عالم اللغة يجدد معاني الألفاظ الموروثة ويجعلها أكثر قدرة على قبول المعاني الحديثة.
عالم اللغة مصلح اجتماعي يساهم كالسياسي والمصلح الديني والمثقف العضوي في التغيير الاجتماعي بفك رموزه وإحياء المسار اللغوي.
مهمة مجامع اللغة العربية ليست فقط إقرار ما هو موجود وصفاً وتحليلاً من استعمالات اللغة حديث الناس، اللغة كما تتخلق في الأسواق والطرقات، بالإضافة إلى لغة المعاجم والقواميس..
مثلاً، الحلال والحرام لفظان تشريعيان في الفقه القديم، ولهما مصادرهما في الأدلة الشرعية الأولى.
ولما كان الإسلام دين الفطرة، فقد التصور الشعبي لهذين اللفظين الموروثين يعني غير المقصود منهما، مما ترتب عليه القيام بعملية استبدال لغوي مثل طبيعي وغير طبيعي، فطري وغير فطري.
فالحلال سلوك طبيعي فطري، والحرام سلوك غير طبيعي وغير فطري.
فأصبح الدين في الموروث الثقافي يعادل العقائد والقطعية، والشعائر والشعائرية، فالدين عقيدة وشريعة.
أصبحت العقائد مقدسات وليست اجتهادات بشرية في فهمها، وتحولت الشريعة إلى مظاهر خارجية (طقوس).وانفصلت العقيدة عن الفكر، كما انفصلت الطقوس عن العمل.
هنا يأتي عالم اللغة من أجل المساهمة في عملية الاستبدال اللغوي، لتحل «الأيديولوجيا» أو الفكر كتصور عام للكون والمجتمع والفرد في السياسة والاقتصاد والأخلاق والقانون والاجتماع والجمال.
فالحرية لفظ قديم تقال في مقابل العبودية في مجتمع كان الرق فيه سائداً، لكنها تفيد الآن حرية الأفراد والشعوب من الاستغلال والاستعمار
مفاهيم العدالة والمساواة تعبّر عن حاجات الناس ومطالبهم، وتصطدم بمفاهيم موروثة من الدين، أو من الثقافة الشعبية.
فتمنع الألفاظ القديمة من التغير الاجتماعي، وتحاصر الألفاظ الجديدة على أنها وافدة ومعادية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق