسة) زها حديد أو (المهندس) راسم بدران. ألم يستطع غازي القصيبي وعبدالله نصيف وخيرية السقاف وعلي النعيمي أن يفرضوا علينا تداول أسمائهم من دون الحاجة لاستخدام ألقابهم المهنية؟ بينما ما زال آخرون لا يستطيعون ترك أسمائهم وحيدة بلا ألقاب (أ.- د.- م.- ك.) ليس فقط في كروتهم الشخصية، الممكن قبولها، بل وعلى لوحة المنزل وكروت الزواج وبطاقاتهم البنكية وحساباتهم في تويتر!
يستخدم البعض الألقاب حواجز بينه وبين الناس، أما بين الأصدقاء فتكون الألقاب بمثابة الأسلاك الشائكة!
والآن، هل استغنيتَ عن الألقاب، أم ما زلت في حاجة إلى المزيد من العمل والإنجاز لدعم اسمك كي يصبح قادراً على الوقوف وحده على السطر من دون دعامات؟
يولد الإنسان صغيراً بلا ألقاب، وإذا مات «كبيراً» مات بلا ألقاب!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق