الجمعة، 5 مارس 2021

أزمتنا الفكرية ونقص التراكم خالد منتصر

  البلد الذى أنجب الشيخ محمد عبده وعبدالمتعال الصعيدى وشلتوت، لم تتراكم آراء هؤلاء المجددين، بل عدنا إلى نقطة الصفر، كنت أتخيل أننا سنبنى على آرائهم، ونسد الثغرات التى لم يملأوها، فحتى هؤلاء المجددين كانت لهم آراء تحتاج إلى دفعة وتحديث يتناسب مع الزمن، لكن ما حدث أن القدماء فى المؤسسة الدينية انتقدوا تعدد الزوجات وعدنا الآن بعد قرنين نمجد ونمدح بل ويتكون عندنا جمعيات نسائية تدعو لتعدد الزوجات!!

وكانوا قد قاربوا بين السنة والشيعة ودعوا للاستفادة من فقههم والتلاقح ما بين اجتهاداتهم واجتهاداتنا، فعدنا فى ذلك العصر إلى التصريحات النارية العدائية وأخفها وطأة أن الشيعة أخطر من إسرائيل، ويقتل فى زماننا ومنذ سنوات قليلة ويسحل شيخ بأبشع طريقة لمجرد أنه شيعى يحتفل فى بيت مغلق مع أصدقائه!!

 أحمد لطفى السيد وسعد زغلول، وأعمدة الليبرالية المصرية، لكننا لم نستخدم فضيلة التراكم الثقافى

 سلامة موسى أول مفكر عربى يشرح لنا التطور بفهم وجرأة، محطماً تابوهات راسخة، أيضاً لم نستفد ولم نراكم وصارت مناهج مدارسنا بعد قرن كامل تخاصم تدريس نظرية التطور بعدما صارت عموداً من أعمدة بناء علم البيولوجى، انطلق إسماعيل أدهم منذ مائة سنة فى التحليق بحرية وأصدر كتابه «لماذا أنا ملحد»

تم الرد عليه ولم يدخل السجن، بينما دخل السجن بعد صدور الكتاب بثمانين سنة المفكر الشاب إسلام بحيرى لأنه انتقد البخارى، وهو يعلن أن هدفه هو إنقاذ الإسلام، لم يعلن أنه ملحد أو متشكك أو لادينى.. إلخ، مجرد أنه انتقد التراث!! عشرات الأمثلة تؤكد على أن جوهر أزمتنا العقلية هو نقص أو انعدام التراكم، وأننا لا نحسم أى ملف فكرى جاهد فيه مفكرون قبلنا لنتجه إلى ملفات أخرى أهم وأخطر، ولكننا نظل نحكى فى المحكى ونكتب هوامش على الهوامش ونمارس رياضة الجرى فى المكان، أو بالأصح الهرولة إلى الخلف.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق