الأحد، 24 يناير 2021

مصر وقطر

Jan 21, 2021

 وبدأت أعمال اللجنة فعلا بعد انتهاء قمة العُلا في السعودية، وجرى التخلي عن مطلب إغلاق قناة الجزيرة، شرط عدم تبني الدوحة مواقفَ الإخوان.

وحاولت قناة الجزيرة تخفيف نبرة خطابها تدريجيا، وخفضت سقف استضافة قيادات إخوانية، واستعانت بشخصيات معارضة قريبة من الجماعة للإيحاء بالتزامها بالمصالحة وعدم التخلي عن منهجها، وتعلم أن تصرفاتها باتت تحت منظار مصر.

وضع النظام المصري الكثير من مؤيديه السياسيين والإعلاميين بالداخل في مربع مربك، فقبل وقت قصير كان هؤلاء لا يكلون أو يملون من مهاجمة قطر، ردا على ما تقوم به قناة الجزيرة وضيوفها من حملات تشهير واسعة وتدخلات سافرة في الشؤون المصرية، والآن عليهم الصمت دون أن يعرفوا تفاصيل الأسباب التي قادت إلى المصالحة، وعليهم فقط تخمين دوافعها الحقيقية.

يجد المتابعون للعلاقات بين البلدين أن مصر لم تتدخل في شؤون قطر، على الرغم من توافر الكثير من المعلومات والخبايا لديها والتي لو استخدمت لأوجعتها وأحرجتها.

في إحدى المرات النادرة التي التقى فيها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قبل مقاطعة الرباعي العربي، وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، استنكر السيسي الهجوم الشخصي الذي شنته وسائل إعلام مصرية على والدة الشيخ تميم، في إشارة توحي بالسلوك الرسمي المنضبط.

تنحصر المطالب المصرية تقريبا في رفع قطر يدها عن الإخوان والمتطرفين والإرهابيين الذين يمثلون تهديدا للأمن القومي، وهي إشكالية مركزية تدور حولها وتتفرع منها غالبية الشروط الرئيسية، ولا تهاون أو تفريط في إيجاد وسيلة مناسبة للحد من توظيفها، واستمرارها كأداة في يد الدوحة مرفوض تكتيكيا وإستراتيجيا.

تدرك القاهرة أن الأزمة مع الدوحة معقدة وتسري عليها قواعد المعادلة الصفرية، التي يمثل مكسب طرف فيها خسارة للطرف الثاني، والعكس، فمصر تقف بصرامة ضد القوى الإسلامية، واستمد نظامها جزءا مهما من شرعيته السياسية المبكرة من حسمه في المواجهة معهم، بينما تستمد قطر جزءا حيويا من دورها وحضورها في المنطقة من العلاقة معهم.

في أكثر من مرة وضع الرئيس المصري شروطا قاسية للمصالحة مع الإخوان والتعامل معهم كمواطنين، وفرّغت في محتواها النهائي خطابهم من ثوابته الرئيسية، وكان الجواب يأتي منهم بالرفض دوما، فمشروعهم عقائدي وطويل الأمد.

تشابه قطر كدولة مع الإخوان كجماعة سياسية لها أذرع أمنية عديدة في مضمون المشروع وليس الأيديولوجيا، ويؤدي التخلي عنه إلى خسارة فادحة لفكرة الدور الذي ظلت تبحث عنه حتى وجدته، ووجدت معه قوى دولية تدعمه وتطرب له، وبات يمثل ركيزة لبعضها للتحكم في كثير من مفاتيح المنطقة.

إذا كانت القاهرة تعلم كل هذه الألغاز ونتائجها، لماذا قبلت الدخول في مصالحة أشبه بالمغامرة، وكيف تدير علاقاتها الدبلوماسية وسط حقول مليئة بالألغام السياسية؟

 مصر تريد تخفيف حدة الأزمات الإقليمية لتتفرغ لمعرفة بوصلة الإدارة الأميركية الجديدة، والمرغوب والممنوع لدى الرئيس جو بايدن، من ثم فالمصالحة، أو بمعنى أدق التهدئة مع قطر لها دواع عاجلة، فالتحديات الخارجية التي تواجه الدولة المصرية متشعبة، شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، وتستوجب تخفيف الضغوط أينما وجدت فرصة مناسبة.

الشق الثاني فيتعلق بروافد ملف التطبيع الذي تعتزم إدارة بايدن عدم التخلي عنه،


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق