Nov 11, 2021 Nov 16, 2021
المذيع المصري نشأت الديهي تغير الدستور والعلوم والجمهورية الجديدة
نشطاء عن مخاوفهم من أن تحمل الدعوة تغييرا في الدستور يتعلق بمدة رئاسة الجمهورية أو المواد المتعلقة بالحقوق والحريات العامة.
اللافت أن المذيع المقرب من السلطات المصرية لم يتطرق إلى التعديلات التي أجريت عام 2019 على دستور 2014، والتي سمحت بتمديد فترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما منحت الجيش سلطات دستورية في "حماية مدنية الدولة ودستورها"، وهي التعديلات التي لاقت انتقادات واسعة من المعارضة ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.
الكاتب الصحفي ياسر رزق الرئيس السابق لمجلس إدارة صحيفة أخبار اليوم الحكومية، وأول صحفي أجرى حوارا مع السيسي بعد أن قاد الأخير تدخل الجيش لعزل الرئيس الراحل محمد مرسي في يوليو/تموز 2013.
خاصة أن الدستور يسمح للرئيس عبد الفتاح السيسي بالترشح استثنائيا عام 2024 لفترة رئاسية ثالثة ليظل رئيسا للبلاد حتى عام 2030.
ووفقا للتعديل الأخير تمت زيادة مدة رئاسة الجمهورية من 4 إلى 6 سنوات، وهو ما أضاف سنتين إضافيتين للسيسي في ولايته الحالية لتنتهي عام 2024، كما منحته التعديلات الحق وحده فقط بالترشح لفترة ثالثة، مما يسمح له بالبقاء رئيسا حتى 2030 في حال فوزه بالانتخابات القادمة.
*
فالدستور ينص على أن المؤسسات المهمة، مثل رئاسة الدولة والحكومة، والبرلمان بغرفتيه، والمحاكم العليا مثل مجلس الدولة، ومحكمة النقض، والدستورية العليا، مقارها بمحافظة القاهرة، وكان يمكن التحايل على الأمر بضم العاصمة الإدارية الجديدة إلى إقليم القاهرة الكبرى، على أن تتبع إدارياً محافظة القاهرة، لكنه إن فعل هذا فقدت العاصمة معناها، وإن كانت إنجازاته تقوم في المقام الأول والأخير على الشكل، فلن تكون هناك قيمة مضافة للعاصمة الإدارية، وستتساوى مع المدن الجديدة مثل الرحاب وبدر والتجمعات، التي بناها مبارك في الصحراء المتاخمة للقاهرة!
، فلا بد من تعديل الدستور للنص على أن تكون مقار هذه المؤسسات بالعاصمة الجديدة، وحسب المسمى الذي سيتم الاستقرار عليه!
كان التدخل الجراحي في دستورهم لسنة 2014 تم على قاعدة أنه كُتب بحسن نية، فكان التعديل لبعض مواده، فإن القادم هو دستور جديد، يليق بالمرحلة. وبدأ جس النبض والتمهيد لذلك، عن طريق أحد الأذرع الإعلامية!
الجنين في بطن أمه يعلم أن الإعلام في مصر مسيّر لا مخيّر، فلا يمكن النظر إلى دعوة نشأت الديهي إلى دستور وعَلَم جديدين لمصر؛ على أنها اجتهاد من القائل، فمثل هذه القضايا لا يجوز فيها الاجتهاد، فباب الاجتهاد معطل في المحروسة!
عنوان هذه المرحلة هو الاستبداد، ولهذا فإن التعديل سيكون على مستوى قوانين القمع، حتى لا يكون هناك أي نص قانوني من قوانين المرحلة يمكن اعتباره مخالفاً لأي نص دستوري!
إعادة الرئاسة مدى الحياة تليق بالمرحلة، فسوف يكون الاجتهاد بجعلها مدى الحياة بالتحايل. فدورة السيسي ستنتهي في 2024، وله بحكم التعديلات الأخيرة دورة جديدة من ست سنوات، فسيكون بموجب التعديل الجديد ألا يسمح برئاسة الجمهورية لأكثر من دروتين (12 عاماً) ولفترة تنتهي في 2036، وبالتالي يكون قد تم إسقاط ما فات، تماماً كما أسقطت التعديلات الدستورية الدورة الأولى للسيسي ليبدأ العد من بعد الدستور، أي من الدورة الحالية!
*
Nov 15, 2021
المادة السابعة من الدستور التي تنصّ على أن "الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولى مسؤولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء".
تكبّل هذه المادة الدستورية السيسي في ممارسة سلطاته، التي يريدها كاملة على الشأن الديني في مصر، كما هو الحال مع الشأن القضائي أو التشريعي، وسحب البساط من تحت قدمي شيخ الأزهر، الإمام الأكبر أحمد الطيب، بوصف الأزهر المؤسسة الوحيدة في الدولة التي لم ترضخ بشكل كامل له، ما يستلزم إيجاد حلول جذرية تمهد لعزل شيخ الأزهر المحصن دستورياً بموجب المادة. وكشفت المصادر أن مقترح تعديل المادة السابعة يتمثل في حذف مبدأ أن الأزهر هو المرجعية الرئيسية للشؤون الدينية، لإتاحة وجود مرجعيات أخرى رئيسية وغير رئيسية في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، أو ترك النص على حاله من دون تعديل، وإضافة نص آخر يؤكد تبعية دار الإفتاء للسلطة التنفيذية، لتحقيق الفصل الكامل بينها وبين الأزهر. ووفق المعلومات المتاحة حتى الآن، فإن التعديلات المقترحة للدستور ستتضمن النص على تعيين مفتي الجمهورية بقرار من رئيس الجمهورية، من دون الحاجة لانتخابه في اقتراع سري مباشر، يُصوّت فيه أعضاء هيئة كبار العلماء التي يترأسها شيخ الأزهر، مع منح رئيس الجمهورية السلطة المطلقة في الاختيار من بين المرشحين للمنصب، وكذلك تقنين التمديد للمفتي بعد أن يبلغ السن القانونية.
برنامجه المذاع على قناة "تن" المملوكة لرجل أعمال إماراتي: "الجمهورية الجديدة في حاجة إلى دستور جديد، وكل مرحلة مرت بها مصر كان لها دستور يعبر عنها". وأضاف الديهي: "دستور 1923 صدر بعد حصول مصر على الاستقلال الصوري، ودستور 1971 دعا له الرئيس الراحل أنور السادات في وقت احتلال الأراضي المصرية، ودستور 2012 كان يعكس تأثير حكم التيار الإسلامي في البلاد، أما دستور 2014 فجاء في ظروف استثنائية، وصيغ بنوايا حسنة متضمناً العديد من النصوص التي لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع".
رئيس مجلس النواب السابق، علي عبد العال، قد قال في جلسة التصويت النهائي على تعديلات الدستور عام 2019: "لن تمر 10 سنوات على مصر إلا بوجود دستور جديد بالكامل، فنحن في حاجة إلى دستور جديد كلية من أول إلى آخر مادة"، مضيفاً "تعديلات الدستور شهدت توافقاً حول تجديد فترة الرئاسة من أربع إلى ست سنوات، بينما الجدال لا يزال مستمراً حول مواد القضاء، ونسبة المرأة في المجالس النيابية".
فُصّلت تعديلات الدستور الأخيرة على مقاس السيسي، وأقرّت تولّي منصب الرئاسة لأكثر من مدتين متتاليتين، ووضع مادة انتقالية تنص على "تنتهي مدة رئيس الجمهورية الحالي بانقضاء ست سنوات من تاريخ إعلان انتخابه رئيساً للجمهورية، ويجوز إعادة انتخابه لمرة تالية". الأمر الذي مهد لانتهاء مدة ولايته الثانية في عام 2024 بدلاً من عام 2022، وأحقية ترشحه مرة ثالثة حتى عام 2030. كما توسعت التعديلات في محاكمات المدنيين عسكرياً، من خلال حذف كلمة "مباشر" التالية لكلمة "اعتداء" في المادة 204، بغرض تسهيل إجراءات محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، في الجرائم التي تمثل اعتداء على المنشآت العسكرية، أو معسكرات القوات المسلحة، أو ما في حكمها، أو المنشآت التي تتولى حمايتها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك. وكان مجلس النواب قد وافق في الشهر الحالي نهائياً، على تعديل بعض أحكام قوانين حماية المنشآت العامة ومكافحة الإرهاب والعقوبات، الهادفة إلى التوسع في حالات إحالة المدنيين إلى المحاكمات العسكرية، ومنح رئيس الجمهورية الحق في إخلاء بعض المناطق أو عزلها أو حظر التجول فيها، وتشديد عقوبة إفشاء أسرار الدولة، بديلاً عن وقف سريان حالة الطوارئ في جميع أرجاء البلاد.
نص تعديل قانون تأمين وحماية المنشآت العامة على أن "تتولى القوات المسلحة وأجهزة الشرطة تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، بما في ذلك محطات وخطوط الغاز، وحقول البترول، وخطوط السكك الحديدية، وشبكات الطرق والكباري (الجسور)، وغيرها من المرافق والممتلكات العامة، وما يدخل في حكمها. وإحالة جميع الجرائم المتعلقة بها إلى القضاء العسكري". كما منح تعديل قانون مكافحة الإرهاب السلطة التنفيذية الحق في فرض "تدابير احترازية" في مواجهة خطر الإرهاب في بعض المناطق التي يحددها رئيس الجمهورية، مجيزاً له متى "قام خطر من أخطار الجرائم الإرهابية"، أن يصدر قراراً باتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام، بما في ذلك إخلاء بعض المناطق، أو عزلها، أو حظر التجول فيها، وتحديد القرار المنطقة المطبق عليها لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، وتحديد السلطة المختصة بإصدار القرارات المنفذة لتلك التدابير. في المقابل، استهدف تعديل قانون العقوبات تغليظ عقوبة إفشاء أسرار الدفاع عن الدولة، لتصل إلى السجن مدة لا تقل عن ستة أشهر، ولا تزيد عن خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه (318 دولاراً)، ولا تزيد عن 50 ألفاً (3182 دولارا)، بدعوى تحقيق المزيد من الردع العام، والحفاظ على أمن البلاد واستقرارها.
*
حقوق الإنسان في مصر
تنبع معظم المخاوف من التنصيص الدستوري على أن تكون الشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً للتشريع، أو إقامة علاقة مؤسّسية بين الـدين والدولة من أن يقوض ذلك حقوقا وحرّيات أساسية، وبشكل خاص، حقوق الأقليات الدينية، وحقوق المرأة والطفل، حرية الرأي والتعبير. هذه المخاوف هي وليدة عقود من الممارسات السياسية والقانونية، والاجتهادات الفكرية الجامدة، سواء في مصر أو غيرها من البلدان الإسلامية، والتي انتقصت من حقوق الإنسان تحت ذريعة احترام القيم الدينية أو أحكام الشريعة الإسلامية.
أظهرت التفاعلات السياسية العربية مركزية أجندة حقوق الإنسان في مقاومة السلطوية، والنضال من أجل الديمقراطية، في ظل تصاعد المطالب الحقوقية على جميع المستويات المجتمعية، وفي مختلف المجالات، بما فيها الموضوعات التي كانت تعدّ سابقاً من المحظورات المجتمعية، مثل المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في الفضاءات العامة والخاصة، وقضايا الحقوق الشخصية، وحرية الدين والمعتقد. تزامن ذلك مع تطوّر الجدل السياسي بشأن أجندة الحقوق على النحو الذي رأيناه في النقاش المجتمعي الحي حول قضية المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث في تونس والمغرب، أو حول حقوق المرأة في دول مجلس التعاون الخليجي.
لم تنفصل معظم هذه النقاشات عن التراث الفكري والإسلامي للمجتمعات العربية، ولم تبحث عن حلول من خارجه، بل إن تنوع الفقه الإسلامي الكلاسيكي والمعاصر ومرونته يمكن أن يمثلا انطلاقة في توسيع نطاق الحقوق من داخل المنظور الإسلامي.
اقترح المنبر المصري لحقوق الإنسان إجراءات تساعد في تقديم تفسيرات وسطية وتقدّمية للمادة الثانية من الدستور المصري
دفعت رغبة الأحزاب الإسلامية في الحفاظ على علوية المادة الثانية من الدستور، والتي تنصّ على أن "الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، أو قلق التيارات الليبرالية واليسارية من تبعاتها على الحقوق والحريات، المشرع الدستوري في مرحلة ما بعد ثورة يناير للتنصيص على نمط تفسيري محدّد لهذه المادة. ففي دستور 2012 تم استحداث المادة 219 التي قدّمت شرحا عاما لمناهج الفقه الإسلامي الكلاسيكي ومبادئه، محاولة من التيار الإسلامي في حماية المادة، والخوف من أي تفسيراتٍ تحيد عن مخيلاتهم وتوقعاتهم من هذه المادة. في المقابل، وفي محاولة للقطيعة مع هذه المادّة، حصّن دستور 2014، في ديباجته، المنهج التفسيري الذي اتبعته المحكمة الدستورية العليا للمادة الثانية من الدستور منذ الثمانينيات من القرن السابق، والذي على الرغم من تفسيراته المتقدّمة للحقوق الدستورية لا يخلو من تناقضات تحول دون إحداث إصلاحات جديدة في قانون الأحوال الشخصية.
يقوم اقتراح المنبر على ترك تفسير المادة الثانية من الدستور، والتي تنصّ على أن "الإسلام دين الدولة، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع" للقضاء الدستوري، من دون تقديم منهج فقهي محدّد في الدستور يلزم القضاة باتباعه، وأن تكون ضمانات حماية الحقوق والحريات من خارج المادة الثانية، لاحتواء أي محاولاتٍ لتوظيفها من أجل تقييد الحقوق الدستورية، أو الانتقاص من المكتسبات الحقوقية التي تحققت على مدار العقود السابقة، سيما في مجال حقوق المرأة، والطفل، وحقوق المواطنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق