Feb 1, 2022
مشكلة الاستعمار الذي اجتاح البلدان الإسلامية في غضون القرنين التاسع عشر والعشرين أرقا فكريا للمفكر مالك بن نبي
مكمن الداء الحقيقي، مستقرئا حال الأمة عبر مراحلها التاريخية، ليصل في نهاية المطاف إلى استكشاف داء "القابلية للإستعمار" الذي ينطبع في المخيال الجمعي للشعوب المستعمرَة ويؤدي بها إلى الخنوع والقبوع والوقوع فريسة سهلة المنال في يد جلادها، ففي كتابه "شروط النهضة" ذكر مالك بن نبي تأصيلا بديعا ينم عن دقة نظر وعمق في الفكر، إذ أبرز الدور الخفي للمستعمِر في إعادة التهيئة النفسية للشعوب المستعمَرة، تهيئةٌ تولد في نفوس أفرادها روحا جديدة تطبعها سمة الرضوخ والإتكالية والجبن وتكلس العقل والإرادة، حيث تحدث بن نبي عما يسميه "مُعَامِلَيْنِ فعلا فعلهما في الإنسان المستعمَر هما: (المعامل الاستعماري) و(معامل القابلية للاستعمار).
فعامل القابلية للاستعمار كما يشرحه مالك بن نبي هنا هو العامل الداخلي المستجيب للعامل الخارجي، إنه رضوخ داخلي عميق لعامل الاستعمار يُرَسِّخُ الاستعمار ويجعل التخلص منه مستحيلا.
الاستعمار ليس من عبث السياسيين ولا من أفعالهم، بل هو من النفس ذاتها التي تقبل ذل الاستعمار والتي تمكّن له في أرضها، وليس ينجو شعب من الاستعمار وأجناده إلا إذا نجت نفسه من أن تتسع لذُل مستعمِر، وتخلصت من تلك الروح التي تؤهلها للاستعمار
ربما يكون تركيز مالك على هذا المصطلح، لأن كثيرا من المسلمين يحاولون تعليق تخلفهم وضعفهم وقلة حيلتهم على الإستعمار، فأراد أن يرجع المشكلة إلى أصولها المغيّبة عن الذهن، ويردها إلى سببها الأول وهو القابلية للاستعمار، أي إلى الخسائر التي ألحقناها بأنفسنا قبل أن نتحدث عن الخسائر التي ألحقها بنا الآخرون، مطابقة لقوله تعالى: "قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ
إن فكرة القابلية للاستعمار تشبه إلى حد بعيد في فحواها ما ذكره ابن خلدون رحمه الله من أن المغلوب مولع باتباع الغالب، وهي تقدم لنا معطى جديدا لاستكناه البعد النفسي والخلفية الاجتماعية التي تمهد لقبول المحتل في تعامل المجتمعات الإسلامية مع قوى الاستبداد والاستكبار. وفي سياق متصل يقول مالك بن نبي: "فالاستعمار لن تكون له القدرة على التصرف في طاقاتنا الاجتماعية والاقتصادية.. لو أننا تحررنا نفسيا من عُقَدِنا التي تجذبنا نحوه فيسخرنا لمصالحه، فالقضية على هذا الأساس هي أنه كي نتحرر من أثر هذا الاستعمار ينبغي أن نتحرر من سببه وهو القابلية للاستعمار ولكي ننزعه من الأرض يجب أن ننزعه عن الأذهان أو على الأقل أن ننزعه عن الأذهان بعد نزعه من الأرض
الثورة على القوالب الموروثة التي تبعث على الركود لا التجديد و وهذا كله يتطلب نمطا فكريا وسلوكيا حديثا وجيلا جديدا مغايرا في تفكيره لسابقه
تصفية الفكر الإسلامي من القابلية للاستعمار نفسيا
لماذا نلجأ إلى الكلمات الإنجليزية ظنا أننا نرقى بها، هل هى القابلية للاستعمار كما قال مالك بن نبي
لماذا غدت معظم مؤتمراتنا تعرض أبحاثها وتُدار مناقشاتها باللغة الإنجليزية فى بلاد عربية وكل الحضور عرب، عندما تقدّم أحد الشباب بسيرته الذاتية باللغة العربية لمؤسسة عربية ووظيفة تتطلب لغة عربية ردّ عليه الموظف المسئول: نحن لا ننظر إلى cv المكتوبة بالعربي! هل أسماء شركاتنا ومصانعنا ومحلّاتنا وأسماء أولادنا وبناتنا لا تكون جميلة إلا إذا كانت بحروف لاتينية؟ لماذا نزدرىِ لغتنا ونحتقرها وقد أكرمها الله أن أنزل بها القرآن الكريم؟
*Dec 21, 2020
فيلسوف الحضارة، فانطلقت من أفكاره نظرية بناء دولة إسلامية عصرية وقوية، على غرار تركيا، ماليزيا، إيران، وحتى دولة الكيان الصهيوني التي تدرس فكر بن نبي في جامعاتها.
تميز مالك بن نبي ببعده الإنساني كونه يختلف عن بقية المصلحين كجمال الدين الأفغاني، محمد عبده وغيرهم، فكان من بين الأوائل الذين طرحوا فكرة العالمية التي ظهرت في القرن 20 ووصفها بالقدر المحتوم وسنن التاريخ، التي وجب على العالم الإسلامي الانخراط فيها حتى لا يكون كيانا معزولا، يكون قادرا على التطور بالمشاركة في بلورة الثقافة العالمية، والخروج من القابلية للاستعمار، المقولة التي جعلته محل انتقاد من طرف عدة جهات على رأسها جمعية علماء المسلمين الجزائريين.
الإسلام هو السبيل الوحيد القادر على تبسط الحضارة البشرية بعد إفلاس جميع الأيديولوجيات والديانات الوضعية والسماوية.
*
ركّز كل من مالك بن نبي وجودت سعيد على أنّ الأزمة الحقيقية في العالم العربي ليست سياسية، بل ثقافية - مجتمعية، وأنّ الأصل هو الاهتمام بتغيير الأفراد والمجتمعات والتركيز على العمل، التعليمي والتربوي والنهضوي، وليس السياسي، بل كان كل منهما مجافياً مجانباً للسياسة. وبينما وضع بن نبي مؤلفاته تحت عنوان واحد "شروط النهضة"، وضعها سعيد تحت عنوان "سنن تغيير النفس والمجتمع"،
برأي سعيد الانشغال في العمل السياسي والصراع على السلطة أرهق العمل الإسلامي، وذهب به إلى مداخل خاطئة أدّت إلى كوارث كبيرة
خلع الاستبداد من جذوره يتم عبر تغيير ما في النفوس والمجتمعات، قبل تغييير السلطة السياسية، فكما يقول سعيد المطلوب "الأمة الراشدة أهم من الخلافة الراشدة، لأنّ الأمة الراشدة هي التي تصنع الخليفة الراشد وليس العكس، والأمة غير الراشدة تقتل الخليفة الراشدة، كما قُتل علي بن أبي طالب".
هاجس سعيد الرئيس في مواجهة التخلف وبناء فهم مختلف للدين والقرآن، ينطلق من مفاهيم حضارية ونهضوية وتنموية تدفع المجتمعات المسلمة إلى التعليم والعمل والإنجاز والفعالية، وبرأيه الانشغال في العمل السياسي والصراع على السلطة أرهق العمل الإسلامي، وذهب به إلى مداخل خاطئة أدّت إلى كوارث كبيرة.
الميزة عن مالك بن نبي، حتى أصبح يوصف بأنّه "غاندي العالم الإسلامي"، فقد كتب كتابه "مذهب ابن آدم الأول" محرّماً العنف واستخدام السلاح، ومؤكّداً على أهمية العمل السلمي والتغيير بعيداً عن السلاح، وقد كرّس جزءاً كبيراً من تفكيره وتأليفه وخطبه لتجذير مذهب العمل السلمي.
*
النظريات التي تدور حول نشوء الحضارة مثل نظرية ابن خلدون، ونظرية فيكو، ونظرية الجنس أو العرق، ونظرية شبنغلر، ونظرية التحدي والاستجابة، والنظرية المادية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق