فالمحتويات الإعلامية المتاحة عبر محركات البحث الإلكترونية لا نهائية، ما بين مئات من قنوات الفنون، والرياضة، والثقافة، والسياحة، ووصفات الطعام. وعادة ما تُسجل «منصات الإعلام الشعبوي» ملايين المشاهدات، وما على المشاهد سوى الاشتراك في أي قناة، حتى يكون صاحب حق في متابعة كل جديد عليها وبالمجان. ومن ثم، فإن ظهور «قنوات الإعلام الشعبوي» جاء كرد فعل للواقع الاجتماعي الذي فرضته تكنولوجيا الاتصال، بتوفير وسائل نشر بديلة، تتمتع بدرجة عالية من الحرية وسهولة الاستخدام وسرعة الانتشار.
ا تعتمد لغة بسيطة في تقديم المعلومات العلمية، فضلاً عن المساعدة في تعلم مهارات التصوير والمونتاج».
ووفق معادلة صُناع «قنوات الإعلام الشعبوي»، فإنها تحقق مزايا لـ«الجمهور الذي يصل لقنواته المفضلة بالمجان، وصاحب المحتوى الذي يطرح أفكاره بحرية، و(يوتيوب) الذي يتقاسم ربح الإعلانات مع أصحاب القنوات، ويستثمر هامشاً كبيراً من ربحه في عمليات التدريب وتحسين المحتوى». وفي المقابل، يقول مراقبون إن «هذه القنوات نجحت في الانتشار؛ لكنها تعثرت في المصداقية بسبب الاعتماد على الآراء الشخصية بشكل كبير
لا تهديد للإعلام التقليدي
التزاوج بين الإعلام التقليدي، وقنوات الإعلام الرقمي الأكثر شعبية».
كمثال، قبل نحو أربع سنوات، أسس «اليوتيوبر» حازم طارق، وهو خريج كلية الطب قسم «العلاج الطبيعي» بجامعة القاهرة، قناته على «يوتيوب» لتناول فكرة الحياة الصحية والتمرينات الرياضية، واستثمر ارتياده الدائم على صالات اللياقة البدنية في دعم مادته التي يقدمها. والآن جاوز عدد المتابعين لطارق حاجز المليون و600 ألف متابع، وهو رقم لم يكن يتخيله يوماً ما.
«بدأت قناتي خلال دراستي الجامعية، فأنا أحب فكرة الشرح، خصوصاً للأمور الصحية واللياقة البدنية، وكنت دائماً أبحث عن مدخل جديد لتقديم مادتي، كي أحقق تميزاً بين القنوات التي تتناول تلك المواضيع». وأردف: «لم يكن التفاعل مع القناة في السنة الأولى مُشجعاً، الأمر الذي أحبطني بعض الشيء، حتى فوجئت باختيار قناتي لجائزة (نيكست أب) (Next up) من بين أفضل 12 قناة كرّمتها شركة (يوتيوب) ودعمتها، من خلال دورات لتنمية مهارات البث وتقديم المحتوى، وكذلك بمنح مبلغ مالي لشراء معدات تصوير حديثة، وكان هذا نقطة تحول كبيرة، حيث شعرت بتقدير للمحتوى الذي أطرحه».
كتاب انتحار الغرب الاقتصاد الشخصي
وحقاُ، يُتيح موقع «يوتيوب» كل عام فرصة للتقدم في مسابقة «نيكست أب» التي تمنح من يقع عليهم الاختيار لتميز محتواهم، فرصة تعلّم كيفية إنشاء فيديوهات أفضل وجذب المزيد من المشتركين... ويحصل الفائزون على برامج تدريبية في مقرات «يوتيوب».
«نيكست أب» كانت البداية. وبعدها تطورت قناة طارق، حتى حصل على «الدرع الفضي» من «يوتيوب» بعد وصول قناته لـ100 ألف متابع، ثم حصل على «الدرع الذهبي» بعد وصول عدد متابعيه إلى مليون. ويضيف طارق: «يمنحنا موقع (يوتيوب) مؤشرات عامة حول نسب المشاهدات والفئات العمرية التي تقبل على المشاهدة. وهي مؤشرات أستند إليها دائماً، بالإضافة للتعليقات التي تصلني عن كل فيديو. ذلك أن معظم مَن يتابعني من الشباب. وساعدني هذا في تطوير المحتوى وطريقة كتابة (سكريبت) الحلقات، واعتماد تقديم المعلومات العلمية بلغة بسيطة. إن هذه التجربة تدفع صاحبها إلى تعلم مهارات التصوير والمونتاج وغيرها من أدوات الصورة. ومع الوقت، بدأت المشاهدات تتيح لي هامشاً من الربح يحدده (يوتيوب) بناءً على حساب المشاهدات والإعلانات التي تُعرض خلال حلقات القناة».
ووفق طارق، فإن «قنوات الإعلام الشعبوي» تحقق معادلة تعود بالنفع على الجميع، فـ«الجمهور يصل لقنواته المفضلة مجّاناً، ويطرح صاحب المحتوى أفكاره بحرية، مع ضمان تفاعل مباشر من متابعيه، بما في ذلك الآراء المنتقدة له. وتصل الإعلانات لجمهورها المستهدف بصورة أكبر، ويتقاسم (يوتيوب) ربح هذه الإعلانات مع أصحاب القنوات، ويستثمر (يوتيوب) هامشاً كبيراً من ربحه في عمليات التدريب وتحسين المحتوى، لذا فتلك المعادلة أحد أبرز أسباب نجاح الإعلام الشعبي».
*
مياسة جردلي، لبنانية مقيمة في العاصمة البريطانية لندن، صانعة محتوى رقمي
فيديوهات على «فيسبوك» و«إنستغرام»، فإن عدد متابعيها وصل خلال تلك الفترة القصيرة إلى ما يقارب ربع مليون متابع
أشبع اهتمامي في مجال التنمية ومهارات التواصل من خلال تلقي بعض الدورات التعليمية
*
أما «اليوتيوبر» التونسية سمر تقية (25 سنة)، التي فازت قناتها بجائزة أفضل قناة «يوتيوب» بتونس والشرق الأوسط عام 2017، واستضافها مقر «يوتيوب» في بريطانيا بعد فوزها بمسابقة «نيكست أب»، فتحدثت عن بداية عمل قناتها بقولها «بدأت عبر قناتي تقديم مواضيع تخص البرمجة. وفي البداية واجهت الكثير من الإحباط، بحجة أن البرمجة مجال يخص الذكور أكثر، ومع ذلك استطعت جذب اهتمام كثيرين في العالم العربي».
«الإعلام الشعبوي هو الأقرب إلى روح العصر، الذي لم يعد أحد فيه يفارق هاتفه، ويتيح لكل شخص أن يختار ما يتابعه من محتوى بحرية»،
«فالقنوات الرسمية في الدول ترفع مقاطع من بثها على (يوتيوب) و(فيسبوك) و(إنستغرام) للوصول لجمهور تلك المواقع. وأيضاً ترفع معظم البرامج في القنوات التقليدية مقاطع منها لتحقق مشاهدات تفوق المشاهدات التي حققها هذه البرنامج عند بثها، وهذا ما يُمكن أن يطلق عليه خلق حالة من التزاوج بين الإعلام التقليدي وتكنولوجيات الإعلام الرقمي الأكثر شعبية».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق