ورُغم هذا كان التكفير مُلاصقًا لمَن أبدع فى استعماله وإعمال عقله كما قال الله. حدث هذا مع «ابن سينا والرازى والخوارزمى والبيرونى وابن الهيثم والسهروردى والكندى والفارابى والغزالى وابن رشد» وغيرهم كثيرين، تعرّضوا لدواعش زمانهم. يكفى أن أنقل لكم ما قاله «ابن القيم» عن العالم والطبيب والفقيه والفيلسوف «ابن سينا» فى «إغاثة اللهفان» من أنه «إمام الملحدين الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر». وما قاله عنه «الكشميرى» فى «فيض البارى» من أنه -ابن سيناء- «الملحد الزنديق القرمطى». وما قاله عنه الشيخ «صالح الفوزان» بأنه «فيلسوف ملحد»! واسمعوا وصف ابن القيم للطبيب والعالم والفيلسوف أبو بكر الرازى من أنه «ضال مضلل»! كما مورس التكفير باسم الهرطقة ضد «جاليليو وكوبرنيكوس ونيوتن وفولتير وديكارت» وطاردوهم وأحرقوا كتبهم ونكلوا بهم. ولم تنجُ أوروبا إلا حينما قررت فصل الدين عن السياسة، وإبعاد سيطرة كهنة المَعبد عن السياسة. ولكننا لم ننجُ حتى اليوم. لم تكن المشكلة فى الإسلام؛ بل كانت فى استخدام الإسلام، كما لم تكن المشكلة فى المسيحية؛ بل فى استخدام المسيحية.
فما أجهل صاحب التكفير وما أزيف حججه وما أسهل كشفها بمنطق صاحب العقل. يُعرى صاحب الفكر صاحب السيف بكلماته وهو جالس فى مكانه دون أن يريق دمه. بينما الآخر باع عقله لغيره وتبعه دون مناقشة، صار حالمًا بأوهام التدين والقرب من الله كالغائب فى آثار إدمانه. ولذا كان شرط الانضمام لأى جماعة عهد الطاعة العمياء، أن تترك عقلك على أبوابها مع نعليك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق