الخميس، 28 يناير 2021

ثورة 25 يناير و مجلس الأمن القومي الأميركي و سينما الربيع العربي

 عملت واشنطن على ضمان عدم إسقاط النظام المصرى كله، وقبلت بل شجعت صيغة "orderly transition" (انتقال منظم للسلطة) يسمح بتولي نائب الرئيس اللواء عمر سليمان زمام الأمور في مصر، ومنع حدوث تغير حقيقي في السياسات المصرية في الملفات المهمة لواشنطن مثل العلاقات مع إسرائيل، والتعاون الأمني والاستخباراتي، والموقف من تنظيم حماس وحزب الله والعلاقات مع إيران.

رغم أن ثورة مصر ركزت جهودها بداية على القضايا الداخلية خاصة تلك المتعلقة بالحريات والحقوق الديمقراطية، ولم يكن لإسرائيل أو للصراع العربى الإسرائيلى مكانة تذكر في نداءات المتظاهرين فى مختلف ميادين مصر، فإن إسرائيل كانت حاضرة بشدة في مختلف مناقشات تطورات ثورة مصر في واشنطن.

*

كتابه "لماذا لا يثور المصريون؟" يقول الناشط السياسي والروائي المصري علاء الأسواني "إن ما يمنع المصريين من الاحتجاج خبرتهم الأليمة بالقمع ويأسهم الكامل من الإصلاح".

 المثير أن هذا الكتاب صدر في عام 2010 أي قبل أشهر قليلة من اندلاع ثورة 25 يناير، والأكثر إثارة أن الأسواني وبعد 10 سنوات من الثورة لا يستطيع إصدار كتاب يحمل مثل هذا العنوان، بل إنه لا يستطيع دخول مصر نفسها.

 التدهور الاقتصادي الذي يمكن لمسه من خلال تفاقم الديون الخارجية التي تجاوزت 123 مليار دولار، في حين أنها لم تتجاوز 36.5 مليار دولار في عهد مبارك، والديون الداخلية التي بلغت أكثر من 4 تريليونات جنيه مصري بينما كانت قبل الثورة 960 مليار جنيه فقط، ووصلت نسب الفقر إلى 29.7% وكانت قبل 10 سنوات لا تتعدى 21.6%.

أما العدالة الاجتماعية التي أرهق المصريون حناجرهم في ميدان التحرير مطالبين بها قبل 10 سنوات، فلا أدل على الإخفاق في تحقيقها من كثرة التقارير الحقوقية والدراسات البحثية التي تتحدث عن اختفاء الطبقة المتوسطة بمصر.

 درجة رضا المواطن عن نظام الحكم الحالي أو احتمال وصوله إلى درجة الغضب التي تفجر الاحتجاج الواسع.

*

 وحيد حامد، وأصبح الهجوم على روح التغيير سمة الأعمال المقدمة.

سينما الثورة

رغم دائرة التعتيم التي يقبع داخلها، يظل فيلم "18 يوم" العمل الفني الأبرز لثورة يناير، الذي شارك في تمثيله وتأليفه وإخراجه عدد كبير من الفنانين المصريين، وتم تصويره في أعقاب الثورة مباشرة.

 فيلم "بعد الموقعة"، الذي أنتج عام 2012، فركز على إحدى محطات أيام الثورة، وهو يوم الثاني من فبراير/شباط 2011 المشهور "بموقعة الجمل"، حيث تعرض المعتصمون بميدان التحرير إلى هجوم من قبل رجال يمتطون الجمال والخيل كمحاولة لفض الاعتصام.

 أنتجت عامي 2012 و2013، مثل "حظ سعيد" بطولة أحمد عيد، و"الشتا اللي فات" بطولة عمرو واكد، و"فرش وغطا" بطولة آسر ياسين، و"قبل الربيع" بطولة حنان مطاوع، و"بعد الطوفان" لأحمد عزمي، وجميعها لم تلق ترحيبا للعرض على الشاشة.

كان عام 2015 آخر أعوام تناول ثورة يناير فنيا، فتم إنتاج فيلم "نوارة"، بطولة منة شلبي وإخراج هالة خليل.

الدراما

"آدم" و"تحت الأرض" و"الهروب" و"المواطن إكس"؛ 4 مسلسلات أنتجت في عام الثورة والعامين التاليين، وارتكزت على معالجة موضوع التعذيب الذي مارسته الأجهزة الأمنية ضد مواطنين كأحد أسباب انفجار الغضب الشعبي في 25 يناير.

كذلك تناولت أعمال أخرى أحداث الثورة من زوايا مختلفة مثل "دوران شبرا" و"خاتم سليمان" و"العراف" و"طرف ثالث" و"ابن النظام" و"باب الخلق".

في عام 2014، اختفى تناول ثورة يناير على الشاشة، وكان التعامل الرسمي مع مسلسل "أهل إسكندرية" بمثابة رسالة لكل صناع الدراما والسينما؛ مفادها غلق الأعين عن النظرة الفنية لـ25 يناير.

تم منع عرض "أهل إسكندرية" الذي ألفه الكاتب المعارض للسلطة بلال فضل، وشارك في تمثيله عدد من الفنانين الذين يشاركون المؤلف الرأي السياسي نفسه، مثل عمرو واكد وبسمة وهشام عبد الله.

 الإطار العام للمسلسل فيه مساس بالأمن القومي للبلاد، وهو ما عده أمرا مرفوضا تماما، مضيفا أن المؤلف استوحى أحداث العمل لخدمة جماعة الإخوان المسلمين على حساب الدولة المصرية

في مقابل ذلك، تبنى النظام على مدار الأعوام السبعة الماضية -من خلال أذرعه الإعلامية- عددا من الأعمال الفنية التي تضع رجل الشرطة المصري في إطار البطولة والتمجيد، مثل مسلسلات "كلبش" و"الحصان الأسود"، وكذلك رجال الجيش بوصفهم المضحين الأوائل من أجل البلاد في ظل تجاهل تام للثورة، التي أحيانا يتم ذكرها على لسان أبطال تلك الأعمال باعتبارها فوضى نجحت الأجهزة الأمنية في منعها.

*

 "18 يوماً" (2011) الذي أنجزه 10 مخرجين مصريين، و8 مؤلّفين، وتكوّن من 10 أفلام قصيرة منفصلة. و"تحرير 2011: الطيّب والشرس والسياسي" (2011)، 3 أفلام قصيرة في واحد، للمصريين تامر عزّت وأيتن أمين وعمرو سلامة، عُرض لأسابيع في الصالات المصرية، ولاحقاً على قنوات خاصة. هناك الروائي الأول للمصري تامر السعيد، "آخر أيام المدينة" (2016)، الممنوع عرضه في مصر إلى اليوم، وروائيّ مواطنه محمد دياب، "اشتباك" (2016).

عربياً، هناك "نورمال" (2011) للجزائري مرزاق علواش، و"ما نموتش" (2012) لنوري بوزيد، و"على حلة عيني" (2015)، لليلى بوزيد، و"على كفّ عفريت" (2017) لكوثر بن هنية (المخرجون الثلاثة تونسيون). وثائقياً، كان لمصر وتونس النصيب الأكبر، قبل أن تتصدّر الوثائقيات السورية المشهد العربي، وتتفوّق فيه.

من مصر، هناك "التحرير" (2013) لجيهان نجيم، و"مولود في 25 يناير" (2012) لأحمد رشوان، و"أمل" (2017) لمحمد صيام. ومن تونس، "لا خوف بعد اليوم" (2011) لمراد بن الشيخ، و"يا من عاش" (2012) للتونسية هند بو جمعة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق