Feb 22, 2022 Jun 19, 2021 Apr 20, 2018
إن الغياب الفادح للفلسفة وأدوارها في الثقافة العربية، لهو سبب ونتيجة لانهيار العقلانية، وهيمنة
الغيبيات على العقل الجمعي
ولكي يجذب عامـــة الناس إلى
الفلســـفة، كان سقراط يقول إنه ”لا يعرف
ّ إلا القليل“، بل هو ”لا يعرف شـــيئا“. لذا
كان يكثر من طرح الأسئلة للحصول على
أجوبة مقنعة ومفيـــدة. وللتأكيد على أن
الفلسفة ليســـت ”مهنة“ حفنة من الناس
يعيشـــون في أبراجهم العاجيـــة، أو هم
منشغلون بقضايا يعسر فهمها والإحاطة
بها مـــن قبل عامـــة النـــاس، كان إبيقور
ّ يحرض الناس على ضرورة ّ التدرب على”التفلســـف“ انطلاقا من سنوات الشباب.
وعليهـــم ّ ألا يكفوا عن ذلـــك حتى بعد أن
تدركهم الشـــيخوخة لكـــي يظلوا ”دائمي
اليقظـــة“. ولم يكن نيتشـــه يتردد في نزع”المهابة“ التي تحيط بالفيلســـوف. وكان
يقول بأن ”الفيلســـوف الحقيقي هو الذي
يعيـــش حيـــاة غير فلســـفية“. بـــل لعله
يعيش حياة موسومة بـ“المخاطر“ لأنه قد
يرتكب أخطاء جسيمة حتى بعد أن يكون
قد أجهد نفســـه في العثـــور على أجوبة
للقضايا التي تشغله
أمـــا الهـــدف الآخر من خـــلال ”إحياء
الفلســـفة“ هـــو إقنـــاع عامة النـــاس بأن
الفلاسفة القدماء والمحدثين قادرون على
أن يضيئـــوا لهم الطريـــق ويمدونهم بما
يمكنهـــم مـــن مواجهة القضايـــا الراهنة
المتمثلة في الانتشـــار الســـريع والخطير
لداء الشـــعبوية فـــي كافة بلـــدان العالم،
الفقيـــرة منها والغنيـــة، وفي الصراعات
بين الأديان والثقافات بســـبب الهجرات،
وفـــي المخاطـــر الجســـيمة التـــي تهـــدد
البيئـــة والمحيـــط الطبيعي. كمـــا تتمثل
هـــذه القضايـــا فـــي اســـتفحال الأزمات
الاقتصاديـــة والاجتماعية التي أصبحت
تعصـــف باســـتقرار العديد مـــن البلدان
المتقدمـــة. ولعـــل انتفاضـــة ”الســـترات
الصفراء“ التي تهز فرنسا منذ أشهر عدة
هي أفضل ما ّ يجسد ذلك.
روّج كثيرون لآفة (التكيف) بإعتبارها ميزة اجتماعية، فى حين أنها تعنى التكلس والجمود حتى مع الظواهر(الطبيعية والاجتماعية والسياسة) الضارة بالإنسان، ولم يُخلــّـص البشرية من هذه الآفة إلاّ الفلسفة، بينما تحرص المؤسسات الدينية على تثبيت (التكيف) فالمؤمن بديانة ما يرى أنّ ديانته هى (الصواب المطلق) وباقى الأديان هى (الخطأ المطلق) وداخل الدين الواحد تتصارع المذاهب..وكل فريق يحمل راية (الصواب لنفسه والخطأ لغيره) لذا فإنّ أبناء الديانات والمذاهب المختلفة خلقوا ظاهرة (الجيتوهات النفسية) رغم أنهم يعيشون فى مجتمع واحد، لأنهم يرفضون إعمال العقل الفلسفى المؤسس على رفض الثوابت..وإعادة النظرفى التراث الموروث وإلى أى درجة يتسق هذا التراث مع مفاهيم الحرية التى أشاد أعمدتها الفلاسفة على قاعدة الفصل بين ديانة الإنسان (فهذه حريته الشخصية) وبين فرض ديانته أومذهبه على الآخرين. وأنّ هذا الفصل لوتحقق فسوف تختفى كارثة خلط الدين بالسياسة والاقتصاد والفن والأدب إلخ.
البداية الحقيقية لنشأة الفلسفة كانت قدرة العقل الإنسانى على استخدام ملكة (الدهشة) التى خرج حب السؤال من رحمها..وبالتالى مهّـدتْ الطريق لهدم التكيف..والسؤال تشعــّـب لأسئلة: إنّ ما حدث بشكل ما، لماذا لم يحدث بشكل مختلف؟ هل نأخذ من الآخرين ما يـُـناسبنا أم ننغلق على أنفسنا؟ لماذا كانت ظاهرة (الغزو) من أجل احتلال الشعوب ونهب مواردها؟ ومتى يتحقق (السلام) بين شعوب العالم؟ هذه الأسئلة (وغيرها) لايملك جرأة طرحها إلاّ العقل الفلسفى (العقل الدينامى) بينما (العقل الاستاتيكى: المتكلس، الثابت، المتجمّـد) لايملك هذه الشجاعة، لأنه يخشى معارضة ثوابته التراثية..وبينما تحرص الفلسفة على ترسيخ دعائم (النسبى) فإنّ أعراف بعض شعوب (ما قبل التدوين) كانت تعمل على ترسيخ المطلق ضد النسبى.
مجتمعات كانت المرأة فيها مُـتساوية مع الرجل فى كافة الحقوق مثل المجتمع المصرى القديم..كما جاء فى كتب علم المصريات.
وبينما تكون لغة الفلاسفة هى النقد الموضوعى فيما بينهم.. وهوما أدى إلى تطويرالمذاهب الفلسفية من جيل إلى جيل، فإنّ لغة (التكفير) هى سلاح الكاتب (النصوصى) الذى أغلق عقله على النص وحده.
المفكرالعراقى (عبد الأميرالأعسر: مواليد 1940) فى كتابه (مقاربات فلسفية فى تشريح العقل عند العرب– طبعة هيئة قصورالثقافة المصرية– عام 2016) حيث كتب ((... لم يستطع العرب- طوال القرن العشرين- أنْ يـُـنجبوا فلاسفة بالمعنى الحقيقى للفيلسوف))
ابن سينا الذى صنــّـفه العرب على أنه فيلسوف..ورغم أنه حاول التوفيق بين الفلسفة والدين، فقد فشل نتيجة محاولته العقيمة..والدليل على ذلك أنّ الكهنوت الدينى اعتبره (زنديقــًا)
العرب تجاهلوا القضايا الكونية التى تتعارض مع النصوص الدينية..وهوالتحدى الذى قام به فلاسفة أوروبا،
ركزعلى أهمية (الملاحظة) لإقامة الدليل العقلى..وكتب المفكرالمصرى د. زكريا إبراهيم أنّ ((التأمل الفلسفى يختلف اختلافـــًـا كبيرًا عن التأمل الدينى. فليس للتأمل الفلسفى أى موضوع للعبادة أو أى مكان مقدس أوأية صورة محددة))
وكتب ديكارت ((إنّ الفلسفة وحدها هى التى تــُـميّزنا عن الأقوام المتوحشين والهمجيين. وحضارة الأمة وثقافتها تـــٌـقاس بمقدارشيوع التفلسف الصحيح فيها..وأنّ الإنسان الذى يحيا دون تفلسف هوكمن يظل مُغمضًا عينيه لايحاول فتحهما)) وأعتقد أنّ إغلاق العين (بالمعنى المجازى) هودرجة عالية من الأنيميا الحادة فى ملكة إثارة (الدهشة) التى يتمتع بها الفيلسوف الحق ومنها تنطلق أسئلة الوجود وصدق أرسطوعندما قال ((إنما الدهشة هى الأم التى أنجبتْ الفلسفة))
يذهب ظنى أنه لولا التراكم المعرفى، من خلال كتابات الفلاسفة (خاصة فلاسفة التنوير) لظلّ إنسان العصرالحديث مثل إنسان العصورالقديمة، حيث كانت المجتمعات الإنسانية تنقسم إلى (عبيد) و(أحرار) لدرجة أنّ الفيلسوف أفلاطون تعرّض للبيع فى سوق العبيد، نظرًا للخلاف بينه وبين الحاكم، لولا أنْ تعرف أحد تلاميذ الفيلسوف عليه فاشتراه وأعتقه.. وبالرغم من أهمية أفلاطون فى تاريخ الفكرالفسفى ((فإنه اعتبرالديمقراطية أحد أنظمة الحكم الفاسدة..وجعل الطغيان نتيجة مباشرة للديمقراطية)) (د. إمام عبد الفتاح إمام: الديمقراطية والوعى السياسى
واقعة إعدام الفيلسوف اليونانى سقراط بداية هذا الموقف العدائى من الفلسفة، خاصة إذا علمنا أنّ التهمة الموجّهة لسقراط هى ((إفساد عقول الشباب والترويج للآلهة الأجنبية)) هذا الإتهام يدل دلالة قاطعة على تحالف مؤسستىْ الحكم والدين، المؤسسة الأولى تحجّجتْ ب ((إفساد عقول الشباب)) لمجرد أنّ سقراط كان يبذرفى عقول مستمعيه أهمية التفكيرالحر، وعدم التسليم بكل ما يقال..ومقاومة تصديق أية ثوابت إلاّبعد إعادة النظرفيها..إلخ، أما تهمة ((الترويج للآلهة الأجنبية)) فهى من صياغة مؤسسة الدين التى تحرص على الأحادية وتــُـعادى التعددية..والنتيجة عدم التعرف على معتقدات الشعوب الأخرى.
هيباتيا (370- 415) فيلسوفة مصرية وعالمة فى الرياضيات..وهى ابنة (ثيون) أستاذ الرياضيات فى متحف الإسكندرية..وكتب عنها ديورانت فى قصة الحضارة- المجلد الثانى. وجورج سارتون وادوارد جيبون وبرتراند رسل وآخرون..ومن المصريين د. توفيق الطويل ود. زكى نجيب محمود. بخلاف الروائيين والشعراء الأوروبيين..ووصل اهتمام العالم المتحضربهذه الفيلسوفة المصرية أنْ أصدرتْ جامعة الينوى الأمريكية مجلة فلسفية اسمها (هيباتيا) وفى أوروبا وأمريكا عشرات الجمعيات والمجلات العلمية والفلسفية التى تحمل اسم جدتنا (هيباتيا) وأنتجتْ إسبانيا فيلمـًـا سينمائيـًـا عنها حصد عدة جوائزعالمية، بسبب دقة المعلومات وبراعة الإخراج..ومجمل العناصرالإبداعية والفنية.
كانت هيباتيا ذات جمال أسطورى، وبالرغم من ذلك رفضتْ كل عروض الزواج وفضّلتْ التفرغ للعلم والفلسفة..وكتبتْ عنها دائرة المعارف البريطانية أنها جمعتْ بين التواضع والجمال والقدرة العقلية ((فجذبتْ عددًا هائلا من التلاميذ)) وكان من تلاميذها أساتذة وفلاسفة، كانوا يأتون من أكثرمن دولة ليستمعوا إلى محاضراتها، من بينهم الفيلسوف اليونانى (دمشيوس) والعالم (سينسيوس) الذى اعترف بفضلها عليه فى تثقيفه..وأنها شرحتْ له مؤلفات أرسطو وأفلاطون وبعض العلوم الطبيعية مثل الفلك والميكانيكا والرياضيات..وكانت تــُـكرس دروسها لتعظيم أهمية الحب الروحى لا الجسدى..وقال عنها معاصروها أنها كانت تتربـّـع بشرف ((على قمة الأسرارالفلسفية)) وذكرد.إمام عبد الفتاح إمام أنّ هيباتيا أنجزتْ حسب ما كتب سويداس فى معجمه ثلاثة كتب: شرح على كتاب ديفونطس السكندرى فى علم الحساب. والثانى شرح على كتاب بطليموس (المجموع الرياضى) الثالث شروح على (قطوع المخروط) أبولونيوس البرجى..كما أنها اخترعتْ (البلانسفير) وهى خريطة ذات ثلاثة أبعاد لنصف الكرة السماوية.
طلعت رضوان
*
الله والكون بين العلم والفلسفة والدين
كيف يكون الله مطلق القدرة والخيرية والمحبة للبشر ورغم ذلك يسمح بوجود الشر
السؤال الذي يطرحه
الناس على رجال الدين ولا يحصلون على إجابة وافية ومقنعة أبداً
هل ما ورد في الكتب المقدسة المنزلة من السماء والتي يقال أنها تنقل كلام الله، يتطابق مع الحقائق العلمية التي توصل إليها العلم الحديث في كافة المجالات لا سيما علم الكونيات الكوسمولوجي وعلم الفلك وعلم الفيزياء النظرية وفيزياء الجسيمات الأولية وميكانيك الكموم أو الكوانتوم وعلم الأحياء وعلم الكيمياء الحيوية وعلم التكنولوجيا المتقدمة وتكنولوجيا النانو وعلم الحفريات الأثرية الآركيولوجيا الخ ..؟ المقصود بالنصوص والكتب المقدس هي التوراة والإنجيل والقرآن،
لا تتطابق مع الحقائق التاريخية فهذا يعني أن مصدرها ليس ربانياً أو إلهياً أي هي ليست كلام الله لأن الله لا يخطيء وفق منطق الأديان ذاته. ولقد أجريت تنقيبات أثرية في مدينة أريحا القديمة في فلسطين ومدينة أور في العراق للتأكد من صحة ما ورد في التوراة بشأن هذين الموقعين وكانت النتائج الأولية سلبية ومخيبة لآمال الثيولوجيين وعدم مطابقته للنصوص التوراتية التي تحدثت عن احتلال يشوع Josué للأولى ومغادرة أبراهام " إبراهيم " للثانية، وهل حقاً أن الله اختار من بين شعوب الأرض العبرانيين باعتبارهم شعب الله المختار وكشف لهم كيف أنه صنع أو خلق الكون والأرض والسموات والبشر من خلال قصة آدم وحواء والشيطان والملائكة الخ..
التوحيديون يقولون " كان هناك الله" والمشركون يقولون " كانت هناك آلهة " والماديون يقولون " كانت هناك المادة" قبل بدء الوجود. أما العلماء فلا يجيبون بهذه الطريقة لأن تجاربهم وأبحاثهم محدودة بالزمن وبالتطورات العلمية والتكنولوجية ونتائج التجارب المختبرة والمشاهدات الرصدية لأن أي رد قاطع من قبل العلماء يعني الخروج من نطاق العلم الدخول في حقل الفلسفة لذلك تتنوع الإجابات وفق القناعات الشخصية والمفاهيم والمدركات الشخصية لكل عالم فهناك من بينهم ربانيون أو إلهيون أو ماديون ، مؤمنون أو ملاحدة وهناك اللا أدريون وهناك من يرفض أصلاً الخوض في هذا الموضوع الشائك وكان هذا هو حال العالم الفيزيائي الشهير ألبرت آينشتين عندما سأله حاخام يهودي سؤال استفزازي : هل تؤمن بوجود الله؟ رد آينشتين إنني أؤمن بإله سبينوزا ، ذلك الذي يعبر عن ذاته في أعلى درجات التناغم في الوجود، وليس الإله الذي يشغل نفسه بمصائر وأعمال الكائنات البشرية فلا يمكنني أن أتصور الله على صورة ذلك الكائن الذي يجزي ويعاقب مخلوقاته ويفرض العقاب والثواب على البشر ويرسم أهدافه وغاياته على ضوء أهداف وغايات البشر ، فالله هنا باختصار ما هو إلا إنعكاس لضعف وهشاشة الإنسان . وإذا كان هناك أمر في أعماقي يمكن أن أطلق عليه مشاعر دينية فإنه يتمثل بالإعجاب اللامتناهي وغير المحدود بهندسة الكون ".
إن موضوع الله والكون موضوعاً حساساً ومسألة عويصة من الناحية الدينية والفلسفية والعلمية لأنها قابلة لمختلف الاجتهادات والتأويلات خاصة عندما يتعامل الباحث ومعه القارئ مع كتب ونصوص مقدسة لا يسمح عادة بمناقشتها أو الطعن في مصداقيتها. فهناك إشكالية تتمثل في عدم العثور على أية براهين عن حقيقة حدوث الوقائع والقصص والحكايات التي وردت في العهد القديم واستنسخها القرآن فيما بعد بطريقته الخاصة وبأسلوبه الفريد المعتمد على السجع النثري
علماء الكونيات والفيزياء النظرية ممن لا يعتقدون حتى بوجود إله مثل العالم البريطاني ستيفن هوكينغ الذي عرض نظريته ورأيه في كتاب شهير صدر قبل بضعة أعوام باللغة الانجليزية تحت عنوان " التصميم العظيم" وترجمته بالفرنسية كانت" هل هناك مهندس عظيم لهذا الكون؟" حيث وضعنا هوكينغ أمام مشكلة فلسفية عويصة ، فإذا كان الكون قد خلق بفعل الصدفة فمن خلق الصدفة؟ ويقودنا هوكينغ بمهارة عجيبة إلى مسألة نزوع الإنسان لمعرفة سبب وجوده وما إذا كان بمحض الصدفة أم أن هناك خالق له وللأرض التي يعيش فوقها والتي خلقت من أجله ومن أجل سعادته كما تقول الكتب السماوية. يقف المرء مبهوراً أمام قدرة الدين ، أي دين، في تحريك الملايين من الناس حتى في الدول العلمانية المتقدمة والمتطورة فما بالك بالدول النامية أو المحكومة بالفكر الديني والعقل الخرافي؟ وبالتالي فإن الدين ما هو إلا علاقة مع الكائن العلوي، ورغم ذلك بقي الدين عصياً على التعريف بسبب تنوع الثقافات . قبل عشرة أعوام تقريباً من وفاة عالم الفيزياء الفذ البريطاني ستيفن هوكينغ Stephen Hawking نشر هذا الأخير كتابه الذائع الصيت "The Grand Design التصميم العظيم" ومنذ صدوره أحدث الكتاب ضجة في الأوساط العلمية والدينية والجماهيرية، لأنه تناول مسألة الكون والله وقال بالحرف الواحد أن الكون ليس بحاجة إلى إله خالق لكي يوجد. كانت الصراعات الدينية متأججة وفي أوجها،
*
جدليات فكرية.. هل الفلسفة والدين وجهان لعملة واحدة؟
كان من مظاهر التجديد في الفكر الإسلامي منذ بداية القرن العشري، ترديد الفكر الغربي في القرن التاسع عشر.
"الدين إيحاء خرافي"!
كتاب "خرافة الميتافيزيقا" وهو كتاب منقول من الفكر الأوروبي المادي
إن الوضعية المنطقية تعد محاولة جديدة لهدم الفلسفة المثالية، وهدم الميتافيزيقا بقصد غير صريح وهو محاربة الإيمان بوجود الله وكل ما يتجاوز عالم الحس. ويجزم ابوريدة بأن استخدام التحليل المنطقي على يد الوضعيين المناطقة يؤدي إلى زعزعة الإيمان وأن موقفهم هذا فاسد إلى حد السخف، وأنهم يضيقون نطاق امعرفة إلى أقصى حد
فالفلسفة لديه صنيعة بشرية، أما الدين وبالأخص الإسلام يعتمد على وحي السماء، ويثبت أن الميتافيزيقا شيء مخترع ويمكن أن تتعدد انبنيته بحسب كل فيلسوف، أما الدين شيء آخر يتميز بالوحدانية تبعا لوحدانية المصدر.
الفيلسوف إذ يبني بناءه الميتافيزيقي، فإنما يقيمه على مبدأ من عنده وأن أي فيلسوف آخر من حقه كذلك أن يقيم بناء آخر على مبدأ من عنده، وبذلك تتعدد البناءات الفلسفية بتعدد أصحابها.
وأما في حالة الدين فالأمر مختلف أشد ما يكون الاختلاف، لأن البناء الديني قائم على وحي مُنزًّل، وليس من حق أحد آخر أن يبني دينا على شيء آخر من عنده هو اللهم إلا إذا كان خارجا على هذا الدين، وعندئذ لا يحسب له حساب، فبينما تتعدد البناءات الفلسفية بتعدد الفلاسفة يظل البناء الديني واحدا لوحدانية الموحي به والموحى إليه، وإذا جعلنا حديثنا هنا مقصورا على الإسلام، قلنا إن شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، تتضمن فيما تتضمنه، وحدانية من أوحى بالدين، ومن نزل عليه الوحي، وذلك يستتبع أن يظل البناء الديني عند المؤمنين به واحدا عند الجميع"
*
الخلاص بالفلسفة في عوالم الخراب والدمار
عندما نقلع عن التعلق بآمال عريضة سنتجاوز الغضب واليأس والإحباط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق