الخميس، 31 مارس 2022

المثقفون يتقبّلون الوصايا ******** الشعبوية تنتصر على المثقفين

Mar 7, 2021 Jun 19, 2021

 الشعبوية تنتصر على المثقفين

تذهب إلى الطبيب ربما 50 مرة ويعطيك التشخيص الصحيح. إذا كنت من غير المتشككين، تصير تؤمن بأن الأطباء يعطونك التشخيص الصحيح دائما. أغلب الأمراض مباشرة وأحادية السبب. أغلب التشخيصات مباشرة ولا تحتاج إلى الكثير من الخبرة الطبية. الاستنتاج هو أن الأطباء يعرفون كل شيء وكل علة. يردون على أسئلتك ويصير ما يقولونه هو الحكمة.

تسأل صديقا أسئلة من كل نوع وشكل. تختاره من بين آخرين لأنه “يعرف”. إذا كان محظوظا والأسئلة في نطاق معارفه،

هذه علاقتنا بالأسئلة والأجوبة والتساؤلات والردود. هذه علاقتنا بأغلب المعلومات. نثق بالمصدر بعد تجربته في ما نعرفه، ثم ننسى موضوع التدقيق والاستفسار. تسود الثقة حتى في حالة عدم الفهم.

هناك غيرنا من فكّر أو يفكّر بالأمر. إذا كانت المنظومة الدينية أو الأيديولوجية أو الحزبية صحيحة ومفهومة في 500 من التعليمات والجمل والوصايا، ولكننا لا نفهم أو لا نستفسر عن الوصايا والتعليمات المكملة، فإنّ الاستنتاج هو أنّ ما لا نفهمه لا يعني أننا لا نقبل به.

افهم أول 500 منها والمئات التي تليها صحيحة حتى لو لم تفهمها. وما نقبله يتحوّل بمرور الوقت إلى مسلمات، بل إلى إيمان. هذا ما يجعل مهمة الأحزاب والمنظومات الفكرية القائمة على الإيحاء بالإيمان الديني أسهل وأبسط. غذّ التساؤلات البسيطة والمتوسطة بردود وحجج مقنعة، واترك الباقي للمتلقي نفسه.'

هذه نظرة خطيرة إلى الأشياء. لأن ترسيخ فكرة أن الأيديولوجيات الدينية والسياسية تعرف، وأنها سترد على كل شيء، هو ما يغذّي عالما يزداد انغلاقا. انغلاق استثنائي فعلا، حتى بما يتعلق بالأيديولوجيا الشعبوية التي تنتشر في يومنا هذا.

في السابق جاءت موجات سياسية قومية وماركسية ويسار مركب على اختيارات مجتزأة لتفسيرات الشيوعية على الطرق السوفييتية والصينية والتروتسكية. ثم جاءت موجات التفسير السنّي والشيعي للدين الإسلامي، وكل منها باجتهادات مركبة عميقة أو حركية أو ساذجة بدورها.

علاقتنا بأغلب المعلومات تتلخص في أننا نثق بالمصدر بعد تجربته في ما نعرفه، ثم ننسى موضوع التدقيق والاستفسار

تصدرت التفسيرات الإخوانية والسلفية المشهد السنّي وتصدرت الخمينية بحركيّتها الخامنئية المشهد الشيعي. التفسير اليهودي للديانة الموسوية استبق كثيرا التفسيرات الإسلامية للقرآن والحديث. مطلوب من اليهودي المتفاني أن يقبل التفسير التوراتي والوصايا كما هي، فهم منها ما فهم أو عجز عن إدراك البقية.

الشعبوية فهمت الدرس وجاء بوريس جونسون ليأخذ بريطانيا إلى بريكست، وجاء ترامب ليأخذ الولايات المتحدة إلى تمرد سياسي أولا، ثم إلى تمرد على الحكم كما شهدنا في تظاهرات مؤيديه في مبنى الكابيتول.

 الإيمان الآن من دون أيديولوجيا وأديان. جونسون يقول الحق أو يكذب غير مهم. الناخب صدقه. صدق أول كلامه، ويمكن أن يستمر بتصديق كل ما يقوله لاحقا. الشيء نفسه يمكن أن يقال عن ترامب.

عندما تراهما، أو ترى من يحاول محاكاتهما في دول أصغر وأقل أهمية، تعرف أنهما ينظران إلى نفسيهما نظرة أنبياء للذات. مرة أخرى الخطر يكمن في أن متنبيَيْ هذا الزمان يجدان الملايين ممن لديهم القدرة على قبول البدايات من الوصايا، ومن ثم السير قدما في قبول أيّ وصايا غثة وسمينة لاحقا.

هذا ما يحدث في الغرب في تركيبة يفترض أنها واعية ومطلعة. فكيف بحالنا في عالمنا المنقاد بأهواء وتوجهات إسلامية، بل ومسيحية كي لا ننسى ما يمكن أن يصدر عن مؤسسات وأشخاص في عمق التوجه الأرثوذكسي المسيحي؟ أعتقد أن المشهد أمامنا يكشف عن هذا الانقياد بما لا يترك مجالا للشك

السياسيون يبررون أفعالهم بالنتائج. فماذا حقق مثقفنا من نتائج؟ أنا أرى أن تونسية بسيطة تؤمن بالعلمانية وتحدّت ضغوط إسلاميي النهضة أو ترهيب السلفيين في الشارع، يمكن أن تكون أوقفت التمدّد المؤدلج في عالمها المحدود والبسيط أكثر وبأضعاف ممّا حققه مثقف عربي متردد. لا تقبل أن تمدد إيمانها البسيط بالدين والعلمانية معًا ليكون مفتوحا على كل شيء. مثقفونا، وخصوصا من تحركهم مصالحهم، يقبلون.

*

المُؤدلج... الوصاية والحقيقة المطلقة!


لا يتماشى مع مفهوم النسبية وطبيعة الأشياء؛ ما يعني أنه رهين لآيديولوجيته، وبالتالي هو تعرض لحالة اختطاف عقلية جعلته في حالة رفض للواقع.

لا مشكلة لدينا مع الأدلجة؛ لأنها مجموعة من المعتقدات والأفكار والروى والاتجاهات كامنة في نمط سلوكي ما لم تتحول لحالة تطرف وتشدد وعنف في مضمونها. وصفها مفكرو القرن الثامن عشر بأنها حالة الوعي للأفكار، منها الإيجابي أو السلبي كما هي عند كارل ماركس.

التطرف الديني والفتنة الطائفية والعشائرية والمذهبية والاستبداد السياسي والتمييز العنصري.
دفاعاً عن قناعاته وتصوراته المتخيلة والغاية كما يبدو، إما تحقيق مصالح ذاتوية أو مكاسب سياسية.

المتطرف دينياً مثلاً حينما يصطدم بالواقع، فإن النتيجة لموقفه هي العنف؛ كونه يعارض كل ما يخالف توجهاته. السبب في كل هذا هو الشعور باليقينية. القوموي أو الماركسوي أو الشيوعوي أو الإسلاموي، كلهم ينطلقون من أرضية واحدة وفق تصوراتهم، بمعنى أن معتنقي هذه الآيديولوجيات في مفهومها المتشدد، يرون أن آراءهم وأفكارهم هي الحقيقة الوحيدة والمطلقة ولا يعتدون بغيرها.

مبتغانا هنا الوقوف على الخلل بقراءة موضوعية وليس استهداف صاحب هذا التوجه أو التشفي ممن ينتمي إلى ذاك التيار، وهذا ينسحب على كل تيار أو أي آيديولوجيا معينة خرجت عن مدارها وتشددت في رؤيتها إلى درجة الوصاية على الآخرين.

فالانحراف يبدأ من قناعة هذا المؤدلج عندما يرى الآخرين دائماً على خطأ، وأنه هو الصواب بعينه. وهذا يعني أن خطاب كل منهم يرنو إلى الغاية ذاتها، ويسلك الاتجاه نفسه، ويكرّس نهج الرأي الأحادي،
الغاية هي واحدة المتمثلة في الرفض وعدم القدرة على استيعاب المتغيرات والتكيف معها. وقد تناولت كتابات محمد عابد الجابري والعروي وجعيط وتركي الحمد، وغيرهم تشريح هذه الحالة تحديداً.

تقدم أي شعب من الشعوب في هذا الكون الفسيح لا يمكن قياسه إلا بمقدار فاعلية حركة الوعي والثقافة في تركيبته المجتمعية؛ لأن مكانة المجتمع تتحدد هنا من قدرة شرائحه في فهم قوانين الحياة ومعرفة تراكم تجارب التاريخ؛ فالفكر الإنساني هو الذي قاد التحولات الكبرى في الحضارة الإنسانية، وهذا يتسق مع ما سبق أن قاله الفيلسوف كانط بأن الثقافة ما هي سوى «مجموعة من الغايات الكبيرة التي يمكن للإنسان تحقيقها بصورة حرة وتلقائية انطلاقاً من طبيعته العقلانية».

الأدلجة في صورتها المتشددة هي مشكلة المشاكل ومعضلة المعضلات للمجتمعات العربية؛ كونها متصلة بآلية التفكير، فمجتمعاتنا تعاني من أزمة، محيطها الأخلاق والوعي والفهم. وهي قديمة - جديدة في تاريخنا الحديث والمعاصر.

رفض الواقع الراهن، والتمسك بفترة ماضوية متخيلة.

إصرار المؤدلج على أن أفكاره تمثل الحقيقة المطلقة تعد انتكاسة للفكر البشري وهزيمة للمبادئ والقيم الإنسانية، وتكشف خطورة الآيديولوجيا، لا سيما في ظل غياب للوعي ووجود ذهنية لا تلامس إلا القشور.


محاكاة النص القرآني سورة كورنا

May 14, 2020

امنة حيدر تلاوة مطربة سودانية القرآن في حفل تأبين محمود محمد طه
*

فيروس كورونا تدوينة عن الوباء تجدد الجدل حول محاكاة النص القرآني

أثارت إحالة الشابة التونسية، آمنة الشرقي للتحقيق لنشرها تدوينة تحاكي نصا قرآنيًا ، الجدل حول الحد الفاصل بين حرية التعبير والمعتقد وازدراء الأديان.

ثمة من رأى في نص التدوينة اقتباسا لغويا مقبولا وثمة من اعتبرها استهانة بعقيدة أغلبية الشعب.

نماذج لمحاكاة النص القرآني

تشيد الباحثة التونسية، رجاء بن سلامة، بشجاعة آمنة الشرقي وتمسكها برأيها رغم ما تلقته من انتقادات.
وتقول من غير المقبول ملاحقة شخص بسبب نص ساخر تناقله الكثيرون عبر مواقع التواصل، فحرية الضمير لا تتجزأ، والدستور يكفل لنا ذلك الحق، لذا علينا الدفاع عن حقوق الإنسان الأساسية ودعم آمنة
ورسالة الغفران عبارة عن رسالة يصف فيها المعري أحوال الناس في الجنة وفي الجحيم.
وينقد المعري في كتابه معتقدات معينة ويسخر من الواقع الاجتماعي والسياسي السائد آنذاك.كما وجه سهام النقد إلى فكرة "صكوك الغفران"، ومن سماهم بشعراء المال الموالين للحكام، فيصور مآلهم في الآخرة وهم مقيدون بالسلاسل.
وفي السياق ذاته،يستدل المدافعون عن الشابة التونسية بفيديو قديم للداعية السعودي محمد العريفي يتلو فيه جملا أطلق عليها فيما بعد سورة التفاح
وقد تعرض العريفي آنذاك لعاصفة من الانتقادات واتهامات بالاستهزاء بالقرآن
اضطر العريفي حينها إلى الرد على الانتقادات، مبينا أنه 'كان في محاضرة عن عظمة القرآن حضرها أشخاص من جنسيات غربية غير مسلمة.
وحاول وقتها إيضاح الفرق بين كلام القرآن وكلام البشر، فقرأ لهم جملة من وحي الخيال ورتلها عليهم.
وإضافة للمعري، هناك أمثلة عديدة على محاكاة النص القرآني في الأدب العربي.
يدرج فريق من الشعراء والكتاب تلك النصوص ضمن الاستعارات الأدبية التي تهدف لنقد الوضع السياسي والاجتماعي، في حين يتهم آخرون صاحبها بالزندقة.
يرى كثيرون أن تلك الاقتباسات أو المحاكاة لا تنقص من إيمان الأشخاص بقدر ما تعبر عن فخرهم واحتفائهم بأسلوب النص القرآني وبلاغته و جمال عباراته وسجعها، بينما يرى آخرون فيها تقليدا ساخرا من النص المقدس ويطالبون بمعاقبة أصحابها.

'نقاش محكوم بخلفية أيديولوجية'

لطالما كان الحديث عن الحد الفاصل بين ازدراء الأديان وحرية التعبير مثار جدل بين علماء الدين والحقوقيين، بدءا من إشكالية تعريف المصطلح وتحديد دلالاته، انتهاء بحيثيات بنود القانون المتعلقة به.
الرافضون لتهم ازدراء الأديان يصفونه بالمصطلح الفضفاض ويخشون من أن تؤدي تلك القوانين إلى الحجر على العقول والنقاش الحر.
في حين يرى آخرون أن الهدف من سن قوانين تجرم ازدراء الأديان هو المحافظة على السلم الاجتماعي وحماية مقدسات الآخر "تحافظ على شعور الأقليات الدينية بالأمان".
وينطلق الباحث في علم الاجتماع، سامي براهم، من ذلك الطرح، فيقول في حوار معنا: "الدستور يحمل المعنيين، معنى حرية الضمير وحماية المقدسات. هناك من اعتبر ما وقع تنزيله، من نص في إطار بصري يحمل شكل آيات مرقمة، نوعا من الاستفزاز للشعور الديني، خاصة أنه صاحبه تنزيل عدد من نصوص أخرى نسجت على منوال صفحات من المصحف".
ويكمل: "لا يمكن اعتبار النص الذي نشرته الشابة التونسية محاكاة أدبية قياسا على ما كتبه كتاب أدباء كبار على غرار المعري وطه حسين" مضيفا: "القضية لا تتعلق في النص في حد ذاته فإذا نُشرت التدوينة دون وضعها في شكل صفحة من المصحف لما أثارت هذا الجدل".
ويرفض براهم حسم الجدل الدائر حول التدوينة بالتجريم القانوني بل يدعو إلى تحييد القضاء وتنظيم نقاش عمومي مفتوح للوصول إلى حد من التعاقد بين ما يعتبر ازدراء للأديان وما يعتبر سخرية نقدية.
ويتابع: "هذا النقاش العمومي غير موجود في تونس اليوم، إذ تغلب عليه التجاذبات السياسية والإيديولوجية أكثر من الأهداف المعرفية
بدل تقديس الحريّة وتدنيس الدّين
ليس كلّ ناقدي الأديان والمزدرين له والسّاخرين من رموزه وأعلامه ومعتقداته أصحاب رؤية وتصوّر وفكر ومشروع إصلاح وتنوير وتجديد وتثوير للأديان ، بل كثير منهم طالبوا شهرة أو معبّرون عن مواقف سياسيّة وأيديولوجيّة لا تعبّر عن مضمون معرفي سوى كليشيات ممجوجة،
نفي القداسة عن الدّين وسحبها على الحريّة لا يغيّر من الوضع المأزوم للمقدّس المسيّس الذي يتمّ إقحامه في إدارة الشّأن العامّ، هي فقط عمليّة تحويل لنفس براديغم * الاطار الفكري * سلطة المقدّس من إكليروس * النظام الكهنوتي الخاص بالكنائس المسيحية * الدّين إلى إكليروس العلمنة
تكريم الحريّة وإحاطتها بضوابط لا تمسّ من أصلها ليس استهدافا لها بل تكريم وتنزيل لها في الموقع الذي تستحقّه في إدارة الشّأن العامّ وبناء الانتظام المدني والعمران البشري في زمن المدنيّة والحداثة الكونيّة المنفتحة على كسب الشّعوب والحضارات وثقافات الأمم
استبدال مقدّس بمقدّس هو إعادة إنتاج للمقدّس في بعده السلطويّ القهريّ الوثوقيّ ، الأنسنة والتعايش واحترام الرموز والمعالم والقيم الاعتباريّة للمختلف هي السبيل لبناء السلم الأهلي الدّائم والمدنيّة،
أخيرا تبنى إدارة الشّأن العام على التعاقد لا على القداسة مهما كانت مرجعيتها

 خلاصة مختلفة تكون فيها الحرية مقدسة

 سخرية من القرآن أكثر منها محاكاة له، والمحاكاة فنّ أدبي وليس "هزؤا" (خاصة مع ذكر صدق جيلو العظيم)، مثلها مثل التخييل والتناص والاقتباس ووو..

 فكتبت: "أنا لم أسئ لأحد. الصورة التي نشرتها لا تعد تحريفا للقرآن، فلم تتضمن كلاما من القرآن ولا اسم الله".

وتعد السخرية لدى آمنة أداة مشروعة للنقد، فالأديان بالنسبة لها مثلها مثل جميع الأفكار والأيديولوجيات قابلة للنقاش.

نشرت تلك الصورة وعبرت عن أفكاري بشخصية مكشوفة، لأننا نعيش في دولة تضمن حرية التعبير عن الرأي والمعتقد".

وتستدرك: "لم أتوقع كل هذا الهجوم والتهديد، أغلب معارفي ملحدون، وبعض المتدنيين يقبلوننا بأفكارنا دون إقصاء، ويحاورونا باحترام".

وتضيف: "تفاجأت باستدعائي للتحقيق وبطريقة اعتبرتها رجعية ولا تستند لروح القانون. فقد تم استجوابي من قبل سبعة ممثلين للنيابة العمومية، حيث وجهوا لي تهم ممارسة العنف والإساءة للدين، وهنا أتساءل كيف يمكن أن تكون تلك التدوينة عنيفة؟".

وتفضل آمنة إدارة حياتها عبر القوانين الوضعية دون الحاجة إلى تقاليد موحدة تفرض عليها مناهج الحياة، مشيرة إلى أن "الحل يكمن في إرساء دولة علمانية تكفل حقوق المتدين والاديني دون أي تمييز".

لذا تدعو الشابة إلى ضرورة تعديل بعض القوانين، التي ترى أنها تمس من الحريات الفردية، بأخرى تدعم التجربة الديمقراطية وترسخ ثقافة القبول بالآخر.

"حق مشروع" أم "ازدراء للدين"؟


أعادت القضية النقاش حول الحد الفاصل بين حرية التعبير وازدراء الأديان. كما جددت الخلافات حول تأويل الفصل السادس من الدستور التونسي المتعلق بالأساس بحماية المقدسات وحرية الضمير ومنع دعوات التكفير.
فقد وصف نشطاء ما قامت به الشابة، بـ "العمل المستفز والمشين".
بينما حذر آخرون من عودة البلاد إلى مربع الاستقطاب الفكري والإيديولوجي واتهموا جهات معينة بافتعال القضية لإلهاء الشعب بمسائل جانبية.
الاستفزاز و التعدي على مقدسات الآخرين ليس من حرية التعبير في شيء... لا بدّ أن نراعي قواسم العيش المشترك و الأّ فإننا سنهدم المعبد على رؤوس الجميع.
الدولة ملزمة بحماية المقدسات و منع النيل منها ،كما هي ملزمة بمنع دعوات التكفير و التحريض على الكراهية (الفصل السادس من الدستور).
فعلق أحدهم: يعتبرون المس من المقدسات الدينية حرية تعبير بينما ينكرون حق من لا يشبههم في ارتداء وانتقاد ما يريده".
هذا الاستنكار والاتهامات الموجهة للفتاة بتحريف القرآن يتصدى له بعض المدافعين عن السخرية واستعمال النكات، إذ يرون أن حرية التعبير لا يمكن أن تتحقق من دون إعطاء الناس الحق لاستفزاز الأفكار السائدة والمغلوطة، حسب قولهم.
ويرى هؤلاء أن تهمة ازدراء الأديان هي "سلاح موجه ضد العقل وحرية التفكير لصالح سلطة رجال الدين".
لذا يطالبون بإلغاء التهمة أسوة ببعض الدول الأوروبية ورفع الوصاية عن ضمائر الناس.
كما انبرى العديد من الحقوقيون في الدفاع عن آمنة وعبروا عن استغرابهم من إيلاء كل هذه الأهمية لنص المنشور بدلا من ملاحقة المحرضين على العنف والقتل.
الفت يوسف 
بكل المقاييس، استدعاء الشرطة لمواطنة تونسية نشرت نصا تذكّر صيغته ببعض ما في القران، هو استدعاء مضحك، لكنه ضحك كالبكاء

أولًا، تاريخ العرب يعج بتوظيف أسلوب القرآن، وهذه بلاغة لغوية متداولة بين الكتاب القدامى والمحدثين دون أي إشكال ولعل أقرب الكتاب المحدثين إلينا هو المسعدي الذي اطنب في ذلك في مسرحية الس فهل غفل النظام البورقيبي "العلماني الفاسد" عن الزج بالمسعدي في السجن؟ 

ثانيا، حتى من المنظور الفقهي المنغلق، وإذا افترضنا ان الفتاة تستهزئ، وذاك حقها، فإن صريح القرآن (الذين يدافعون عنه أو يتوهمون) يؤكد أن "إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره"...لم يطلب أحد لا سجن الناس ولا الاعتداء عليهم.

ثالثًا، من منظور فلسفي، المعتقد لا يمكن أن يعتدى عليه...وهو المجال الجوهري للحرية، يمكن ان تؤمن بما تشاء كما تشاء...وحتى ان أحرقوك وسحلوك وذبحوك، وبعضهم يفعل، فلن يمكنهم الولوج إلى مجال الحرية فيك...ذاك جوهرك، لا يبدله أحد ولا يعتدي عليه أحد...لان لا أحد له عليه سلطان الا نفسك...

رابعًا، من منظور نفسي، المنزعجون من الموقف أو الوجود أو التعامل المختلف هم أضعف الناس إيمانا، مهما يكن ما يؤمنون به. انهم اذ يرون إمكانًا مختلفًا يفزعون من إمكان خطإ تمثلاتهم، ولا يطمئنهم الا أن يكون الناس جميعًا منمطين متشابهين، ولن يطمئنوا لأن الكون هو الاختلاف، بل أساس الخلق هو الاختلاف، "ولذلك خلقهم"...

خامسا، من منظور اجتماعي، في واقع الأمر لا احد تعنيه معتقدات الناس ومواقفهم، المهم في هذه البلاد أن لا يعبر عنها..المهم أن لا تخرج إلى العلن...المهم أن نحافظ على وهم النمط الوحيد الوهمي، نحن شعب عربي مسلم، ذكوري باطرياركي، غيري، إسلامه معتدل (اعتدال يتلون حسب القائمين على الحكم) إلخ...نحن بلد النفاق بامتياز...

خامسا، من منظور سياسي، تدخّل السلطة في مسائل الضمير والتعبير يفتح الباب على مصراعيه للتأويل والزج بالناس في السجون بسبب ودون سبب، فالشرعية السياسية هي أيضا مقدسة لدى البعض، أليس أنها تدعوهم الى تهديد المحتجين السلميين بالإعدام؟

فهل نحن اليوم بإزاء تفعيل القوانين لإلجام الأفواه أم أن "كمامات" الكورونا تكفي؟
واعتبرت الناطقة الرسمية السابقة في رئاسة الجمهورية أن ما نشرته المدونة هو "أسلوب أدبي يعرف بالمحاكاة الساخرة".
************

الحب المتداول اليوم

 خليط من اضطراب العواطف، واصطراع الغرائز، مدفوعاً في تيه فقدان الأمان وهشاشة الروابط الاجتماعية.

الأزمة الأخلاقية والوجودية، التي يعيشها الإنسان المعاصر، فما خسره هذا الإنسان داخل في مستهل الألفية الثالثة هو الحب ذاته.

السوسيولوجي الألماني أولريش بيك، من خلال مفهومه عن الحب عن بعد، ومواطنه الفيلسوف زيغمونت باومان فيما يسميه بالحب السائل

نهاية الحب

، خذ على سبيل المثال مواقع التعارف التي تحدد لك بالضبط ما هي مواصفات الشخص الذي ترغبه، وبالتالي فهي تسمح لنا أن ننتقي شريكنا، كما ننتقي البضاعة في السوق، إن الحب كلمة تخفي خلفها عمقاً إنسانياً، ومنظومة أخلاقية متكاملة من المبادئ، المسؤولية، الإخلاص والالتزام، لكن كل هذا اضمحل في عصر السيولة، فما نبحث عنه هو العابر وليس الدائم، إننا نميل إلى تغيير علاقاتنا كما نغير ورق الكلينكس.

حب يظل كما يقول «بلا معاشرة جنسية» في حدود الدردشة والكلام، فإننا نرى عكس ذلك أن هذا الحب النائي، قد تحول في الكثير من الحالات إلى حب داني، وأفضى إلى الخيانة وإلى الكوارث الاجتماعية والأسرية.


حكايات غرام المشايخ تدحض خطاب الانغلاق الديني

Apr 14, 2021

 لا يختلف رجال الدين عن بقية البشر في التركيبة الفسيولوجية والبيولوجية، فهم أيضا لديهم عواطف ومشاعر إنسانية تجعلهم يقعون في الحب، وثمة حكايات وشهادات عن الحياة العاطفية لعلماء وأساتذة في الشريعة الإسلامية، تتبعها وجمعها الكاتب المسرحي المصري أيمن الحكيم في كتاب جديد للرد على الأفكار السلفية المنغلقة المعادية للحب.

الحبّ في المجتمعات الإسلامية يأخذ طابعا خاصا، مع ارتباطه الصارم بمفاهيم الحلال والحرام الناشئة عن فتاوى وخطابات وتأويلات مختلفة للنصّ القرآني.

ثمة حكايات تتبّعها وجمعها الكاتب المصري أيمن الحكيم الذي ارتبط بعلاقات مودة بعائلات مشايخ وعلماء دين مُعتدلين عرفهم المصريون على مدى عقود، بعيدا عن خطاب الإسلام السياسي الإقصائي، أو خطاب السلفية الغليظ المُناهض لفكر الحب والمتبرأ من الغرام، القائم على النظر إلى المرأة على كونها شرا مستطيرا.

أصدر الحكيم كتابا يحمل عنوان “غرام المشايخ.. قصص حب رجال الله”، عن دار ابن رشد في القاهرة، يحتوي على شهادات جديدة لأبناء مشايخ معروفين أحبهم الناس، تروي قصص الحب التي عاشوها، وحياتهم العاطفية، وما حملته من آثار على نظراتهم للحياة.

الحكايات التي جمعها وانفرد بنشرها في كتابه تتعارض بوضوح مع طرح الخطاب الديني الحالي الذي يهيمن عليه الفكر السلفي، وتقدم صورة للإنسان الطبيعي المتدين.

 تلك الحكايات تؤكد أن رجال الدين السابقين، والذين أحبهم الناس وفق منظور التدين الشعبي كانوا أكثر تحضرا، وتفهما لمشاعر الإنسان النبيلة، وأحرص على النظر للمرأة نظرة اهتمام واحترام وشراكة.

تنطوي تلك الشهادات على إِشارة واضحة لتأكيد فكرة بشرية رجال الدين وعدم وجود قداسة لهم، فهؤلاء المشايخ من علماء وأساتذة الشريعة، من مُرتلي القرآن وخطباء المساجد، ولكنهم لا يختلفون عن غيرهم، ولا يجوز تقديسهم، كما لا يجوز منح عصمة من أي نوع لهم.

وهم مثل غيرهم من البشر يُحبون ويعشقون، ويهيمون بنساء ملكت عليهم مشاعرهم، ويسهرون في سبيل ذلك الليل كله، ويُكابدون ويتمنون ويبذلون كل جهد في سبيل نجاح علاقاتهم الغرامية.

لم يكن الحديث عن علاقات الحبّ مثيرا للجدل في ما مضى، غير أن العقدين الأخيرين شهدا بالتزامن مع صعود التيار السلفي شيوعا لتوجهات معادية لمصطلحات “الحب”، “الغرام”، “العشق” و”الهيام”، ووصما للمحبين بالمجون واستعلاء على مشاعر الإنسان الطبيعية.

كان لاتساع وهيمنة الخطاب الانغلاقي أثر واضح في ازدراء حكايات الحب والغرام، وحجب جانب كبير من التراث العربي المتضمن لكثير منها تحت لافتة إشاعة الانحلال في المجتمع، ما أدى إلى قيام أصوات عديدة في المجتمعات العربية برفض طباعة ونشر حكايات ألف ليلة وليلة، وكتاب الأغاني، وأشعار عمر بن أبي ربيعة، أو غيرها من الكتب التراثية المعبرة عن الإنسان العربي بفطرته وطبيعته الإنسانية.

عودة الرومانسية 

 العودة إلى الرومانسية وتقديم حكايات الحب هو الرد العملي القوي على فكر العنف والإرهاب، المتداول عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة، فالحب والعشق يُساهمان في كسر أعمدة الفكر الديني المنغلق وما يحتويه من رفض للآخر وقسوة إنسانية وشيوع للتكفير

يمكن أن يسهم الحب وتراثه في عالمنا العربي في إضفاء صفات التسامح والتحضر والرضا على الناس، وتهذيب الأنفس وحضها على القيم النبيلة والأخلاق الكريمة، بل إنه يُغذي شرايين الإبداع لدى رجال الدين ويمحو الصورة القاتمة السائدة بتجهمها ورجعيتها، فالهيام يدفع المشايخ إلى كتابة الشعر والنثر الجميل، وخطابات المحبة ولا يأبه أيهم بنشر ما كتبه أو كُتب إليه تحت لافتة الحب، الذي يعتبرونه من حقوق الإنسان وأمرا يتوافق مع طبيعة البشر.

يعرف بعض المشايخ الحب من أول نظرة، فينسجون حبال الوصل مع حبيباتهم اللاتي يتحولن إلى شريكات حياة لهؤلاء المشايخ، فنجد مثلا مُقرئ القرآن الشهير الشيخ مصطفى إسماعيل (1905 ـ 1978)، واعتبره الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب أجمل أصوات عصره، يرمي نظره تجاه إحدى الشرفات في احتفال أحد الأعيان بدمياط، شمال القاهرة، فيلمح فتاة صغيرة بوجه بريء صاف، فتسكن صورتها قلبه وتسيطر عليه تماما.

عائشة عبدالرحمن المعروفة ببنت الشاطئ نقلت أشعارها الغرامية للقراء دون حرج

احترام متبادل

يفتح الحب بابا للاحترام المتبادل بين الطرفين يصل بكل طرف إلى تقديم كل ما يقدر عليه لإرضاء الطرف الآخر، وحسبنا أن نقرأ في قصة حب وزواج الفنانة المصرية مديحة يسري من الشيخ إبراهيم الراضي شيخ الطريقة الشاذلية الصوفية (1922 ـ 1976) عن ذلك العطاء غير المتوقع بينهما، والذي وصل إلى قيام الفنانة الشهيرة بإعلان اعتزالها الفن، وارتداء الحجاب تحت تصور إرضاء الشيخ الصوفي، لكنه يُجابه كل ذلك برفض اعتزالها، مؤكدا أن الدين أعمق من التصورات الشكلية، والله ينظر إلى قلب العبد لا مظهره، وموضوع الحجاب هو قرار خاص بها.

يقيم الحب نوعا من الثقة الخاصة بين الحبيبين، وتلك الثقة جعلت الشيخ محمد سيد طنطاوي (1928 ـ 2010) شيخ الأزهر السابق مُمتنا لزوجته التي أحبها منذ كان طالبا وهي ابنة عمه، وتزوجها صغيرا واعتز بذلك وجاهر به، حتى أنه حكى يوما للفنانة صفية العمري أنه اعتاد منذ اليوم الأول لزواجه أن يضع في يد زوجته كل ما يحصل عليه من راتب شهري، لتتولى الإنفاق على البيت وعلى كل شيء آخر وحتى عليه هو، واثقا في حسن تدبيرها.

*


الأربعاء، 30 مارس 2022

بعيدا عن الاستقالة.. إليك ما يمكن عمله عندما تكره وظيفتك

 Feb 26, 2020

الحياة العملية الواقعية غالبا ما يكون الوضع ليس بهذه السهولة، فهناك مسؤوليات مادية يجب
 الالتزام بها، وبسببها لا يمكنك ترك عملك لتصبح دون مورد رزق فجأة، كما أنه لا يوجد زر سحري يجعلك تحب أو تتقبل مكان عملك فجأة، ولكن هناك بعض الخطوات العملية التي قد تجعل شعورك يتحسن بعض الشيء.

حدد بدقة الأمور التي تزعجك في العمل، أهو مجال العمل نفسه أم الأشخاص المحيطين بك في بيئة العمل الحالية؟
- امنح لنفسك الوقت لتجاوب على هذا السؤال، لأن الإجابة عليه ستحدد خطوتك التالية في حياتك العملية، فإن كنت لا ترتاح لزملائك في العمل، إذا فمهمتك التالية هي البحث عن الوظيفة نفسها ولكن في شركة أخرى.
 أما إن وجدت أنك لا تطيق طبيعة العمل نفسها، حينها يجب عليك إعطاء نفسك الوقت الكافي لاكتشاف المهنة التي تريد حقا شغلها، والتي تتناسب مع إمكانياتك المهنية وخبراتك السابقة.
- ضع خطة ليصبح انتقالك من مجال إلى آخر ممكنا، حتى وإن كانت الخطوة الأولى الاشتراك في دورات تدريبية خاصة.
*

الثلاثاء، 29 مارس 2022

السيسي اختار الاستثمار في مشاريع ضخمة ذات جدوى اقتصادية مشكوك فيها تشمل البنية التحتية وغيرها

 ماجد مندور: نموذج النظام الاقتصادي فشل حيث لم ينجح في إنشاء قاعدة اقتصادية قوية

المحلل السياسي ماجد مندور، وهو كاتب عمود “سجلات الثورة العربية” لدى موقع “أوبن ديموكراسي”، “يمكن تشبيه سياسة النظام الاقتصادية بمخطط بونزي تغذيه الديون”.

هذه السياسة صُممت لإثراء المؤسسة العسكرية، ودائني النظام الأجانب والمحليين، بينما يترك الاقتصاد بشدة للصدمات الخارجية، مثل الغزو الروسي لأوكرانيا. وكان تمويل سياسة إثراء النخبة من خلال نظام ضريبي رجعي ينقل الدخل والثروة من الطبقات الوسطى والدنيا إلى النخب العسكرية، مما يعمق الفقر المستوطن بالفعل”.

“أراك يا سيسي، أناشدك في الله. أيا كان ما وعدت به، فأنت لا تقدمه. أنت تقول إنه يمكننا أن نحيا حياة جيدة، لكن ذلك لم يحصل”.

لكن جوهر سياسة النظام الاقتصادية يكمن في الاستثمار المكثف في مشاريع البنية التحتية الضخمة، التي تغذيها الديون وخفض العجز المالي، وهي سياسة لم تعمل في الواقع على زيادة تنافسية الاقتصاد المصري، الأمر الذي انعكس في تدهور وضع الاقتصاد الخارجي.

الناحية النظرية، من المتوقع أن يؤدي ضعف العملة إلى تحسن أداء الصادرات. ومع ذلك، وفي حالة مصر، لم يكن هذا هو الحال. فعلى سبيل المثال، لم يؤد تخفيض قيمة العملة في 2016، حيث فقد الجنيه ما يقرب من نصف قيمته، إلى تحسن عجز الحساب الجاري. وقد ارتفع العجز من -5.9 في المئة في 2016 إلى -6.1 في المئة في 2017.

وكما في 2016، من المتوقع أن يؤدي آخر تخفيض لقيمة العملة إلى موجة تضخمية تؤثر بشكل غير متناسب على الفقراء والطبقة الوسطى. لكن هذا النقص في القدرة التنافسية الدولية يعدّ مشكلة هيكلية لم يحاول النظام معالجتها منذ ثورة الثلاثين من يونيو 2013، واختار بدلا من ذلك بناء المدن والطرق والجسور.

“خفض العجز المالي، الذي كان يجب أن يؤدي إلى زيادة الاستثمار الخاص حسب أسس النيوليبرالية قد فشل، كما يوجد سبب وجيه للاعتقاد بأن الأرقام التي قدمها النظام خاطئة. فعلى سبيل المثال تقلص العجز المالي من -11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2015 إلى -6.3 في المئة في 2021”.

واستنتج مندور أن “نموذج النظام الاقتصادي قد فشل، حيث لم ينجح في إنشاء قاعدة اقتصادية قوية، وفشل في خفض مستويات الفقر. كما أدى ذلك إلى زيادة تعرض الاقتصاد المصري للتدفقات المالية الدولية وأدى إلى التحويل المنهجي للثروة من الفقراء والطبقة الوسطى إلى النخب. ولن يؤدي تخفيض قيمة الجنيه إلى وضع تنافسي دولي أفضل، لكنه سيسمح للنظام باقتراض المزيد من الأموال، كما يتضح من انتعاش سعر السندات المصرية بعد قرار تخفيض قيمة العملة”.


الاثنين، 28 مارس 2022

مسلسلات اجنبية وعربية **************

Dec 15, 2019

كيف أصبحت المسلسلات الأمريكية أكثر جرأة في عرض المشاهد الجنسية؟

منذ الحلقة الأولى له في 2011، يُظهِر مسلسل Game of Thrones -من إنتاج شبكة HBO- الجنسَ كما لم يَظهَر من قبل على التلفاز الأمريكي؛ إذ يعرض لعلاقات جنسية بين المَحارم، وجنسٍ فمويّ وجنس جماعيّ، وبيوت دعارة وأثداء، ثمّ أثداء ثم المزيد من الأثداء العارية.

في العام التالي، تصدر مسلسل "Girls"، من إنتاج HBO أيضًا، وذلك لأسباب مشابهة أيضًا وهي ولع بطلاته الشابات، بالتعري، لأداء مشاهد جنسية واضحة. 

وبحلول عام 2013، وبعد الكثير من العُري والعلاقات المُثيرة، بَدَا من المألوف تقريبًا عرضُ مسلسلٍ كامل عن الجنس، كما الحال مع مسلسل من إنتاج شبكة Showtime، يُسمى "أسياد الجنس" أو "Masters of Sex"، وهو مسلسل دراما تدور أحداثُه في خمسينات القرن الماضي، عن البحوث المخبريّة غير المعتادة للباحثيْن ويليام ماسترز وفيرجينيا جونسون، وعلاقتهما.

كان الجنس، في الزمن الذي تدور فيه أحداث مسلسل "أسياد الجنس"، أمرًا محظورًا بشدّة في التلفاز، إلى حدِّ أنَّ زوجَين شرعيَّين مثل لوسي وركي ريكاردو من مسلسل I Love Lucy، كان عليهما أن يَظهرَا نائمَين في سريرَين مختلفَين. وحين أصبحَت لوسي، حاملًا، كانت حتى كلمة "حامل" محظورٌ نطقُها على شاشات التلفازّ 

ثم أخيرًا، بحلول السبعينيات، أصبَحَ مقبولًا للأزواج أن يتشاركوا الفراشَ وأن يتحدَّثوا عن الجنس، ما سمَحَ لبطلة مسلسل Maude، أن تقوم بالإجهاض، وكذلك سمح لماري ريتشارد من مسلسل The Mary Tyler Moore، أنْ تُلمح أنها كانت تتعاطى حبوب منع الحمل، وسمح لشخصية جودي دالاس من مسلسل Soap، أن يعلِن أنّه مثليّ الجنس.
والآن، وبينما يُعرَض الجزءُ الثالث من مسلسل أسياد الجنس على التلفاز الأمريكيّ، أصبحت مشاهدُ الجنس الواضحةُ على شاشة التلفاز أمرًا طبيعيًّا، فنحن نتوقّع أن نرى هذه المشاهد في أيّ مسلسل دراما للكبار، مثل: The Americans وThe Affair وScandal، وHouse of Cards، وغيرها الكثير، فالعصر الذهبي لمسلسلات الدراما، جلب معه أيضًا عصرًا ذهبيًا للجنس على شاشات التلفاز. 
وبالتأكيد ساعدَت مواقع التواصل الاجتماعيّ على تجاوزِ حدودِ ما كان مألوفًا، إذ كافَأت كلَّ مشهدٍ صادمٍ بهاشتاغ ذائعِ الصيت على تويتر. ولكن من المثير للاهتمام أنَّ الأفلامَ ذهبَت في الاتّجاهِ المعاكس، إذ أصبحَت بمرورِ الوقت أقلَّ إظهارًا للجنس، في محاولة منها للوصول إلى جمهورٍ أكبر (حتى تتجاوز التحديدات العُمْريّة في مسارح السينما). فمَعَ رغبةِ صنّاع الأفلام بإنتاج أفلام تُناسِب العائلة كلَّها، ومع غياب إمكانيّة توحيد البَثّ؛ نهَجَت الأفلام نهجًا مختلفًا.

*
قوة التقاليد وقوة الحكايةربما كان السبب الأكبر في ذلك الجدل الذي أثاره المسلسل هو رد فعل الأم والجدة (رانيا يوسف وعارفة عبد الرسول) عند معرفتهم بحمل فرح الخاطئ، إذ كان انزعاجهم بسيطا، ولا يبدو أنه يناسب ذلك الحدث الكبير، بالإضافة إلى رد فعل خطيبها طارق (محمد كيلاني) الذي يعد غريبا أو متساهلا عما ينتظره الجمهور المصري والعربي.
أغلب المفارقات الكوميدية تأتي من كون الفتاة تحمل جنينا من شخص بينما هي مخطوبة لآخر، وتعمل على تجهيزات الزفاف وفستان العرس وهي حامل، بالإضافة إلى تأرجحها في القرارات المصيرية التي تخص الطفل، ومن سيحتفظ به في كل مشهد تبعا لمجريات الأحداث، وهي فكرة جديدة في تناولها بهذا الشكل وهذه البساطة والكشف على الجمهور العربي الذي اعتاد أن تقابل كل الحكايات التي تقترب من هذه المنطقة بالرفض والعنف.
ربما كان السبب في الجدل القائم هو اتجاه البعض إلى نظرية المؤامرة، إذ يرى أن المسلسل يرسخ عن قصد أفكارا غربية دخيلة على الثقافة العربية، ويجعل أمر الحدث الجلل بسيطا، ليفتت العادات العربية ويجعلها أكثر انفتاحا.
النسخة المصرية من Jane the Virgin "الآنسة فرح" مسلسلات الفورمات
مسلسل بخط الايد وقضية المراءة

*

مسلسل the mandalorian الموسم الاول
مسلسل الكوميديا والدراما التربية الجنسية Sex Education مترجم بجود عالية مشاهدة مباشرة اون لاين.

وقالت إيمي: "الغذاء والوظائف والجنس، جزء أساسي للغاية من الحياة ولا نعرف عنها ما يكفي."
وأضافت: "أتمنى لو كنت أعرف أنه من الطبيعي أن أكون راغبة في ممارسة الجنس من أجل المتعة، وليس فقط من أجل إنجاب الأطفال".
توافق الممثلة إيما ماكي، التي تجسد دور ماييف في المسلسل، على أن الحلقات مهمة في تحدي المحظورات.
وقالت لبي بي سي: "يجعلك العرض تشعر بعدم وحدة، كم كنت أتمنى أن يحدث ذلك في حياتي عندما كنت في المدرسة، ليجعلني أشعر بأنني طبيعية أكثر".
وتقول إن تصوير المسلسل علمها "أهمية قول لا

*

مسلسل أمر واقع - الحلقة 7 السابعة - بطولة كريم فهمي | Amr Wak3 Series - Karim Fahmy - Ep 07


الاعلام اللي خلنا نشك في اي حاجه يقين حتي نفسنا 

*

مسلسل ونحب تاني لية الحلقة 7

اوفر اوي
قد تكون شخصية غالية (ياسمين عبدالعزيز) فى مسلسل ونحب تانى ليه هى الأقرب لمواليد برج الثور، حيث تمتلك شخصية قوية عنيدة، بالإضافة إلى تلقائيتها وعفويتها وتسعى إلى الاستقرار.


مسلسل البرنس الحلقة 18 لحظة وبنتي متعرفش دقيقة 10 



36 دقيقية برنس 19

Jun 9, 2021*
الموسم الاول مسلسل The 100 
حلقة 5 بدل الدارونية يظهر افضل ما فينا بالاعلام والتسويق وحقوق الانسان الشيوعية الحق 

 يتمكن الأطلنطيون في مسلسل «يوروبا»، أو  أو العُميان في مسلسل see من إلقاء القبض على فواصل العالم بعد السقوط.

*
Feb 2, 2022

raised by wolves wife قصة

انمي Arcane

مسلسل foundation 

 Yellowjackets 2021




نظام جديد في المنطقة يضع إسرائيل داخله

 يوحي ظهور تحالف يضم إسرائيل بين جنباته إلى هدم مباشر لما تبقى من جدران مائلة في النظام العربي التي تهدم الكثير منها منذ أن صمت الكثير من الدول العربية على انتهاكات إسرائيل وسمح قادتها بحدوث تآكل في العديد من الدول العربية وزاد الاقتتال الداخلي فيها واتسعت ضراوة الخلافات والحروب العربية – العربية.

يصعب توجيه اللوم لأحد، لأن الكل في الهم سواء، بدرجات متفاوتة طبعا، فقد أدت الأخطاء السياسية والعسكرية القاتلة على مدار عقود إلى تراكم عقد كثيرة قادت إلى نعي ضمني للنظام الإقليمي منذ سنوات وتجاوز العديد من أطره، وبقيت جامعة الدول العربية مظلة سياسية تعقد تحتها اجتماعات القمة التي تحولت في الآونة الأخيرة إلى عمل مضن وثقيل على أصحابه والدولة المضيفة.

جامعة الدول العربية 

لعبت الأحداث السلبية التي مرت بها المنطقة دورا مهما في زيادة المآسي العربية، ويتحمل قادتها وشعوبها جانبا أصيلا من المسؤولية عنها، فلم ينتبه أحد إلى ما تحمله من مخاطر، فقد أدت الصراعات على الساحة الفلسطينية مثلا إلى إصابة جزء معتبر في الهيكل العربي بالسكتة الدماغية، وتحولت قضيتهم من المركز إلى الهامش ومن أداة لتوحيد العرب إلى وسيلة لزيادة تشتيتهم

*

عالم جديد

 ما يحدث كشف عن دكتاتورية الغرب وهشاشة الديمقراطية التي يتحدث عنها وينادي بها، واسم "الحرية الزائفة" و"الديمقراطية الهشة" التي دمر من خلالها الكثير من البلاد في الشرق الأوسط وأفريقيا

وكشف هشاشة كل قيم العدالة والمدنية والإنسانية التي تأسس عليها الغرب وضرورة إنهاء المنظومة الحالية والنظام العالمي بمؤسساته وأدواته المعطلة، والسماح بقيام نظام جديد وقيم جديدة تناسب التطور والوعي الجمعي المتطور في العالم.

من الممكن أن نرى في ما يحدث اليوم أيضا صراع قيم وأنظمة بدأت تنهار وتتلف وأصبح من الملح جدا إيجاد بديل قوي وحقيقي لها، فاليوم هناك قتال على أصعدة ومستويات أخرى من أجل حرية حقيقية والتخلص من قيود الوهم والأكاذيب حول “القلة” وعدم توفر مصادر كافية للجميع، واستخدام أساليب الخوف والقمع وبث دعايات ندرة المصادر والموارد للتحكم بشكل أكبر بالأغلبية.

نحن اليوم في وسط معركة كشف الحقيقة والارتقاء بالوعي العام لمستويات أفضل، والعمل جاهدين لتخليص البشرية من التبعية العمياء لأحزاب وحكومات وقادة لم يكونوا سوى سبب في فقر شعوبهم ومعاناتها المستمرة.

العالم اليوم بحاجة لإنهاء منظومة قائمة على الاستبداد والتجهيل المتعمد والخوف والعنف، وإحلال قيم جديدة من أفكار الحضارة والتطور والحرية الفكرية والمالية والتمتع بالوفرة للأغلبية وغيرها من القيم الإنسانية التي طالما بنى الإنسان على أساسها حضارة ودولا متطورة كانت قادرة على الصمود أمام التحديات، على عكس إمبراطوريات قامت على الفساد الإداري والدكتاتورية والعنف التي كانت تلقى حتفها، بطريقة أو أخرى، عاجلا أم آجلا.


الأحد، 27 مارس 2022

عصر رأس المال من دون عمل / المؤثرين **** الشهرة , جيل التكنولوجيا ***********

Jun 25, 2020 Jun 21, 2021 Jan 21, 2022 Mar 26, 2022

مجتمع العمل يختفي
الفلسفة الماركسية هي الفلسفة التي تمحورت حول التفكير في "العمل"، ليس باعتباره نشاطا إنسانيا يوميا يُشكِّل وسيلة لتحقيق أهداف معينة، بل من حيث كونه يُشكِّل الهوية الاجتماعية والبنى الفوقية للمجتمع.

امتلاك المعلومات من قِبل مجموعة محددة من البشر تدير رأس المال، وتمنع البقية من الوصول إلى كليهما، المعلومات ورأس المال معا

تستثمر مواقع التواصل الاجتماعي منذ عشرة أعوام تقريبا "معلومات" المنتسبين إليها، بحيث تشجع أكثر فأكثر على أن يصرح الأفراد بميولهم ورغباتهم، وكسر حاجز خصوصيتهم،

الذكاء الاصطناعي سيحل جميع المشكلات، الخوارزميات تعمل بكفاءة، تقوم ببحثها عن الكلمات وتجمع وتُصنِّف، العمل الوحيد هو بيع المعلومات لمجموعة من الراغبين بها لأغراض معينة.

تعمل مواقع التواصل الاجتماعي على الاستثمار بمعلومات منتسبيها بالطريقة ذاتها، وتُحقِّق أرباحا مهولة عبر عملية بيع المعلومات للشركات التجارية، أو الاتفاق معها على ضمان وصول إعلاناتها للفئات المستهدفة؛ كأن تظهر إعلانات ملابس الأطفال للأمهات الجدد، فبمجرد أن تعلن الأم عن قدوم مولود جديد عبر فيسبوك، تُستَثمر المعلومة لغرض دعائي، فتظهر الإعلانات المتتالية لمنتجات الأطفال وألعابهم وما إلى ذلك.

يكفي أن تفتح إحدى قنوات يوتيوب لمشاهدة نوع جديد من السيارات، لتشاهد سيلا من الإعلانات حول السيارات الحديثة، وربما في بعض الأحيان يكفي أن تتكلم عبر مسنجر عن رغبتك في شراء سلعة ما، لتجد فيسبوك قد أغرقك بكل أشكال تلك السلعة، هذه هي تجارة البيانات. بينما أنت تُقدِّم يوميا المزيد من المعلومات لمواقع التواصل الاجتماعي، هناك مَن يكسب المزيد من رأس المال المجمَّد لغرض منافسات قائمة الأكثر ثراء في العالم، الأمر لا يتطلب أكثر من معلومة واحدة من كل مشترك في المواقع الاجتماعية لتتكوّن ثروة هائلة لدى مجموعة أشخاص مالكين لبرمجة البرامج والتطبيقات التي تستخدمها ببراءة، فأين هو العمل؟ مجتمع العمل يختفي لأن الأثرياء في العصر الحالي ليسوا مالكي مصانع ولا حرف ولا يقدمون منتجات أو خدمات، إنهم مالكو برمجيات في الغالب.

كانت الشركات تدفع المال لشركات مثل فيسبوك وإنستغرام مقابل إظهار إعلاناتها للمستهلكين المعنيين
اختراع "الإعلان الحي"، فما الإعلان الحي؟ إنهم المؤثرون!

يزداد عدد مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي يوميا، ويزداد الهوس بفكرة استعراض الحياة اليومية أو استعراض الذات، أو استعراض أي شيء يمكن استعراضه، بعض الأفراد يُديرون "عرض" معلوماتهم التي يُقدِّمونها كما يُديرون منتجا بالفعل، وبمنطق مصطلحات العوالم الافتراضية تُسمى هذه الإدارة "صناعة محتوى".

بهذه الصناعة للمحتوى، يتحول البعض -بفضل عقلية تسويقية جيدة أو بفضل الحظ أحيانا- إلى شخصيات شبه عامة، أو ما أُطلق عليه "المؤثرون"، ومن ثم يأتي دور الموقع نفسه الذي يمنح شرعية هذه الشهرة من خلال بعض المزايا وعرض عدد المتابعين، فارتفاع عدد المتابعين يوحي بأهمية "محتوى" ما تُقدِّمه هذه الشخصية؛ لأن عداد المتابعين هو النقطة الفاصلة في النهاية وليس المحتوى نفسه، إن ارتفاع عدد المتابعين هو الغاية في حد ذاتها، وهكذا يدخل الجميع منافسة تراهن على الجميع، فالجميع يريدون أن تصبح حساباتهم بعدد متابعين أعلى.

في بداية انتشار منصات التواصل الاجتماعي كانت الشخصيات المشهورة واقعيا هي الأعلى متابعة، مثل الممثلين ومقدمي البرامج ولاعبي كرة القدم والسياسيين، لكن في الأعوام الثلاثة الأخيرة، شهد ميزان الشهرة انقلابا حقيقيا، فقد بدأت مواقع التواصل الاجتماعي تغير من قواعد اللعبة، وتبدأ بطرح إمكانات جديدة تساعد على الشهرة دون الحاجة إلى وسيط واقعي، وقد لعبت المواقع المختصة بالصور والفيديوهات، وفيديوهات البث المباشر، وفكرة "daily stories" دورا كبيرا في حماسة البعض لتحقيق شهرة تبدأ من العالم الافتراضي وتنتهي إلى الواقع، على عكس ما كان يحدث سابقا؛ إذ تبدأ الشهرة من إنجازات واقعية تنتهي إلى ارتفاع عدد المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي، باعتبار هذه الشخصيات المشهورة شخصيات عامة.

مع هذه الانقلابات في تعريف "المؤثرين"، وسرقة البساط من تحت أقدام المشاهير واقعيا، بدأ انقلاب موازٍ في قواعد لعبة التسويق؛ فإذا كانت العلامات التجارية العالمية تعتمد على بعض الوجوه المعروفة للترويج لمنتجاتها، فإنها بعد هذا الانقلاب بدأت تُفكِّر بالمؤثرين الصغار، الذين صنعوا قصص "نجاحهم" على أعين العامة، وخلال عام أو عامين تحوّلوا إلى شخصيات ذات حسابات بأعداد متابعين كبيرة، بغضّ النظر عن الفائدة الحقيقية مما يُقدِّمونه، فربما كان كل ما يُقدِّمونه هو استعراض حياتهم اليومية عبر الصور فحسب.

من هنا بدأت مقارنة في عالم التسويق بين "mega influencer" وبين "micro influencer"، فالنوع الأول (ميجا) من المؤثرين هي شخصيات المشاهير ممن لديهم أعداد كبيرة جدا من المتابعين، لكنهم يحتاجون إلى ميزانية أكبر من أجل الموافقة على الترويج لمنتجات شركة ما، في المقابل؛ فإن النوع الثاني (مايكرو) لديه عدد متابعين أقل، لكنه أكثر فاعلية، حيث يستطيع عبر نشر يومياته القريبة من الحياة اليومية العادية اكتساب عنصر ثقة متابعيه، بعكس المشاهير الذين يحتفون بفكرة "خصوصية حياتهم اليومية"، ويعرضون جانبا واحدا من حياتهم، وهو الجانب الذي يشتهرون به، وهكذا يفتقدون بسبب هذه الأُحادية والبُعد عن مجريات الحياة اليومية العادية عنصر القرب المولِّد للثقة والحميمية مع المتابعين؛ لذا بدأت الشركات تتوجه خلال العامين الأخيرين للنوع الثاني -رغم أن عدد متابعيه أقل- لأنه أقل تكلفة، وأكثر فاعلية.

هكذا تحوّلت الإعلانات من عملية "تمثيل" إلى إعلانات حية؛ فهؤلاء المؤثرون الذين يُروِّجون لاستخدام منتجات معينة بعد تجربتها هم إعلان حي للمنتج، يبدو صادقا وبلا تمثيل، فحين تعرض الفاشونيستا الملابس الجديدة التي ارتدتها وتستعرض مزاياها وجمالياتها، تبدو فتاة عادية تشبه الأخريات ظاهريا، إنها ليست ممثلة ولا عارضة أزياء، إنها مجرد امرأة تعيش حياة يومية وتشارك يومياتها وتنصح ببعض المنتجات بناء على التجربة، هذا ما يراه المتابع، لكن الحقيقة أن الفاشونيستا تدير عملية تسويقية معقدة خلال إدارة المحتوى الذي تُقدِّمه، قد يكون بدأ بداية عفوية، لكنه مع الوقت يكتسب طابعا أكثر جدية وتعقيدا.

تتحول فكرة "المؤثرين" إلى ظاهرة، إنها طريق سريع وسهل للربح، وأحيانا يمكن تحقيق أرباح مهولة عبر أفكار معينة، يمكن أن تكون جذابة بسبب غرابتها فقط، مثلا، هناك قناة عبر يوتيوب لشاحنة تدوس يوميا أي شيء يمكن سحقه، إنها فكرة لا تُنتج معرفة، ولا يمكن أن تكون مادة أولية لمعرفة مُنتِجة، لكنها تحظى بعدد كبير من المتابعين وشهرة عالمية، وهذا يعني أنها تتقاسم مبلغا كبيرا من مكاسب إعلانات يوتيوب التي تظهر على فيديوهات القناة التي تُحقِّق مشاهدات عالية، تُشكِّل القناة مصدرا لدخل كبير، لكن ما العمل الذي يقوم به صاحبها؟ إنه عمل لا يُنتج منتجات مادية ولا فكرية ولا حتى خدمية؛ إنه نوع جديد من الكسب بلا عمل.

وفي عالم رأسمالي يرغب فيه الجميع بالوصول إلى طريق سهل وسريع من أجل كسب المال والشهرة فإن هؤلاء المؤثرين الذين شهد أقرانهم قصص نجاحهم السريعة يصبحون أنموذجا، ويفتحون أمام الآخرين الإمكانيات ذاتها، لأنه دخل لا يتطلّب سوى هذه الخبرة في تسويق الذات لتسوِّق من أجل الآخرين.

 التزام المؤثرين بالمعايير الأخلاقية، والقيم الدينية والعادات الاجتماعية، لكن الغريب أن السعودية أرادت "قوننت" هذا النشاط باعتباره "عملا"، فتضمّنت الوثيقة اقتراحا بإلزام المؤثرين بالحصول على "رخصة" في حال ممارستهم أنشطة إعلانية عبر حساباتهم، ويتم تجديد الرخصة سنويا، لضمان التزامهم بالموضوعية.

أما في الإمارات(6)، فقد أعلن نادي إعلامي بدبي عن نيته افتتاح "دبلومة المؤثرين" على وسائل التواصل الاجتماعي، ويهدف إلى تدريب المؤثرين في مجال التواصل الاجتماعي على التواصل الإستراتيجي، وتمكينهم من إنتاج محتوى فعّال على منصات التواصل الاجتماعي، بحيث يستطيع كل المهتمين بكسب العيش من وسائل التواصل الاجتماعي أن يُسجِّلوا في الدبلومة.

 التسويق لا يكفُّ عن التسويق، فقد أُنشِئ موقع إلكتروني ليعمل وسيطا بين الشركات وبين المؤثرين، فيعمل على إيجاد المؤثر المناسب للترويج للمنتج المراد،

عوالم الربح وتكوين الثروة عبر جمع البيانات وتحليلها، وتسويق الذات بناء عليها، لتصبح هي الأخرى مسوِّقا لمنتج من المنتجات، هل هذه العوالم يمكن أن تبني اقتصاديات المجتمعات النامية مستقبلا؟ هل يدفع المؤثرون مجتمعاتهم نحو المزيد من الاستهلاك؟ أم يُغيِّرون الفكرة حول العمل؟ تزداد أفواج المنافسين على "التأثير" يوميا، يبدو هذا من خلال التدفق اليومي لمحاولات إنشاء قنوات يوتيوب من أجل الكسب، أو استعراض الحياة اليومية عبر إنستغرام، أو الإتيان بأي فكرة من أجل رفع عداد المتابعين أو زيادة عدد المشاهدات والقراءات، والوصول إلى الشهرة، التي توصل بطريقها إلى الكسب عبر اللا شيء، أو عبر المحتوى الذي يُقدِّم أفكارا بغض النظر عن طبيعتها؛ إذ تبقى الأفكار مجرد دائرة من أجل المزيد من الأفكار، ويبقى السؤال: ماذا حدث لمجتمع العمل؟

هذا سبب تأخر امريكا وانهيارها وتفوق الصين التي تمنع يوتيوب وفيس وانستجرام 

*

«المؤثرون»... صناعة الصور غير الواقعية والتسويق الإلكتروني

شخصيات مختلقة صممتها أجهزة الذكاء الصناعي تتبعها آلاف مؤلفة

لا توجد ظاهرة ثقافية ملكت عقول البشر على امتداد المعمورة خلال ربع القرن الأخير كما فعلت وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت. فخلال وقت قصير نسبياً من عمر التاريخ، تغيرت أشياء كثيرة لدى مليارات البشر نتيجة تفشي استعمال تلك التطبيقات بينهم: من طريقة تعبير الأفراد عن ذواتهم، وكيفية تواصلهم مع عوائلهم وأصدقائهم ومع الآخرين، إلى تسليتهم، واستحصالهم للمعارف بشأن عالمهم، بل أيضاً المتاجرة شراء وبيعاً، وغيرها من الأغراض الكثيرة التي كانت تنجز عبر أدوات كثيرة، وانتهت جميعها في مكان افتراضي واحد يمكن الوصول إليه عبر هاتف ذكي متنقل أو جهاز كومبيوتر شخصي.

كما أمر كل ظاهرة اجتماعية ثقافية عريضة، تستولد بحكم علاقتها الديالكتيكية مع المجتمع ظواهر تالية، نَمَتْ في ظل شجرة تطبيقات التواصل الاجتماعي المنغرسة عميقاً في تربة ثقافة الاستهلاك الرأسمالي المعولم ظواهر فرعية مشتقة، تمدد بعضها حتى أصبح عوالم افتراضية موازية، لها قواعدها وأبطالها، وجمهورها وأشجانها. «المؤثرون» ربما كانت بينها الأكثر إثارة للجدل، لا سيما بعدما تضاعفت القيمة المالية لهذه الظاهرة من 8 مليارات دولار أميركي في عام 2019 إلى أكثر من 15 مليار متوقعة مع حلول العام المقبل، وتضخم جمهور بعض حسابات السوبر - مؤثرين بأكثر من حسابات أهم الصحف ومواقع الأخبار العالمية (مثلاً كيم كاردشيان -لا وظيفة معروفة لديها سوى أنها مؤثرة- يتابعها ما يزيد على 221 مليون شخص على تطبيق «إنستغرام»، بينما يتابع صفحة جريدة «نيويورك تايمز» على تطبيق «تويتر» 49 مليوناً، ويشترك في نسختها الإلكترونية أقل من 7 ملايين شخص).

«المؤثر/ة» ببساطة هو شخص بنى سمعة وقاعدة متابعين من خلال مشاركة محتوى شخصي غالباً على الإنترنت. وبالنسبة لجمهورهم، فإن هؤلاء يصبحون بمثابة صانعي الذوق، ورواد الاتجاهات، والخبراء الموثوق بهم الذين تطلب آراؤهم وتحترم بشأن مسائل معينة. وبحسب قرار قضائي صدر حديثاً في بريطانيا، فإن 30 ألفاً من المتابعين كافين لتأهيل أحدهم مؤثراً ينبغي له الالتزام بمضمون قانون الإعلانات الذي يحظر مثلاً الترويج للأدوية، والإبلاغ عن دخله جراء «تأثيره» للسلطات الضريبية.

ولعل جذور ظاهرة «المؤثرين» بدأت بالتشكل سريعاً بعد إطلاق شبكة الإنترنت العالمية في عام 1991، إذ شرع المستخدمون من ذوي الاهتمامات المتقاربة بالتلاقي افتراضياً،

بدأ خبراء الإعلان والتسويق باستكشاف تلك الفئة الطالعة من المدونين الأكثر شهرة ومشرفي المنتديات الأكثر استقطاباً للجمهور، والاتفاق مع بعضهم على طرائق لترويج المنتجات بداية ربما مقابل بضائع مجانية، 

لتخيل حجم هذه الصناعة، فإن 50 مليوناً من البشر يعملون بوظائف مرتبطة بشكل أو آخر بالمؤثرين

 فكرة الحصول على أموال طائلة من خلال تقاسم صور شخصية لافتة أو الثرثرة بشأن هواية أو لعبة معينة قد يبدو أمراً رائعاً، لكنه في الحقيقة يتطلب جهداً وطاقة سيكولوجية ليست بالقليلة، إذ إن هنالك ساعات لا تنتهي من التحضير المتطلب والتحكم بالمشاعر لإضافة لقطة أو حلقة أخرى في صيغة لا تتعارض مع نموذج الحياة المتصنع الذي أحبه المعجبون، وترضي في الآن ذاته توقعات المعلنين. وهناك أيضاً ضغط دائم على الأعصاب جراء المنافسة الحادة، والسعي الدائم لتعظيم الإيرادات، من خلال استقطاب مزيد من المتابعين. لكن الأخطر من ذلك كله حالة الاغتراب التي ينتهي إليها أولئك المؤثرون -أقله بعد مرور بعض الوقت- نتيجة عبثهم في مساحة التقاطع بين العبودية للنزعة الاستهلاكية وفقدان الشعور بالقيمة الذاتية مقابل الشخصية الافتراضية البديلة، وتكلس النمو العاطفي الذاتي، والانخراط في نشر نسخ غير واقعية من الجمال والنجاح والعافية تشوه وعي الناشئة، وتسوقهم مخفورين إلى أحضان المصالح الرأسمالية الجشعة مستهلكين شرهين لما يحتاجون إليه وما لا يحتاجون.

ظاهرة المؤثرين استولدت بدورها، وبحكم تفاعلها مع المجتمع، ظاهرة الصورة المصطنعة للمرأة الجميلة. فهناك اليوم ما يعرف بوجه «إنستغرام»: وجه شاب -بغض النظر عن العمر الحقيقي لصاحبته- مع بشرة بلاستيكية رائقة على الدوام بلا تجعدات أو بثور -غالباً بفضل مرشحات الصور (الفلاتر) وصناعة جراحة التجميل- مع شفاه أكبر وعيون واسعة وعظام خدود عالية وانحناءات أنثوية مبالغ بها، ولون أبيض صافٍ أو مطعم بتلميح لألوان غرائبية لا جذور محددة لها.

هذه الصورة المركبة المصطنعة المفلترة للمرأة التي أنتجها اللقاء الآثم بين أحدث منتجات تكنولوجيا الاتصالات وجشع الرأسمالية المتأخرة قد تعني تضخماً في ثروات بعض من منتجي الترفيه والأزياء والمنتجات الاستهلاكية وأطباء التجميل، كما كبار المؤثرين، لكنه ربح يأتي بالضرورة على حساب نساء الطبقات الفقيرة والوسطى: إنفاقاً إضافياً على حساب أولويات أخرى، وشعوراً دائماً بالاغتراب تجاه الذات، والنقص تجاه الآخرين، وتقلص مساحات تقبل الاختلاف والتنوع والتباين.

لن تكون مجرد «موضة» عابرة سرعان ما تنتهي وتنسى.

* Jun 16, 2021

 كيف يمكن لمؤثر واحد أن يلفت أنظار الملايين لمؤسسة

يعني التسويق من خلال المؤثرين -ببساطة- التعاون مع المؤثِّر (Influencer) الذي يمتلك قاعدة جماهيرية كبيرة من المُتابعين، بهدف التلميع والترويج لعلامة تجارية معينة بشكل يلفت أنظار متابعيه ويؤثر على قراراتهم بالتفاعل أو الشراء بشكل أكبر من استخدام وسائل التسويق التقليدية. عادة ما يكون هذا الترويج من خلال تقديم محتوى جذّاب يؤدي إلى تحقيق نتائج إيجابية للعلامة التجارية.

الدحيح نموذج منصة اسرائلية 

"الناس لا يشترون منتجات أو خدمات، إنهم يشترون علاقات.. وقصص.. وسحر"

يلعب البريق والإبداع ورواية القصص "Storytelling" الدور الأكبر في جذب الجمهور للتفاعل أو الشراء بدون تفكير طويل، بناء على "السحر" الذي يقدّمه لهم المؤثر، بحسب وصف غودين.

 الأهداف الأساسية وراء إستراتيجية التسويق بالمؤثرين تستهدفها الشركات والمؤسسات والعلامات التجارية، يأتي على رأسها بلا منازع: الوعي بالعلامة التجارية وتلميعها (Brand Awareness and advocacy).

هذا التعريف بالعلامة التجارية وتلميعها يستدعي دائما الاعتماد على مؤثرين ذوي مصداقية عالية لدى الجمهور، ما يتيح لها جذب أعداد هائلة من المستخدمين والعملاء بشكل لا تُقارَن جودته بالحملات التسويقية الأخرى


بعد هذا الموقف على الفور، تراجع سهم شركة كوكاكولا العريقة من 56.10 دولار للسهم إلى 55.22 دولار، وانخفضت القيمة السوقية للشركة من 242 مليار دولار إلى 238 مليار دولار، ما يعني أن الشركة خسرت 4 مليارات دولار من قيمتها -بشكل مؤقت- عقب تصرّف سريع لنجم الكرة البرتغالية أمام الكاميرات لم يتجاوز عشر ثوانٍ.

لماذا تهتز شركة عملاقة بحجم كوكاكولا بتصرّف سريع وبسيط كهذا؟ السبب أن الشخص الذي قام بهذا التصرّف، إلى جانب شهرته الرياضية الطاغية، يملك على حسابه في منصة "إنستغرام" حوالي 300 مليون مُتابِع، وهو رقم لم يصله أي حساب آخر على الإطلاق، باستثناء حساب منصة إنستغرام نفسه. هذا الرقم (300 مليون متابع) يجعل مُتابعي رونالدو أكثر من عدد سكان معظم دول العالم، بل ويزيد عددهم عن تعداد دولة ضخمة السكان مثل إندونيسيا التي يبلغ تعداد سكانها 273 مليون نسمة.

The power of influencer : Coca-Cola lost $4 billion in market value after soccer star Cristiano Ronaldo suggested people drink water instead




الشهرة , جيل التكنولوجيا ***********
Feb 7, 2021

مشاهير شبكات التواصل ساهموا في فرض أفكار وأنماط سلوكية غريبة على 

الشباب.

السلوكيات غير مهمة مقابل الوصول إلى الشهرة

في السابق كانت الشهرة من نصيب أصحاب الإنجازات الكبرى فقط، الذين بذلوا جهودا كبيرة للوصول إلى أهدافهم، لكن اليوم ومع تحول المجتمعات إلى الرقمية وانتشار الشبكات الاجتماعية وتطبيقات الفيديو لم تعد هناك أهمية للإنجاز، وأصبحت الشهرة حلم غالبية الجيل الجديد، يسعون إليها بكل الطرق مهما كانت غريبة أو منبوذة.

ظهر محمد بقميص أبيض عليه صورته كُتب تحتها “محمد قمصان أقوى من السرطان” عام 2019، مشجعا غيره على مقاومة المرض، وحصل على الكثير من التكريمات في احتفاليات مختلفة، كما حصل على عدد من شهادات التقدير، وحضر اللقاءات التلفزيونية، وقد اكتسب هذه الشهرة من أجل معاناته مع المرض ورسائله التشجيعية، وابتسامته التي تظهر في صوره على صفحته التي استطاع توثيقها، ولكن بعد نحو عامين تبين أنه ادعى الإصابة بالمرض “من أجل الشهرة”.

كان الشاب المصري محمد قمصان ينشر صوره على صفحة أنشأها على فيسبوك، استطاع من خلالها كسب تعاطف نحو 70 ألف شخص، قبل أن يتبين زيف ادعاءاته ويصدم المتابعين. ورغم ذلك فإن الحادثة ليست غريبة بالنسبة لجيل مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت ظاهرة البحث عن الشهرة بين الشباب مهما كلفهم الأمر من ضريبة تُدفع من سمعتهم وذواتهم، فقط من أجل الظهور! حتى لو تجاوزوا كل الحدود المرغوب وغير المرغوب فيها فقط للوصول إلى هذه الشهرة! * مثال الشاب البيطري الذي قام بعملية لدجاجه طلع الخبر اجنبي 

ودفع قمصان ثمن الهوس بالشهرة، حيث استدعته الشرطة، فأكد عدم إصابته بالمرض وأنه ادعى الإصابة بالسرطان في مواقع التواصل الاجتماعي لتحقيق الشهرة والربح، ووجهت له تهمة إذاعة أخبار كاذبة واستعمال وسيلة غير شرعية للاستيلاء على الأموال.

يقول علماء الاجتماع إن الشهرة تلبي الحاجة إلى تحقيق الذات، حيث يسعى الشباب من خلالها للبحث عن ذواتهم وتحقيقها، من خلال استثمار قدراتهم ومهاراتهم ليحققوا من خلالها أكبر قدر ممكن من الإنجازات في المجالات التي تتصل بميولهم واهتماماتهم، لكن المشكلة تنشأ عند عدم وجود مواهب وإنجازات حقيقية، فيلجأ البعض إلى الطرق الملتوية والاحتيال أو سلوكيات منحرفة للوصول إلى الشهرة.

يعتبر علم النفس أن لفت الانتباه حاجة نفسية غريزية لا تختلف عن الحاجات البيولوجية الجسدية والحاجات العاطفية والاجتماعية، ولكن إذا أصبحت الرغبة جامحة في حب الظهور أخذت منحى مرضيا.

ليس بالضرورة أن كل من يدعي المرض يكون من أجل الشهرة، فقد يكون من أجل كسب تعاطف وشفقة الجمهور، لأنه غالبا ما يكون لديه إحساس بالنقص.

مرضى الشهرة مختلفون بين من يعاني أمراضا نفسية، وهي عدم الثقة بالنفس والإحساس بالعجز وشهوة الشهرة، وبين من يسعى إلى القفز على الفوارق الطبقية الاقتصادية والاجتماعية بين العامة والمشاهير، وتلبية الشعور بالاحتياج دائما إلى الأموال.

“هرم ماسلو”، الحاجات الأساسية للفرد ضمن خمسة مستويات، بدأها بالحاجات الفسيولوجية، وحاجات الأمان، والحاجات الاجتماعية، والحاجة إلى التقدير، وأخيرا الحاجة إلى تحقيق الذات.

تلك الحاجات غير المشبعة قد تسبب توترا عند الفرد، فيسعى للبحث عن إشباع تلك الحاجات.

تقترن حاجات تحقيق الذات اقترانا وثيقا بالسعي وراء الشهرة وحب الظهور، وذلك خلافا للشهرة التي اكتسبها المشاهير بشكل آلي كالانتماء إلى عائلة عريقة أو ملكية، أو ثروات طائلة أو إنجاز مهني كبير في المجالات العلمية أو الرياضية.

في السابق كانت الشهرة الواسعة من نصيب أصحاب الإنجازات الكبرى فقط، من العلماء الذين تدرّس اختراعاتهم في الكتب، ومن خلال المقابلات التلفزيونية، أو الشهرة التي يكتسبها الرياضيون وتحديدا في الأندية العالمية، أو عارضات الأزياء، ونجوم الصف الأول من الفنانيين، أما اليوم فالشهرة العالمية باتت حلما تحقق لأناس عاديين ولأطفال وأشخاص من كافة التخصصات، وحتى أن البعض كانوا عاطلين عن العمل، إلا أنهم يمتلكون حسّ الدعابة والمرح، فأصبحوا من المشاهير ولديهم متابعون، وباتوا يعدون من المؤثرين في مجتمعاتهم بسبب الشبكات الاجتماعية.

قامت مواقع التواصل بمختلف أنواعها بدور سلبي في هذا الشأن، إذ أصبحت الشهرة حلم غالبية الجيل الجديد يسعون إليها بكل الطرق، متأثرين بالمشاهير الذين ساهموا بفرض أفكار وأنماط سلوكية غريبة على الشباب، وقد اقتحمت مصطلحات المشاهير وعاداتهم السلوكية الجيل الجديد، إلى درجة أن الحسابات الشخصية للمشاهير تحولت إلى مراكز إعلامية ناجحة رغم كل الاعتراضات والانتقادات التي تُوجّه إليها!

يبدأ الشباب رحلة من التنازلات منذ السعي لإثارة ضجة إعلامية واهية، والظهور بصورة مغايرة لحقيقتهم، عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، ولاسيما تطبيق تيك توك الأكثر شعبية اليوم بين الشباب والمراهقين بشكل خاص، مستفيدين من سهولة إيصال أي فكرة يؤيدونها وبأسرع وقت ممكن، فبعضهم من خلال مقطع فيديو استطاعوا تحقيق انتشار واسع بعد تداوله بسرعة قياسية ومشاركته مع عدد كبير من المتابعين، ما فتح آفاق الشهرة على مصراعيها، وأغرى الكثير من الشباب المتابعين بالسير على نفس الخطى للوصول إلى الشهرة.

يعتبر أخصائيون اجتماعيون أن هناك فئة من الشباب يبحثون عن الشهرة في سناب شات وتيك توك، ويبثون ما يجول بخواطرهم دون النظر للاعتبارات الأخلاقية والاجتماعية، وليست لديهم القدرة الكافية من النضوج الفكري والثقافي ويقدمون محتوى غير لائق أو غير مفيد، وهدفهم فقط رفع عدد المشاهدين بدافع البحث عن الشهرة، وهذا النوع يحتمل إصابته بعزلة اجتماعية أو ما يسمى بالجوع الاجتماعي، لأنه غير مشبع اجتماعيا ويلجأ في الغالب إلى آراء غير متوافقة، ويتكلم عن خصوصيات من المفترض ألا يتطرق إليها، وهذا ناتج عن عوامل اجتماعية ونفسية تؤثر على شخصيته.

لا ينفصل حب الشهرة المرضي عن هوس التميز الاجتماعي النابع من عقدة نفسية سلوكية اجتماعية، وهي ظاهرة جذورها متأصلة في التكوين النفسي للفرد وقد تغذت بالتربية والمحيط الاجتماعي.

الطالبة المذكورة قامت بافتعال الواقعة رغبة منها في الظهور والشهرة بأوساط زملائها، إثر تناول المنصات الإعلامية لواقعة مشابهة بإحدى الجامعات الخاصة. وبعد اكتشاف أمرها قامت إدارة الجامعة بإحالة الواقعة للشؤون القانونية لاتخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة.

 حين تتحول الشهرة إلى هوس حقيقي وتصبح حياة الشاب مرتبطة بالبحث عنها فقط، يدخل في حالة من الاكتئاب الشديد إذا لم يتحقق ما يسعى إليه، ففي أغلب الحالات يعقب الهوس حالات من الاكتئاب، وهذا ما يسمى باضطراب ثنائي القطب، عندها من المفضل استشارة أخصائي نفسي للتخفيف من حدة هوس الشهرة، والذي يدفع الشاب إلى أن يبني الكثير من الأحلام الواهمة التي لا علاقة لها بالواقع.

هوس الشهرة داء يفتك بأصحابه، كونه ينطلق من مبدأ حب الذات وتقديم كل ما قد يعتبره مناسبا له ومفيدا دون التفكير بشخص آخر أو متطلبات أخرى، ما قد يؤدي إلى خسارة الكثير من الناحيتين الاجتماعية والنفسية لأن هؤلاء الشباب يسعون لجذب الانتباه بكل الطرق، فيتحكم هوس الشهرة فيهم وتتضخم معها الأنانية ويخلقون لأنفسهم صورة غير واقعية وحياة مزيفة.

تغطية العيوب الداخلية وتعويض النقص، وسبيل يحصل منه الشاب على المال بأسهل الوسائل، وبلوغ بريق الأضواء والنظرة للآخرين بغرور، وكأنه صنع لنفسه هالة كبيرة بشقاء وتعب فيصبح إنسانا عاشقا للمدح والثناء.

فالتقليد الأعمى للمشاهير المصابين بهوس الشهرة من قبل الجيل الجديد يترتب عليه خلق جيل ضائع لا يفقه ما يقول أو يفعل.. جيل يفتقد الاجتهاد والعمل والطموح الحقيقي.. حيث تلوث أسماع وأبصار الجيل القادم بشباب طائش هوسهم حب الظهور ووصولهم إلى شهرة مزيفة”.

يعاني المشاهير أنفسهم من الاضطرابات الداخلية وعدم الاتزان أحيانا والمشكلات الأسرية في الطفولة، وقد اعترف العديد منهم بذلك، بل هناك من لجأ إلى مركز علاجي للأمراض النفسية والعصبية.

أصبحت أهداف حياتنا اليوم تعكس رغبتنا في امتلاك المزيد من الممتلكات، والحصول على المزيد من القوة، والشعور بمكانتنا ونُفُوذِنا، وكوننا مؤثرين وأصحاب سلطة بين مجتمعاتنا. ويتناقض هذا بشكل صارخ مع رغبتنا في تعزيز المجتمع وتنميته، والتعاون مع بعضنا البعض كما كان الأمر منذ بضعة عقود”.

وقد تخفي الرغبة في الشهرة إحباطا أو اضطرابا نفسيا غير مشخّص، كما تقدم الشهرة وعدا كذلك بالهروب من العزلة، سواء كان ذلك حقيقيا أو بصورة متخيلة.

*Nov 3, 2021

الإثارة من أجل الشهرة

ن لديه متابعون في وسائل التواصل الاجتماعي بمئات الآلاف أو الملايين أو يكون قائمة (الترند) في «تويتر» فيكون حديث المجالس ليسمع الناس ما يقول ويقرأوا ويتداولوا ما يكتب أو يصبح من المعلنين الذين يجنون الأموال الطائلة من خلال إعلانات وسائل التواصل والتي أصبحت بعض أسعارها خيالية. عبودية العصر اسمها كتاب سروش 

*

"الرأسماليين الجدد" كشكل جديد من أشكال الرأسمالية، يتميز بتصحيح تجاوزاته عن طريق تطبيق تدابير تحمي الرفاهية الاجتماعية، فتخيل أن تسوء الحال فنجد طبقة جديدة من الرأسماليين تتميز بتجاوزاتها التي تحقق التشوه الاجتماعي!

ولمَ لا، ونحن أمام طبقة من النجوم (صانعي المحتوى) على وسائل التواصل الاجتماعي، شغلوا واحتلوا المجال العام لا الواقع الافتراضي فحسب؛ فهم طبقة تصعد إلى أعلى قمة السلم الاجتماعي والاقتصادي، وتلمع على حساب كل القيم الاجتماعية، وتتكسب عبر تشويه الوعي الجمعي لأجيال كاملة، فأصبحوا "أهل القمة" الجدد.

نحن نتحدث الآن عن الآلاف من "صانعي المحتوى" ومستخدمي وسائل التواصل بمختلف مسمياتها ومحتوياتها، من "بلوغرز" و"يوتيوبرز" و"تيك توكرز"، وكل ما آخره (ز)، إما عن طريق تقديم محتوى ترفيهي فارغ، سمج في أغلبه، أو "تثقيفي" مجهّل مُغرض في معظمه.

فالواضح أن هذه القنوات تحقق عائداً مادياً معتبراً لأصحابها، حسب ما يبدو عليهم من تغيير في ظروفهم المادية وأساليب معيشتهم وسلوكهم في الإنفاق، وحسب ما نشرت وسائل إعلامية عديدة عن حجم عوائدهم المالية من قنواتهم وحساباتهم، والتي تقدر في معظم الأحوال بملايين الدولارات، كان آخرها تقرير صادر عن مجلة فوربس، عن عوائد قنوات صانعي المحتوى، على مستوى العالم، ذكرت فيه أن أفضل 10 نجوم على "يوتيوب" حصلوا معاً على 300 مليون دولار في عام 2021.

أما على الصعيد المحلي والإقليمي، فلا يخفى أن كثيراً من صانعي المحتوى العرب، قد مثلوا مؤخراً أمام القضاء بملاحقات قانونية وقضائية بشبهة تضخم الثروات وغسل الأموال، بالإضافة إلى أن بعض الدول العربية اتخذت إجراءات أخرى تجاههم كفرض الضرائب بنسب تتناسب مع دخولهم العالية إسوة بدول أجنبية كالولايات المتحدة التي فرضت ضرائب على منشئي المحتوى على "يوتيوب".

لا خلاف ولا اعتراض على الرزق وأسبابه ومشيئة مانحه وحكمته، بل إن من سلام النفس البشرية تمنّي منح الرزق إلى كل من يستحقه، وكل من يجتهد ويفيد ويضيف، أما في هذه الحالة فأين الاجتهاد؟ وأين الإفادة والإضافة؟

إذاً، نحن أمام ثروة متكدسة في يد مجموعة من الأفراد مُنِحوا هذه الثروة الهائلة في وقت قصير جداً، ودون بذل مجهود يذكر، وعبر عمل إذا تم تقدير قيمة مخرجاته، بمعايير الاقتصاد، فلن تزيد على صفر، في حين حقق هذا العمل عائداً كبيراً، عادة ما يُنفق في أدوات وسلع يتم استخدامها مرة أخرى في تطوير هذا العمل ذي القيمة صفر، كالرحلات السياحية والملابس والسيارات والمنازل وحتى ارتياد المطاعم والمقاهي الفاخرة، ومعظمها سلع استهلاكية وترفيهية، الأصل في الحصول عليها عندهم يهدف إلى استعراض فيديوهاتهم ذات المحتوى صفر مرة أخرى، كوسيلة من وسائل الترويج والتسويق لزيادة متابعيهم، وبالتالي زيادة ثرواتهم.

وبمعادلة اقتصادية بسيطة فإن زيادة الطلب على هذه الأدوات والخدمات والسلع تؤدي إلى تضخم أسعارها بنسب عالية جداً، للدرجة التي يصعب عليك أنت شخصياً كمتابع لهؤلاء الحصول عليها والتمتع بها، فنحن أمام كارثة اقتصادية حقيقية، وهي ما يعرف بالركود التضخمي، حيث لا نشاط اقتصادي حقيقي، ولا نمو اقتصادي يقابله ارتفاعات هائلة في الأسعار ناتجة عن عمل ليس له قيمة مضافة على الإطلاق.

ونحن نهنئك لأنك قد أصبحت مساهماً رئيساً في تأزيم الاقتصاد في بلدك، عبر تحقيق عوائد لعمل لم يحقق لك أي إضافة، ولم يشوّه وعيك وقيمك فقط، بل أدى إلى حرمانك من سلع وخدمات كان من الممكن أن تحصل عليها وتتمتع بها بثمن رخيص، وبمقابل مادي أقل، لولا متابعتك لهؤلاء، ولولا أنك "فان".