Jan 30, 2021
يتهم الثورة المعلوماتية بأنها ساهمت في تجهيل المجتمعات وتكريس الأسلوب الاستهلاكي للمعرفة السطحية، ومنهم من يرى أن الخلل يكمن في العقلية العربية مقارناً ممارساتنا بسلوك الشعوب الغربية،
تراجع القراءة العميقة الرصينة، فقد خفت توهج قراءة الكتاب الورقي وتدهورت الذائقة الثقافية.
بين القراءة الجادة الرصينة العميقة وبين القراءة السطحية الضوئية السريعة التي خرجت بها علينا ثقافة السوشيال ميديا. بعبارة أخرى لا وجه للمقارنة في عملية تثقيف الذات بين رواد الأمس الكبار ومثقفي اليوم. نعيش حالة عزوف عن التأمل الجاد والاشتغال بالكتب. أولئك الأساتذة والقامات خرجوا ونهلوا من أمّهات الكتب ورحم المكتبات العريقة بغبارها وتقشفها وروائحها العتيقة ومضامينها الثرية. كانت لديهم إرادة فذة في تشرب المعرفة والبحث عنها بشغف فعانوا وكابدوا ونزفوا عرقاً ودماً فكانت ثقافتهم موسوعية وثرية وعميقة ومتنوعة.
علوم المستقبل وتقنية الإنسان الآلي والحاسوب وتقنيات النانو والتقنية الحيوية. تزامن مع هذا التفجر المعلوماتي عزوف الشباب عن القراءة، فكان إحدى بصماته أن المكتبات العامة بدأت تتلاشى واختفت منابر الثقافة وهيمنت الأمية الفكرية بوجود مغريات التسويق والترفيه والتشويق، في ظل شعور بانقراض وشيك لقراءة الكتب وعدم وجود محفزات بالعودة إلى عالم المتعة القديم.
*
ما الحيل التي تمكنك من القراءة بسرعة فائقة؟
*
صناع التكنولوجيا والقراءة
2018
غيتس يريد
الشروع في نقاش فكري لاقتصر على التغريد
عبـــر تويتر حول مقالة أو اثنتين، لكنه اختار
إرســـال مجموعة ضخمة مـــن الكتب الورقية
التي تتطلب ســـاعات لقراءتها واستيعابها،
وليس من السهل حملها كلها في آن واحد.
وفي العام الماضي أنشأ مارك زوكربيرغ،
رئيس شـــركة فيســـبوك، ناديا غير رســـمي
للكتاب، بعد أن نشر قائمة من الكتب المفضلة
لديه عبر الإنترنت )شملت كتبا مثل ”الإنسان
العاقل“ لمؤلفه يوفال هاراري وكتاب ”المتفائل
العقلانـــي“ لمؤلفـــه مات ريدلـــي(، في حين لا
يبـــدو أن زوكربيرغ مولـــع تماما مثل غيتس
بالكتب الورقية الحقيقية، إلا أن الرسالة هي
نفســـها: في عالم من التشتت المحموم، نحن
بحاجة إلى أن نأخذ وقتنا من أجل التدبر
، يقول تيم كوك المدير التنفيذي
لشركة أبل، لصحيفة الغارديان إنه لم ينجب
ً أطفـــالا ومـــع ذلك فهو يضـــع حواجزا أمام
أطفـــال عائلته مثـــل ابن أخته الـــذي يحاول
أن يمنعه مـــن الاســـتخدام المتواصل لمواقع
التواصل الاجتماعي، بل يؤكد كوك إن أجهزة
أبل لم ُ تصنع من أجل الاستخدام الدائم.
ولا يعتبر كـــوك اســـتخدام منتجات أبل
المتواصـــل ً نجاحا "يســـتحق الفخر"، فهي لم
تصنع للاســـتخدام الدائم غير المنقطع، حيث
في رأيه لـــم يكن ذلـــك الهدف الذي
تصنع من أجله منتجات أبل
*
May 19, 2018
القراءة فقط : تبني مثقفا ولا تبني عالما
فالعِلم صيد والكتابةُ قَيْدُهُ *** قيِّد صُيُودك بالحبال الواثقة
فمن الحماقة أنْ تصيد غزالةً *** وتتركها بين الخلائق طالقة
ولا بد من الممارسة والبحث ومناكبة العلماء والتعلم منهم
في أمريكا كنا نري الكثير ممن لدية حصيلة ثقافية مبهرة ولكن عند الاشتغال بالبحث العلمي يفشلون ولا ينتجون لأنه يتطلب ملكة خاصة بجانب مهارات لا تكتسب بقراءة الكتب ، وهذا ما لا يعرفة كثير من الشباب
لكي تكون عالما لا بد أن تكون لك ملكة البحث والاستقراء والصبر والجد والمثابرة ، ثم أردف قائلا : نرى كثيرا من الشباب ممن يحصلون على أعلي الدرجات في كلياتهم ، ثم هم يفشلون في الماجستير والدكتوراه ويتعاملون معهما كما يتعاملون مع دراستهم التخصصية من قراءة كتب وحفظ وصم ، وخاصة في مصر ، والتي غالبا ما تقضي على ملكة الإبداع والبحث والتنقيب.
كما أتذكر حين تخرجت أولا على دفعتي بإمتياز مع مرتبة الشرف الأولي ولم أعين في الجامعة وعملت معيدا بمشروع مفاعل مصر البحثي ، فابتعثتنا الحكومة المصرية للمساهمة في تصميم المفاعل النووي في شركة إينفاب في الأرجنتين ، وكنت حينها في منتصف العشرينات من عمري
بدأت بتعلم أصول المهنة في التصميم النيوتروني لقلب المفاعل ، وكذلك التصميم الحراري لأحد التجارب ، أحسست حينها أن ما تعلمته في الجامعة شيء ، والحياة العملية البحثية والتصميم والهندسة شيء آخر.
التصميم الهندسي لا بد له من ملكة خاصة ، فلربما وجدت أكثر من طريقة للتصميم وكل شيخ وله طريقة كما يقولون ، ولكن المهندس الحاذق الماهر هو الذي يقوم بتصميم ما يوكل إليه بأسهل الطرق إن استطاع وأقلها تكلفة وتعقيدا ، مع ربط ما صمم ببقية أجزاء التصميم المنوط به الآخرين وكذلك العالم والباحث.
كذلك عندما عملت بشركة إنتل في بحوث تطوير صناعة الميكروبروسيسور ، وكان مجال الدكتوراه الإندماج النووي بعيدا كل البعد عن مجال العمل ، ولكن إنتل كان بها جامعة خاصة تسمى إنتل يو ، تقوم بالتدريس فيها للملتحقين الجدد موادا في كل التخصصات العلمية من نانوتكنولوجي ، لدفيس فيزيكس ، لفابريكاشن ، لاستاتستيكال ديزاين أوف اكسبرمنت ، لبوليسيز ، بجانب تخصيص أحد قدامى المهندسين لتعليمك أصول العمل في المعمل وطرق إجراء التجارب على الأجهزة المعقدة لديهم.
أكاد أجزم أني لو مكثت جل حياتي أقرأ في النانوتكنولوجي دون التعلم على يد هذا الزميل وغيره الكثير من أصدقاء العمل : ما كنت أنجزت ولا تعلمت شيئا.
قرأت فيها عشرات بل مئات الورقات العلمية ، وجمعت الآلاف في هذا التخصص وغيره كي يكون لي نبراسا لبداية العمل ، ثم قمت بزيارة جامعة نانيانج التكنولوجية في سنغافورة للاستفادة من خبراتهم ، حيث أن لديهم مجموعة من أشهر علماء العالم ، فقمنا بتوقيع برتوكول تعاوني لمساعدتي لبناء هذه التجربة ، وأحضرت طالبين من جامعة الزقازيق للعمل معي في الدكتوراه في هذا المجال وعلي هذه التجربة.
كان العمل في بدايتة شاق وتطلب منا الكثير من الجهد والجد والمثابرة ، حتى أني كنت أقضي أكثر من ثمانية عشرة ساعة في اليوم في المعمل ، وواجهتنا الكثير من المشاكل والصعوبات التي كنا نتغلب عليها أحيانا بالبحث عنها في الليتريتشر ، أو بسؤال أصدقائنا من العلماء في جامعات أخرى ، أو بالبحث والتنقيب وابتكار الحلول غير المسبوقة حتى بدأنا بالنشر بعد ما يقارب الستة إلي ثمانية أشهر.
ومع اتساع نطاق العلوم الطبيعية والمعرفة البشرية وتمددها فإنك تجد العالم اليوم متخصص في جزء من فرع من العلوم ولا يحيط بكل فنون تخصصاته ، ولذلك لا يسأم من الإجابة بلا أعرف إن سئل فيما أشكل عليه ، فلا غنى عن المعلم في بدايات التعلم ومزاحمة العلماء ومناكبتهم.
دعوتي للشباب الذين ينشدون العلم ويبتغون العمل بالبحث العلمي : بجانب قراءتك أن تتلمذ على يد عالم باحث يأخذ بيدك إلي أول الطريق ، ويعلمك أصول المهنة ، ففيها كثير من الخفايا مما لن تجده في أمهات الكتب.
فالقراءة وحدها لا تبني عالما
*
هل القراءة العابرة كافية
مكملات الغذائية يمكن أن تؤخذ بعد وجبات الغذاء الرئيسية، أما الغذاء الفكري الحقيقي فهو التوجه نحو قراءة أمهات الكتب في شتى صنوف العلم في الجوانب التاريخية والدينية والأدبية وفي حقل العلوم الحديثة. فهذه الكتب هي التي تشكل الأرضية المعرفية لأي قارئ وهي التي تبني الأسس الفكرية لكل من يخطط لغد مشرق لنفسه ولأمته
رابع أغنى رجل في العالم (وارن بافت) بأنه يقرأ 500 صفحة من الكتب يومياً، إضافة إلى ست صحف في مجال عمله، قائلا إن القراءة مثل الفوائد المركبة التي توضع في البنوك تتراكم مع الوقت وتؤتي أكلها في النهاية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق