الخميس، 3 مارس 2022

العقل المصري

 عقيدة مشوهة لا تؤمن بالاختلاف

حرب 48 وبعد هزيمة 67. ولكن أيا كانت أسباب ذلك التراجع الذي تجسد فعليا مع ظهور جماعة الإخوان المسلمين والتيارات الدينية المتشددة وتمهد بعد ظهور دولة العلم والإيمان، ظل الأمر يسير بالتدريج نحو التشدد في الدين، وبعد أن أصبحت الأرض ممهدة سائغة ظهر الانحدار السريع مع دخول الفكر الوهابي والذي لم تنتبه له الدولة المصرية ربما لأن ذلك التيار كان لا ينازعها السلطة ولا يحمل السلاح وربما لأسباب أخرى ولكن كان لذلك أبلغ الأثر على العقل المصري.

“اللحية فرض”، “الغناء حرام”، “سينتهي الغلاء عندما تتحجب النساء”… 

 إمام أزهري “بائس”، والآخر إمام سلفي لا ينفك عن الصياح ولا يكتفي بالخطبة المعتادة بل يتبعها بدروس ما بعد الصلاة.

قبل انتشار الإنترنت ودخولها إلى البيوت كانت شرائط الكاسيت لمشايخهم تباع على الأرصفة بأزهد الأثمان مع كتيبات في العقيدة وآداب اللباس والأذكار. ولما ظهرت الفضائيات ودخلت الأطباق الفضائية إلى البيوت لم تكن هناك قنوات دينية إلا وهم ملاكها وأصحابها. ثم من بعد دخول الإنترنت إلى كل بيت كانت كل المواقع والمنتديات الدينية ومنصات الفتوى لهم باستثناء القليل كان يتبع الإخوان المسلمين ومنتدى واحدا تقريبا أنشأه طلبة الأزهر لأنفسهم وأيضا كانوا هم نجوم برنامج البال توك وحوارات الأديان فتجد أن أي محاولة للبحث عن معلومة دينية ستجد فتاواهم جاهزة. والأدهى من ذلك والأمر هو مأساة دور النشر. وقد رأيت بنفسي في درب الأتراك وما حوله معقل دور النشر هناك وهم مسيطرون عليه، ينشرون كتبهم بل ويعيدون نشر كتب التراث مرة أخرى مع التنقيح، أي التغيير والتبديل أحيانا وأحيانا أخرى بوضع الحواشي على الكتاب تدعم مذهبهم وتخطئ صاحب الكتاب

وهكذا اكتملت السيطرة على مصادر المعرفة.

أصبح المجتمع المصري يحمل عقلا وهابيا صرفا ولا يدري عن التنوع ومسائل الخلاف وأصبح مؤمنا بالرأي الواحد والقول الواحد ويثور ويثأر إن حاول أحد أن يدعي أن أي أمر من الأمور يتسع لاختلاف الآراء أو أن به سعة ما، كما حدث مع الدكتور سعدالدين الهلالي الذي كان حريصا دائما على عرض جميع الآراء وبيان أن الأمور الخلافية تحمل السعة.

الجنازة التي تحولت إلى عيد أكتب عن العيد الذي تحول إلى جنازة حدادا على العقل المصري وأنا أستمع إلى أم كلثوم تشدو: قول الحب نعمة مش خطية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق